دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر سماء ثانية على الأرض |
قامت بالزيارة : نرمين رضا في صباح يوم أحد خرجت لزيارة دير القديس العظيم الأنبا بولا بالبحر الأحمر، واستغرقنا ساعات عديدة ومررنا بين جبال شاهقة الارتفاع بعضها يحمل ألوان مختلفة رسمتها الطبيعة بصورة جميلة بطول الطريق المليء بالمرتفعات والمنحنيات، مما يدل على مشقة وعمق السير في الصحراء، وعلى الرغم من التطور الذي وصلنا إليه الآن إلا أن الطريق صعب، فكم من بعد وعمق الدير داخل الجبال حتى تسير فيه السيارات لساعات طويلة، مما يدل على عظمة قديسينا الذين تركوا العالم كله ليعيشو في البرية الوعرة بطبيعتها القاسية طالبين حياة الطهارة والنسك. وقت وصولنا للدير أحسسنا أننا في عالم آخر هادئ جدًا وفي غاية الالتزام، وعلى الرغم من بساطته إلا وأنه منظم ومنسق. اصطحبنا أبونا إليشع "أحد رهبان دير الشهيد العظيم الأنبا بولا"، وقام بتوضيح تاريخ الكنيسة الأثرية والأيقونات والجدران كما هو موضح بالفيديو، والتف حوله الزائرين من كل المحافظات لالتقاط الصور معه، وكان في غاية الاتضاع والفرح بالزائرين. كما ذهب بعض محبي تسلق الجبال إلى ممارسة هوايتهم بافتقاد المناطق الأثرية فوق الجبال التي تحيط بالدير، كما هو موضح بالصورة. وبعض الأسر قامت بعماد أطفالها الرضع داخل المعمودية لنوال بركة الدير العظيم، حيث يعد الدير من الأديرة الأثرية، ويضم كنيسة أثرية باسم الأنبا بولا بها جسد وهيكل بجوار المغارة التي كان يعيش فيها الأنبا بولا وصورة المسيح مع الملائكة في القرن الـ13, ومداخل بداية القرن الـ18 تضم رسومات، وثلاثة صور للأنبا بولا والأنبا انطونيوس، كما يوجد بالدير عين باسم "عين مريم" وهي موجوده منذ 300 سنة، وأيقونة للفتية الثلاثة، ومنذ 60 عام بدأ الناس يترددون على الدير. وخلال زيارة الدير تفقدنا المكتبة العظيمة التي تضم العديد من الكتب والمخطوطات، وذهبنا للأكل في المضيفة التي كانت مليئة بالزوار الذين يخدمون نفسهم بنفسهم. ومن رهبان الدير أبونا فانوس صاحب اليد المضيئة، الذي يقصده العديد من الزائرين اللذين يستغرقون ساعات عديدة حتى يصلوا إلى الدير لنوال البركة. يُذكر أن الأنبا بولا استغل البلح وليف النخيل للمعيشه وظل يتعبد للرب لمده 40 عامًا لم يرى فيها إنسان، وتوسع الدير في مساحات بالجبل, عقب ذلك حاول البابا أخذ الجسد لنقله إلى الإسكندرية لكن الكل رفض، وأصبح المكان مخلد باسم الأبنا بولا. ومحبة الله للقديس تظهر في حفاظه على الدير خلال تلك العقود الطويلة، حيث حضر الأنبا أنطونيوس ومعه مجموعة من الرهبان وقاموا بحفر المغارة لتصبح كنيسة ونحتوا في الجبل لإقامة هيكل باسم الأنبا أنطونيوس في القرن الـ13, وهيكل ثالث لـ24 قسيس بداية القرن الـ18. الأنبا بولا عاش 115 عام من سنه 228 إلى 343 وتنيح في 343 وتم تطوير الدير ليصبح مكان أثري. وفي مخطوطة تاريخية بها نشأة القديس وتاريخ حياته قبل الرهبنة تحكي أنه من أهل الإسكندرية وكان والده رجل غني جدًا، أي أنه من أسرة غنية وله أخ آخر يدعى بطرس، توفي والدهما وبعد فترة طلب ميراثه عن أبيه من شقيقه بطرس وكان القديس وقت ذاك يدعى بولس، أخذ بطرس ثلثي الميراث وأعطى بولس الثلث فقط بحكم أنه الأصغر سنًا، حزن بولس جدًا قائلاً لأخيه تمنعني من نصيبي من أبي ولي نصفه، رد بطرس قائلاً إني أدبر المال أكثر منك وأخشى أن تنفقه وتحتاج لآخر. طلب بولس اللجوء للحاكم وقت ذاك ليحكم في هذا الأمر. وأثناء ذهابهما رأى ميتًا مشيع للدفن وحوله أفراد يبكون، سأل أحدهم مَن هذا الرجل؟ أجابه أنه أحد الأغنياء والآن ميت مثل غيره وسيدفن، ولا أحد يعرف وقت ساعته والله يجازي كل واحد حسب عمله. لما سمع بولس كلام الرجل صمت قليلاً وانكشف له العالم، وطلب من أخية الرجوع إلى البيت قائلاً إلهي الذي خلق كل شيء الخفي والظاهر والمبارك إلى الأبد يعلم أنني لا أحمل شيء في قلبي نحوك. ومن هذه اللحظة بدأ الروح القدس يعمل داخل بولس، فعرف أن العالم فاني ولا منفعة تحت الشمس، فمضى إلى غرب بلدته، فوجد قبرًا فدخل فيه وأقام فيه 3 أيام و3 ليالي يتنهد لله دون أكل وشرب ولا خوف من الظلام أو القبر، وفي صباح اليوم الرابع أرسل الله له ملاكًا اختطفه ومضى به نحو الشرق وتركه على عين ماء وتركه وصعد إلى السموات. وجد القديس جحر وحش فدخل فيه ولبس ثوب من الليف وداخل المغارة كان يقول... يا سيدى يسوع المسيح ابن الله الحي، احرسني من العدو الغير مشفق، لتحل رحمتك عليّ وتعينني حتى أكمل سعيي برضاك إلى اليوم الذي ألقاك فيه يا ملك الدهور كلها لأن لك المجد إلى الأبد آمين. تاريخ الدير تأسس الدير في القرن الرابع الميلادي بواسطة تلاميذ الأنبا انطونيوس، سنة 1484م تعرض ديري الأنبا بولا والأنبا أنطونيوس لهجوم من البدو الذين قاموا بقتل معظم رهبان دير الأنبا بولا وحرقوا المكتبة وظل مهجورًا حوالى 80سنة، إلى أن قام البابا غبريال السابع (1520-1568) بإرسال عشرة رهبان من دير السريان حاملين الأواني والكتب المقدسة لتعمير الديرين. وتعرض لعدة هجمات أخرى من البدو وظل مهجورًا لمدة 119 سنة، حتى جلوس البابا يوأنس السادس عشر (1676-1718) واهتم بإعادة تعمير الدير بإرسال رهبان دير الأنبا أنطونيوس وعدد من الحرفيين لإصلاح القلالي والكنائس وترميم الأسوار، ثم زار الدير ومعه القمص مرقس "رئيس دير الأنبا انطونيوس" والقمص تادرس الأنطوني والقس شنودة الأنطوني وفرشوا الكنيسة وعلقو القناديل والأيقونات وبيض النعام ودشن الكنيسة وعيّن القس بشارة الأنطوني رئيسًا للدير ومعه 4 رهبان من دير الأنبا أنطونيوس. وفترة 1897 حتى 1924 قام رئيس الدير الأنبا أرسانيوس الأول بشراء أراضي زراعية للدير بمركز ناصر محافظة بني سويف وبنى بيتًا كبيرًا للإدارة ومدرسة. وعام 1948 سيم القمص ميساك أسقفًا للدير باسم أرسانيوس الثاني الذي اهتم بتعمير الدير، أما عام 1973 اهتم قداسة البابا شنودة الثالث بتعمير الدير فارسل نيافة الأنبا باخوميوس مطران البحيرة للإشراف على التعمير. معجزة ظهور النور بالدير في 4 سبتمبر 1975 والساعة السابعة والنصف مساءًا ظهر نور عظيم أعلى كنيسة الأنبا بولا وشاهده الرهبان والضيوف واستمر لمدة 25 دقيقة وتحول لبخور، راح الجميع يسبّحون ويمجّدون الله وأقاموا تمجيد للبار الأنبا بولا، مع العديد من المعجزات والتي دوّن بعضها في كتاب (السر المكتوم) الذي يُباع داخل مكتبة الدير. الموقع : البحر الأحمر الزعفرانة 95 كم شمال رأس غارب يقع دير الأنبا بولا بين الجبال العالية بالقرب من البحر الأحمر - طريق السويس ورأس غارب - ثم غرباً فى الصحراء , أو من بنى سويف شرقاً والطريق غير معبد . أهم معالم الدير: يعد دير الأنبا بولا من أقدم الأديرة المصرية حيث أنشأ في أواخر القرن الرابع الميلادي وبداية القرن الخامس، وهو يقع غربي أحد جبال القلالة العالية وتحيط به هضاب مرتفعة ؛ وهي البقعة التي يقول الأقباط إن العبرانيين عبروا منها مع موسى النبي - إلى البحر الأحمر عند خروجهم من أرض مصر. الكنيسة الأثرية: الكنيسة التى كان يسكنها الأنبا بولا لمدة 70 سنة لم يره أحد. نصف الكنيسة منحوت فى الصخر غطيت حوائطها برسومات. كنيسة ابو سفين : أعاد بناءها المعلم الجوهرى فى أواخر القرى الثامن الميلادى . كنيسة الملاك: وبها الكثير من القبب يبلغ عددها الاثنى عشر قبة كعدد تلاميذ السيد المسيح يرجع تاريخها الى سنة 1777م . مكتبة الدير: تحتوىعلى 764 مخطوطاً يرجع أقدمها إلى القرن 14 . عيد القديس الأنبا بولا يحتفل دير الأنبا بولا سنوياً بعيد القديس الأنبا بولا يوم 10 فبراير (2 أمشير) حيث يفد كثير من الزوار من داخل مصر وخارجها ، كما يحضر العيد بعض الآباء الأساقفة من أبناء الدير ، ويشتركون فى الصلوات والتسابيح والقداسات التى تقام بهذه المناسبة . دير الأنبا بولا فى العصر الحديث : وصلت الرهبنة فى دير الأنبا بولا إلى درجة الضعف بعدما كان ديراً كبيراً فى القديم ، وعندما تسلم قداسة البابا شنودة الثالث الـ 117 دير الأنبا بولا ، لم يكن به سوى ثلاثة رهبان فى الجبل ( أى فى الدير) ، وأربعة آخرين فى عزبة الدير (البوش) فى سن الكهولة والعجز ، توفى منهما إثنان . وكان دير الأنبا بولا من الناحية المالية ضعيفاً وعندما توفى رئيسه السابق نيافة الأنبا أرسانيوس فجأة سرقت خزينته .. وترك الدير مديوناً . وكان أغلبية الرهبان مبعدين من الدير ، كما أن الرئيس الأسبق لم يقدم حسابات على الإطلاق لهيئة الأوقاف . وتسلم البابا الدير بوضعه المتدنى وبدأ تنظيم الوضع المالى للدير ، ولأول مرة فى تاريخه الحديث تصبح له حسابات منظمة مثله مثل باقى الهيئات ، وتشرف عليها هيئة الأوقاف ، وأصبح يقدم فائضاً ، وأصبح الدير يساهم فى حركة التهمير فى داخلة كما تقدم الدير فى الناحية الروحية أيضاًَ . ويرجع الفضل فى هذه النقلة الكبيرة لتحديث الدير إلى الجهد الكبير الذى بذله صاحبا النيافة الأنبا باخوميوس الذى عينه البابا رئيساً للدير فى المدة من 1973 حتى 1975م ثم إعتذر نيافته لمسئولياته الكثير وإستلمه بعد ذلك الأنبا أغاثون (الذى أصبح اسقف الإسماعيلية فيما بعد) وكانا قد عهد إليهما البابا للإشراف على الدير وكذلك هيئة الأوقاف القبطية . + وفى يوم 17/10/1975م كلف قداسة البابا شنودة الثالث الـ 117 نيافة الأنبا أغاثون بسيامة أربعة رهبان ووصل عدد الرهبان الذين تمت سيامتهم حتى 6 أغسطس 1978م إلى 18 راهباً . + وفى سبتمبر 1980 تم بناء إستراحة جديدة للسيدات خارج الدير وأدخل إليها المياة والنور بعد أن بذل نيافة المتنيح الأنبا أغاثون جهداً كبيراً فى ذلك . + وفى سنة 1979م تبرع أحد المحبين بصهريج مياه للدير وقام الدير ببناء أعمدة وتم تركيب الصهريج عليها بجوار عين المياة الطبيعية . + كما تم تنظيف عين الماء الأخرى (خارج الدير من الناحية القبلية بمسافة 500 متر ، وكان بجوارها عدة نخلات سبق للدير زراعتها ، وزرع الرهبان بعضالخضروات بجانبها ، وأستخدم المكان للخلوة ، كما أقاموا بعض الخيام للشبان الذين يزورون الدير ، وإقامة دورة مياة هناك + أنشأت مكتبة جديدة للدير ضمت المخطوطات والمطبوعات للإستعارة الداخلية . + تم ترميم بعض القلالى القديمة بالدير ، لإعادة إستعمالها كسكن للرهبان حتى يواجه الدير الزيادة المطردة فى عدد طالبى الرهبنة . + وما بين سنة 1976 - حتى 1980 تمت سيامة 26 راهباً بالدير . + نظمت إجتماعات روحية بالدير مساء كل أحد للرهبان . البابا يزور الدير : + فى يوم 11/12/1987م قام البابا شنودة الثالث الـ 117 بزيارة دير الأنبا بولا وإجتمع مع الاباء الرهبان وسمع إحتياجاتهم ، كما تفقد الدير ومبانيه الجديدة والإنشاءات التى تجرى به من قلالى وإستراحات وغيرها . + وفى شهر ديسمبر 1978م أنتدب قداسة البابا شنودة الثالث نيافة المتنيح الأنبا اغاثون أسقف الدير فى سيامة عدد من الرهبان هم : الراهب تكلا ، الراهب أبادير ، الراهب ثاؤفليس ، الراهب موسى ، الراهب أرسانيوس . + وفى صباح السبت 15/4/1989م أنتدب قداسة البابا شنودة الثالث الراهب القس بنيامين الأنبا بولا للخدمة فى كنيستنا فى فرنسا ليحتفل مع القباط هناك بصلوات جمعة ختام الصوم وأحد الشعانين وأسبوع الألام وعيد القيامة . الإنشاءات الجديدة بدير الأنبا بولا + فى سنة 1985م تم بناء اربعة مبانى ضخمة إستخدامها لإستضافة الرجال والشباب بدلاً من الخيان يحولها حديقة جميلة . + وكان قد بنيت إستراحة للسيدات خارج الدير فى سنة 1980 ولكن تم توسيعها خمسة اضعاف حجمها الأول وتحوطها حديقة جميلة أيضاً + فى سنة 1991م تم بناء مضيفة كبيرة لإستقبال الرحلات 54فى 20 متر + وتم بناء بيت خلوة جديد ملجق به كنيسة جديدة يحوطها حديقة جميلة . + تم بناء 24 قلاية جديدة للرهبان فى الجبل ، بالإضافة إلى عدد كبير من القلالى المنفردة لراغبى التوحد من الرهبان . كاتدرائية الأنبا بولا بالجبل : هذه الصورة للكاتدرائية الجديدة بالجبل التى أشرف على بنائها نيافة الأنبا دانيال أسقف دير الأنبا بولا حينما كان أميناً للدير قبل سيامته أسقفاً , وهى كاتدرائية جميلة متسعة , اعجب بها ألاباء الأساقفة الذين زاروا الدير وهى كائنة فوق جبل تطل على المنطقة كلها , وإلى جوار الجبل طريق مرصوف تسير عليه العربات كما فى الصورة .. تهانينا للدير ولنيافة الأنبا دانيال صورة للدير حديثا : الأنبا دانيال وبعض رهبان دير الأنبا بولا بالبحر الأحمر + أوصى قداسة البابا شنودة الثالث بإنشاء مقر لدير الأنبا بولا بالقاهرة فى بيت قديم من أوقاف الدير كان مهملاً ومغلقاً ، ولكنه صار الآن مركز إدارياً للدير فإهتمام بأملاكه كما يستخدم كإستراحة للرهبان الذين يفدون للقاهرة للعلاج أو لمقابلة البابا أو لأى سبب آخر .، وتحول هذا المقر إلى مقراً روحيا فقد أنشئ فيه مذبحاً لصلوات القداس الإلهى مع ايقونة جميلة للقديس المعروف لجميع الأقباط الأنبا بولا (بول) ، والمقر فى كلوت بك واشرف عليه القمص ويصا الأنبا بولا الذى سيم كاهناً فى 1979م دير الانبا بولا مظهرا للنخيل |