الشهيدان أباكير ويوحنا



شخصيتان مسيحيتان، الأولى تمثل الإنسان الناجح في حياته، فقد عاش طبيبًا ناجحًا في مهنته، محبوبًا في معاملاته، تقيًا في حياته الداخلية كما في سلوكه الظاهر.... متممًا الوصية الرسولية: "أيها الحبيب في كل شيء أروم أن تكون ناجحًا وصحيحًا كما أن نفسك ناجحة" (3يو2). أما الثاني فيمثل الإنسان الحيّ الذي يحيا قويا في داخله، يبحث عن صداقة تسنده وتلهبه روحيًا.... بمعنى آخر يمثل الإنسان الجاد في حياته، يطلب حتى في صداقته ما هو لبنيان نفسه.



نشأة أباكير:

ولد أباكير بالإسكندرية من أبوين، تقيين، اهتما بحياته الروحية وثقافته العلمية والفلسفية فصار طبيبًا ماهرًا في شبابه المبكر. كان محبوبًا ومشهورًا من أجل أمانته مع تقواه وفضيلته. شعر الوالي سيريانوس بخطورته كمسيحي يحمل شهادة حق لإيمانه، فطلب أن يقتله متهمًا إياه بالسحر والشعوذة وفعل الشر، وإذ سمع أباكير بذلك هرب من الإسكندرية كوصية سيده: "ومتى طردوكم في هذه المدينة فاهربوا إلى الأخرى" (مت 10: 23).



نسكه:

انطلق متجهًا نحو الجبال العربية ليعيش بين النساك متأملاً في محبة الله، دون أن يتجاهل مهنته السابقة كطبيب.... وهناك ذاع صيته فبلغ فلسطين وسوريا وما بين النهرين. القديس يوحنا كان يوحنا ضابطًا في الجيش بمنطقة الرها (أديسا)، وكان مشتاقًا إلى حياة الوحدة والتفرغ للعبادة، سمع عن القديس أباكير فاستقال من عمله وانطلق إلى أورشليم يزور الأماكن المقدسة ومن هناك انطلق إلى الصحراء ليلتقي بالقديس الناسك أباكير، حيث توثقت عري الصداقة بينهما على صعيد الروح، كل منهما يسند الآخر ويشجعه.



احتمالهما الآلام:

إذ اشتعل الاضطهاد بعنف في كل مصر في عهد دقلديانوس، سمع القديس أباكير عن القديسة أثناسيا وبناتها الثلاث العذارى ثيؤدورا وتاؤبستى وتاؤذكسيا أنهن قد حُملن مقيدات إلى كانوب (بالقرب من أبي قير الحالية بجوار الإسكندرية)، فخشى لئلا تغلبهن العذابات فيبخرن للأوثان، لهذا رأى أن يذهب بنفسه مع صديقه المحبوب يوحنا لينال الاثنان إكليل الشهادة مشجعين هؤلاء العذارى وأمهن. تعرف أهل الإسكندرية على المتوحد الطبيب فأكرموه جدًا، أما هو فاهتم مع صديقه يوحنا بخدمة المسجونين.... قبض عليهما الوالي وحاول ملاطفتهما أولاً ثم صار يعذبهما مع العذارى وأمهن. (ستجد المزيد عن هؤلاء القديسين هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام السير والسنكسار والتاريخ وأقوال الآباء). استخدم الوالي كل أنواع العذابات مع الناسكين، فكان يمزق جسديهما بخطاطيف حديدية ويحرقهما بالمشاعل، ويضع خلاً وملحًا على جراحاتهما، ويسكب شحمًا مغليًا على إقدامهما.... وكان الرب يسندهما ويشجعهما حتى يحققا الشهادة له. استشهدت العذارى وأمهن أمامهما ثم الناسكين، إذ قطعت رؤوس الكل. وكان المشاهدون متألمين على قتلهم.... ودفن جسد الشهيدين الناسكين بقبر في كنيسة مارمرقس حيث بقيت رفاتهما قرنًا من الزمن، ولما جاء القديس كيرلس نقلها إلى مينوتيس Menutlis بالقرب من كانوب، حيث تمت معجزات كثيرة. تحتفل الكنيسة القبطية بعيد استشهادهما في السادس من أمشير