صرخة عاقل إلى العاقلين

بقلم مهندس عزمي إبراهيم

نار بدأت شراراتها الجائرة في أواخر عهد المخلوع، وتحولت بعد ثورة يناير 2011 إلى نار مندلعة متوهجة حارقة تنزع الإنسانية من قلب مصر. نار جارية في ازدياد وازدياد وازدياد واعدة بحرق الأخضر واليابس بهذا البلد الأمين. نار تحرق النسيج الوطني المقدس في بلد كان سموحاً تحت ظل وحدة رائعة. والغريب أن الأمر على خطورته، وعدم وطنيته، وعدم قانونيته، وعدم إنسانيته، لا يلقى التفاتة من مسئول ديني أو حكومي أو قانوني أو إعلامي.. وكأن ما يحدث بمصر يحدث بعيداً عنها وعن أرضها وعن أبنائها.

أحداث في بربرية إجرامية تمر على المسئولين دينياً وحكومياً وأمنياً وقضائياً وإعلامياً كأنها ونتائجها لا تخصنا.. أو بالأصح لا تخصهم. ولو كان ما يحدث بمصر حادث في إحدى بلاد الغرب أو بالهند أو الصين أو اليابان، ولو لفرد واحد مسلم (ولن يحدث لأنها بلاد تحكمها سماحة الحرية لا تعصب الدين) لقامت قائمة المسلمين في كل أنحاء المعمورة.

الموضوع أنه كلما قامت مشكلة اجتماعية بين فريق أو عائلات أو أفراد من الأقباط والمسلمين، سواء حساسة أو تافهة، أو حتى كلما افتعلت وفبركت مشكلة بينهما، تقوم قائمة السلفيين والمتطرفين المسلمين والمتأسلمين ويهبوا بقتل عدد من الأقباط وهدم وحرق منازلهم ومحال أرزاقهم وأملاكهم .. وأخيراً بدأت ظاهرة بربرية شريرة لم يكن لها مثيل في تاريخ مصر الطويل .. بدأ هؤلاء المتعصبون بالحكم (ولست أدري من أعطاهم سلطة الحكم) والأمر بتهجير أسرات كاملة من الأقباط بتفريعاتها من قراهم وترك منازلهم وأموالهم ومحال أرزاقهم وأملاكهم ومدارس أولادهم .

يتم هذا الظلم الصريح الغير إنساني بالضغط والغلظة والتعسف من السلفيين والمتطرفين المسلمين والمتأسلمين على الطرف الضعيف (الأقباط) في جلسات بدوية بدائية غير متساوية الأطراف . جلسات بربرية لا يحكمها دين، ولا يحكمها أمن، ولا تهدف إلى عدالة.

هذه رسالة بل صرخة عاقل .. لعلها تصل إلى مسامع العاقلين المسئولين عن الدين الإسلامي بمصر. إلى فضيلة شيخ الأزهر وفضيلة مفتي الديار المصرية، والأفاضل شيوخ وعلماء الأزهر وكل مسلم مسئول بالمؤسسات الإسلامية الموقرة من كل طائفة ومن كل فصيل .. هل ما يحدث بمصر ضد أبنائها الأقباط تصرف صادر من نبع الإسلام ومن روح الإسلام ومن عدالة الإسلام ومن تعاليم الإسلام؟؟

هذه رسالة بل صرخة عاقل .. لعلها تصل إلي العاقلين المسئولين عن حكم مصر. إلى سيادة المشير طنطاوي وأعضاء المجلس العسكري الأعلى حاكم مصر، إلى أعضاء مجلس الشعب وإلى رجال العدالة والقضاء بمصر.. هل هذه المهازل التي تحدث تحت بصركم وبصيرتكم في القرن الواحد والعشرين من نبع القوانين الإنسانية الحضارية التي تحكم الدول الحرة كما نتمنى أن تكون مصر؟؟

هذه رسالة بل صرخة عاقل.. لعلها تصل إلى العاقلين من رجال الإعلام والكتاب والأدباء والفنانين ذوي الفكر الحر والأقلام الحرة في كل قطاع ثقافي .. هل يرضيكم ويرضي ضميركم ويوافق مبادئكم أن يتصرف إنسان مع إنسان بهذه الضراوة؟؟

إن هذا التصرف لا يصدر إلا عن حيوانات بالغابات والصحارى .. هل أصبحت مصر غابة أو صحراء لا يرعاها دين ولا يحميها قانون ولا تنبت بها بذور الإنسانية؟؟
فليكن هؤلاء الذين يحكمون ويصولون بالفساد والظلم والفوضى الأمنية والقانونية والدينية في مصر إخوانيين أو سلفيين أو متطرفين إسلاميين أو متأسلمين، فبغض النظر عما يسمون أنفسهم به .. هم في الحقيقة مسلمون!!

إن لم تعبأوا كدين وحكومة وقانون باقرار العدالة والإنسانية وحماية الأقباط أبناء مصر، في مصر... فلتعبأو على الأقل بسمعة الإسلام كدين وسمعة المسلمين كأدميين!!

منقول