*****
أفاق رجائى من النوم بعد منتصف ليلة ذلك اليوم..
تلفت حولة..وقام خارجاً من حجرتة..فوجد طعام قد أعدتة لة أمة قبل أن تنام..فأكل بسرعة ..
ونظر بعدها لساعة الحائط القديمة..فوجدها الواحدة بعد منتصف الليل ..فتح باب شقتة ..
وخرج لا يلوى على شيىء..ولكنة كان فى أشد الحاجة للخروج والجلوس على كورنيش النيل ..
وفعلاً وصل للمكان الدائم الجلوس عنده منذ صباة..ناظرا ًلصفحة ماء النيل وللسماء المملوءة بالنجوم فى تلك الليلة من ليالى الصيف الحارة جداً..أخرج من جيبة كتاب صغير بعنوان ..
على بابا والاربعين حرامى..وبدء قرأتة..ومع أنة يعرف تلك القصة وقرأها أكثر من مرة ولكنة كان يحس بالمتعة والهروب من الواقع المرير بالقراءة ...
أندمج رجائى مع القصة لدرجة أنة لم يشعربذلك الغريب الذى يقترب منة...يقترب ..بهدوء وثقة وأيضاً بدهاء رهيب..حتى أصبح خلفة تماماً
وهنا قال لة هذا القادم الغريب: مساء السعادة يارجائى باشا
التفت رجائى مفزوعاً لهذا الشخص الذى كان فى عمر أبية..
ذو شعر أبيض ناعم..ووجة أحمر غريب المنظر..يلبس بدلة كاملة ...لونها أسود..من أفخم الاقمشة ..
ورباط عنق غاية فى الاناقة ذات لون أحمر..وحذاءلونة أسود يلمع بشدة وكأنة جديد جداً لم يعرف للارض موضع قبل الساعة...ويمسك فى يدة اليسرى بحقيبة سوداء من أحدث وأغلى الماركات العالمية
نظر رجائى بشدة وشك فى هذا القادم الية بعد منتصف الليل قائلاً لة :
مين حضرتك؟؟..أنت عارفنى منين؟؟.
جلس هذا الغريب جوار رجائى قائلاً لة فى مرح :أولاً مين حضرتى.؟..أنا الكنج...الملك...ملك العالم دة كلة
أنا رئيس العالم دة
< دة باين علية راجل منخولية..هى كانت الحكاية ناقصة >
ضحك هذا الغريب قائلاً : ماتفتكرنيش مجنون...ولا منخولية ذى مانت بتقول فى سرك
<ياليلة سودة ..دة عرف أذاى أنى قلت فى عقلى منخولية>
أكمل الغريب : طبعاً عارف أنت بتفكر فى أية..وبتقول فى عقلك أية..أنا وبلا فخر فى ذاتى الضعيفة أقدر أقرا أفكارك..ومن عنيك أقدر أقولك كل أسرارك
أبتسم رجائى قائلاً بلامبالاة: حكيم روحانى حضرتك...أية ياعم..أنت هتعمل فيها عبد الوهاب فى الوردة البيضاء
ضحك الغريب قائلاً بدهاء: لا أنا مش عبد الوهاب ..
ولاعبد حد أبداً..أنا الكل فى الكل هنا ..
أنا الكنج ذى ماقلتلك من شوية...تانى حاجة...أنا عرفتك أو أعرفك منين .؟...
أنا ياحبة عينى من جوة أعرفك من يوم مانت جيت الدنيا..يعنى من خمسة وتلاتين سنة وكام يوم كمان
حدق رجائى فى هذا الشخص المريب قائلاً بقوة:
أنت كمان عارف سنى ؟!!....أنت مين يابا؟؟..ومن الاخر كدة..أنت عايز منى أية بالظبط؟؟
قام الغريب من موضعة..وهو يقول لرجائى :
مش أنا اللى عايز منك...أنت اللى عايز منى
صعق رجائى من رد الغريب هذا ثم أشاح بيدة قائلاً لة فى غضب مكبوت :
عايز منك أنت؟؟..أنا أصلاً لا أعرفك ولا عمرى فى يوم شفتك!.
رد هذا الغريب قائلاً :
أنتم كدة يابنى أدمين..بتنسوا بسرعة ..ومخكم فسافيسى
رد رجائى بسرعة : ياعم ..أنا معرفكش فعلاً ..ولا مخى الفسافيسى دة فاكرك خالص
رد الغريب : يعنى أنت النهاردة مطلبتنيش بعلو صوتك
هرش رجائى فى رأسة قائلاً : طلبتك؟..النهاردة..؟!! أذاى بقى يابا؟
التفت الغريب لرجائى وأقترب منة بشدة قائلاً لة :
أنت نسيت بسرعة كدة؟...مش أنت قلت للست مريم اللى هى أمك.....دة أنا لو جالى أبليس نفسة وفتحلى المستقبل حتى لو أخرتى جهنم..هوافق علطول.....ها ..مش دة كان كلامك..؟والا أنا بتبلا عليك؟؟
صعق رجائى من هول هذا الرد..ومن تلك المصيبة اللى لا كانت عالبال ولا عالخاطر
لم يفعل رجائى شىء غير أنة تلفت حولة ودفع ذلك الغريب الواقف أمامة .
.ثم جرى بكل ماأستطاع أن يجرى...حتى يهرب من هذا العفريت الذى تقابل معة بعد منتصف الليل...لم يقف بتاتاً حتى وصل لمنزلة ..ودخل بسرعة حجرة نومة وهو ينهج بشدة وتسارعت دقات قلبة بشناعة وأغرق العرق جبينة وملابسة بكثرة..
جلس فوق سريرة ينهج وهو لا يصدق ما حدث معة فى تلك الساعة الرهيبة ومقابلة ذلك الغريب الذى شك رجائى فى أنة عفريت
أكيد دة عفريت وطلعلى ..مانا عارف أنى وشى نحس..هى كمان كانت ناقصة عفاريت ورعب فى أيامى الغبرة دى
أتاة صوت من خلفة قائلاً لة:
أنت أنسان غريب فعلاً يارجائى؟!!..بترفص النعمة برجليك ياغبى
التفت رجائى ببطء رهيب والفزع جاثم بداخلة..وأصبح خوفة ورعبة بلا حدود
فلقد جاءة هذا الغريب بداخل منزلة..ومعة وجهاً لوجة و بداخل حجرة نومة
وأصبح المكان يرفرف فوقة الصمت الرهيب والرعب القاتل
لم يتحرك رجائى بتاتاً لمدة طويلة وهو يحدق فى ذلك الغريب بشدة ..لا يعرف ماذا يفعل ليخرج من تلك المصيبة وهذا الكابوس الرهيب...ولم يفق من صدمتة الا مع قول هذا الغريب لة :
مش تهدء كدة وتسترجل..أمال خليت للحريم أية!!!..لما أنت بتترعب كدة وخايف منى للدرجادى..أمال بعتلى بعلو صوتك لية؟؟..أما أنت أنسان غريب بجد!!!
لملم رجائى ماتبقى من شجاعة وتماسك وبلع ريقة وهو يقول بصوت مرتعش :
بسم يسوع...بسم الاب والابن والروح القدس..بسم يسوع
أشاح ذلك الغريب بيدة فى قوة وعدم أكتراث:
ياعم رجائى...ملهوش لزمة البسملة دى..أنت كدة هتزعلنى منك...وأنت متعرفش زعلى رهيييب قد أي.هو أنا جى أقبض روحك ؟..والا جى علشان ألبسك؟..دة أنت غريب فعلاً !!!
قام رجائى من فوق سريرة وهو يحاول أن يهرب بجلدة لثانى مرة من أمام هذا العفريت..ولكن تذكر أمة ...التى كانت نائمة فى الحجرة المجاورة..فخاف عليها أن يتركها ويهرب..فأسقط فى يدة..وفكر عما يمكنة أن يفعلة مع هذا العفريت الكارثة اللى عامل ذى الشبطة اللى حتى البسملة مش نافعة معاة!!
وقبل أن يقدم على أى شىء ..سمع خبط على باب شقتة ..فللوقت أختفى الغريب من أمام رجائى..الذى ما أن شاهد هذا العفريت وهو يتلاشى كالدخان حتى صرخ صرخة أفزعت أمة من نومها..
فجرت وفتحت علية باب حجرتة لتجدة قد أغمى علية
****************************************
أفاق رجائى ..بعد فترة ليست بقصيرة ليجد أمامة أمة..وصديق عمرة صائد الذباب..وهم يبتسمون لة فى أرتياح ..فقام جالساً من رقدتى فوق فراشة وهو يتلفت حولة فى خوف ظاهر قائلاً : هو..هو راح فين؟؟
ربت الصياد على أكتاف صديقة قائلاً لة: مين دة يارجائى اللى بتدور علية هنا؟!..مافيش غيرى أنا وولدتك؟
أقتربت أمة من رأسة وهى تمسحها بزيت قد جلبتة معها فى أخر زيارة لها لدير السريان...ورشمت بالزيت علامة الصليب على جبهتة...ثم قالت لة:مالك يابنى..مالك ياحبيبى ؟؟..أنا أول مرة أشوفك كدة؟؟
ضحك الصياد وهو يقول لها: معلش ياخالتى...أحنا نسيبة دلوقتى..علشان ينام ..دة أحنا الفجر ..والدنيا لسة ضلمة..ولما يصبح الصبح..بأذن يسوع هجيلة وأقعد معاة شوية
التفت رجائى للصياد قائلاً لة : أنت جيت الساعادى لية ياصياد؟؟..حصل حاجة ؟؟
أبتسم الصياد وهو يخرج من باب حجرة رجائى قائلاً فى مرح:أصل أنا شفتك وأنت راجع قبل الفجر بتجرى..فخفت يكون فية حاجة..وأشكر ربنا ..أنى نزلت ولقيت أمك بتستنجد بى علشان حضرتك كنت مغمى عليك..سلام دلوقتى
وفعلاً خرج صائد الذباب..وأغلق الباب
التفتت الام لابنها قائلة لة: أنت كويس دلوقتى يابنى؟؟
رد قائلاً : الحمد للة ..أصل أنا باين على كنت بهلوس والا حاجة..روحى ياأمى نامى..وأنا هنام كمان
وفعلاً ذهبت الام..وأغلقت باب الحجرة ..ونام رجائى وهو ينظر للسقف..ويفكر عما حدث لة..وهل هذا كلة كان حلم؟؟.أم كان حقيقة؟..أم..أم...أم...وأستولى على رجائى التعب والارهاق فسبح فى بحر الاحلام وغرق فى النوم بسرعة
****************************
وجاء صباح جديد...وأتى الصياد لرجائى وجلسا يتحدثان
رجائى : أقفل باب الاودة ياصياد
أغلق الصياد الباب وجلس أمام رجائى الذى تلفت حولة وقد غلبتة الحيرة والدهشة ..ثم قال لصديق عمرة :أنا عارف أن الكلام اللى هقولهولك دة..صعب أو مستحيل حد يصدقة..بس أنا هقولك كل حاجة وحاول أنك تصدقنى...علشان مليش حد تانى أقدر أحكيلة..وأمى مستحيل أعرفها حاجة من اللى هقولهولك دلوقتى
رفع الصياد حاجبة فى أنتظار ما سيبوح بة صديقة..الذى بدء فعلاً وحكى كل ما حدث معة أمس ليلاً....وبعد ان أنتهى رجائى من سرد كل شىء..حتى تنهد الصياد..وهو يقول لرجائى :أنت متأكد أن شعرة كان أبيض؟؟..والا كان أحمر وناعم وواقع على عينية؟؟
حدق رجائى فى ذلك المجنون هذا الذى أتى ليكمل علية ثم قال لة : بتقول أى ياصياد؟..أنا مش فهمك....ياعم أنا بوصفلك العفريييييت تقوم أنت تتريق على وتقولى شعر أحمر والا أبيض وناعم والا خشن!!!..ياعم لو مش مصدقنى..نفضها سيرة أحسن
رد الصياد وهو يهز يدية علامة النفى قائلاً فى قوة : لا..لالا..أنا مصدقك...فعلاً أنا مصدقك من كل قلبى ومن كل عقلى ...ومن كل طحالى كمان...معلش أصل أناحبيت أفرفشك وطلعك من اللى أنت فية مش أكتر...طب سيبك من الكلام بتاعى دلوقتى..أنا بقى عايز أعرف أنت هتعمل أية؟؟
توقيع صائد الذباب :
12-05-2006, 09:41 PM #4
صائد الذباب
عضو مبارك
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 351
4
رد رجائى : مش عارف...ممكن يكون العفريت دة خلاص هرب ومش هيرجعلى تانى
اقترب الصياد من صديقة قائلاً فى غموض: طب لو رجع تانى..هتعمل معاة أية ياحلو؟
طقطق رجائى برأسة للارض وهو يقول : مش عارف..بجد ياصياد مش عارف...أنت تعرف ممكن أعمل مع المصيبة دى أية..وأتصرف مع عفركوش دة أذاى؟؟
نظر الصياد لرجائى بشدة وهرش ثم قال : أسمعنى أنت بقى ياصاحبى..وأفهم الكلام اللى هقولهولك كويس
أنتبة رجائى لصديقة بشدة ..فقام الصياد من مكانة وفتح باب الحجرة ونظر خارجها حتى تأكد من عدم وجودأحد فى المنزل ..فأغلق الباب ثم أقترب من صديقة قائلاً لة بلهجة جادة ونبرة هادئة :يارجائى..الراجل الغريب اللى طلعلك أمبارح باليل دة مش عفريت ولاحتى عفركوش بتاع فيلم أسماعيل يس
وقبل أن ينطق رجائى أسكتة الصياد بيدة مكملاً : سيبنى أكمل أرجوك ياصاحبى..سيبنى أكمل
اللى طلعلك يارجائى ..هو..هو ذى ما قلك بالظبط...رئيس هذا العالم...صوت الغريب...سلطان الهاوية...حاجات كتييير قوى...اللى طلعلك من الاخر كدة هو فعلاً أبليس ذات نفسة
أضحى رجائى كالتمثال لا يتحرك بتاتاً..وبعد فترة من الوقت والصديقان صامتان يحدقان فى السراب ..حتى كسر الصمت رجائى الذى تنهد قائلاً : ياصياد..أرجوك..مش عايز تريقة ولعب بأعصابى..هو أنت علشان مش مصدقنى فى حكايتى وفاكرنى بسرح بيك أو بهتش عليك تقوم تسرح أنت كمان بعقلى وتقوللى .... اللى المجنون دة قالة
أبتسم الصياد قائلاً : أولاً ..أنا قلتلك أنى فعلاً مصدقك...هتقوللى لية أنت مصدقنى كدة علطول؟..هقولك علشان أنا كانت لى حكاية قريبة من حكايتك...بس مش وقتة تعرفها دلوقتى..ثانياً..أنت لية مش عايز تقتنع بأنة أبليس مش عفريت؟...
رد رجائى بسرعة : علشان مستحيل أبليس يكون بالشكل دة.!!.دة لو أبليس حقيقى كان شكلة أكيد حاجة متتبلعش مش راجل وبدلة وجرافتة..دة عامل ذى رجال الاعمال بتوع السيما..مش تقولى أبليس؟
رد الصياد وهو يضحك : أنت يعنى عارف شكل أبليس الحقيقى أيى؟..والا شفت شكلة قبل كدة علشان تحكم على اللى طلعلك دة؟؟....
رد رجائى : ويعنى أنت اللى شفت شكل والا عارف لابليس شكل قبل كدة..تكنش ضارب معاة صحبية وأنا معرفش ياواد ياصياد
ضحك الصديقان بشدة ...وفى قمة الضحك والقهقهة قال الصياد لصديقة : أنا فعلاً شفت أبليس بوشة المزيف وكمان لمحتة بشكلة وهيئتة الحقيقية
صمت رجائى من تلك الكلمات التى أرعبتة ثم أنفجر فى صديقة الصياد: ماشى ياصياد..أنت مش ناوى تجبها البر معايا ..!!خلاص ياعم أنت أنسى أى كلام أنا قلتهولك..وأتفضل أطلع شقتك فوق ومش عايز أشوف وشك لمدة أسبوع..قاصدى لمدة يومين..
الصياد : شفت ..أهو أنت هو اللى مش مصدقنى دلوقتى...بص يارجائى..أخر كلام أقدر أقولهولك ياصاحبى أنك لو لا قدر القدر على رأى واحد صاحبى أسمة شمروخيل وطلعلك تانى العفريت أو أبليس أو قول ذى ما تحب..أهم حاجة تخاللى بالك من كل كلامة معاك..وأوعى يارجائى يضحك عليك ولو تقوللى ساعتها ..نقدر نتصرف
خرج الصياد من عند صديقة رجائى الذى ركبة الرعب والرهبة..وأصبح يتلفت حولة كالمجنون ...ومع مرور الايام نسى رجائى كل ماحدث..بل وأقتنع بأنة كان يحلم أو يهلوس متأثراً بالحالة النفسية التى يحياها
حتى كانت ليلة من ليالى الصيف الحارة.. وكان رجائى يجلس فى نفس موضعة على كورنيش النيل بعد منتصف الليل
وكان مشغول وغائص بكل كيانة مع أفكارة القاتمة ..كان فى دنيا وعالم تانى ..يفكر فيما هو يستطيع أن يفعلة للخروج من حالة الفشل المزمن والمستمر فى حياتة..هائم مع أحلام اليقظة وكيف أنة يتمنى أن يريح والدتة وأن يرد الديون المتراكمة عليهم منذ سنوات....وحتى هذة الشقة كانت تحتاج للتجديد..لا..ليس التجديد بل تحتاج للهدم والبناء من جديد ..فكر فى كل شىء...ونظر بعين خيالة فى كل موضوع
ولكنة لم يفكر فى هذا القادم الية بهدوء وثقة ودهاء شنيع
لم يلمح الغريب ..أو يشعر بة الا عندما أصبح فوق رأسة بالضبط
وهنا رفع رجائى نظرة للخلف حتى ينظر عما يقف خلفة..فشهق عندما وقع نظرة على ذلك العفريت..
شهقة الرعب والمفاجاءة
وسقط مغمى علية.فوق كورنيش النيل وبعد منتصف الليل
************************
وغداً مع الجديد من الاحداث
أفاق رجائى من النوم بعد منتصف ليلة ذلك اليوم..
تلفت حولة..وقام خارجاً من حجرتة..فوجد طعام قد أعدتة لة أمة قبل أن تنام..فأكل بسرعة ..
ونظر بعدها لساعة الحائط القديمة..فوجدها الواحدة بعد منتصف الليل ..فتح باب شقتة ..
وخرج لا يلوى على شيىء..ولكنة كان فى أشد الحاجة للخروج والجلوس على كورنيش النيل ..
وفعلاً وصل للمكان الدائم الجلوس عنده منذ صباة..ناظرا ًلصفحة ماء النيل وللسماء المملوءة بالنجوم فى تلك الليلة من ليالى الصيف الحارة جداً..أخرج من جيبة كتاب صغير بعنوان ..
على بابا والاربعين حرامى..وبدء قرأتة..ومع أنة يعرف تلك القصة وقرأها أكثر من مرة ولكنة كان يحس بالمتعة والهروب من الواقع المرير بالقراءة ...
أندمج رجائى مع القصة لدرجة أنة لم يشعربذلك الغريب الذى يقترب منة...يقترب ..بهدوء وثقة وأيضاً بدهاء رهيب..حتى أصبح خلفة تماماً
وهنا قال لة هذا القادم الغريب: مساء السعادة يارجائى باشا
التفت رجائى مفزوعاً لهذا الشخص الذى كان فى عمر أبية..
ذو شعر أبيض ناعم..ووجة أحمر غريب المنظر..يلبس بدلة كاملة ...لونها أسود..من أفخم الاقمشة ..
ورباط عنق غاية فى الاناقة ذات لون أحمر..وحذاءلونة أسود يلمع بشدة وكأنة جديد جداً لم يعرف للارض موضع قبل الساعة...ويمسك فى يدة اليسرى بحقيبة سوداء من أحدث وأغلى الماركات العالمية
نظر رجائى بشدة وشك فى هذا القادم الية بعد منتصف الليل قائلاً لة :
مين حضرتك؟؟..أنت عارفنى منين؟؟.
جلس هذا الغريب جوار رجائى قائلاً لة فى مرح :أولاً مين حضرتى.؟..أنا الكنج...الملك...ملك العالم دة كلة
أنا رئيس العالم دة
< دة باين علية راجل منخولية..هى كانت الحكاية ناقصة >
ضحك هذا الغريب قائلاً : ماتفتكرنيش مجنون...ولا منخولية ذى مانت بتقول فى سرك
<ياليلة سودة ..دة عرف أذاى أنى قلت فى عقلى منخولية>
أكمل الغريب : طبعاً عارف أنت بتفكر فى أية..وبتقول فى عقلك أية..أنا وبلا فخر فى ذاتى الضعيفة أقدر أقرا أفكارك..ومن عنيك أقدر أقولك كل أسرارك
أبتسم رجائى قائلاً بلامبالاة: حكيم روحانى حضرتك...أية ياعم..أنت هتعمل فيها عبد الوهاب فى الوردة البيضاء
ضحك الغريب قائلاً بدهاء: لا أنا مش عبد الوهاب ..
ولاعبد حد أبداً..أنا الكل فى الكل هنا ..
أنا الكنج ذى ماقلتلك من شوية...تانى حاجة...أنا عرفتك أو أعرفك منين .؟...
أنا ياحبة عينى من جوة أعرفك من يوم مانت جيت الدنيا..يعنى من خمسة وتلاتين سنة وكام يوم كمان
حدق رجائى فى هذا الشخص المريب قائلاً بقوة:
أنت كمان عارف سنى ؟!!....أنت مين يابا؟؟..ومن الاخر كدة..أنت عايز منى أية بالظبط؟؟
قام الغريب من موضعة..وهو يقول لرجائى :
مش أنا اللى عايز منك...أنت اللى عايز منى
صعق رجائى من رد الغريب هذا ثم أشاح بيدة قائلاً لة فى غضب مكبوت :
عايز منك أنت؟؟..أنا أصلاً لا أعرفك ولا عمرى فى يوم شفتك!.
رد هذا الغريب قائلاً :
أنتم كدة يابنى أدمين..بتنسوا بسرعة ..ومخكم فسافيسى
رد رجائى بسرعة : ياعم ..أنا معرفكش فعلاً ..ولا مخى الفسافيسى دة فاكرك خالص
رد الغريب : يعنى أنت النهاردة مطلبتنيش بعلو صوتك
هرش رجائى فى رأسة قائلاً : طلبتك؟..النهاردة..؟!! أذاى بقى يابا؟
التفت الغريب لرجائى وأقترب منة بشدة قائلاً لة :
أنت نسيت بسرعة كدة؟...مش أنت قلت للست مريم اللى هى أمك.....دة أنا لو جالى أبليس نفسة وفتحلى المستقبل حتى لو أخرتى جهنم..هوافق علطول.....ها ..مش دة كان كلامك..؟والا أنا بتبلا عليك؟؟
صعق رجائى من هول هذا الرد..ومن تلك المصيبة اللى لا كانت عالبال ولا عالخاطر
لم يفعل رجائى شىء غير أنة تلفت حولة ودفع ذلك الغريب الواقف أمامة .
.ثم جرى بكل ماأستطاع أن يجرى...حتى يهرب من هذا العفريت الذى تقابل معة بعد منتصف الليل...لم يقف بتاتاً حتى وصل لمنزلة ..ودخل بسرعة حجرة نومة وهو ينهج بشدة وتسارعت دقات قلبة بشناعة وأغرق العرق جبينة وملابسة بكثرة..
جلس فوق سريرة ينهج وهو لا يصدق ما حدث معة فى تلك الساعة الرهيبة ومقابلة ذلك الغريب الذى شك رجائى فى أنة عفريت
أكيد دة عفريت وطلعلى ..مانا عارف أنى وشى نحس..هى كمان كانت ناقصة عفاريت ورعب فى أيامى الغبرة دى
أتاة صوت من خلفة قائلاً لة:
أنت أنسان غريب فعلاً يارجائى؟!!..بترفص النعمة برجليك ياغبى
التفت رجائى ببطء رهيب والفزع جاثم بداخلة..وأصبح خوفة ورعبة بلا حدود
فلقد جاءة هذا الغريب بداخل منزلة..ومعة وجهاً لوجة و بداخل حجرة نومة
وأصبح المكان يرفرف فوقة الصمت الرهيب والرعب القاتل
لم يتحرك رجائى بتاتاً لمدة طويلة وهو يحدق فى ذلك الغريب بشدة ..لا يعرف ماذا يفعل ليخرج من تلك المصيبة وهذا الكابوس الرهيب...ولم يفق من صدمتة الا مع قول هذا الغريب لة :
مش تهدء كدة وتسترجل..أمال خليت للحريم أية!!!..لما أنت بتترعب كدة وخايف منى للدرجادى..أمال بعتلى بعلو صوتك لية؟؟..أما أنت أنسان غريب بجد!!!
لملم رجائى ماتبقى من شجاعة وتماسك وبلع ريقة وهو يقول بصوت مرتعش :
بسم يسوع...بسم الاب والابن والروح القدس..بسم يسوع
أشاح ذلك الغريب بيدة فى قوة وعدم أكتراث:
ياعم رجائى...ملهوش لزمة البسملة دى..أنت كدة هتزعلنى منك...وأنت متعرفش زعلى رهيييب قد أي.هو أنا جى أقبض روحك ؟..والا جى علشان ألبسك؟..دة أنت غريب فعلاً !!!
قام رجائى من فوق سريرة وهو يحاول أن يهرب بجلدة لثانى مرة من أمام هذا العفريت..ولكن تذكر أمة ...التى كانت نائمة فى الحجرة المجاورة..فخاف عليها أن يتركها ويهرب..فأسقط فى يدة..وفكر عما يمكنة أن يفعلة مع هذا العفريت الكارثة اللى عامل ذى الشبطة اللى حتى البسملة مش نافعة معاة!!
وقبل أن يقدم على أى شىء ..سمع خبط على باب شقتة ..فللوقت أختفى الغريب من أمام رجائى..الذى ما أن شاهد هذا العفريت وهو يتلاشى كالدخان حتى صرخ صرخة أفزعت أمة من نومها..
فجرت وفتحت علية باب حجرتة لتجدة قد أغمى علية
****************************************
أفاق رجائى ..بعد فترة ليست بقصيرة ليجد أمامة أمة..وصديق عمرة صائد الذباب..وهم يبتسمون لة فى أرتياح ..فقام جالساً من رقدتى فوق فراشة وهو يتلفت حولة فى خوف ظاهر قائلاً : هو..هو راح فين؟؟
ربت الصياد على أكتاف صديقة قائلاً لة: مين دة يارجائى اللى بتدور علية هنا؟!..مافيش غيرى أنا وولدتك؟
أقتربت أمة من رأسة وهى تمسحها بزيت قد جلبتة معها فى أخر زيارة لها لدير السريان...ورشمت بالزيت علامة الصليب على جبهتة...ثم قالت لة:مالك يابنى..مالك ياحبيبى ؟؟..أنا أول مرة أشوفك كدة؟؟
ضحك الصياد وهو يقول لها: معلش ياخالتى...أحنا نسيبة دلوقتى..علشان ينام ..دة أحنا الفجر ..والدنيا لسة ضلمة..ولما يصبح الصبح..بأذن يسوع هجيلة وأقعد معاة شوية
التفت رجائى للصياد قائلاً لة : أنت جيت الساعادى لية ياصياد؟؟..حصل حاجة ؟؟
أبتسم الصياد وهو يخرج من باب حجرة رجائى قائلاً فى مرح:أصل أنا شفتك وأنت راجع قبل الفجر بتجرى..فخفت يكون فية حاجة..وأشكر ربنا ..أنى نزلت ولقيت أمك بتستنجد بى علشان حضرتك كنت مغمى عليك..سلام دلوقتى
وفعلاً خرج صائد الذباب..وأغلق الباب
التفتت الام لابنها قائلة لة: أنت كويس دلوقتى يابنى؟؟
رد قائلاً : الحمد للة ..أصل أنا باين على كنت بهلوس والا حاجة..روحى ياأمى نامى..وأنا هنام كمان
وفعلاً ذهبت الام..وأغلقت باب الحجرة ..ونام رجائى وهو ينظر للسقف..ويفكر عما حدث لة..وهل هذا كلة كان حلم؟؟.أم كان حقيقة؟..أم..أم...أم...وأستولى على رجائى التعب والارهاق فسبح فى بحر الاحلام وغرق فى النوم بسرعة
****************************
وجاء صباح جديد...وأتى الصياد لرجائى وجلسا يتحدثان
رجائى : أقفل باب الاودة ياصياد
أغلق الصياد الباب وجلس أمام رجائى الذى تلفت حولة وقد غلبتة الحيرة والدهشة ..ثم قال لصديق عمرة :أنا عارف أن الكلام اللى هقولهولك دة..صعب أو مستحيل حد يصدقة..بس أنا هقولك كل حاجة وحاول أنك تصدقنى...علشان مليش حد تانى أقدر أحكيلة..وأمى مستحيل أعرفها حاجة من اللى هقولهولك دلوقتى
رفع الصياد حاجبة فى أنتظار ما سيبوح بة صديقة..الذى بدء فعلاً وحكى كل ما حدث معة أمس ليلاً....وبعد ان أنتهى رجائى من سرد كل شىء..حتى تنهد الصياد..وهو يقول لرجائى :أنت متأكد أن شعرة كان أبيض؟؟..والا كان أحمر وناعم وواقع على عينية؟؟
حدق رجائى فى ذلك المجنون هذا الذى أتى ليكمل علية ثم قال لة : بتقول أى ياصياد؟..أنا مش فهمك....ياعم أنا بوصفلك العفريييييت تقوم أنت تتريق على وتقولى شعر أحمر والا أبيض وناعم والا خشن!!!..ياعم لو مش مصدقنى..نفضها سيرة أحسن
رد الصياد وهو يهز يدية علامة النفى قائلاً فى قوة : لا..لالا..أنا مصدقك...فعلاً أنا مصدقك من كل قلبى ومن كل عقلى ...ومن كل طحالى كمان...معلش أصل أناحبيت أفرفشك وطلعك من اللى أنت فية مش أكتر...طب سيبك من الكلام بتاعى دلوقتى..أنا بقى عايز أعرف أنت هتعمل أية؟؟
توقيع صائد الذباب :
12-05-2006, 09:41 PM #4
صائد الذباب
عضو مبارك
تاريخ التسجيل: Feb 2006
المشاركات: 351
4
رد رجائى : مش عارف...ممكن يكون العفريت دة خلاص هرب ومش هيرجعلى تانى
اقترب الصياد من صديقة قائلاً فى غموض: طب لو رجع تانى..هتعمل معاة أية ياحلو؟
طقطق رجائى برأسة للارض وهو يقول : مش عارف..بجد ياصياد مش عارف...أنت تعرف ممكن أعمل مع المصيبة دى أية..وأتصرف مع عفركوش دة أذاى؟؟
نظر الصياد لرجائى بشدة وهرش ثم قال : أسمعنى أنت بقى ياصاحبى..وأفهم الكلام اللى هقولهولك كويس
أنتبة رجائى لصديقة بشدة ..فقام الصياد من مكانة وفتح باب الحجرة ونظر خارجها حتى تأكد من عدم وجودأحد فى المنزل ..فأغلق الباب ثم أقترب من صديقة قائلاً لة بلهجة جادة ونبرة هادئة :يارجائى..الراجل الغريب اللى طلعلك أمبارح باليل دة مش عفريت ولاحتى عفركوش بتاع فيلم أسماعيل يس
وقبل أن ينطق رجائى أسكتة الصياد بيدة مكملاً : سيبنى أكمل أرجوك ياصاحبى..سيبنى أكمل
اللى طلعلك يارجائى ..هو..هو ذى ما قلك بالظبط...رئيس هذا العالم...صوت الغريب...سلطان الهاوية...حاجات كتييير قوى...اللى طلعلك من الاخر كدة هو فعلاً أبليس ذات نفسة
أضحى رجائى كالتمثال لا يتحرك بتاتاً..وبعد فترة من الوقت والصديقان صامتان يحدقان فى السراب ..حتى كسر الصمت رجائى الذى تنهد قائلاً : ياصياد..أرجوك..مش عايز تريقة ولعب بأعصابى..هو أنت علشان مش مصدقنى فى حكايتى وفاكرنى بسرح بيك أو بهتش عليك تقوم تسرح أنت كمان بعقلى وتقوللى .... اللى المجنون دة قالة
أبتسم الصياد قائلاً : أولاً ..أنا قلتلك أنى فعلاً مصدقك...هتقوللى لية أنت مصدقنى كدة علطول؟..هقولك علشان أنا كانت لى حكاية قريبة من حكايتك...بس مش وقتة تعرفها دلوقتى..ثانياً..أنت لية مش عايز تقتنع بأنة أبليس مش عفريت؟...
رد رجائى بسرعة : علشان مستحيل أبليس يكون بالشكل دة.!!.دة لو أبليس حقيقى كان شكلة أكيد حاجة متتبلعش مش راجل وبدلة وجرافتة..دة عامل ذى رجال الاعمال بتوع السيما..مش تقولى أبليس؟
رد الصياد وهو يضحك : أنت يعنى عارف شكل أبليس الحقيقى أيى؟..والا شفت شكلة قبل كدة علشان تحكم على اللى طلعلك دة؟؟....
رد رجائى : ويعنى أنت اللى شفت شكل والا عارف لابليس شكل قبل كدة..تكنش ضارب معاة صحبية وأنا معرفش ياواد ياصياد
ضحك الصديقان بشدة ...وفى قمة الضحك والقهقهة قال الصياد لصديقة : أنا فعلاً شفت أبليس بوشة المزيف وكمان لمحتة بشكلة وهيئتة الحقيقية
صمت رجائى من تلك الكلمات التى أرعبتة ثم أنفجر فى صديقة الصياد: ماشى ياصياد..أنت مش ناوى تجبها البر معايا ..!!خلاص ياعم أنت أنسى أى كلام أنا قلتهولك..وأتفضل أطلع شقتك فوق ومش عايز أشوف وشك لمدة أسبوع..قاصدى لمدة يومين..
الصياد : شفت ..أهو أنت هو اللى مش مصدقنى دلوقتى...بص يارجائى..أخر كلام أقدر أقولهولك ياصاحبى أنك لو لا قدر القدر على رأى واحد صاحبى أسمة شمروخيل وطلعلك تانى العفريت أو أبليس أو قول ذى ما تحب..أهم حاجة تخاللى بالك من كل كلامة معاك..وأوعى يارجائى يضحك عليك ولو تقوللى ساعتها ..نقدر نتصرف
خرج الصياد من عند صديقة رجائى الذى ركبة الرعب والرهبة..وأصبح يتلفت حولة كالمجنون ...ومع مرور الايام نسى رجائى كل ماحدث..بل وأقتنع بأنة كان يحلم أو يهلوس متأثراً بالحالة النفسية التى يحياها
حتى كانت ليلة من ليالى الصيف الحارة.. وكان رجائى يجلس فى نفس موضعة على كورنيش النيل بعد منتصف الليل
وكان مشغول وغائص بكل كيانة مع أفكارة القاتمة ..كان فى دنيا وعالم تانى ..يفكر فيما هو يستطيع أن يفعلة للخروج من حالة الفشل المزمن والمستمر فى حياتة..هائم مع أحلام اليقظة وكيف أنة يتمنى أن يريح والدتة وأن يرد الديون المتراكمة عليهم منذ سنوات....وحتى هذة الشقة كانت تحتاج للتجديد..لا..ليس التجديد بل تحتاج للهدم والبناء من جديد ..فكر فى كل شىء...ونظر بعين خيالة فى كل موضوع
ولكنة لم يفكر فى هذا القادم الية بهدوء وثقة ودهاء شنيع
لم يلمح الغريب ..أو يشعر بة الا عندما أصبح فوق رأسة بالضبط
وهنا رفع رجائى نظرة للخلف حتى ينظر عما يقف خلفة..فشهق عندما وقع نظرة على ذلك العفريت..
شهقة الرعب والمفاجاءة
وسقط مغمى علية.فوق كورنيش النيل وبعد منتصف الليل
************************
وغداً مع الجديد من الاحداث