مشروع الحماية الدولية
انضم إلى صفحتنا على الفيس بوك
وتابع الأخبار لحظة بلحظة
الحماية الدولية
في زيارتي لأستراليا فوجئت بالحملة التي يتضامن فيها القبط هناك مع أقرانهم بالولايات المتحدة، والتي يطالبون فيها بالحماية الدولية للأقباط بمصر لاسيما بعد ارتفاع وتيرة التيار الأصولي ليس فقط بالشارع ولكن أيضًا تأثيره على صناع القرار ببلدنا الحبيبة.
ومع اختلافي مع جميعهم –حيث أنني أرفض هذا الاقتراح- واحترامي لاختلافهم معي، لكن دعوني أستعرض وجهة نظرهم التي يجب احترامها تمامًا مع تكراري أنني أختلف معهم عنوانًا، وقد أتفق معهم تفصيلاً!
تحالفات وائتلافات!
حينما يعلم القبطي المصري بالخارج أن هناك تحالفات ما، واتفاقات ما، يتآلف فيها التيار الديني الغالب -سياسيًا كان أو دينيًا صرفًا- مع بعض الأحزاب التي تدعي "الليبرالية" والتي لم تفتأ أن انكشفت -لمجرد تفكيرها في هذا التحالف- تحت مسمع ومرأى للنظام الحاكم بمؤسستيه (العسكرية والمدنية)، وحينما يسمع عن إصرار المجلس العسكري على اتمام الانتخابات البرلمانية في موعدها المحدد ضاربًا عرض الحائط بالرؤى الدستورية والقانونية بشأن أهمية بل ضرورة وجود دستور للبلاد قبل تلك الانتخابات، وهو (المجلس) على علم تام بأن الحزب الأوحد الذي سيأخذ فرصته هو حزب الجماعة "غير المحظورة" بينما لم يأخذ أي حزب –من الأحزاب الجديدة- فرصته في ممارسة العمل السياسي على أرض الواقع وترتيب أوراقه للدخول في ذاك المعترك السياسي. وعليه فهو (المجلس) يعلم أيضًا أنه بسيطرة هذه الجماعة على أكبر تكتل في البرلمان سيؤثر –شئنا أو لم نشأ- في شكل وملامح الدستور المزمع وضعه، وبالتالي في مواصفات نظام الحكم ورئيس الدولة (إن كانت الدولة ستُحكم بالنظام الرئاسي). أي أن هناك "سبق إصرار وترصد".
ليس من رادع ولا معاقٍب!!
كل ذلك يحدث في الوقت الذي لا يرى قبط الخارج أية جدية من ذينك المؤسستين في التعامل مع ملف الاعتداءات الطائفية (لم توقع حتى الآن أية عقوبة على محرضي ومنفذي أحداث: "نجع حمادي، العمرانية، الإسكندرية، دير الأنبا بيشوي، صول، المقطم، إمبابة... الخ، فأن تصرف الدولة على ترميم أو إعادة بناء كنيسة من ميزانية الدولة المنهوبة أيسر بكثير من أن تمس شعرة من رأس معتد واحد أو محرض في تلك الأحداث المأساوية (أعني المجازر لو توخينا الدقة).
أسلمة قسرية قصرية
وحينما تتجاهل هاتان المؤسستان القوانين والأعراف خشية الاصطدام بهذا التيار العنفواني بالشارع كأن تتجاهلا تصريحات المؤسسة الدينية الرسمية بالدولة "الأزهر"، التي تمنع إجازة إشهار إسلام القاصرات، وأن تسمحا بتسليم فتاتي المنيا لإحدى دور الرعاية مزايدة على ذلك بأن تضربا عرض الحائط بالقرار الوزاري الصادر من وزير الداخلية بتاريخ 21 مايو 1997، والذي يطالب فيه النائب العام بـ"التأكيد على التعليمات الخاصة بعدم قبول حالات إشهار الإسلام من جانب الفتيات المسيحيات القاصرات وتسليمهن لأهلهن حال تقدمهم لأقسام ومراكز الشرطة لإعلان تلك الرغبة، على أن ينفَّذ ذلك تحت إشراف مدير الأمن، وذلك بعد أن تلاحظ استمرارية تجاوزات بعض ضباط الشرطة بالأقسام والمراكز بعدم تسليم الفتيات المسيحيات القاصرات الراغبات فى إشهار الإسلام لأهليتهم وتسليمهم لبعض الجمعيات الإسلامية" (بحسب تصريحات السيد جبرائيل محام الفتاتين).
المواثيق الدولية وحماية الأقليات
أقول حينما يرى قبط الخارج هذا المناخ الذي لا يحاسب من يشيع الفوضى في البلاد، ولا يعاقب من يجرم في حق الآخر (الموضوع بسيط يمكن معالجته بالجلسات العرفية "دي مجرد ودن قبطي")، وليس من يبالي بظاهرة اختفاء القبطيات، بل ويتوجس البعض من تأخير العقوبات على مجرمين دوليين مازالوا ينعمون بكرم مصر الحبيبة... فكيف يطمئن قبط الخارج على أهلهم بالداخل في ذات الوقت الذي تسمح فيه جميع المواثيق الدولية بحماية الأقليات!! (بحسب تعريف الأقليات أنهم: "مجموعة غير مهيمنة من الأفراد التي تتسم بهوية لغوية أو دينية تختلف عن هوية غالبية السكان") والذي أعتمد بقرار الجمعية العامة للامم المتحدة 47/135 المؤرخ في 18/12/1992م، والذي ينص البند الأول به على: "حماية الدول لوجودهم وهويتهم القومية وهويتهم الثقافية والدينية واللغوية".
مطالب مشروعة جدًا
كل ذلك مع تأكيد هؤلاء الأقباط –وأنا أنقل هنا بالحرف تعبيراتهم- بأن الحماية الدولية التي يطلبونها ليست "بمعنى تدخل عسكري، ولكنها أقرب إلى الرقابة الدولية من خلال المحكمة الدولية على ما يحدث بمصر". مع التأكيد أيضًا بأن تلك الرقابة جل هدفها هو تحقيق أهداف مشروعة منها: "الفصل بين الدين والدولة واستبعاد النص الدستوري الذي يجعل من الإسلام ديناً رسمياً للدولة والشريعة الإسلامية مصدراً رئيسياً للتشريع وإعداد لجنة لوضع دستور جديد في البلاد قبل الانتخابات التشريعية، وإضافة مادة بالإعلان الدستوري لتسهيل قيام الأحزاب الجديدة وتحقيق الاستقرار الأمني من أجل إعادة السياحة والاستثمار وتقديم الجناة الذين تسببوا في الأحداث الطائفية إلى العدالة، وإصدار تشريعات تكفل حرية العقيدة ومنع التمييز والتمثيل العادل للأقليات في المناصب التشريعية والسيادية والوظيفية والإسراع نحو إصدار تشريعات لحرية بناء الكنائس".... وكما ترى قارئي الفاضل أن جميعها مطالب مشروعة تحفظ البلاد من مغبة التمييز والتسيب وتديين السياسة وتسسيس الدين.
مجرد رأي
غير أنني كانت لي رؤية مغايرة لهم (أقباط الخارج). فما بدأه الشباب القبطي بمصر، من روعة التواجد بالشارع السياسي، والوعي القبطي الحادث بتراكم الأحداث (لاسيما بعد تأكيد التواجد السلفي بالشارع)، وما يحققونه من إثبات لوجودهم الذي تُنُكر له من بعض الفصائل، والمكاسب المحدودة التي حققوها من خلال آلياتهم اللاعنفية، ونضالهم الشريف، وتوحيد صفهم بغية المطالبة ببقية مفردات الأجندة "المصرية/القبطية".... كل ذلك يجعلنا بغير شك نراجع أنفسنا بشأن التدخل الدولي الذي سيحبط الوجود القبطي المتنامي بالشارع السياسي، وقد يستبدله بنوع من التواكلية، غير تلك النظرة التخوينية التي سيُنظر بها لقبط الداخل كما الخارج دون تفريق.
وجوهر رؤيتي للمسألة القبطية هو
• توحيد الصف الـ"قبطي/قبطي (أعني القبطي بالداخل والخارج)، فلا يليق أن يبادر أحدهما بأخذ قرار يؤثر على الآخر دونما أي تنسيق أو حوار (مثلما أوضحت بمقالي السابق).
• توحيد الصف الـ"مصري/قبطي (أعني المصريون غير المسيحيين من الليبراليين واليساريين والشيوعيين وغيرهم من الفصائل السياسية التي ترفع لواء الدولة المدنية، والأقليات الأخرى التي تعاني نفس المعاناة) بغية النضال تحت هدف واحد يلتف حوله الأغلبية من شعب مصر العظيم حتى يتضح الحجم الحقيقي للتيار الديني الجارف والمسيطر.
• التواصل مع المؤسسات (الحكومية وغير الحكومية) ومنظمات حقوق الإنسان، والمؤسسات المعنية بنشر ثقافة المساواة واحترام الآخر ورعاية الأقليات، بمصر والخارج، ومناقشة الدور الإيجابي الذي يدفع مصرنا للدولة المدنية الحضارية التي تحترم الآخر، وترتقي فوق التمييز والعنصرية، دولة العدالة وإعمال القانون.
• مساندة البلاد فيما يمكن تقديمه من حلول للقضايا المستفحلة والتي بات المصريون يشعرون بالفشل تجاه إيجاد حلول واقعية لها، فما أكثر المشاكل القومية التي ستستقطب المخلصين في الاهتمام.
• الحوار مع مؤسسات الدولة واستنزاف كل الفرص والمحاولات في كفاح حثيث نحو تحقيق الهدف حتى تنتهي تماماً فرص الوصول لحلول عادلة حتى يكون هناك المبرر لاتخاذ تدابير دولية مشروعة أسوة بالشعوب العربية التي لجأت للمجتمع الدولي لمناصرتها حقوقها.
الأقباط الأحرار
ضع تعليقك هنا