الطريق إلى النجاح


جويرية خالد : نتساءل أحيانا عن تلك العلاقة الغريبة بين النجاح والفشل، فأحدهما قد يسبب الآخر، ربما نجد الإخفاق سببا في الاهتداء إلى طريق النجاح، والعكس صحيح.. طعم النجاح ونشوة الفوز قد تسكر البعض وتحيله إلى طريق الفشل، وهناك من يتنقل بين الحالتين صعودا وهبوطا، ورغم تلك العلاقة المتشابكة يبقى الخيار في يد المرء في النهاية.

أخطاء أم تجارب؟!

هل الفشل نهاية.. أم بداية؟ لقد تناولت كتابات في علم الإدارة والتنمية البشرية تلك العلاقة، ذكر بعضها أن الفشل جزء لا يتجزأ من النجاح، وجدير بنا أن نعرض هنا نموذج المخترع الشهير توماس إديسون الذي قيل أنه جرب أكثر من 9999 محاولة فاشلة حتى توصل إلى اختراع المصباح الكهربائي، لم يعتبر محاولاته فشلا، بل تجارب أدت إلى نجاح.. رغم أن معلميه صنفوه في المدرسة وهو طفل صغير على أنه (متخلف عقليا)، هذا الطفل المتخلف في نظر أساتذته كبر وأسهم بمئات الاختراعات.
يخطئ من يقول على نفسه فاشلا لمجرد أنه أخفق.. فالفاشل الحقيقي هو من لا يكترث بتجاربه أو ينسحب من طريق بدأه.

الثقة بالنفس

إن بقينا مع توماس إديسون الذي لم يفقد الثقة بنفسه، نجده يستمد إيمانه بذاته من تلك الطاقة التي أمدته بها والدته حين أقنعته أنه يملك قدرات ذاتية، فاستمر حتى وصل... على جانب آخر هناك حولنا من انعدمت ثقتهم بأنفسهم، ولا يقتنعون بأنهم يملكون أدنى قدرات، ينسحبون من أول إخفاق أو لا يكترثون بالخطوة التالية، هؤلاء على طريق الفشل، فطريق النجاح لا يعرف من اهتزت ثقتهم بأنفسهم، ولعلها ملاحظة هامة جديرة بالتدوين حين نذكر أن هناك فارق كبير بين انعدام الثقة بالنفس وذلك الشك الذي يصيب الطامحين في أداءأفضل، فانعدام الثقة بالنفس يدعو إلى الكسل والشك في جودة الأفعال يدعو إلى العمل.

لا للتكاسل

إن كنا نتحدث عن صفات بعينها من الواجب تجنبها أثناء السعي في طريق النجاح، يأتي الكسل على رأس تلك القائمة، خصوصا إن بدأ الشخص في البحث عن تبرير موقفه بالاستدلال بإخفاقات الآخرين، أو حين يقلل من نجاح الآخرين ويرجعه إلى عوامل خارجية، ولا غرابة إن وجدنا هذا الشخص يرسم المستقبل بريشة سوداء تبرر له ألا يقدم على أي خطوة جديدة، وأن يبحث عن الحد الأدنى من الجهد المبذول (ذهني وبدني).. كل ذلك تحت عنوان واحد هو.. التكاسل.
أديسون الذي بدأنا به يقول : "أغلب التجارب الفاشلة في الحياة هي لأناس لم يدركوا أنهم كانوا قريبين جدا من النجاح".
وهكذا فاليأس والتكاسل يبعدان الإنسان عن مسار قد يوصله إلى النجاح .

أين أهدافك ؟

ما يميز الإنسان عن بقية المخلوقات هو أهدافه.. فالنملة على سموها لا تحمل آمال ولا طموحات الإنسان، وكلما قلت أهداف الإنسان (كما وكيفا) كلما قلت مرتبته بين البشر، وكما تناولنا التكاسل في السابق فان عدم وجود أهداف قد يكون سببا مشجعا على التكاسل، لذا على الشاب أن يراجع أهدافه كل فترة، ويقيمها ويصنفها إلى بعيدة المدى ومتوسطة المدى وقصيرة المدى، ليضع نفسه على الدرب الصحيح، ويقيم إخفاقاته .

علينا أن ندرك أن الإنسان الفاشل حقيقة موجودة بيننا، هو من يكرر أخطاءه لا عن حب للتجربة ولكن عن تكاسل وعدم اكتراث، تنعدم ثقته بنفسه، لا يرضى عن نفسه داخليا بسبب تكاسله، ويعود تكاسله في الغالب إلى غياب الأهداف، وكل ذلك يضفي عليه صفات غير محببة كالحقد، والحسد.. والهروب من الجدية أوالالتزام..

في النهاية يبقى طريق النجاح مفروشا بالورود التي يصنعها الإنسان بتجاربه، بعضها يحمل أشواكا، والآخر زكي الرائحة يشعره بنشوة ومتعة..ويبقى في النهاية الخيار بأيدينا.