ابدأ يومك بتأمل من بستان الرهبان ─╬─.
===========
قال القديس دوروثاؤس: إنه لا شيء أردأ من الدينونةِ للإنسان، لأن بسببها يتقدم إلى شرورٍ ويسكن في شرورٍ، فمن دان أخاه في قلبهِ وتحدث في سيرتهِ بلسانهِ، وفحص عن أعمالهِ وتصرفاتهِ، وترك النظرَ فيما يُصلِح ذاتَه، وانشغل عما يلزمه بما لا يلزمه من الأمورِ التي ينشأ عنها الازدراءُ والنميمةُ والملامةُ والتعيير، فحينئذ تتخلى المعونةُ الإلهية عنه، فيسقط فيما دان أخاه عليه. أما النميمةُ فتصدر من ذاك الذي يخبر بما فعله أخوه من خطايا شخصية، فيقول عنه إنه فعل كذا وكذا. وأما الدينونة، فبأن يخبر بما لأخيه من خُلقٍ رديء، فيقول إنه سارقٌ أو كذاب أو ما شابه ذلك، فيحكم عليه بالاستمرار فيها وعدم الإقلاع عنها. وهذا النوع من الدينونة صعبٌ جداً، ولذلك شبَّه ربنا خطية الدينونة بالخشبة، والخطية المدانة بالقذى. من أجل ذلك قَبِلَ توبةَ زكا العشار، وصفح عما فعله من آثامٍ، وشجب الفريسي لكونِه دان غيرَه، مع ما له من صدقةٍ وصومٍ وصلاةٍ وشكرٍ لله على ذلك. فالحكم على خليقةِ الله، يليق بالله لا بنا، فدينونةُ كلِّ واحدٍ وتزكيته هي من قبل الله وحده، لأنه هو وحدَه العارف بسرِّ كلِّ إنسانٍ وعلانيته. وله وحده إصدار الحكم في كلِّ أمرٍ وعلى كلِّ شخصٍ. إذ يتفق أن يعمل إنسانٌ عملاً بسذاجةٍ وبقصدٍ يرضي الله، وتظن أنت غير ذلك، وإن كان قد أخطأ، فمن أين تعلم إن كان تاب وغفر الله له، أو إن كان الله دانه في العالم إزاء ذنوبهِ؟ فالذي يريد الخلاص إذن، ليس له أن يتأمل غيرَ نقائص نفسِه.

+.+.+