الساعة مع ربنا بمائة عام
هناك راهب عاش يقول لكل من يقابله وبفرح زائد «الساعة مع ربنا بمائة عام »
وكان الناس لا يفهمون كلامه، وهو أيضاً لم يكن يفهم ما يقوله ولكنه كان
يحسبها هكذا قائلاً: «عندما أقف مع الله بعض اللحظات، أشعر كأنها تمر
كدقيقة واحدة، فإذا قضيت ساعة كاملة مع الله فتساوي مائة سنة »
... ومرت الأيام والسنون بهذا الراهب وهو يقول هذا القول ومقتنع تماماً..
حدث في أحد الأيام أن خرج هذا الراهب من الدير ليصلي مزامير الغروب في
الصحراء بجوار أسوار الدير كما تعوّد يومياً.. ابتعد قليلاً عن الأسوار ولكنه على
مقربة من الدير فوجيء بحمامة ناصعة البياض وجميلة جداً وبهية المنظر، تقف
أمامه فإقترب منها قليلاً فلم تهابه، فإقترب أكثر لكي يلمسها، فإبتعدت قليلاً
عنه، وهكذا إستمر هو في الإقتراب والحمامة في الإبتعاد قليلاً قليلاً حتى وجد
نفسه في مغارة ملآنة بأمثال تلك الحمامة وكانوا يسبحون سوياً فإنتعشت
روحه وأخذ يقول مزاميره وسط هذا التسبيح الملائكي الرنان الذي لا يعرف له
مصدر وكان مأخوذاً بشدة بشكل هذا الحمام الذي ظن في داخله بلا أدنى شك
أنه ملائكة تسبح وهم على شكل حمام بهي المنظر..
المهم أن أبونا الراهب أخذ يصلي مزاميره مبتهجاً متعمقاً في الصلاة مبتهلاً إلى
الله لكي يقبله وبعد لحظات لمح الساعة التي بيده، فعرف أنه قضى ساعة من
الزمن خارج الدير.. فخشى أن يبحث عنه الرهبان في الصحراء.. فخرج من ذلك
الكهف مسرعاً وهو حزين لتركه هذه المناظر السماوية ورجوعه ثانية إلى مكانه..
وصل إلى الدير لاهثاً ففوجيء أن جدران الدير قد تغير لونها بعض الشيء ثم
رن جرس الباب فخرج له راهب غريب ويقول له هل يمكنني مساعدتك؟
فتعجب الراهب جداً وقال له أليس هذا هو دير القديس.. ؟
قال له نعم، قال له أنا راهب في هذا الدير من أنت ياترى ؟!!
فتعجب الأب الراهب البواب على من يسأله من أنت ؟!.. وقال له الأب البواب:
أنا أب من آباء هذا الدير والمفروض أن أسألك أنا من أنت؟! فقال له الأب:
أنا الأب فلان وأنا لا أعرفك فكيف ترهبنت وأنا لا أعرفك
هنا أحس الأب البواب أن هناك في الأمر شيئاً فذهب به إلى أبيه رئيس الدير
وعرفه ما قاله هذا الأب الذي يظهر من مظهره أنه راهب،
فسأله رئيس الدير في هدوء وقال له: يا أبي من أنت ومن أين أتيت؟
أجاب الراهب صاحب قصتنا قائلاً: «إنني الراهب فلان.. وأنا إبن هذا الدير،
ولم أخرج خارج أسوار ديري هذا سوى ساعة واحدة ولا أدري ماحدث أثناءها..
والرئيس للدير هو الأب فلان.. وليس قدسك.. !!
أجاب الأب الرئيس وقال له هذا الأب كان موجوداً رئيساً للدير بالفعل
ولكن كان هذا منذ مايقرب من مائة عام، ثم أتوا بمستندات الدير
فوجدوا إسم هذا الراهب كان موجوداً قبل مائة عام ومكتوب بجوار إسمه:
«خرج من الدير ليصلي صلاة الغروب ولم يوجد بعد هذا.. »
ففهم الأب ما حدث إنها لم تكن ساعة تلك التي قضاها في الصلاة
وإنما هي مائة عام كما كان يقول دوماً: « الساعة معاك يارب بمائة سنة.. »
فأخذ يحكي للأب الرئيس وكل رهبان الدير قصته من أولها وعندما وصل إلى
آخرها، وجدوا أن جسمه قد أخذه العجز، والشيخوخة ظهرت عليه فجأة، ثم بارك
الرب وتنيح بسلام في ديره وسط أبنائه الرهبان الذين تأثروا جداً بسماع قصته .
منقوووووووووووول