الخلوة الشخصية
تحدث الرب يسوع مع التلاميذ مرات عديدة عن الصــلاة ودورهـــا العظيم في حياتنا بل أوصاهم أن يســهروا ويصـلوا، فقال لهم:
( لوقا 22 : 46 ) «لِمَاذَا أَنْتُمْ نِيَامٌ؟ قُومُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ».
( متي 26: 41 )« اِسْهَرُوا وَصَلُّوا لِئَلاَّ تَدْخُلُوا فِي تَجْرِبَةٍ. أَمَّا الرُّوحُ فَنَشِيطٌ وَأَمَّا الْجَسَدُ فَضَعِيفٌ».
(لوقا 18 : 1 )«"وَقَالَ لَهُمْ أَيْضاً مَثَلاً فِي أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يُصَلَّى كُلَّ حِينٍ وَلاَ يُمَلَّ»"
ويكتب بولس الرسول لكنيسة فيلبي وإلى أهل أفسس:
(فيلبي 4 : 6 ) «لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ.»
(افسس 6: 18 ) «مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهَذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ»
إن رجال الله في الكتاب المقدس كانوا رجال صلاة .. والكنيسة الأولى كانت كنيسة مصلية؛ عرفت كيف تستخدم قوة الصلاة لحياتها وتحقيق رسالتها:
(أعمال 4: 24)«فَلَمَّا سَمِعُوا رَفَعُوا بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ صَوْتاً إِلَى اللهِ وَقَالُوا: «أَيُّهَا السَّيِّدُ أَنْتَ هُوَ الإِلَهُ الصَّانِعُ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا»
أحد الأسباب الرئيسية لضعف حياة الكثيرين من المؤمنين وفشل خدمتهم يرجع إلى إهمال حياة الصلاة والشركة مع الرب.
بل إن فتور الكنيسة وعجزها عن تحقيق رسالتها بالصورة التي تليق بمجد الله، كان سببه في مرات عديدة إهمال الصلاة.
إن إحدى أهم الأمور التي يهتم عدو الخير أن يشغلنا عنها ويحاربنا لكي لا نمارسها الصلاة، لأنه يعلم أنها مصدر القوة والحياة لقلوبنا واليد القادرة على تحقيق الكثير لمجد الله.
1- مفهوم الخلوة
الصلاة ليست مجرد كلمات نتفوه بها أو واجب نفعله لكنها:


تحول النفس إلى الله

تحول الذهن والقلب عن كل ما يدور حولهما- حتى عن ذاتي نفسها- إلى الله .. وهي التحول عن كل ما يُرى إلى ما لا يُري
(مز25: 1 ) «إِلَيْكَ يَا رَبُّ أَرْفَعُ نَفْسِي.»
(1 صم 1: 15)«فَأَجَابَتْ حَنَّةُ: «لاَ يَا سَيِّدِي. إِنِّي امْرَأَةٌ حَزِينَةُ الرُّوحِ وَلَمْ أَشْرَبْ خَمْراً وَلاَ مُسْكِراً, بَلْ أَسْكُبُ نَفْسِي أَمَامَ الرَّبِّ»
طلب وجه الله

(مز 27: 8 )«لَكَ قَالَ قَلْبِي: قُلْتَ اطْلُبُوا وَجْهِي. وَجْهَكَ يَا رَبُّ أَطْلُبُ»
(إش 55: 6) «اُطْلُبُوا الرَّبَّ مَا دَامَ يُوجَدُ. ادْعُوهُ وَهُوَ قَرِيبٌ.»
فهي طلب الله ذاته .. شخصه، وليس مجرد طلب العناية أو الإرشاد.
فالصلاة هي:
1. لقاء خاص شخصي علي انفراد بالرب
(متي 6: 6)«وَأَمَّا أَنْتَ فَمَتَى صَلَّيْتَ فَادْخُلْ إِلَى مِخْدَعِكَ وَأَغْلِقْ بَابَكَ وَصَلِّ إِلَى أَبِيكَ الَّذِي فِي الْخَفَاءِ. فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً»
2. يجري في هذا اللقاء حديث متبادل بيننا وبينه.. نتكلم إليه ويتحدث هو أيضا الينا .. فالحديث ليس من طرف واحد.
وهذا ما يعطي للصلاة قيمتها الرائعة، لأننا فيها نلتقي بشخص الله العظيم ملك الملوك ورب الأرباب حيث ينصت إلينا باهتمام .. ونسمع صوته وحديثه معنا.
أيضــاً:
* الصلاة ليست فرضاً نؤديه .. لنرضي الله
لكنها دعوة الله لنا لنتقابل معه
(نش 2 :14) «يَا حَمَامَتِي فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ فِي سِتْرِ الْمَعَاقِلِ. أَرِينِي وَجْهَكِ. أَسْمِعِينِي صَوْتَكِ لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جَمِيلٌ».
دعوة تعبر عن اشتياق الله إلينا للانفراد بنا
بل هي احتياج نفوسنا للاختلاء بالرب .. نستريح فيه (تعالوا إلى موضع خلاء واستريحوا) لنري وجهه ونسمع صوته
* كما أن الصلاة ليست هي علاقتنا بالرب
بل وسيلة لممارسة هذه العلاقة والتمتع بها، فعلاقتنا بالله علاقة بنوة واتحاد .. قائم علي قبول المسيح في الحياة كمخلص ورب.
وحتى إن انشغلنا عن الصلاة فعلاقتنا بالله قائمة ومستمرة ، والمثل الذي يوضح هذة الفكرة هي علاقتنا بوالدينا . ففي الساعات والأيام التي لا نتحدث فيها إليهما نبقي أبناء أعزاء ننتمي إنتماءً أصيلاً لهما.
لكن هذا لا يلغي قيمة وأهمية حديثنا معهم .. فهو إحدى الطرق الأساسية لممارسة هذه العلاقة .. وفهم أبعادها .. والدخول في أعماق جديدة فيها.
ليتنا ندرك جيدا قيمة الخلوة الشخصية


منقوووول