هناك أشياء اعتاد الرجل ان يطلبها بمبررات ومقدمات واستعداد خاص قبل الحديث عنها، رغم أن هذه الأشياء من حقه تماما ولا تستحق كل هذه المقدمات والخوف والفزع وكأنه داخل قسم بوليس يطلب من الظابط قرش حشيش.


الإجازة


قانون العمل في القطاع الخاص يتيح لك 21 يوم إجازة في السنة، وفي الحكومة يتيح لك 12 شهرا إجازة في السنة ويمكن أكتر، ما علينا، المهم هنا أن للموظف إجازات ومن حقه الحصول عليها ولكن اعتاد الموظف المصري أن يعطي اسبابا لإجازته رغم أن ذلك غير مطلوب منه قانونا، كما اعتاد المصري ان يدخل بمقدمات ولف ودوران على المدير او رئيس القسم كي يحصل على حقه دون سبب منطقي لهذه الشحتفة والخوف وكأنه يشحت منه.


فلماذا يخاف الرجل وقت طلب الإجازة ولماذا يضطر أن يقول إنه عنده حالة وفاة أو رايح يخلص ورق في مصلحة حكومية أو أنه مسافر لأمر هام، رغم أنه عليه فقط ان يحدد نوع الإجازة وهل هي اعتيادي أم مرضي، أما أكثر من ذلك فغير مطلوب.


شراء الملابس


يفكر الرجل كثيرا قبل أن يخبر شريكته أنه يحتاج إلى شراء ملابس جديدة لدرجة أنه يتردد ويحرج وكأنه سيقول له أنه ينوي الزواج من امرأة أخرى، وتستمر هذه الحيرة إلى أن يأخذ الثقة في نفسه أو يجد أن الظروف مناسبة لعرض هذا الاقتراح عليها الذي عادة ما يقابل بالموافقة على مضض من المرأة ودون اقتناع لأن المرأة تستخسر كل مليم يصرفه الرجل على نفسه بعد الزواج وحتى إذا وافقت بترحاب فذلك سيكون بسبب رغبتها في شراء أشياء أخرى ولن يستطيع الرجل أن يمنعها لأنها لم تمنعه من شراء مستلزماته الشخصية.


وحتى إذا اشترى الرجل ملابسه وحده ثم جاء ليخبر خطيبته على سبيل المثال بهذه المشتريات، فلا يوجد سببا منطقيا لتلعثمه في الكلام وتردده وإبداء مبررات شراء الملابس من نوعية أصل الشغل محتاجها وأصل هدومي قدمت قوي وأصل بنطلوني القديم اتقطع.


عدم الحديث


من حقك أن تصمت وألا تتكلم وألا تخرج ما بداخلك طالما أن هذا السكوت لن يضر أحد وفي حدود حرياتك الشخصية، ولكنني أتعجب من أن هذا الحق غير معترف به في حياتنا اليومية، بل ربما الحق في الكلام معترف به أما الحق في الصمت وعدم الاختلاط بالآخرين يجلب وبالا على صاحبه.


تلاقيك قاعد ومكشر أو بتفكر أو متضايق من موقف معين أو سرحان في موضوع هام، وحد جه يقعد جنبك ويقولك "مالك يا عمرو؟ شكلك متضايق" وإذا قلت له إنك غير متضايق يبقى بتكدب عليه وعلى نفسك لأن شكلك بالفعل متضايق، وإذا قلت له "انت مال أهلك ما تسيبني في حالي وحل عن نفوخ أهلي" فبكدة انت خسرت هذا الزميل الذي يحاول أن يتدخل في خصوصياتك دون وجه حق وكأنك مجبر على أن تحكي له الشيء الذي تفكر فيه.


أتعجب كثيرا من وجود شخصيات قد لا يعطيها الفرد جزء من وقته اساسا ولكنه يفاجأ بها تأتي له وتحاول معرفه ما يحدث له وما هي خصوصياته حتى مع إصرار الفرد الأول في رفض الحديث وعدم الرغبة في الكلام، ولذلك نجد أن هذا الفرد يبدأ في سرد بعض المبررات التي تبرر صمته كي لا ينفجر في المقربين مثل "أصلي تعبان شوية" "اصلي مخنوق كدة بس الحمد لله كله تمام" "لأ أبدا مفيش حاجة أنا كويس" رغم أنه في غنى عن كل هذه المبررات ليبرر صمته لأن هذا حقه والدستور يكفل للجميع حق الصمت ولدرجة أنه جعلنا كلنا صامتون.

حبيت فيا إيه؟
اكتر سؤال خنيق في علاقة أي اتنين ببعض هو السؤال الذي عادة ما تسأله المرأة للرجل "إيه إللي عجبك فيا يا هيثم" وهنا أنت مطالب بتقديم مبررات واسباب حبك لها بل عليك أن تقول لها الأشياء التي تريد هي ان تسمعها منك، رغم أن حبك لها لا يتطلب منك أن تقدم مبررات واسباب وبراهين هذا الحب لأن كل إنسان يحب بطريقته ودائما ما يكون الحب بدون اسباب مادية لأنه مشاعر يمكن الإحساس بها ولكن ربما لا يمكن شرحها.