السقوط هو نتيجة فعل حُرّ للإنسان ـ دون سائر الخليقة ـ عندما خالف الوصية، ومن عواقبه الموت والفساد الذي عمّ البشرية كلها وساد عليها سيادة شرعية. فمع أن البشر قد خُلقوا ليحيوا في سعادة، إلاّ أنهم انتهوا إلى حالة التعاسة، لأنهم أهملوا كل ما هو صالح وانجذبوا إلى كل ما هو مادى. وتنكروا لله ولمحبته، وأسلموا أنفسهم لشهواتهم الذاتية. وهكذا فبابتعادهم عن الله وصلوا إلى الفناء، إذ أن غياب الشركة مع الله تعنى الموت المطلق.
ويصف القديس أثناسيوس الحالة التي وصلت إليها البشرية بعد السقوط، والتي من أجلها نزل كلمة الله إلى عالمنا فيقول:
إن الكلمة " إذ رأى الاشواق(البشري) العاقل يهلك، وأن الموت يملك عليهم بالفناء، وإذ رأى أيضًا أن عقوبة التعدي (الموت) قد خلّدت الفناء فينا، وأنه من غير اللائق أن يُبطل الناموس قبل أن ينفذ، وإذ رأى أيضًا عدم اللياقة فيما هو حادث بالفعل؛ وهو أن الخليقة التي خلقها هو بنفسه، قد صارت في طريقها إلى الفناء، وإذ رأى في الوقت نفسه شر البشر المفرط، وأنهم يتزايدون فيه شيئًا فشيئًا إلى درجة لا تطاق وضد أنفسهم، وإذ رأى أن كل البشر تحت سلطان الموت، فإنه رحم جنسنا وأشفق على ضعفنا وتراءف على فسادنا"[15].