محمد الدسوقى رشدى
دين الشحات وخالد عبدالله

الجمعة، 10 فبراير 2012 - 07:35
Add to Google

يقول الشيخ عبدالمنعم الشحات الذى تعجب البعض من فرحة الناس بفشله فى انتخابات مجلس العشب: (ضحايا بورسعيد قتلى سقطوا فى سبيل اللهو الحرام، وهناك بذرة نتنة ذُرعت فى بلادنا، وهى بذرة أن يصير اللهو حرفة.. بذرة أن يوجد ما يسمى بهذا التشجيع للمباريات)، ومن قبله بأيام أفتى الشيخ المذيع خالد عبدالله قائلاً: (اللى ماتوا فى بورسعيد مش شهداء، مش عارف هتقابلوا ربنا إزاى؟ لما يسألكم هتقولوله كنا فى ماتش؟ بيجيبوا فلوس منين يروحوا بيها الماتشات؟ أهاليهم بتشتغل إيه؟).

ويقول القرآن الكريم للنبى الكريم عليه الصلاة والسلام: (وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ) «آل عمران: 159»، وتقول كتب الفقه أجمعها إن الإسلام دين رحمة، وفى العرف المصرى والتقاليد حكمة عظيمة تقول: (لا تجوز على الميت إلا الرحمة).

أى رحمة إذن يمكنك أن تستخلصها من كلمات الشيخين الشحات وعبدالله؟!
التفتيش بين طيات كلمات الشيخين اللذين يتحدثان باسم الإسلام لن يقودك إلى العثور على الرحمة أو أى من معانيها، حتى لو لجأت إلى تقطير تلك الكلمات وتكريرها على طريقة التعامل مع المواد البترولية أو العطور لاستخلاص أجمل ما فيها، لن تصل إلى شىء، فقط ستعرف أن الشروخ والتشوهات التى لحقت بصورة الإسلام فى الغرب والشرق لا ذنب لأحد فيها سوى البعض من أبناء الإسلام، وتحديداً البعض ممن يصدرون أنفسهم متحدثين باسم الإسلام ومعتبرين أنفسهم من شيوخه وفقهاء دروبه.

حتى الإنسانية وفكرة الظروف التى يمر بها أهالى هؤلاء الشباب الذين قتلوا غدرا لم تفلح سبباً فى أن تمنع الشيخ خالد عبدالله من السخرية منهم، غابت الرحمة عن قلب الشيخ المذيع الذى نصب نفسه مؤخراً مدير عام مصلحة التفتيش داخل نوايا المصريين، وقرر أن يحرق قلوب أهالى هؤلاء الشباب أكثر وأكثر، وقال لهم إن أبناءهم ماتوا على باطل، بل وزاد من قسوته بعملية تفتيش فى النوايا انتهت بتلميحات خبيثة وغير مريحة عن أموال الأهالى وطبيعة أعمالهم، وكأنه فجأة أصبح عالما للغيب، ومثله فعل الشيخ عبدالمنعم الشحات بقسوة مضاعفة حينما أنهى الأمر بحسم واضح وقال بأن هؤلاء الشباب ماتوا وهم يفعلون أحد الأفعال الحرام، ثم زاد من قسوته وعنفه اللفظى حينما قال إن تشجيع الكرة فى المباريات بذرة «نتنة».

هكذا استخدم لفظة «نتنة» دون أن يفكر ولو للحظة أن هناك أمهات يعشن فى أركان البيوت متكورات داخل قوقعة من الهم والحزن فى حاجة إلى كلمة مواساة واحدة، وبدلا من أن تأتيهن من رجل دين يتلو عليهن الآية الكريمة: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)، جاءت بشرى رجال دين هذا الزمان من أمثال الشحات وخالد عبدالله لتخبرهن أن أولادهن قتلى اللهو الحرام.

أى رحمة فى قلوب هؤلاء، وأى قلوب وضمائر يملكونها ولم تزرها معانى الإنسانية، أى تعاليم دينية، أو أعراف استندوا إليها وهم يقررون الخوض فى نقاش فقهى لإثبات موت هؤلاء الشباب على حرام بدلا من طلب الرحمة والمغفرة لهم، أى شجاعة دفعت خالد عبدالله وعبدالمنعم الشحات للهروب من مناقشة السؤال الأهم: «من المسؤول عن موت أو قتل هؤلاء الشباب؟» إلى مناقشة مصيرهم فى الآخرة وتحديده مسبقاً.

كيف طاوعتهم قلوبهم وضمائرهم هم ومن معهم حينما قرروا أن يغضوا البصر عن الجريمة البشعة التى راح ضحيتها أكثر من 70 شاباً، وجلسوا أمام الكاميرات وعلى المنابر ليتفننوا فى إظهار ذنوب وآثام الشباب الضحايا رغم أن الله قال فى قرآنه والنبى عليه الصلاة والسلام تحدث فى سنته عن الستر وطلب المغفرة.. هذا إن كان مافعله الشباب لهوا حراماً أصلاً؟!
لماذا امتلك الشيخ الشحات والشيخ المذيع شجاعة محاكمة القتلى وإصدار حكما قاسيا عليهم، وكانوا «أجبن» من أن يحاكموا القتلة، أو يخوضوا فى تفاصيل جريمتهم؟! وما الذى يمكن أن يقوله الشيخ المذيع خالد عبدالله الذى يوزع فى برنامجه اتهامات الكفر والزندقة بدون حساب لله سبحانه وتعالى هو والشيخ عبدالمنعم الشحات حينما يسألهما عن كيف نصرا المظلومين؟ ولماذا قررا الخوض فى نوايا بشر أصبحوا بين يدى الله بدلا من السعى فى طريق القصاص لهم، وتحقيق عدل الله فى أرضه؟! هتقول إيه يا شيخ خالد.. هتقول لرب العزة: أنا كنت مشغولا بالكاميرات!!