سأل الصبى أرسانى والده: " لماذا يسمح الله بالتجارب؟
هل يُريدنا الله متألمين؟
ألا يود أن نفرح و نتهلل؟"
أجاب الوالد: " خلقنا الله لكى نُسر ونفرح، مقدماً لنا كل شىء. لكننا إذ نُسىء استخدام الحياة السهلة المملوءة بالبركات الزمنية و الخالية من الضيق، يسمح لنا بالألم إلى حين، لكى يرفع قلبنا إلى حياة أبدية مجيدة مملوءة فرحاً و تهليلاً.
سأل أرسانى: كيف هذا؟
...أجاب الوالد: سأروى لك قصة يونانية قديمة مشهورة.
لاحظ أنتيجونسantigonus أن جندياً مملوء غيرة وشجاعة، في كل معركة يختار أكثر المناطق خطورة ليذهب بكل شجاعة و يُحارب بكل قوة. كانت تصرفاته تلهب زملاءه ورؤساءه بالجهاد الجاد بلا رخاوة، وراء كل نصرة يحققونها.
أعجب أنتيجونس بالجندى فاستدعاه وشكرة على شجاعته، وكشف له عن إعجابه بأمانته لوطنه. أما هو فقال له:
" إنى أحب وطنى و اشتهى الموت من أجله".
سأله انتيجونس إن كان يطلب منه شيئا ً.
وفى نهاية الحديث قال له الجندى إنه مُصاب بمرض ٍ خطير، وأنه يترقب موته بين يوم وأخر. إنه يُعانى من الآم شديدة.
كانت آلامه تدفعه للعمل فى المعارك فلا يهاب الموت، الذى حتماً قادم بسرعة، أن لم يكن بسبب المعركة فبسبب المرض.
قدم أنتيجونس الجندى لأحد أطبائه الماهرين جداً.
وبعد شهور قليلة إذ قامت معركة لاحظ أنتيجونس اختفاء الجندى من المعركة، وبعد أن تمت النصرة سأل عن الجندى لعله قد مات.
قيل له: إنه لم يمت، لكنه قد شفى تماماً على يدى طبيبك الماهر. وبعد شفائه صار حريصاً على صحته و عائلته وراحته، فصار يتهـرب من المعارك.
حزن أنتيجونس على الجندى الذى كانت الآلام تملأه شجاعة فلم يكن يخاف، وعندما شُفى فقد شجاعته و أمانته فى عمله معه.