يقول قداسة البابا شنودة الثالث :
====================
إنها من أعظم الصلوات التى قرأتها فى حياتى .. ليته كان قد قدمها ، أو قدم
صلاة من نوعها قبل أن يفكر فى الهروب من الرب .. حقا أن الضيقات هى مدرسة
للصلاة ...

لقد تأثرت كثيرا بقوله " دعوت من ضيقى الرب
فاستجابنى " . وقلت فى نفسى : ما هذا يا يونان ؟ كيف استجابك وأنت ما تزال
فى جوف الحوت ؟! أما كان الأجدر أن تقول " دعوت يارب فى ضيقى فاستجبنى "
فتطلب... هذه الأستجابة لا أن تعلنها ؟! .

لكن يونان يرى بعين الإيمان ما سوف يعطيه له الرب . يراه كأنه قائم أمامه
، وليس كأنه سيأخذه فيما بعد ، فيفرح قائلا " دعوت ... فأستجابنى " .

ويستمر يونان فى صلاته العجيبة ، فيقول للرب " صرخت من جوف الهاوية ،
فسمعت صوتى .. جازت فوقى جميع تياراتك ولججك . ولكننى أعود أنظر إلى هيكل
قدسك " ... بهذا الإيمان رأى يونان نفسه خارج الحوت ، ينظر إلى هيكل الرب
...

وبهذا الإيمان استطاع أن يحول صلاته من طلب إلى شكر ، وهو
ما يزال بعد فى جوف الحوت العظيم .. فختم صلاته بقوله " أما أنا فبصوت
الحمد أذبح لك ، وأوفى بما نذرته . للرب الخلاص " ( 2 : 9 ) .

كيف تأكدت أيها النبى القديس من أن الرب قد سمع صوتك ، وقد استجابك ، وقد
سمح أن تخرج من بطن الحوت ، وتعود مرة أخرى تنظر إلى هيكله ؟؟ أين منك هذا
الهيكل وهو بعيد فى أورشليم ، بينما أنت فى جوف الحوت ، فى مكان ما من
البحرلا تستطيع تحديده ؟! ولكن النبى يجيب :

أنا واثق تماما أننى سأخرج من بطن الحوت ، وأكمل رسالتى ، لأن كلمة الله لا تسقط ولا ترجع فارغة .

عجيب جدا هذا الرجل فى إيمانه ، إنه حقا رجل الإيمان العميق الذى اختاره
الرب ... لا ننكر أن ضبابا قد اكتنفه فأخطأ إلى الله ، ولكن عنصره ما يزال
طيبا .

إنه يرى المستقبل الملىء بالرجاء قائما كأنه الحاضر ،
ويشكر الرب على خلاص لم ينله بعد من جهة الزمن ، ولكنه قد ناله فعلا من
جهة الكشف الخاص بموهبة النبوة ، الخاص بالرجل المفتوح العينين ، الذى يرى
رؤى الرب كأنها فى كتاب مفتوح ، ويتمتع بمواعيده قبل أن تأتى ...

وإذ وصل ايمان يونان إلى هذا الحد العجيب ، أمر الرب الحوت فقذفه إلى البر ..

كان سير هذا الحوت بإحكام عظيم ، وفق خطة إلهية مدبرة تدعو إلى الأطمئنان
، ظهر فى الوقت المناسب ، وفى المكان المناسب ، لكى يحمل يونان فى داخله
كما لو كان هذا النبى ينتقل من سفينة مكشوفة يمكن للأمواج أن تغطيها
وتغرقها ، إلى سفينة مغلقة محصنة لا تقوى عليها المياة ولا الأمواج . وفى
الوقت المناسب قذف يونان إلى البر فى المكان الذى حدده الرب لنزوله . ثم
جاز مقابله بعد أن أدى واجبه نحوه على أكمل وجه ...

هنيئا لك يا يونان هذه الغواصة البديعة ، التى عشت فى أحضانها فترة ، أعادتك إلى طقسك وإلى رسالتك ...

نقلب هذه الصفحة من قصة يونان ، كأنها لم تحدث ، وكأن هذين الإصحاحين
الأولين من السفر قد نسيهما الرب ، فعاد يقول ليونان مرة أخرى " قم اذهب
إلى نينوى المدينة العظيمة ، وناد عليها المناداه التى أنا مكلمك بها ...
"
+ + +See More


يقول قداسة البابا شنودة الثالث :عن صلاه يونان 407984_2990985227798_1657158552_2700717_713929928_n
منقوول