الأقباط والأستربيتيز السياسى

بقلم : صفوت سمعان يسى

تصرفات وتصريحات القادة الدينين وكبار السياسيين الأقباط بداخل مصر تثير كثيرا من علامات الاستفهام والتعجب ؛ وكذلك امتطاء البعض الزعامة والإدلاء بالتصريحات فيما يخص وضع الأقباط بمصر دون احتساب ما ينتج عن الخوض فى ذلك وما يترتب عنها من نتائج تضر أكثر مما تفيد ؛ كل تلك التصريحات أشبه بممارسة أداء الأستربيتيز والذى يعتمد على خلع الملابس قطعة قطعة حتى العرى كاملا .. وهو وضع شبيه جدا لما يحدث لأقباط مصر .. وللأسف بدون مقابل وكأننا احترفنا العهر السياسى .. فلا نحن حصلنا على أدنى حقوقنا ولا حصلنا حتى على الشكر بالتغنى بأننا كلنا واحد .. بل زاد ذلك من الأعمال الموجهة ضد الأقباط ومصالحهم ...

فهل فعلا لا يوجد اضطهاد للأقباط ولا يوجد مسلسل أسبوعى من حرق وهدم الكنائس حتى يومنا هذا ولا مسلسل يومى من قتل الأقباط (وطبعا هم المسئولين عن قتلهم لأنهم استفزوا مشاعر المتدينين المتسامحين ) ولا عن نهب وتكسير وسرقة محلات الأقباط والحجج موجودة والفتاوى على يد المتطرفين معلبة وجاهزة حسب الحالة و الطلب ..!!!فكل يوم يخرج سيل من التصريحات التى تصب فى ذلك ...!!!

+ صرح قداسة البابا بأن الأقباط فى مصر بعد الثورة أفضل بكثير عن عصر مبارك ..!!! نجيب جبرائيل وضع الأقباط أسوأ بكثير عما عليه قبل الثورة .

+ كنائس "بني سويف" الثلاثة تجمع على رفض الحماية الأمريكية ..!!! الحماية الدولية غير المبعوث الأمريكى والفرق كبير بينهم وهذا ينم عن جهل سياسى كبير من رجال الدين وهم مصممين أن يغرقونا معهم فى عدم إطلاعهم وعدم فهمهم بما يجرى فى دهاليز السياسة ..!!

+ واعظ الثورة يقول طلب الحماية الدولية للأقباط كلام فارغ ومرفوض شكلا وموضوعا فلا يحمى المصريين إلا المصريين ..!!! طيب عظيم هذا الكلام الأنشائى .. طيب هل هو منطبق على أرض الواقع ..!!! ولا أحنا نبيع من غير ما نستفيد ..!!! وطبعا أنا مش فاهم هم الأقباط ليهم واعظ متخصص فى الثورة ..!!!

+ أعرب القمص صليب متى ساويرس كاهن كنيسة مارجرجس الجيوشي، عن ارتياحه للمادة الثانية من الدستور الخاصة بالشريعة الإسلامية ، رافضا الحديث عن إلغائها ...!!!أدان معظم أصحاب الدولة المدنية والليبرالية ومعظم الأقباط تلك التصريحات التى تصب فى الاتجاه نحو الدولة الدينية .. وهذا التصريح أعطى موافقة مجانية بدون أى مكسب للأقباط حجة للتيار المتشدد للتذرع بأنه لا توجد معارضة لتطبيق الدولة الدينية التى يرفضها معظم أنصار الدولة المدنية ؟

+ لقاء نشطاء أقباط بمصر بجماعة الأخوان المسلمين .. بالرغم من رفض قداسة البابا سابقا مقابلتهم .!!! ما المقابل لهذا الاجتماع الذي طالما سعت إليه الجماعة رغبة منها في كسب المزيد من الشرعية وفرض واقع سياسي جديد يتناسب مع أيديولوجيتها علي حساب مصالح الوطن ، واثبات لشرعيتها أمام العالم ..!!!

+ الكنيسة القبطية الأرثوذكسية، أكدت رفضها لمشروع قانون أمريكى يستحدث منصب مبعوث أمريكى خاص إلى الشرق الأوسط لشئون الأقليات الدينية، بهدف دعم الأقليات وتكليف هذا المبعوث بمهمة الدفاع عن حقوق الأقليات الدينية فى قسم كبير من العالم ، يشمل الدول العربية وآسيا الوسطى .!!! كلام جميل الرفض ، ويدل على الوطنية والى الخ .. من الشعارات الوطنية .. ولكن ماذا بعد .. ما المقابل لنرفض كل شىء بدون حصولنا على أى شىء وعلى أبسط حقوقنا وليس أزيد .. فى ضوء ما يقوم به المتشددين من سلب حقوقنا والاستخفاف بها ..(واللى مش عاجبه يروح كندا وأمريكا .. غزوة الصناديق) .. وفى ضوء التهميش الكامل وكأننا ليس لنا وجود أو قيمة أو كأننا من سكان كوكب تانى .. وبل محاولة البحث فى آيات دينية عن نصوص عن كيفية معاملتنا ربما متشددة وربما ذمية تبحث لنا عن معاملة أشبه بمعاملة عبيد فى عصر خلا من العبودية تماما ولم تصبح العبودية موجودة غير فى أفعال وعقول العالم العربى فقط ؛ مثل ما هاجم الدكتور عبدالله درويش، إمام وخطيب مسجد الفتح، المطالبين بالدولة العلمانية المدنية، وطالبهم بالخروج من مصر إلى أي دولة يريدونها، طالما أنهم لا يريدونها إسلامية، تحكم بكتاب الله وسنة رسوله، وأضاف «ازرعوا هذه البذرة العلمانية خارج مصر فقد تعلمنا منذ نعومة أظفارنا أننا دولة إسلامية ودينية».

وماذا عن مجلس عسكرى قد قرر أرضاء كل التيار المتأسلم الأصولى الذى يبحث عن سلطة ثيوقراطية لكى يحكم بالحكم الألهى .. ولماذا هو يعوم مع ذلك التيار المتشدد فى نفس الأتجاه ويتجاهل كل التيارات الليبرالية المدنية ولماذا يتجاهل كل العنف الموجه ضد الأقباط ويغمض عينيه ويسد أذنيه عن انتهاك حرمه الكنائس دون إيقاع اى عقاب أو جزاء رادع حتى لا يتكرر ذلك المشهد .. ولماذا يسكت على إنشاء أحزاب ذات صبغة دينية واضحة متجاهلا قانونا أصدره هو بنفسه بحظر الأحزاب الدينية .. وبعدها يخرج علينا بتصريح لا مانع أحزاب بمرجعية دينية ؛ أليس ذلك قمة الاستهبال والاستخفاف ...!!!

خلاصة الكلام بدون وجود أورق ضغط للحفاظ على حقوقنا وعلى هويتنا ستصبح مطالب الأقباط ومطالب أصحاب الدولة المدنية والليبرالية فى مهب الريح فالتيار الراديكالى الأصولى يضغط ويحقق مكاسب كبيرة بينما نحن نمارس تخلينا عن كل أوراق الضغط وحقوقنا بإسهال شديد بيد قادتنا الدينين والسياسيين وبدون أى مقابل و تحت ضغوط مراعاة الموائمات السياسية وأحيانا بحسن النوايا وحسن النوايا أحيانا يؤدى إلى جهنم .. وفى المقابل حقوقنا الأساسية تضيع إمام أعيننا ...!!!

فكفانا ممارسة العهر السياسى وفن الأستربيتيز .. فلقد نحلت أجسادنا وأصبحت عظام ولم تصلح لأى إثارة سوى شهية الكلاب للعظام ...!!!