*** شريك العمر ***
--------------------------
عزيزى الشباب ..
ان موضوع اختيار شريك الحياة هو الشاغل لجميعنا فى مرحلة هامة من مراحل العمر , هى مرحلة نهاية النضج الجسدى , وبداية النضح الروحى ..
وبتعبير اخر تعتبر هذه المرحلة ميزانا لمستقبل الانسان , فى احدى كفتيه توضع السعادة بالمتعة والآخذ ,
وفى الكفة الاخرى توضع سعادة من نوع اخر هى العطاء والمسئولية والتكيف والروحانية والقداسة ..
ولذلك فلابد قبل الزواج
ان يكون لدينا المام بتفاصيل مهمة بشأن الحياة الزوجية , وان نضع التوقعات العقلانية موضع الدراسة , بعيدا عن احلام اليقظة والرومانسية التى طالما انشغلنا بها فى فترة المراهقة , اذ ان الزواج مسئولية ونضج والتزام ...
فبالنسبة الى شريك الحياة ,
فهو ذات , وان كانت " اخرى " الا انها ستندمج فى " الانا " وهذا لن يأتى ما لم يكن هناك تجاوز لهذه " الانا " وقبول الاخر كما " هو " لكى تصبح هناك ذات واحدة متفاهمة ومتفهمة تنظر الى الواقع والمستقبل بعين قانعة , لانه برباط الزواج لن تكون هناك رجعة الى الوراء , بل عهد نهائى له طريق واحد هو " الامام " ..
على ذلك فأول توقع يجب ان اتوقعه من شريك الحياه
هو انه انسان .. قابل للخطأ والتصحيح .. اما توقعى للسلوك المثالى دائما , فهو بعد عن الواقعية فى تقدير الامور .. ولذا فأن اول خطوة فى التصحيح تأتى بأن اكون مقتنعا ان الطرف الثانى قد يخطئ , كما اننى ايضا قد اخطئ ... وتجاوز الخطأ , والارتفاع عن مستوى التأنيب والتعنيف المستمر , هو الطريق للوصول الى المثالية ..
فينبغى على وانا مقبل على الزواج , ان اعلم اننى مقبل على حياة فيها شريك , ولها متطلبات اقتصادية قبل الزواج , ومتطلبات اخرى بعده .. وفيها متطلبات اعرفها , واخرى ستأتى فى وقتها , قد تسبب ضغوطا ومفاجأت تحتاج منى ومن شريكى ان نتخطاها .. كما ان هناك مسئوليات لاخبرة لى ولا لشريكى بها - كتربية الاولاد - وهذه سنكتسبها بالممارسة وبالتدريج ..
ولذلك فأول ماينبغى ان اضعه فى الاعتبار هو عدم رسم صورة وردية خيالية , بل صورة لشركة مبهجة , ومحبة بقلب واحد مع هذا الشريك , وبنظرة واحده للآمور , وامال مشتركة طموحة ... بهذا تصغر كل الصعاب امام رجائنا فى تكوين اسرة سعيدة ..
وكما نعلم ... فالتركيز فى مرحلة المراهقة , يكون دائما على اشياء حسية , دون نظر الى الجوانب الشخصية , لان المراهقة مرحلة تتبلور فيها " الانا " وتزيد فيها العزلة ب " الذات " .. بينما الزواج خروج من هذه العزلة الى " الاخر " ... وارتفاع بالحالة الجنسية الى نواحى سامية , تجعل الشخصية متوازنة , وهذا لايأتى الا بروح العطاء والبذل والتضحية ..
ومن يحمل معه فى حياته الزوجية , تلك النظرة الآنانية الحسية , فأنه ينحرف عن السمو العاطفى مع شريك حياته , مما يؤثر سلبيا على التوافق الزوجى .. ويصبح الزواج من هذه الناحية صورة مكررة للحياة السابقة غير النقية ..
كيف تكون حياتى الزوجية سعيدة ؟؟؟؟
----------------------------------------------
اولا يجب ان اضع فى نفسى قناعة بأن نجاح حياتى الزوجية مرهون بما قبلها ...
لذلك لابد ان اتجدد بالتوبة قبل الزواج ..
وان اخضع بأستمرار لفاعلية الروح القدس ..
وهذا سيمتد اثره وفاعليته الى مابعد الزواج ...
حيث تصبح هناك حياة " توبة زوجية " دائمة , وجهاد روحى مشترك , للحفاظ على نقاوة القلب .. فالزواج سر مقدس ...
وقدسيته هذه تستلزم ان تكون التوبة سابقة عليه " كالتوبة قبل المعمودية , والتوبة قبل التناول .. الخ " ..
وبهذه التوبة ينفتح القلب لعمل الروح القدس بأخلاص وامانة وتسلم كامل , فيتدفق عمل الروح فى داخلنا مطهرا النفس من الشوائب والاثار النفسية الرديئة ..
وهذه التوبة ليست عملا فجائيا , بل تحتاج بعض الوقت , حتى نتحرر من الخطية ومن قيودها , فالانتقال من الخطيئة الى القداسة يحتاج الى جهاد ومثابرة واخلاص , لكى يتأكد الانسان من صدق التوبة , وينتقل من انانية الخطيئة الى الحب والبذل لشريك حياته, فيكون الزواج عفيفا , ويكون لسر الزيجة قدسيته حتى " يصر كل شئ طاهرا فى عيون الطاهرين - تى 1 :15 " ...
كيف اتخذ قرار الارتباط ؟؟؟
------------------------------
ان قرار الارتباط , شأنه شأن اى قرار فى حياة الانسان , يجب ان يكون بلا تردد , وبلا اندفاع فى نفس الوقت .. والانسان فى مراحل حياته الاولى يجب ان يدرب نفسه على " صنع القرار " .. بحيث يكون لديه بمرور الوقت حسن اكتشاف الابعاد , واستقراء المواقف ..
اما الانسان المتردد فهو يعتبر ان كل قرار مجازفة غير مأمونة العواقب , والرؤية عنده تكون شديدة الغموض , ونظرته تشاؤمية تفترض دائما اسوأ الاحتمالات ..
وعلى ذلك فلابد من تدريب النفس على اتخاذ القرار , خاصة فى مرحلة البلوغ ومابعدها , حتى اذا وصلنا الى مرحلة اختيار شريك الحياة تكون لدينا القدرة على اتخاذ القرار الصائب ..
وعموما فخطوات اتخاذ قرار الزواج الناجح هى كما يلى :
1- تحديد الهدف من الزواج
--------------------------------
فالبعض يريد ان يتزوج من اجل الاستقرار , والبعض يريد اشباعا عاطفيا وجنسيا , واخرون يريدون الزواج للآنجاب ... لذا فلابد من تحديد هدفى من الزواج , والبحث عمن يمكنه تحقيقه ....
2- النظرة الشمولية
----------------------
فكلما اتسعت نظرتنا فيما يختص بشريك العمر , كان قرارنا اكثر حكمة ودقة , فالتوقف عند ميزة واحدة او البحث عن عيب بذاته يجعلنا نتناسى بقية المزايا او العيوب , وبالتالى لا يكون القرار صائبا ...
3- النظرة الواقعية
--------------------
فطالما ان حياتنا الزوجية ستكون واقعا نعيشه , فيجب علينا التخلى عن الاحلام والخيال والطموحات المبالغ فيها , وهذا سيجعلنا لانضع شروطا جائرة للشريك , ونقبل الطرف الاخر كما هو ...
4- النظرة الموضوعية
------------------------
فالقرار طالما يتعلق بأكثر من شخص , فالابد ان ابتعد فيه عن الانانية , لان الشريك لن احتفظ به ك " شئ " سأريه للناس واتباهى بجماله او بعلمه , ولكن كانسان شريك حياه , ابادله الحب والتنازل .. ولذا فيجب ان ابتعد عن " الانا " فى الاختيار ...
5- التوازن بين العقل والعاطفة
-----------------------------------
فالقرار النابع من العقل فقط , يكون جافا , مبتعدا عن البعد الشخصى للشريك .. كذلك فالقرار العاطفى فقط , لايراعى المنطق .. وعليه فيجب ان يكون قرار الزواج " عاطفيا متعقلا " .. فالعقل يفحص شريكى , والعاطفة تشعر به وتتفاعل معه ...
والنصيحة التى ننصح بها ..
-------------------------------
انه اذا شعر الانسان بأن خبرته , ووعيه , قاصران عن ان يتخذا موقفا فى هذا القرار , فلا مانع من الاسترشاد بذوى الخبرة , دون انقياد اعمى , ودون تبعية منقادة .. بل بوعى ونضج , وتدقيق ....
كذلك صغار السن من شبابنا , فننصحهم بعدم التخويف من التعامل مع الجنس الاخر دون البعد عن القالب الاجتماعى المقبول , حتى يتفهموا طبيعة الاشواقالاخر , وبالتالى يصبح قرار الارتباط اكثر حسما ووضوحا , ومبنيا على وعى وثقافة , وخبرة بالتعامل السليم بين الجنسين .