ضابط ونقيب يتزعمان مافيا لسرقة السيارات
انضم إلى صفحتنا على الفيس بوك
وتابع الأخبار لحظة بلحظة
لم نكن يوما من دعاة الإثارة ولا من المتلصصين خلف النوافذ والأبواب لتعقب عورات الناس ورصد زلاتهم، ولكن عندما يتعلق الأمر بواحدة من أخطر الجرائم التي يعاني منها المجتمع فلابد أن ننشر كل المعلومات التي حصلنا عليها حتي ولو كان فيها جانب من الإثارة وفضح لزلات البعض. الحكاية تتعلق بعصابة لم تكتف بأن تتخصص في جريمة واحدة وإنما نوع نشاطها الإجرامي لتصبح جامعة جرائم.. سرقة سيارات، تجارة سلاح، تجارة آثار، تسهيل ممارسة الدعارة!!
والأخطر أن هذه العصابة يتزعمها شخصيات ذات شنة ورنة.. ضابط سابق ونقيب شرطة.. سنحتفظ بالأسماء الكاملة لأفراد العصابة وسنكتفي بالإشارة الي أسمائهم بالحروف احتراما لعائلاتهما التي ربما لا تدري شيئا عن جرائمهما.
طرف الخيط الذي كشف أمامي هذه المافيا كان هو البحث عن عصابات سرقة السيارات.
فطوال شهر كامل تفرغت بشكل كبير للبحث عن أي معلومة تكشف غموض تلك العصابات التي خلقت جريمة انتشرت بشكل مروع في الشهور الأخيرة، حتي بلغ عدد السيارات المسروقة 12 ألف سيارة.
التقيت بعدد كبير ممن سُرقت سياراتهم واستمعت لشعرات القصص عن هذه السرقات بعضها كان سرقة بالإكراه وبعضها سرقة غامضة لسيارات كانت مركونة أمام بيوت أصحابها، وفريق ثالث اختفت سياراتهم بعد عملية نصب تعرضوا لها وأغلب هؤلاء من أصحاب معارض السيارات.
استمعت لحكايات من مسئولين في مراكز مرموقة وأساتذة جامعات ورجال أعمال وأصحاب معارض وموظفين وسائقين وجميعهم احترقوا من نار سرقة سياراتهم وحرروا محاضر في أقسام الشرطة، وانتهي الأمر عند مجرد تحرير المحضر، فلا السيارات رجعت، ولا ظهر أمل يوحي بأن عودتها قريبة!
وبعد استماعي لكثير من حكايات النصب علي أصحاب معارض السيارات استوقفني تكرار أوصاف بعض الجناة وتشابه أساليبهم في خداع أصحاب المعارض وسرقة سياراتهم، ولأن كل صاحب معرض يحتفظ بصورة البطاقة الشخصية لكل من يستأجر سيارة منه اكتشفت بعد الاطلاع علي كثيرمن هذه الصور أن أشخاصا بعينهم مارسوا ألاعيبهم وسرقوا عشرات السيارات من معارض السيارات في القاهرة والجيزة.
وكانت المفاجأة أنهم جميعا غير مصريين كانوا إما فلسطينيين أو أردنيين ووجدت علي رأسهم أحمد محمد عيسي علقم - 34 سنة، فلسطيني الجنسية - ويساعده في عمليات النصب وسرقة السيارات، شقيقه سمير - 36 سنة - وحسين - 38 سنة - وزوجته فاطمة عبدالفتاح السلامات 26 سنة، وهؤلاء سرقوا وحدهم 70 سيارة من أصحاب معارض السيارات!
كانوا يستأجرون عدة سيارات من معرض ما ويعزمون أنهم في زيارة قصيرة للقاهرة من أجل علاج «فاطمة» في أحد المستشفيات ويطلبون استئجار السيارات لمدة أسبوعين وفي خلال هذه الفترة ينتقلون الي معارض أخري ويستأجرون سيارات منها بنفس الأسلوب، وفي كل معرض يتركون أرقام تليفونات غير التي تركوها في المعارض الأخري.
وفجأة اختفوا واختفت معهم 70 سيارة وقيل إنهم غادروا مصر الي غزة!
وإلي جانب هؤلاء تزعم عمليات سرقة السيارات شخص آخر أردني اسمه فؤاد فايز جرادات وفلسطيني اسمه فراس خضر يوسف، وأكدت البيانات التي حصلنا عليها أن أغلب السيارات التي سرقها هؤلاء تم تهريبها الي غزة حتي وصل عدد السيارات المهربة الي هناك 6500 سيارة مصرية مسروقة.
وحسب معلومات أكدها أكثر من مصدر فإنه بخلاف تهريب السيارات المسروقة الي غزة فإن بعض اللصوص يبيعون السيارات التي سرقوها الي ورش تخصصت في تفكيك السيارات وبيعها قطع غيار وأكد أكثر من مصدر أن هذه الورش منتشرة في قري الصف بالجيزة وبعض مناطق محافظة القليوبية والإسماعيلية والسويس والبحيرة وسيناء.
وفي الأماكن التي يقال إن السيارات المسروقة يتم تفكيكها داخلها لا تجد سوي عيون تراقب خطوات أي غريب يدخل المكان وتعد عليه أنفاسه، وكلما سألت أحدا هناك عما يتردد عن تفكيك السيارات المسروقة تزوغ العيون ولا تنطق الألسنة إلا بعبارة واحدة تقول «لا تصدق»!
وتوالت سرقات السيارات واستمرت العصابات تمارس نشاطها الإجرامي دون أن تصلها يد العدالة ولكن واقعة سرقة حدثت في المنوفية كشفت عن واحدة من أخطر عصابات سرقة السيارات.
بداية الواقعة تشبه الي حد كبير العديد من حكايات السرقة ولكن نهايتها كانت مختلفة.
البداية اتفاق الشاب محمد حسين سري - 31 سنة - مع صاحب معرض سيارات بمدينة الشهداء بالمنوفية علي أن يترك محمد سيارته «هيونداي النترا موديل 2011» لصاحب المعرض ليقوم بتأجيرها لمن يشاء مقابل مبلغ مالي محدد.
سارت الأمور بشكل طبيعي جدا حتي يوم 26 مارس الماضي ففي هذا اليوم استأجر السيارة شخص اسمه وائل رمضان - 37 سنة - واتفق مع صاحب المعرض علي أن يعيد السيارة بعد يومين أي يوم 29 مارس وقبل أن يغادر المعرض استأجر سيارة شيفروليه لذات الفترة ووقع ايصالي أمانة علي بياض عن كل سيارة.
وقبل موعد تسليم السيارتين للمعرض اختفي وائل واختفت السيارتان اللتان يزيد ثمنهما علي 250 ألف جنيه وبدأ الشاب محمد حسين سري عذاب البحث عن سيارته وتفرغ تماما ومعه 25 شابا من عائلته لهذا الأمر.
كانت يطوفون الشوارع عساهم يجدونها صدفة، طافوا شوارع المنوفية والقاهرة والاسكندرية والجيزة ولم يصلوا لشيء وبعدها غيروا من استراتيجيتهم فراحوا يبحثون عن وائل رمضان الذي استأجر السيارة واختفي علموا من صورة بطاقته الشخصية التي تركها في معرض السيارات عندما استأجر السيارتين أنه يقيم بإحدي قري مركز شبين الكوم بالمنوفية وعلي الفور ذهبوا الي منزله فلم يجدوا سوي والده ووالدته واخوته والجميع أقسموا أنهم لا يعلمون عن وائل شيئا وأن علاقتهم به مقطوعة تماما منذ سنوات طويلة بعد أن تبرأوا منه بسبب مشاكله.
وقبل أن يغادر محمد حسين سري صاحب السيارة المسروقة القرية نصحه بعض أهلها أن يذهب الي قرية مجاورة مؤكدين أن وائل يقيم فيها مع زوجته، وبعد دقائق كان محمد ومن معه من شباب عائلته يطرقون باب منزل وائل رمضان وفي المنزل لم يجدوا سوي زوجته التي أكدت لهم أنها منفصلة عنه ورافعة عليه قضية خلع!
يروي محمد حسين سري ماعاشه في هذه اللحظة ويقول كدت أفقد توازني وأسقط علي الأرض مغشيا عليّ بعدما شعرت أن سيارتي لن تعود ولكن أحد أشقائي أقنعني بضرورة مراقبة المنزل لعلنا نصل الي أي خيط يوصلنا بوائل وبالفعل راقبنا المنزل لعدة أيام وكانت مفاجأة سارة لنا عندما فوجئنا بوائل يدخل منزله مساء أحد الأيام.
ويضيف: كان علينا أن نختار بين أن نلتقي بوائل ونطلب منه تسليمنا السيارة أو أن نراقبه من بعيد لبعيد حتي يصل بنا الي السيارة دون أن يدري وفضلنا الاختيار الأخير وبالفعل راقبناه فوجدناه ينتقل من المنوفية الي إحدي الشقق بمنطقة فيصل بالجيزة ورغم مراقبته لعدة أيام لم نجد للسيارة أثرا وعندها لم يجد محمد حسين سري بدا من مواجهة وائل وكشفت المواجهة عن واحدة من أخطر عقبات سرقة السيارات!
والمفاجأة أن ذات العصابة ليست فقط تخصص سرقة السيارات وإنما تتاجر في الآثار وتسهل ممارسة الدعارة والمفاجأة الأكبر أن العصابة يتزعمها ضابط مفصول من الخدمة ونقيب شرطة يعمل بمباحث أحد أقسام شرطة محافظة بالوجه البحري.
تسجيلات صوتية وأوراق تحقيقات رسمية واعترافات كتابية حررها وائل وشهادة في محضر رسمي أمام شرطة شبين الكوم أدل تبها زوجة وائل الثانية وشقيقها الطالب في كلية الحقوق.. كل هذا كشف جوانب مخيفة لعصابة الضابطين.
تقول الأوراق والتسجيلات التي اطلعت عليها أن العصابة تسرق السيارات وتبيعها بعد أن تزور أرقام الشاسيه في كل سيارة من خلال طمس الأرقام باستخدام شنيور ودق أرقام جديدة علي الشاسيه مختلفة عن الأرقام الأصلية وبعد أن يتم تزوير أرقام الشاسيه تزور الأوراق الخاصة بالسيارة ذاتها.
وتستغل تلك العصابة عددا من السائقين الذين يستأجرون سيارات من معارض السيارات ثم يختفون وأحيانا يخطفون سيارات من سائقيها بالقوة!
وفي محضر رسمي برقم 4041 لسنة 2011 بقسم شرطة شبين الكوم بالمنوفية روي وائل رمضان جانبا مما وقع معه بسبب السيارتين اللتين استأجرهما واختفيا فقال: أنا فعلا أجرت السيارتين من معرض أسامة أحمد طه - صاحب معرض سيارات - وأخذت السيارتين ورحت علي مصر وأخذت السيارة الالنترا واعطيت السارة الكروز لسائق اسمه «أ.ط» علشان يؤجر السيارتين لجماعة عرب ويديني سمسرة وبعدين لما انتهت مدة ايجار السيارتين رحت علشان أجيبهم لقيت الشخص اللي كنت مأجر له السيارتين قاعد معاه واحد اسمه «أ.ب» عرفت انه ضابط وكان معاهم واحد تالت قال لي انه ضابط شرطة اسمه «م.م» ومعاهم أشخاص آخرون أنا معرفهمش وقعدت معاهم وطلبت السيارتين من الشخص الي أخذهم مني فقال لي السيارة الكروز موجودة هنا ولقيتهم بيتكلموا في موضوع سلاح وذخيرة بيعرضوا بيعها علي أشخاص من الموجودين اللي قالوا انهم عرب ولما حسيت ان فيه قلق في الكلام قلت للي أنا مأجر له السيارتين أنا عاوز السيارتين دلوقتي لقيتوا مسك فيا ومعاه أشخاص آخرين وقعدوا يضربوا فيا وركبوا السيارتين وجريوا بيها وطلعت أجري وراهم فصدموني بالسيارة فسقطت علي الأرض مغشيا عليا والناس فوقوني.
ويواصل وائل اعترافاته في المحضر رقم 4041 جنح قسم شين الكوم: اتصل بي «أ.ط» اللي اعطيته السيارتين وهددني في التليفون وقالي لو تكلمت أنا هاوريك وقال لي السيارتين موجودين مع الشخص اللي قال عليه انه ضابط شرطة.
انتهي كلام وائل رمضان في المحضر إلا أن زوجته «شيماء . ف» قالت في ذات المحضر كلاما مختلفا الي حد ما قالت: كنت قاعدة مع زوجي وائل رمضان في البيت وحدثت مشادة كلامية بينه وبين ضابط الشرطة «م.م» وواحد آخر يدعي «أ.ط» وسائق يدعي «م.ح» علي بيع السيارتين واحدة فضي والثانية سمراء كان استأجرهما وائل رمضان وبعد كده قاموا ببيع السيارتين بمعرفة الضابط «م.م»، واختلفوا مع بعض علي تقسيم المبلغ الذي باع به السيارتين حتي وائل زوجي قال لهم انا جبت السيارتين وامضي عليهم وتعطوني 12 ألف جنيه من ثمنهما وأنا سمعت الكلام ده وحصل لي ذهول لأنني متزوجة من فترة قصيرة ومكنتش أعرف عنه حاجة.
< سألها المحقق: هل أجبرك أحد علي الشهادة؟
- قالت: لا
نفس الكلام تقريبا قاله شقيق شيماء الطالب بكلية الحقوق واسمه محمد قال انه عندما علم من شقيقته بأن زوجها في مشكلة وعدها بأن يحاول حلها وراح يبحث عن زوج شقيقته وعلم أنه موجود في أحد كافيهات شارع الهرم ويقول محمد: وجدت وائل مع أشخاص عرفني عليهم واحد ضابط شرطة «م.م» وضابط اسمه «أ.م» وسائقه «م.م» وفتاة تدعي «نيرة» وحصلت مشادة كلامية عرفت ان زوج اختي متورط معاهم في مشاكل كثيرة فقلت له ان اختي خائفة لأن صاحب معرض السيارات دائم السؤال عنك فقال لي ملكش دعوة ده شغلي.
وأحالت شرطة شبين الكوم المحضر الي النيابة للتحقيق فيه فلم تستدع النيابة أيا من الأسماء التي جاء ذكرها بالمحضر واكتفت بتحويل القضية الي المحكمة وتحدد لها جلسة 30/7/2001 والمتهم الوحيد فيها هو وائل رمضان فقط!
وتكشف تسجيلات صوتية واعترافات مكتوبة بخط يد وائل رمضان أن العصابة التي أخذت منه السيارتين يمارسون جرائم أخري خطيرة منها تهريب وبيع الآثار والأسلحة والمخدرات ويروي واقعة عاشها بنفسه فيقول: «كنت أقود السيارة الكروز التي استأجرتها وكان معي الضابط المفصول «أ.ب» ومعه شخص يدعي «أ.ط» وفي السيارة الأخري كان فيها نقيب الشرطة «م.م» وزميله نقيب الشرطة «م.ح» وفوق الطريق الدائري توقفت سيارة النقيب بالقرب من سيارتي هامر تحملان لوحات معدنية ليبيا ونزل النقيب :م.ح» من السيارة وكان يحمل شنطة وتبادل حديث مع راكبي الهامر وبعد فترة من الحديث تبادلا اطلاق النار فهربت بالسيارة التي كنت أقودها.
وأضاف: علمت أيضا أن النقيب «م.م» استولي علي حرز كبير من المخدرات وباعها لحسابه.
وواصل: نفس المجموعة تستخدم فتيات الليل في اصطياد العرب وكبار السن وتخديرهم وسرقة اغراضهم وسيارتهم ويصطدن زبائنهن من 3 كافيهات شهيرة بالجيزة احداها في شارع الهرم والاثنان الآخران بمنطقة الزمالك.
وحسب بيانات مؤكدة حصلنا عليها فإن الضابط المفصول الذي يشترك في كل هذه الأعمال صدر في حقه 13 حكما قضائيا أولها في 2/1/2008 وآخرها في 30/1/2010.. تنوعت تلك الأحكام بين خيانة الأمانة وتبديد شيكات بدون رصيد.
الوفد
ضع تعليقك هنا