تهديدات المخلوع .. وتهديدات الثوار

بقلم محمد أمين - المصرى اليوم

ربما تكون الأسرار، التى هدد المخلوع بكشفها، هى التى جعلته، بلا محاكمة حتى الآن.. وربما يكون عدم صدور حكم حتى الآن، هو الذى جعل الثوار يدعون للعصيان.. وقد لا يكشف المخلوع أى أسرار.. وقد لا تنجح دعوة العصيان.. ليس لأن الإسلاميين استخدموا المساجد، واعتبروا العصيان معصية.. لكن لأن الناس طهقت وقرفت.. وجاعت أكتر من أيام المخلوع!

فما هى الأسرار التى يهدد بها مبارك؟.. مؤكد لا تتعلق بنا نحن الشعب.. والمؤكد أنها تتعلق بجماعة الحكم.. أى بالمجلس العسكرى.. معناها أنه ليس على وئام بالعسكر.. ومعناها أنه يشعر بأنهم باعوه وغدروا به.. إذن هى شهادة براءة للعسكر.. إنهم لا يحمون المخلوع، ولا يدافعون عنه.. ولا يتحرجون من محاكمته.. لكنهم لا يعجبون المخلوع، ولا يعجبون الثوار أيضاً!

جائز أن يكون كل ذلك مجرد كلام.. فى كل الأحوال، هناك حاجة غلط فى قنوات الاتصال بين الجيش والثوار.. بلاش الجيش دى.. بين العسكر والثوار.. مين المسؤول؟.. لابد أن يتواصل العسكر مع الثوار.. لابد أن تكون هناك صفحة جديدة.. غريب أن نمزق الجيش، ونحن قد نحتاجه غداً.. فلا يعنى أن نطالبه بالعودة إلى ثكناته أن يتركنا بلا حماية نواجه المصير الأسود!

عندما طالبنا بعودة العسكرى كنا نحترمه أكثر.. وكنا نخاف عليه، ولا نخاف منه.. لم نعد نخاف من شىء.. نخاف عليه أن تلوثه السياسة.. نخاف أن نكون فى مواجهته.. ونخاف أيضاً أن تتكرر أزمة مارس ١٩٥٤.. هذه هى الحكاية ببساطة شديدة.. هناك أخطاء حدثت، وهناك أخطاء فى حقه.. الثوار كانوا لا يريدون الخلاص منه.. فقط لا نريدها عسكرية، ولا دينية.. نريدها مدنية!

وبعد عام على التنحى، لم يظهر فى الأفق ما يجعلنا نطمئن.. أرسل العسكر برسالة يقرؤها المذيع.. يبدو أنهم فى لحظة معنوية سيئة.. ويبدو أنهم قرفوا من التجريح.. كانوا يتواصلون مباشرة عبر قادتهم.. الآن رسائل بلا روح.. بعد أن كنا ننتظر البيانات العسكرية، نحللها ونحفظها ونتبادلها.. فماذا حدث؟.. هم الذين يسألون عن ذلك.. فهم الذين يقودون دفة المركب!

ربما يتنفس العسكر الصعداء أن العصيان لم ينجح.. وربما يعتبرون ذلك استفتاء لصالحهم.. الأمر ليس كذلك.. وإن كان استطلاع رأى أكد أن ٨٠% يؤيدون الجيش.. الناس زهقت من الأوضاع.. وزهقت من الفوضى.. لكنها لا تنكر الثورة.. هناك فرق بين الأمرين.. لا أكره الجيش، ولا أريده يحكم.. ولا أكره الثورة ولا أريد الفوضى.. هذه هى المعادلة المطلوب تأكيدها!

بالأمس قال المصريون كلمتهم.. لا عصيان.. وبالأمس كتبت أغنية أم كلثوم، بطريقة أخرى.. يا عاااااصى.. بص ف عينيا وشوف إييييييه انكتب فيها!!.. مصر كانت تريد أن تقول كفاية للكل.. مصر تعبت بجد.. والناس تعبت بجد.. القاعدة غير مهتمة بصراخ النخبة.. السياسة لا تعنى البسطاء.. الناس عاوزة تعيش.. العسكر يعرفون ذلك، والاستطلاعات كلها فى صالحهم!

ذات مرة لوح العسكر بالاستفتاء.. ثم قطموا بعدها، خشية استفزاز الثوار.. لكنهم يعرفون دورهم ويؤكدون أنهم وقفوا مع الثورة.. مبارك أيضاً يعرف أنه خدع.. عدم صدور حكم سببه الإجراءات القضائية.. فلا تواطؤ بين العسكر والمخلوع، ولا تعليمات للمحاكم الآن.. تبقى قنوات اتصال جيدة، حتى لا يستمر الثوار فى الميدان.. يعلنون العصيان اليوم ضد العسكر، وغداً ضد الرئيس القادم!

منقوووول