شخص محترم جداً قابلنى صدفة.. واستوقفنى وسألنى: لماذا أنت متشائمة هكذا؟ لماذا ينضح كلامك وكتاباتك بسواد المستقبل؟.. هه؟، قلت: والله.. يعنى.. قاطعنى قائلاً: مش فاهم والله إيه اللى مصور لك الحاجات الغريبة اللى بتقوليها دى، سقوط الدولة.. الفوضى.. الأمن الضائع.. الاقتصاد المهدد.. ليه الكلام ده؟ ليه كده؟ خلاص يا هانم، إحنا فى عهد آخر، وفى زمن آخر.. شايفة الشارع بقى جميل إزاى؟ شايفة الناس بقت مختلفة إزاى؟ حاولت أن أستوضح معنى كلمة »إزاى«، فأكمل: آخر حلاوة وجمال ولذاذة.. قلت بتردد: هو حضرتك مش واخد بالك من الفوضى فى الشوارع وأكوام القمامة العالية، والتعديات على الأرصفة والميادين والكبارى؟ ده حتى أسفلت الشارع اتفرش بضائع وخضار وشباشب، ده الرصيف أصبح صفوفا من الأكشاك والدكاكين سيادتك قال فى بساطة شديدة: الناس فرحانة ومبسوطة ومهيصة سعداء بالثورة، وانهيار الفراعنة.. خرجوا من الكبت والحبس ثلاثين سنة، تساءلت فى هدوء متردد: هو حضرتك الالتزام بالقانون، وعدم وضع عربة «حمص الشام» فوق دماغ أسد قصر النيل، والسير عكس الاتجاه حتى فى الطريق الصحراوى، وخروج التكاتك إلى الشوارع الرئيسية.. يعتبر من وجهة نظر حضرتك قمعا وقهرا وكبتا للحريات؟
قال فى قوة: طبعاً ما هى هيه دى الطبقية اللى إحنا عاوزين نقضى عليها بعد الثورة.. ولا عشان التكاتك بتاعة الفقراء يعنى؟.. هنا بدأ صوته يعلو.. وبدأ لون العينين يميل إلى اللون البمبى.. هدأت من ثورته الثائرة القادمة بقوة، وقلت: هو أنا سيادتك لا سمح الله ضد التكاتك، ولا ضد أصحابها ولا ركابها لا سمح الله؟ ولا أنا ضد تنطيطهم وسط العربات زى العفاريت، ولا متضايقة لا قدر الله من عدم إحترامهم لأى قواعد مرور فى أى حتة؟ إطلاقاً.. أنا بس معترضة على السواقين اللى فتحوه من فوق، وعملوه «مكشوف« وده عيب برضه.. بس.. قال وهو يختبر وطنيتى وثوريتى، ويحاول أن يكشف أصولى الفلولية من عدمه: وإيه حكاية الباعة الجائلين اللى مضايقاكى قوى، فيها إيه لما تقعد «أم محمود» تبيع الفراخ والجبنة القديمة قدام مجلس الوزراء ومجلس الشعب، مش هى برضه من الشعب؟ ولا اللى جوه المجلس أحسن منها فى رأيك؟.. هنا رأيت اللون البمبى، وقد مال للإحمرار، فهتفت بحماس شديد: فشر يا أفندم أنا كل اعتراضى كان عشان هى جت من البلد من غير ما تجيب معاها مرات ابنها «محمود» لأنها قارشة ملحتها، ومش عاوزاها تبيع بيض قدام الوزارات ومجلس الوزراء، وتلطش منها الزباين الجامدين.. شغل حماوات بقى.. قال وهو ينظر لى بكثير من الشك.. شوية تدافعى عن الفاسدين، وشوية عن الملك فاروق، واللى زاد وغطى إنك بتروجى إشاعات غريبة عن الانفلات الأمنى!! يعنى كان عاجبك الشرطة قبل الثورة والافتراء بتاع الضباط، وضرب الخلق وقتلهم داخل الأقسام؟ قلت فى محاولة أخيرة لاستعادة الهدوء، حيث قد بدأ الناس يتجمعون حولنا، وكلهم عينيهم حمراء وبيزغرولى.. قلت: حضرتك مافيش اختيارات تانى غير «إنفلات أو افتراء»؟ مافيش حاجة ثالثة حلوة كده بمناسبة الأيام المفترجة دى؟.. قال بصوت جهورى أثار إعجاب المشاهدين: لا، لازم يتربوا ويتعلموا يتكلموا إزاى، ويمشوا على العجين ما يلخبطهوش، ويسمعوا الكلام ووشهم فى الأرض، ويقولوا حاضر ونعم.. قلت مندهشة: مين؟ المنفلتين يا أفندم؟ قال: لااااااااااا الشرطة طبعاً، قلت له مستدركة: طبعاً تمام.. أنا كان قصدى كده قال: حاولى يا هانم تمشى مع تيار الثورة، وبلاش ترويج كلامك التشاؤمى الانهزامى عن التقسيم وأمريكا والكلام الفارغ ده.. أمريكا دى نفعصها برجلينا، دى الفزاعة اللى استعملها النظام الفاسد القديم عشان يخوفنا.. قلت له: والله اللى خوفنى إنى سمعت واحد ما أعرفوش يتحدث عن «استفتاء للحكم الذاتى فى جنوب مصر» اتخضيت وقلت يالهوى ده الكلام ده اتقال قبل السودان ما يتفلق نصين؟ قال: لأ يا ماما.. إحنا مش السودان ولا العراق ولا لبنان ولا... ، قلت: يعنى حضرتك مش قلقان على سيناء؟ قال مندهشاً: أقلق على سيناء من مين؟ قلت له: من إسرائيل؟ قال: إسرائيل إيه وبتاع إيه؟ ما العلم خلاص وقع فى موقعة عالمية، ولو لعبت بديلها، بس الملايين اللى نزلت الميادين دى نحشدها فوراً، ونفعص إسرائيل زى الذبابة، ونرميها فى البحر.. روحى دورى لك على حزب حلو ،أدخليه وعلى رئيس لذيذ انتخبيه، خليكى متفائلة هه؟ شكرته من كل قلبى على نصائحه الغالي،ة وقررت أتفاءل وشاورت لأول توك توك، وقلت له: الحزب اللى جاى.. على اليمين بعد الإشارة وحياة والدك.
قال فى قوة: طبعاً ما هى هيه دى الطبقية اللى إحنا عاوزين نقضى عليها بعد الثورة.. ولا عشان التكاتك بتاعة الفقراء يعنى؟.. هنا بدأ صوته يعلو.. وبدأ لون العينين يميل إلى اللون البمبى.. هدأت من ثورته الثائرة القادمة بقوة، وقلت: هو أنا سيادتك لا سمح الله ضد التكاتك، ولا ضد أصحابها ولا ركابها لا سمح الله؟ ولا أنا ضد تنطيطهم وسط العربات زى العفاريت، ولا متضايقة لا قدر الله من عدم إحترامهم لأى قواعد مرور فى أى حتة؟ إطلاقاً.. أنا بس معترضة على السواقين اللى فتحوه من فوق، وعملوه «مكشوف« وده عيب برضه.. بس.. قال وهو يختبر وطنيتى وثوريتى، ويحاول أن يكشف أصولى الفلولية من عدمه: وإيه حكاية الباعة الجائلين اللى مضايقاكى قوى، فيها إيه لما تقعد «أم محمود» تبيع الفراخ والجبنة القديمة قدام مجلس الوزراء ومجلس الشعب، مش هى برضه من الشعب؟ ولا اللى جوه المجلس أحسن منها فى رأيك؟.. هنا رأيت اللون البمبى، وقد مال للإحمرار، فهتفت بحماس شديد: فشر يا أفندم أنا كل اعتراضى كان عشان هى جت من البلد من غير ما تجيب معاها مرات ابنها «محمود» لأنها قارشة ملحتها، ومش عاوزاها تبيع بيض قدام الوزارات ومجلس الوزراء، وتلطش منها الزباين الجامدين.. شغل حماوات بقى.. قال وهو ينظر لى بكثير من الشك.. شوية تدافعى عن الفاسدين، وشوية عن الملك فاروق، واللى زاد وغطى إنك بتروجى إشاعات غريبة عن الانفلات الأمنى!! يعنى كان عاجبك الشرطة قبل الثورة والافتراء بتاع الضباط، وضرب الخلق وقتلهم داخل الأقسام؟ قلت فى محاولة أخيرة لاستعادة الهدوء، حيث قد بدأ الناس يتجمعون حولنا، وكلهم عينيهم حمراء وبيزغرولى.. قلت: حضرتك مافيش اختيارات تانى غير «إنفلات أو افتراء»؟ مافيش حاجة ثالثة حلوة كده بمناسبة الأيام المفترجة دى؟.. قال بصوت جهورى أثار إعجاب المشاهدين: لا، لازم يتربوا ويتعلموا يتكلموا إزاى، ويمشوا على العجين ما يلخبطهوش، ويسمعوا الكلام ووشهم فى الأرض، ويقولوا حاضر ونعم.. قلت مندهشة: مين؟ المنفلتين يا أفندم؟ قال: لااااااااااا الشرطة طبعاً، قلت له مستدركة: طبعاً تمام.. أنا كان قصدى كده قال: حاولى يا هانم تمشى مع تيار الثورة، وبلاش ترويج كلامك التشاؤمى الانهزامى عن التقسيم وأمريكا والكلام الفارغ ده.. أمريكا دى نفعصها برجلينا، دى الفزاعة اللى استعملها النظام الفاسد القديم عشان يخوفنا.. قلت له: والله اللى خوفنى إنى سمعت واحد ما أعرفوش يتحدث عن «استفتاء للحكم الذاتى فى جنوب مصر» اتخضيت وقلت يالهوى ده الكلام ده اتقال قبل السودان ما يتفلق نصين؟ قال: لأ يا ماما.. إحنا مش السودان ولا العراق ولا لبنان ولا... ، قلت: يعنى حضرتك مش قلقان على سيناء؟ قال مندهشاً: أقلق على سيناء من مين؟ قلت له: من إسرائيل؟ قال: إسرائيل إيه وبتاع إيه؟ ما العلم خلاص وقع فى موقعة عالمية، ولو لعبت بديلها، بس الملايين اللى نزلت الميادين دى نحشدها فوراً، ونفعص إسرائيل زى الذبابة، ونرميها فى البحر.. روحى دورى لك على حزب حلو ،أدخليه وعلى رئيس لذيذ انتخبيه، خليكى متفائلة هه؟ شكرته من كل قلبى على نصائحه الغالي،ة وقررت أتفاءل وشاورت لأول توك توك، وقلت له: الحزب اللى جاى.. على اليمين بعد الإشارة وحياة والدك.