[size=25]رؤيا يوحنا اللاهوتي
الأصحاح الثاني والعشرون
ها أنا آتي سريعاً. طوبى لمن يحفظ أقوال نبوة هذا الكتاب
وأنا يوحنا الذي كان ينظر ويسمع هذا. وحين سمعت ونظرت، خررت لأسجد أمام رجلي الملاك الذي كان يريني هذا فقال لي: انظر لا تفعل لأني عبد معك ومع إخوتك الأنبياء، والذين يحفظون أقوال هذا الكتاب. اسجد لله
وقال لي: لا تختم على أقوال نبوة هذا الكتاب، لأن الوقت قريب من يظلم فليظلم بعد . ومن هو نجس فليتنجس بعد. ومن هو بار فليتبرر بعد. ومن هو مقدس فليتقدس بعد وها أنا آتي سريعاً وأجرتي معي لأجازي كل واحد كما يكون عمله أنا الألف والياء، البداية والنهاية، الأول والآخر طوبى للذين يصنعون وصاياه لكي يكون سلطانهم على شجرة الحياة، ويدخلوا من الأبواب إلى المدينة لأن خارجا الكلاب والسحرة والزناة والقتلة وعبدة الأوثان، وكل من يحب ويصنع كذبا أنا يسوع، أرسلت ملاكي لأشهد لكم بهذه الأمور عن الكنائس. أنا أصل وذرية داود. كوكب الصبح المنير والروح والعروس يقولان: تعال!. ومن يسمع فليقل: تعال. ومن يعطش فليأت. ومن يرد فليأخذ ماء حياة مجانا
لأني أشهد لكل من يسمع أقوال نبوة هذا الكتاب: إن كان أحد يزيد على هذا، يزيد الله عليه الضربات المكتوبة في هذا الكتاب وإن كان أحد يحذف من أقوال كتاب هذه النبوة، يحذف الله نصيبه من سفر الحياة، ومن المدينة المقدسة، ومن المكتوب في هذا الكتاب يقول الشاهد بهذا: نعم أنا آتي سريعاً. آمين.
تعال أيها الرب يسوع نعمة ربنا يسوع المسيح مع جميعكم. آمين.
الشرح
بعد الدعاء من الرب يسوع المسيح له المجد الذي هو معلمنا ومرشدنا ومعزينا نقول:
ـ إن القراءة عن حدث معين والسماع عنه من شاهد عيان يعد أفضل الأمور بعد رؤيته شخصياً. وقد شاهد يوحنا الأحداث الواردة في سفر الرؤيا بنفسه وسجلها حتى نرى ونؤمن مثله تماماً. فحين تقرأ هذا السفر فكأنك رأيت مافيه بنفسك، فهل تؤمن به أيضاً؟
ـ الوصية الأولى في الوصايا العشر هي : (لا يكن لك آلهة أخرى أمامي). وقال الرب يسوع: إن الوصية الأولى والعظمى في شريعة موسى هي: (تحب الرب إلهك بكل قلبك وكل نفسك وكل فكرك) ( مت 22: 37). وفي ختام أسفار الكتاب المقدس تتكرر نفس هذه الحقيقة. فقد قال الملاك ليوحنا أن يسجد لله وحده، لأن الله هو وحده المستحق للعبادة والتمجيد، وهو فوق كل الخليقة حتى الملائكة. فهل يوجد من يزاحم الله ليحتل المكانة الأولى والرئيسية في حياتك، سواء أكان شخصاً أم فكرة أم هدفاً أم ممتلكات أم غير ذلك؟ اعبد الله وحده، ولا تسمح لأي أمر آخر أن يصرفك عن عبادة الله والإخلاص له.
ـ هنا يقول الملاك ليوحنا ما يجب عليه أن يفعله بعد انتهاء رؤياه. وبدل إخفاء الكلام وختم السفر، كما قال الملاك لدانيال (دان 12: 4-12) قال الملاك ليوحنا : لا تختم على ما جاء في كتاب النبوة هذا، كما طلب منه أن يترك الكتاب مفتوحاً وأن يترك الآخرين يقرأون ويفهمون. ولقد ختمت الرسالة التي رآها دانيال لأنها لم تكن تناسب زمان دانيال. أما سفر الرؤيا فهي رسالة تناسب زمان يوحنا كما تناسب أيامنا هذه. وباقتراب موعد مجيء المسيح يسوع يزداد الاستقطاب بين أتباع الله وأتباع الشيطان. فلابد، إذا أن نقرأ سفر الرؤيا، ونسمع رسالته ونكون مستعدين لمجيء المسيح الوشيك.
ـ من يغسل ثيابه هو من يسعى إلى تطهير نفسه من طريق الحياة الخاطئة، مجاهداً كل يوم كي يظل أميناً ومستعداً لمجيء المسيح.
ـ يسوع هو (أصل داود ونسله). وهو، كخالق للجميع، موجود وكائن من قبل داود بزمان طويل. أما كإنسان فإن يسوع مولود من نسل داود (إش 11: 1-5 ؛ مت 1: 1-17). وباعتباره المسيح فإنه كوكب الصبح المنير، ونور الخلاص للجميع.
ـ إن كلا من الروح القدس والعروس، أي الكنيسة، يقدمان الدعوة لكل العالم لأن يأتي إلى يسوع ويختبر أفراح الخلاص في المسيح.
عندما التقى الرب يسوع مع المرأة السامرية عند البئر أخبرها عن ماء الحياة الذي يعطيه (يو 4: 10-15). وتتكرر هنا هذه الصورة حيث يدعو المسيح كل إنسان لأن يأتي إليه ليشرب من ماء الحياة، فالإنجيل غير محدود المدى. ويمكن لكل إنسان في كل مكان أن يأتي إليه. كما أن الخلاص لا يمكن اكتسابه بل هو عطية مجانية من الله. ونحن نحيا في عالم شديد العطش إلى ماء الحياة. ومع أن الكثيرين يموتون من هذا العطش إلا أن الفرصة مازالت متاحة. فلندع كل إنسان ليأتي ويشرب.
ـ هذا تحذير موجه إلى كل من قد يشوه، عن قصد، رسالة هذا السفر. وقد أورد موسى تحذيراً مماثلاً في سفر التثنية (تث 4: 1-4). ويجب علينا أن نتناول الكتاب المقدس بكل عناية واحترام حتى لا نشوه رسالته ولو عن غير قصد. كما ينبغي علينا أن نسرع بتطبيق مبادئه في حياتنا. وينبغي ألا يرتفع أي تفسير أو شرح لكلمة الله إلى نفس مستوى سلطان نص الكتاب المقدس ذاته.
ـ إننا لا نعرف اليوم ولا الساعة، إلا أن يسوع المسيح سيأتي سريعاً، وفي وقت لا يتوقعه أحد. وهي أخبار سارة مفرحة لمن يثق فيه، لكنها رسالة خوف ورعب لمن رفضه ووقع تحت الحكم. وكلمة سريعا معناها في أي لحظة، لذلك لابد أن نستعد لمجيئه. فهل إن جاء الرب يسوع المسيح فجأة يجدك مستعداً وساهراً؟
[/size]


[size=25]تختتم الرؤيا تاريخ البشرية في الفردوس كما بدأه التكوين في الفردوس أيضاً، لكن هناك اختلافاً مميزاً في سفر الرؤيا هو أن الشرير يمضي إلى الأبد. ويصور سفر التكوين آدم وحواء وهما يتحدثان مع الله ويمشيان معه، وكذلك يصور سفر الرؤيا البشر وهم يتعبدون لله وجها لوجه. ويصف سفر التكوين الجنة وبها الحية الشريرة، أما سفر الرؤيا فيصف المدينة الكاملة الخالية من أي شر. وقد فنيت جنة عدن بالخطية، أما الفردوس فقد خلق من جديد في أورشليم الجديدة. وينتهي سفر الرؤيا بطلب فيه إلحاح : {تعال أيها الرب يسوع}. ففي عالم المشاكل والاضطهادات والشرور والفساد والرذيلة يدعونا المسيح للثبات في إيماننا. إن الجهود المبذولة لتحسين العالم وتطويره هامة، لكن نتائجها لا تقارن بالتغيير الذي يحدثه يسوع عندما يجيء ثانية. فهو وحده حافظ تاريخ البشرية وضابطه، وهو وحده غافر الخطايا. وسيخلق أرضاً جديدة ويوجد فيها السلام الدائم. إن سفر الرؤيا أساسا كتاب رجاء، فهو يبين أن الله ضابط الكل يتحكم في مجريات الأمور مهما حدث على الأرض. ويقدم سفر الرؤيا لنا الوعد بأن الشر زائل، ولن يدوم إلى الأبد كما يخبرنا بالمكافأة العجيبة التي تنتظر كل من يؤمن بالمسيح يسوع رباً ومخلصاً.
وللمسيح المجد من الأزل وإلى أبد الآبدين آمين.
[/size]