قصَّة عن قوَّة الصلاة


عن حياة القديس غريغوريوس العجائبي من كتاب كيف نحيــا مع الله

... عندما اشتعلت حرب الإضطهاد ضدّ حُسن العبادة وكادت أن تشمل المسكونة كلها، التجأ غريغوريوس العجائبي إلى هضبة مُقفرة ومكث هناك مع شماسه الذي كان قد نصَّرهُ ونقله من خدمة الأوثان إلى خدمة النعمة الإلهية.
لكن أحد الناس الخَوَنة أخبر جماعة المضطهدين بالمكان الذي يختبئ فيه القديس، فتوجَّه المضطهدون فِرَقاً فِرَقاً وحاصروا الهضبة، ومنعوا أيَّ احتمالٍ للهرب يقوم به القديس وخادمه. ثم قام بعض منهم بجولات تفتيشية في كل أقسام الهضبة، فشاهدهم القديس مُقبِلين نحوه من بعيد فأخذ يراقبهم.
في هذه اللحظة الحاسمة أمر القديس غريغوريوس شماسه أن يقف أمام الله بإيمان وطيد غير متزعزع ويضع رجاء خلاصه عليه ويرفع يديه إلى العلاء ليصلِّيا كلاهما بحرارة شديدة كي لا يتغلَّب الخوف على إيمانهما حتى ولو شاهدوا المضطهدين مقتربين إليهما.
فباشر بتنفيذ هذه المعلومات التي أعطاها لشماسه ليكون قدوة له ورفع عينيه نحو السماء ووقف باسطاً يديه بحرارة واستمرَّ مستغرقاً في الصلاة.
وبينما كانا في هذا الجو من الصلاة، كان الباحثون عنهم يفتِّشون في كلِّ مكان بين الشجيرات والصخور والثقوب والوديان تفتيشاً دقيقاً لكنَّهم لم يعثروا عليهما. فعادوا إلى سفح الهضبة خائبين لظنِّهم أن المُطارَدَيْن قد هربا من الخوف ووقعا بين أيدي الآخرين ممَّن كانوا يحرسون سفح الهضبة.
وعندما وصلوا إلى السفح ولم يجدوهما معتَقَلَيْن، أخذ ذلك الخائن يصف لهم المكان الذي رأى فيه القديس. أما الباحثون فبعدما قدَّموا تقريراً عن جولتهم أكَّدوا للآخرين أنهم لم يجدوا في ذلك المكان سوى شجرتين تبعدان قليلاً الواحدة عن الأخرى.
فلما رجع الباحثون، بقي الخائن وحده هناك، لأنَّه فكَّر في الذهاب إلى المكان الذي شُوهِدَتْ فيه الشجرتان. فلما وصل إلى هناك ووجد القديس وشماسه واقفَيْن يصلِّيان وأدرك أن صيانتهما قد تمَّت بتدخل إلهي، وذلك بجعل عيون الباحثين تشاهدهما شجرتين بدل رجلين، سقط أمام رجليه وطلب المسامحة وآمن بالمسيح. وهكذا أصبح من المطارَدين والمضطهَدين ذاك الذي كان قبل قليل مطارِداً ومضطَهِداً.
منقوووووووووووووووول