يا رب لماذا تقف بيعد ؟
يا رب لماذا تقف بيعد ؟استقلت امرأة عربة هى وطفلها الصغيروكان الشتاء قارساً حتى أن الأم كانت
على وشك الانهيار من شدة البرودة، فلما شعرالسائق بخطورة الموقف أوثق
الحصان الذي كان يجر العربة ودفع الأم بشدة خارج العربةفسقطت الأم على
الأرض وانطلق بالعربة، ثم انطلقت الأم بكل ما فيها من قوة خلفالعربة طالبة
ابنها، وعندما أحس السائق بأن الأم قد اكتسبت نتيجة الجري الدفءاللازم،
وأن الدم بدأ يجري في عروقها أوقف العربة وحملها داخلها وأعطاها ابنها
وهوفرح بنجاتها.
قد تكون بحياتك الكثير من التعاملات القاسية بحسب الظاهر، ولكن كلألم أو
قلق تمر به لابد أن يكون لخيرك. آمن بهذا لتسعد وتفرح. حين تتداخل
الأحداثوتتشابك، يظن الإنسان أن الله لا يعمل، وأنه نسى الإنسان "وقالت
صهيون قد تركنيالرب وسيدي نسيني" (إش 49: 14) وكثيراً ما يتهم الإنسان الله
بأنه صامت "يا ربلماذا تقف بعيداً ولماذا تختفي في أزمنة الضيق" (مز 10: 1).
وكثيراً ما يبدو اللهوكأنه لا يفعل شيئاً، ولعل هذا ما رأيناه عند الصليب
"إن كنت ملك اليهود فخلص نفسك" (لو 23: 27). ولكن الله يعمل خلف الأحداث،
وكثيراً ما يكون الله في قمة العمل حيثتراه لا يعمل شيئاً.
إن الأحداث اليومية مهما كانت مقلقة هي المادة الخام،أي ظروف أخرى لن
تستطيع أن تنجح الخطة التي رسمها الله على نحو أفضل من ظروفكالحالية. خذ
حذرك، فحينما تظن أن الله صامت قد تميل أن تأخذ الأمور بيديك وترسملنفسك
خطة لحياتك بدلاً من الثقة في الله، ولكن آمن بحبه وانتظر إتمام عمله
"إنمالله انتظري يا نفسي" (مز 62: 5)
فأحداث الحياة التي سبق الله ورسمها لك لاتأتي إلا مترابطة ومتناغمة،
فالدواء يتألف من عدة عقاقير واللوحة الجميلة تتألف منعدة ألوان، فإذا
أخذنا أي وحدة من أحداث الحياة منفصلة عن الأخرى لا تظهر أنهاللخير، ولكن
إذ تؤخذ مجتمعة وممتزجة لا تنتج إلا الخير. إن النفس الواثقة هي التيتنظر
لترى حكمة الله وتدبيره في ملء الزمان.
إن الله مثل الرسام الماهر الذي يمزجألواناً لا تظهر للناظر العادي أنها
تصلح لإتمام الغاية التي خلطت من أجله، ولكن ماأن ينتهي الرسام من عملية
المزج إلا وتظهر اللوحة الجميلة بكل ما فيها من تناغموألوان قاتمة كانت أو
لامعة. نعم فكل الأشياء تعمل معاً للخير، فلا يوجد شئ خارجعن سلطان الله،
فالله يسمح للشر أن يحدث لأنه يحقق قصداً لم يكن ممكناً تحقيقه بدونهذا
الشر، قد تقر بأن الحياة ككل تحت سيطرة الله وعنايته لكنك قد تتردد بأن
تعتقدبأن كل جزء من الحياة مهما صغر فهو موضوع لاهتمام الله وحبه، فكيف
يمكن أن تؤولللخير أشياء مثل الحزن والمرض والألم والفشل، لكن الله أكد هذا
"فالعصفور لا يقععلى الأرض بدون علم الآب وإذنه"
(مت 10: 29).. "وشعرة من رأسك التي يصنع منها اللهخطة حياتك وأريدك أن تؤمن أن لا تسقط إلا بأمره" (لو 21: 18)