القديس باخوم أب الشركه
ولد باخوم من أبوين وثنيين غنيين فى إقليم إسنا فى نحو 288م ومن المرجح أنه كان يشعر بإحتقار شديد للديانه الوثنية على الرغم من أن والديه كانا يرغبانه فيها وكانا دائما يصحبانه معهما إلى المعابد الوثنية وإحتفالاتها , وفى ذات يوم دخل معهما فأحتقر الآلهه فغضب كاهن المعبد وقال لهما : " إن إبنكما سيصير عدوا للآلهتنا ثم طرده من المعبد " .
وبعد أن بلغ العشرين من العمر أنتظم فى سلك الجندية وأصبح قائد تحت قيادة القائد قسطنطين فى حملة لأخضاع الحبشة , وفى الطريق جاع الجند وعطشوا فخرج للقائهم أهل القرية وأكموهم إكراماً فائقاً , فإندهش باخوم من هذه المعاملة وتصرف الأهالى معهم وسأل لماذا يقابلوهم بهذه المحبة وسأل فقالوا : " لأنهم مسيحيون وديانتهم تأمرهم بإكرام الغرباء والإحسان إليهم " فوقع هذا الأمر موقعاً حسناً فى قلبه , وشعر بسمو الديانة المسيحية , ويذكر بعض المؤرخين أنه صلى فى تلك الليلة فقال : " إنى اعاهدك على أن أعبدك وأحفظ وصاياك كل أيام حياتى إذا نظرت إلى برحمتك وعرفتنى بك .. " , كما يذكرون أنه من ضمن عوامل التى جذبته إلى المسيح هو صبر الشهداء على إحتمال العذاب بل والفرح وهم يقابلون الموت ايام حكم دقلديانوس .
فلما عاد من الحرب دخل مع الموعوظين ليصير مسيحياً وفى الليلة التى سينال فيها سر المعمودية المقدس راى فى رؤيا أن يده ممتدة نحو السماء وإذ الندى يستحيل فى يده التفاحة وإذا بصوت من السماء يناديه أن يحتفظ بالنعمة العظيمة التى سيتقبلها من الرب يسوع .

ثم سار فى طريق الفضيلة ونمى راجع ما ذكره الأنبا غريغوريوس الدير المحرق تاريخه ووصفه وكل مشتملاته , ألأنبا غريغوريوس أسقف عام للدراسات العليا اللاهوتية والثقافة القبطية والبحث العلمى إيداع رقم 4676/ 1992 ص27- 34 فيها ثم وأراد أن يعتزل العالم ويتتلمذ لناسك أسمه بلامون , ولكن صرفه الناسك عنه فى بداية الأمر محذراً إياه بأن طريق الرهبنة والنسك طريق شاق وصعب , إلا أن إشتياق قلبه كان فى ترك حياة العالم إلى حياة , وسأله باخوم فى ضراعة أن يقبله .. فقبله , ولم يلبث أن تتلمذ على يديه وبدأ يتفهم بسرعة قواعد الرهبنة وحذا حذو معلمه .. ولم يطل الأمد بالمعلم الشيخ , إذ توفى بعد سنوات , ولكن باخوم كان قد شرب من ينبوع الرهبنة حتى إرتوى , وأصبح قادراً على السير بمفرده بل أنه نظراً لصفاته القيادية فى الجيش أصبح قادراً على أن يقود كثيرين .

والعجيب أن الأنبا باخوم فى الوقت الذى وضع فيه نظام الرهبنة الإشتراكية لأنه كان يرى أن نظام الشركة لا بد منه للمبتدئين والذين لهم القدرة على التوحد إلا أنه هو نفسه كان يميل إلى حياة التوحد المطلق ولذلك كان يعتزل فى مغارة يقيم فيها اياماً ثم يعود ليفتقد أولاده الرهبان لبوجههم ويرشدهم ويرتب احوالهم .

المواهب الروحية التى حصل عليها باخوم من الرب يسوع
وعاش الأنبا باخوم حياة الوحدة وحصل على مواهب روحيه عديدة فى مناظر روحانية كان يتمتع بها , وحصل على رؤى عن مستقبل الرهبنة , ومستقبل الكنيسة , وكانت صلاتة تصاحبها دموع غزيرة من أجل رهبانه , ومن أجل الناس الذين يعيشون حياة العالم , وقد ذكر تلاميذة أن الدموع حفرت على خديه مجريين واضحين تركا أثرهما على جلد وجهه . طوباك يا أبى باخوم إذكرنى فى صلاتك أمام عرش النعمة .

وأصبح المكان الذى يوجد فيه القديس با خوم مقصداً للناس من مختلف أنحاء العالم لينتفعوا بتجاربه ومواعظة وخبراتة الروحية وإرشاده وحكمته , وحدث أن سمع به راهب من روما وحضر إلى مصر خصيصاً ليقابله وكان لا يعرف القبطية فحزن باخوم لأنه لا يستطيع الكلام معه لوجود حاجز اللغة , فصلى للرب وقال : انت تعلم يارب اننى أنى لا أعرف لغات , ولذلك فإننى لا أستطيع أن افيد الآتيين إلى من بلاد ينطقون بلغات أخرى , فإما أن تمنحنى معرفة لغة من يقدم إلى حتى ينتفع بالإرشاد , أو تمنعه من القدوم إلى "

فسمع الرب لصلاته فصار قادراً على أن يستمع إلى الشكوى الراهب الرومانى ويجيبه بما ينفعه , وهذا ما تسميه الكنيسة مواهب الروح القدس .



نظام الشركة الرهبانى
الأنبا باخوم هو أول من وضع نظام الرهبنة الإشتراكية التعاونية فى الحياة الرهبانية , وهو أول من بدأ بفكرة التصنيع فى الأديرة المصرية , وهو أول من وضع نظام التعامل فيها وقوانينها , وعنه أنتشر هذا النوع من الرهبنة ليس فى مصر فحسب بل أنتشرت فى جميع أنحاء العالم شرقاً وغرباً .

والقديس قبطى وأسمه باخوم ويعنى باللغة القبطية النسر وأسمه باللغة اليونانية باخوميوس , وقد وجد القديس باخوم أن حياة التوحد المطلق فى البرارى وكهوف الجبال صعبه للمبتدئ ولا يقوى عليها إلا القلة النادرة , ولكن يوجد راغبين فى الكمال والإعتزال عن حياة العالم , ففكر فى نقطة وسط لنظام عام مشترك للحياة الروحية على أن تكون نقطة البداية لحياة التوحد إذا كان هناك رغبه للتوحد , ورتب لهم قواعد وقوانين يخضعون له طاعة تامة يسلكون بمقتضاها فى حياتهم داخل أسوار الدير فيما يتصل بعبادتهم وأكلهم ونومهم وعملهم .

وفرض عليهم نظاماً لحياتهم يتقيدون به يتبعونه مواعيد محدده للصلاة , مواعيد للأكل على مائدة واحدة فى وقت واحد , ووقت للعمل .. وقد أهتم القديس باخوم إهتماماً خاصاً بالعمل بل أنه أعتبره ضرورة وضعه على كل راهب , وكان يطرد الراهب الكسول من الدير لأنه ليس له نصيب فى مجتمع القديسين العاملين , وكان الأنبا باخوم حازماً فى تنفيذ النظام الذى وضعه , فكان يعاقب كل راهب يخرج على النظام حتى لو كان بقصد حسن أو حتى لو أدى الخروج عن النظام خيراً مادياً فى الدير , فكان رأيه أن الخضوع لنظام الشركة الرهبانى ولأوامر الرئيس فضيلة كبيرة لأن فيها قهراً لرغبة النفس ومقاومة لرغباتها وأهوائها , ونوع من الإتضاع والخضوع لازم لمجتمع يعيش بعيداً عن العالم , فكان هذا الإلتزام ضرورى لهذا المجتمع الناشئ .

وبذلك أسس باخوم الرهبنة كنوع من الإلتزام العسكرى الذى كان يمارسه فى الجيش وحوله نوع من العسكرية الروحية , ووضع لها قوانين ونظماً , وكثر عدد الرهبان فكان الرهبان يقيمون فى أقسام بحسب الحرف التى كان يمارسونها فكان للخبازين بيت , ولصانعى الفخار بيت , وللنساجين بيت , وأنتشرت الأديرة فأقام لكل دير رئيساً ووكيلاً , وأقام للأديرة جميعها رئيساً عاماً ووكيلاً وأميناً , وأنشأ على الضفة اليمنى من النيل مقابل هور , مبنى مركزى جعله قاعدة لحكومته الديرية بحيث يدير منه كل الأديره التابعة فى الصعيد , وجعل كل الرهبان التابعين له فى كل الأديرة أن يحضروا إلى هذا المركز ويجتمعوا فيه كل سنة مرة وذلك فى الأسبوع الذى فيه عيد رأس السنة القبطية , وكان باخوم يتخذ فرصة هذا التجمع الرهبانى الكبير فى تعيين الوظائف للسنة الجديدة .

وتشرف القديس باخوم بزيارة قام بها البابا العظيم الأنبا أثناسيوس الرسولى فى ديره المعروف بدير طاباثا , وقد قام القديس النبا باخوم بإستقباله إستقبالاً حاراً , وهو يعلم أنه يستقبل حامى الإيمان العظيم ثالث عشر الرسل أثناسيوس

وفاته

عندما شعر القديس باخوم بدنو أجله فعين أحد تلاميذه وأسمه بترونيوس ليحل محله عند رحيله , ولكن بترونيوس مات بعد تعيينه بقليل , وقام بتعيين تلميذاً آخر أسمه هوريسيوس . وقد توقع الجميع أن يقيم أحب تلاميذه إليه وأخلصهم له وهو تادرس .

ولعله فعل ذلك إشفاقاً عليه لأنه رأى الرياسة ثقلاُ عليه وقد لا يقوى التلميذ تادرس على إحتمال هذه المسئوليات , أو ربما رفض تادرس نفسه هذه الوظيفة , أو أنه قد تعطل نموه فى الفضيلة , وهناك كثير من ألسباب الأخرى ولكن من الواضح وجود علاقة قوية بينهما حتى أن القديس باخوم قد عهد إلى تلميذه تادرس فقط أن يدفن جسده , وطلب إليه أن يحتفظ يمكان قبره سراً لا يعرفه احداً .

وإنتقل القديس العظيم باخوم أب الشركة إلى ألأخدار السمائية فى نحو 405م

بركة صلاه القديس تكون معى ومعكم يا أبائى وأخوتى آمين
منقووول