المناقشات العقائدية مع غير المؤمنون، هل هي لكل أحد؟
سؤال: بعض المسلمين يهاجموني ويقولون ان الكتاب محرف أو يسألون أسئلة أخرى وانا اعجز عن الرد على بعض الأمور، فيقنعون اصدقائهم بما يقولون نتيجة عجزي... ارجوكم اخبروني بماذا ارد عليهم من الكتاب المقدس، وماذا أفعل؟!


الإجابة:

أولاً، هذه الإجابة التي سنطرحها هنا صالحة لكل من:

أ- المسيحيون الذين يُهاجَموا من قِبَل مسلمون.

والعكس أيضاً:

ب- المسلمون الذين يهاجمونهم مسيحيون!

نعم!!

فليس كل أحد مؤهلاً للحديث في الدين، بل الله عز وجل قد أعطى كل شخص مواهب وقدرات ووزنات حسب ما يراه الله صالحاً.. كما قال الكتاب: "لَنَا مَوَاهِبُ مُخْتَلِفَةٌ بِحَسَبِ النِّعْمَةِ الْمُعْطَاةِ لَنَا: أَنُبُوَّةٌ فَبِالنِّسْبَةِ إِلَى الإِيمَانِ، أَمْ خِدْمَةٌ فَفِي الْخِدْمَةِ، أَمِ الْمُعَلِّمُ فَفِي التَّعْلِيمِ، أَمِ الْوَاعِظُ فَفِي الْوَعْظِ".. (رسالة بولس الرسول إلى أهل رومية 12: 6-Cool.. فليس من المناسب للجميع أن يتحدثوا في الدين، كما نرى من مهازل تحدث في بعض المواقع والمنتديات الدينية المسيحية والإسلامية.. فتجد كل شخص أصبح واعِظاً وعالِماً ومفتياً في الدين!!

ينبغي أن يتحلَّى الإنسان بالحكمة.. فهناك أكثر من جانب بخصوص هذا الأمر..

* فإن كنت على غير دراية كافية بالدين، سيحدث أمر من الاثنين.. إما أن يهتز إيمانك، وإما أن يتَّخِذ المهاجمون عجزك دليلاً على حُجتهم كما أشرت في رسالتك.. كما اشتكى إرميا النبي وقال: "آهِ، يَا سَيِّدُ الرَّبُّ، إِنِّي لاَ أَعْرِفُ أَنْ أَتَكَلَّمَ لأَنِّي وَلَدٌ" (سفر إرميا 1: 6).

* أو قد تكون على دراية بالدين، ولكن ليس لديك المقدرة على توصيل وجهة نظرك بصورة سليمة، أو مُنَظَّمَة، أو منطقية.. وذلك كما نرى مع موسى النبي، الذي قال لله: "هَا هُمْ لاَ يُصَدِّقُونَنِي وَلاَ يَسْمَعُونَ لِقَوْلِي" (سفر الخروج 4: 1)، ثم أعاد أيضاً "فَقَالَ مُوسَى لِلرَّبِّ: «اسْتَمِعْ أَيُّهَا السَّيِّدُ، لَسْتُ أَنَا صَاحِبَ كَلاَمٍ مُنْذُ أَمْسِ وَلاَ أَوَّلِ مِنْ أَمْسِ، وَلاَ مِنْ حِينِ كَلَّمْتَ عَبْدَكَ، بَلْ أَنَا ثَقِيلُ الْفَمِ وَاللِّسَانِ" (خر 4: 10).

* أو قد تُدْخِل نفسك في مشاكل ومهاترات لا نهاية لها.. فإما أن تقوم بالدفاع دائماً، وإما أن تقوم بالهجوم..

* ثم ينقلب الأمر إلى تعصبات وحزازيات ومشاكل وعداوات مع الآخرين..

* إن كنت مسيحياً، فكيف تحاول أن تقنعهم بصحة دينك، أو مصداقية ما تقول من الكتاب المقدس، الذي يظن البعض منهم أنه تم تحريفه؟!

* وإن كنت مسلماً، كيف تقنع المسيحي بأن "إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الإِسْلامُ" (سورة آل عمران 19)، أو غير ذلك، إن كان كتاب الله بالنسبة لهم هو التوراة والإنجيل فقط؟!

فلماذا يا عزيزي كل هذا؟! فقد تخسر الآخرين، أو تخسر نفسك، أو تخسر معرفتك الدينية..

فنصيحتي لك أن تبتعد تماماً عن تلك المُهاترات التي لا تفيد، وتنسحب من المناقشة، ولا تفعل مثل تلك المشاهد التي تتكرَّر في الأفلام العربية، حين يُعايَر أحد شخصاً آخراً بشيء، فيُصِر ببلاهة على فِعله، ويكون هو الخاسر في النهاية!



فماذا نقول؟! أنترك الذين يتهجَّمون على الدين، أو يناقِشونا فيه وننسحب؟! ألن يُؤخَذ هذا دليلاً على صحة رأيهم وكلامهم؟!

لم أقل هذا، ولكن.. كن حكيماً!

تلك المناقشات ليس هدفها الاقتناع على الإطلاق، فما فائدتها في النهاية؟! أي، هل عندما تُجيب منطقياً على سؤال من الأسئلة، فهل الطرف الآخر سيقف عند هذا الحد، ويقبل الكلام، وتراه يُغَيِّر دينه بسببك!! هل هذا هو هدفك؟! لن يحدث.. فهو يسأل أو يُناقِش أو يُهاجِم بغرض مختلف تماماً عمّا تتخيله..

إن أعطاك الله القدرة على الكلام، فحسناً.. ولكنها ليست كافية إن لم يصحبها الحكمة والعِلم والدراسة!

*وهناك أسئلة -من الجانبين- التي قد لا أعرف الإجابة عليها، أو لا أعرفها كلها، أو أعرف جانب منها.. ولكني رأيت على مر السنوات أنه لا يوجد سؤال لا إجابة له لدينا! فليس المشكلة في الدين، ولكن المشكلة هي فيَّ شخصياً.. أي أن إجابة الأسئلة التي قد يسألونها لك موجودة، ولكنك قد لا تعرفها، أو قد لا تعرف الوصول إليها.. الأمر يحتاج قراءة وبحث ومعرفة وتعلُّم، بالإضافة للإيمان.

فأنسب الأمور، سواء إن كنت مسيحياً أو مسلماً، أن تبتعد عن تلك المناقشات والمهاترات التي لا تفيد.. ومَنْ تراه مهتماً بأمرٍ ما، اطلب منه البريد الإليكتروني الخاص به، لِتُرْسِل له رابطاً يشرح الأمر الذي يتحدث فيه..

فمن غير المنطقي أن تتحدث مع شخص وتناقش فيه اللاهوتيات والعقائد والطقوس التي تُكتَب في كتب كبيرة! وتختصر كل هذا في جمل معدودة! ومن غير المنطقي أن تشرح لشخص ماهية سر الإفخارستيا في العقيدة المسيحية، وأنت على باب قاعة المحاضرات في الكلية قبل الدخول بدقائق!!

فلا تخسر الناس ولا تخسر نفسك معهم! بل كن حكيماً واكسب قلوب الجميع بمحبتك.. مَنْ يأتيك للحديث في الدين، اخبره أن هذا المكان غير لائق بهذا الأمر، أو أنك غير مؤهَّل للحديث في أمور دينية، بل الدين له رِجاله، ولا تنسحِب إلى إصدار فتاوى كبعض الجُهّال.. وإن أصر الشخص، فارسل له موقع بها إجابات مثل موقعنا هذا، أو إن أصر تماماً، فاطلب منه أن يتحدث مع كاهن كنيستك بخصوص ما يشغله!

ولكن لا تأخذك الحماسة الدينية، وتقول أنه يجب عليَّ التبشير بالمسيح أو بمحمد الرسول إن كنت مسلماً، وتقول أن الكتاب المقدس يأمرنا ويقول أنه يجب علينا أن تكون "مُسْتَعِدِّينَ دَائِمًا لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ" (1 بط 3: 15). فتذكر أيضاً قول الكتاب: "مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟" (إنجيل متى 16: 26؛ إنجيل مرقس 8: 36؛ إنجيل لوقا 9: 25).

أما على الجانب الآخر، فإن كان هدف الشخص الآخر من البحث والسؤال ليس بغرض الهجوم، بل بغرض التعلم.. فيكون الرد بنفس الطريقة بالضبط، عن طريق إرشاده لمواقع أو كتب مفيدة فيما يبحث عنه، بدون أن تُدْخِل نفسك أنت في الأمر من قريب أو من بعيد..

أرى يا صديقي أن نبحث معاً عن أرضية مشتركة في عبادة الإله الواحد، ونتعاون في نِقاط الاتفاق، ولا ننظر فقط إلى نقاط الاختلاف.. فجميعنا هدفه الله القدوس وحده
منقوووووووووووووول