جيهان الحسينى تكتب: حضارة الأمم
الأربعاء، 29 يونيو 2011 - 08:50


الأهرامات

تٌبنى حضارة الأمم بالعلم والأخلاق وإن كان ديننا هو من يحثنا على كل خلق حميد فديننا أيضاً هو من يحض على العلم والتعلم، إذن مرجعية العلم والأخلاق هى الدين، فإن نظرنا إلى حالنا وما آل إليه وضعنا كعرب ومسلمين ومصريين من تأخر عن مواكبة التطور والتقدم الكبير الذى تشهده سائر البلدان المتقدمة لعلمنا السبب، فلقد كان علماؤنا المسلمين العرب الأوائل هم أول من وضعوا أسس شتى العلوم فلقد برعوا فى كل فروع العلوم والفنون والآداب وحدث ذلك عندما اهتموا بدراسة دينهم والتمسك به فانطلقوا منه إلى تلك العلوم الأخرى، أما الآن فنحن فقدنا تمسكنا بديننا و منه إنزلقنا إلى ردىء الخلق وفقدنا هويتنا وأصبحنا تابعا أعمى للغرب نحاكيه فى أمور سطحية وتافهة وبعيدة كل البعد عن قيمنا.

وعندما فقدنا تمسكنا بديننا لم نلتزم بما يحثنا به من حسن العمل و إتقانه وطلب العلم، فأصبحت سياسة الدولة كلها سياسة خاطئة، إعلام يقلد ويستوحى ويستورد ما لا يتناسب مع ديننا ومفاهيمنا وعاداتنا.

وعندما فقدنا هويتنا وتهاوت أخلاقنا غاب الإخلاص عن العمل وأصبح الفرد مشغولا بنفسه غير مهموم ببلده، وأصبحت سياسة التعليم لدينا وتحديداً فى مصر سياسة فاشلة لا تحث على علم أو خلق.

ولدى تساؤل لماذا غابت مادة التربية الدينية من المناهج الدراسية كمادة أساسية ضمن المجموع ففقد الطلاب اهتمامهم بها؟ ألسنا فى مصر طائفتان مسلمون ومسيحيون؟ وكلتا الطائفتين أصحاب ديانة يجب الاهتمام بدراستها وجعلها منهج حياة لهم. إذا أتينا إلى الشق الثانى من السياسة التعليمية فهى سياسة عشوائية يشوبها التخبط فى القرارات والرجوع فيها والتى لا نعلم جدواها، وكنا دوماً نسمع عن دراسات تخرج علينا تصف الطفل المصرى بأنه من أذكى الأطفال على مستوى العالم حتى سن ما قبل الدراسة.. أليس لهذا الأمر دلالة على إننا نملك نظام تعليمى عقيم، وأتعجب من ماراثون المجاميع النهائية التى يحصل عليها طلابنا بدون أدنى إبداع بسياسة التلقين وحشو الرأس والملازم والملخصات، كل تلك الأشياء التى تقف بالمرصاد للطلبة فتصيبهم بضيق الأفق، فقديماً كان الطلبة يبحثون عن المعلومة باستفاضة بالبحث فى كتب خارجية، والمعروف أن المعلومة التى نسعى للحصول عليها هى المعلومة التى تظل عالقة بالذهن والذاكرة ولا تُمحى أما عملية الحشو والتلقين للمعلومات مؤقتة يتم التخلص منها وضياعها بانتهاء الامتحانات فيصبحوا بلا معلومات تراكمية.

وأتعجب من غيبة البحث العلمى وحبه برغم ما نحن فيه من ثورة تكنولوجيه معلوماتية والحصول على أى معلومة عن أى موضوع بضغطة زر فى ثوانى معدودات.

وخلاصة القول إننا نحتاج بشدة إلى إعادة النظر فى سياسة التعليم فنحتاج تلك السياسة التى تحض وتشجع وتحث على حب العلم والاستزادة منه وعلى البحث العلمى وتهتم بكشف القدرات وتنميتها ونحتاج إلى التعامل مع التعليم الفنى بنظرة أكثر احتراما لا النظر له على أنه ممر للفاشلين والهاربين من التعليم الثانوى العام، فلا بد أن يكون تعليما موازيا تماماً للثانوية العامة ولا يقل عنه أهمية ووضع أسس ودعائم قوية للنهوض به وبخريجيه ليكون لدينا كفاءات فنية مؤهلة، ولابد أن نهتم بالتعليم الجامعى بمختلف كلياته حتى يخرج طلابه إلى سوق العمل مزودين بالعلم الكافى، وطلاب الدراسات العليا فى مصر ينقصهم الكثير من الاهتمام والتشجيع فلابد أن تُوفر لهم الإمكانيات لتكون أبحاثهم إضافة جديدة وليس تجميع لمعلومات قديمة ومطروحة من قبل ولابد من الاهتمام بمراكز البحوث لتفرز لنا علماء نابغين ولا بد من حفاظ البلد على أبنائها لا تركهم يرحلون كما رحل غيرهم.

وهناك إضافة هامة وهى الاهتمام بالصحة فكما يقولون العقل السليم فى الجسم السليم، ونحن نهدر الملايين والمليارات وتنقصنا الرعاية الطبية، فلابد أن تهتم الدولة بكل المستشفيات الحكومية وإلحاق الكفاءات بها وتحسين أوضاع الأطباء بها، فلو أولت الدولة اهتمامها للأطباء والمدرسين فستنهض بقطاعين من أهم قطاعات الدولة.

وأخيراً أتمنى أن تُعيد الدولة النظر فى سياستها التعليمية من أولى مراحلها بكل فروعها لننهض ونستعيد أمجادنا بدلاً من البكاء على الأطلال والتفاخر بما ولى وانتهى من أزمان
اليوم السابع