القفص الذهبي والرجل المجنون
في الطريق استلفت نظر جاكي منظر رجل امسك بعصا يضرب بها
بعض الطيور التي وضعها في قفص ذهبي ضخم. سألته جاكي: من أين أتيت بكل هذه
الطيور المتنوعة؟ - من كل موضع أذهب إليه.- كيف جمعت هذه الطيور؟ - اقدم
لها طعامًا، وأتظاهر بالصداقة فتقترب إلي فأصطادها واضعها في القفص. كما
أنصب فخاخًا وشباكًا أينما ذهبت لأجمع من كل أنواع الطيور.- ماذا تفعل بها؟
- اضربها بالعصا حتى تفقد أعصابها فتهيج وتقاتل بعضها البعض. ومن لا يصيبه
الأذى من الطيور أنا أقوم بأذيته. هذه هي مسرتي أن أرى الطيور تتقاتل
معًا. أنه لن يهرب من يدي طير قط! حاولت جاكي أن تخفي دموعها المنهارة أمام
قسوة هذا الرجل المجنون. تمالكت نفسها إذ ملكها الحزن على الطيور التي
تعانى من القسوة وهي عاجزة عن الدفاع عن نفسها. وفي هدوء قالت للرجل إني
معجبة بهذا القفص الذهبي: "أتبيعني إياه وما به من طيور؟" إذا كان المجنون
محبًا للمال أخفي ابتسامته، وشعر بأنها فرصة ثمينة لينال مبلغًا كبيرًا.
أجابها المجنون: "لقد كلفني هذا القفص الكثير وتعبت كثيرًا في اقتناء
الطيور. كم معك؟" أجابت جاكي: "معي خمسون جنيهًا".قال المجنون: "قليل جدًا.
سآخذ الخمسين جنيهًا ومعها المعطف الذي تلبيسنه".لم تتردد جاكي لحظة واحدة
حتى قدمت الخمسين جنيهًا والمعطف. وما أن سلمها الرجل القفص حتى فتحت بابه
وأطلقت الطيور لتمارس حياتها الحرة. انطلقت جاكي إلى والدتها وقد عمّ
قلبها السرور. سألتها والدتها عن المعطف الجديد الثمين والذي تعتز به
الوالدة، فروت لها ما حدث. احتضنتها والدتها وهي تقبلها وتقول لها: "ليس
اعظم ولا أثمن من الحرية!"
إلهي أنت تعلم إبليس المجنون القتال.يجمعنا
من كل موضع في العالم.يقدم لنا الملذات ويخدعنا ليقتنصنا في فخاخه.يحسبنا
كما في سجن يبدو كأنه ذهبي.يحثنا أن نقاتل بعضنا بعضًا.يجد لذته في عنفنا
وعنفه معنا.قدمت دمك الثمين ثمنا لنا.فتحت أبواب الهاوية وأطلقت نفوسنا
حرة.ماذا نرد لك يا واهب الحرية؟