اخطر 30 دقيقه
كانت البداية عبارة عن رحلة ، مجرد رحلة ، ولكني لم أكن أدري أن هذه الرحلة ستكون مفترق طرق بالنسبة
لحياتي و بسبب هذه الرحلة تغيرت حياتي تماما من النقيض للنقيض.
( هل حجزت في رحلة دريم بارك Dream Park يا ماجد ؟ ) قالها لي صديقي مايكل.
(نعم ، حجزت ، ستكون رحلة رائعة !!!! )
كانت الرحلة فعلا جميلة وممتعة ، ذهبنا في البداية لزيارة كنائس مصر
القديمة ، ثم أبحرنا لمدة ساعة في النيل وأخيرا ذهبنا لدريم بارك.
وفي دريم بارك ، تجد ما لذ وطاب من ألعاب خطيرة يشيب لها الولدان و تقشعر
منها الأبدان وتخشى أن تبصرها العينان ، هنـــاك ( شلالات الأمازون ) ، (
دوامــة قيــصر ) ، ( كون دور ) ، ( Top Spin ) ، ( قطار الموت ) ، ( قطار
الظلام ) كلها ألعاب خطيرة و ممتعة للغاية أيضا و تشعر بعد ممارستها
وكأنك كنت في معركة ضارية مع قوات الجحيم ، لست أدري حتى الآن ما الذي
يجذبني لهذه الألعاب ؟ و لكن بعض علماء النفس يقولون إنه حب المغامرة وحب
اكتشاف كل ما هو جديد وخطير ومرعب ( الطبيعة البشرية المعقدة ! )
و أخيرا ذهبت أنا و مايكل للعبة ( الصاروخ ) وهي اسم على مسمى ، فأنت تجلس
على مقعد ثم في ثوان تجد نفسك معلقا في السماء ، حتى أنني كنت أدعو هذه
اللعبة (من الأرض إلي السماء )
تأهبنا ( أنا و مايكل ) وتشبثنا بمقاعدنا و ....
هوب.....
وجدت نفسي في السماء خلال ثانية واحدة و كان المنظر بديعا خلابا على ارتفاع 20 مترا و....
و توقفت اللعبة ، نعم توقفت أو تعطلت ، لست أدري ، ولكني وجدت نفسي معلقا
في الهواء على ارتفاع 20 مترا و اللعبة معطلة ولا أمل في بلوغ الأرض ثانية
، لقد كان موقف في غاية السخافة والرعب أيضا ، لست أدري لماذا شعرت أنها
النهاية وأنني سأصعد فعلا للسماء بواسطة هذا الصاروخ المميت ، ولكني عندما
راجعت نفسي و فكرت في حياتي ، وجدت أنني لن أصعد للسماء كما كنت أظن ، بل
سأهبط لأعماق الجحيم ، بل لأعمق أعماق جهنم.
لم أكن بعيدا تماما عن ربنا ، ولكن لم يكن لي علاقة قوية معه ، كانت
علاقتي به متذبذبة ، لأني كنت منشغل بكثير من الأمور عنه ، الدراسة و
الفسح والرحلات والمعسكرات و كل مباهج الدنيا.....
نعم كنت أتذكر ربنا دائما وقت الشدة ، وقت الامتحانات ، وقت النتيجة ، وقت الأزمات والكوارث ، مثل الموقف الذي أنا فيه الآن .....
( يا عدرا ، يا أم النور ، يا مارمينا ، يا مارجرجس ، يا مارمرقس ، يا أبو
سيفين ، يا أبانوب ، يا بابا كيرلس ، يا ست دميانة ، يا.... ) كان هذا
صوت مايكل ، فقد كان يذكر قديسي المجمع المقدس حتى ننجو من هذه الورطة ،
أما أنا ، فشعرت أن الموقف شديد الخطورة فعلا ، فقررت أن أصلي لله مباشرة.
( يارب ، كم وكم تمهلت علي ، كم من مرة أخطأت وأنت تغفر لي ، كم من مرة
أغضبتك وأنت تسامحني ، لقد استهنت كثيرا برحمتك ، تماديت كثيرا يا إلهي ،
أغلقت أذني لكي لا أسمع صوتك ، انشغلت كثيرا بالعالم وأموره الفانية ، و
تناسيت أن العالم يمضي وشهواته معه ، أما الآن وأنا معلق في السماء وأنا
أكثر قربا منك ، أجد أن كل ما في العالم هو سراب ، اقبل صلاتي يا إلهي
وأعطيني فرصة أخيرة ، اشملني برحمتك هذه المرة أيضا ، اغفر لي يا إلهي
وأعطني فرصة أخيرة لكي أحيا لك حياة جديدة )
و عادت اللعبة المميتة تعمل بعد 30 دقيقة ،أخطر 30 دقيقة في حياتي ، لقد كانت من الدقائق