سؤال: إن كان السيد المسيح قد قال: "من آمن واعتمد خلص" (مرقس 16:16)، فلماذا نعمد الأطفال وهم لم يؤمنوا بعد؟ إن الأطفال لا يدركون قيمة المعمودية، ولا معنى الإيمان. فكيف يسمح لهم أن يعتمدوا؟
الإجابة:
نحن نعمد الطفل، لأن المعمودية Baptism لازمة لخلاصه.
...
وذلك حسب قول السيد المسيح إلى نيقوديموس: "الحق الحق أقول لك: إن كان أحد لا يولد من الماء والروح، لا يقدر أن يدخل ملكوت اله" (إنجيل يوحنا 5:3).
وكذلك ليصير عضواً في الكنيسة ويستفيد من روحياتها.
يستفيد من الأسرار الكنسية، ويحضر إلى الكنيسة، ويشترك في قداساتها، ويتناول.. لماذا نحرمه من كل هذا الجو الروحي وهذه الفوائد الروحية؟! ألأنه طفل؟ هوذا السيد المسيح يقول: "دعوا الأطفال يأتون إليّ ولا تمنعوهم؛ لأن لمثل هؤلاء ملكوت السموات" (أنجيل متى 14:19؛ 18: 5، متي 18: 10، مرقس 10: 15و16، لوقا 18: 15ـ17). وقدسهم الله مثلما قيل في (إرميا 1: 5) "قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من البطن قدستك". وملأهم من الروح القدس كما كتب عن يوحنا المعمدان في أنجيل لوقا (1: 15) "ومن بطن أمه يمتلئ من الروح القدس".
فإن كان السيد المسيح قد قبلهم، وقدسهم، وملأهم بروحه القدوس حتى وهم في بطون أمهاتهم! فمن يجرؤ أن يرفضهم ويرفض تعميدهم؟!
ولكن لعل المعترض يقول: ولكن الطفل لم يؤمن. والإيمان لازم للخلاص. فنقول:
الإيمان شرط للكبار، الذين يحتاجون إلى اقتناع فكري. هذا المقال منقول من موقع كنيسة الأنبا تكلا.
الكبار يحتاجون إلى كرازة، وإلى خدمة الكلمة، وإلى إقناع، لكي يقبلوا الايمان. أما الأطفال فهم يؤمنون بكل ما نقوله لهم. لا يوجد في داخلهم ما يرفض هذا الأيمان. إنهم لم يصلوا إلى سن الشك والجدال بعد.
أما الكبار فيلزم إعلان إيمانهم قبل المعمودية. بل يلزم تعليمهم قواعد الآيمان، كما كانت تفعل الكنيسة في صفوف الموعوظين الذين يؤهلون للعماد.
ولكن الأطفال نعمدهم على إيمان والديهم.
وفي الكتاب المقدس نجد أمثلة عديدة لأطفال نالوا الخلاص على ايمان والديهم، ودخلوا في عضوية الكنيسة (جماعة المؤمنين) على إيمان الوالدين أيضاً. ونذكر من بين الأمثلة:
1- خلاص الأبكار بدم خروف الفصح.
وواضح جداً أن الرمز في هذا الحادث التاريخي العظيم. فالفصح يرمز إلى السيد المسيح، حيث قال بولس الرسول: "فصحنا المسيح قد ذُبِحَ لأجلنا" (رسالة كورنثوس الأولى 7:5 – ودم الفصح يرمز إلى دم المسيح الذي به نلنا الخلاص. وقد قال الرب في سفر الخروج: "فأرى الدم وأعبر عنكم" (13:12).. وهنا نسأل:
الاطفال الذين خلصوا بدم الفصح. ماذا كان إيمانهم بالدم؟!
لا شيء طبعاً. ولكنهم خلصوا من المُهلِك بإيمان آبائهم الذين لطخوا الأبواب بالدم، مؤمنين بقول الرب، بأن هذا الدم سيخلص أطفالهم من الهلاك. وقد كان.. أكان يلزم أن نسأل كل طفل يخلص عن إيمانه بدم الفصح أولاً، وربما كان رضيعاً لا يعي..؟!
مثال آخر نذكره:
2- الإطفال الذين خلصوا بعبور البحر الأحمر من عبودية فرعون.
والرمز للخلاص واضح جداً هنا. بل إن عبور البحر الاحمر اعتبره القديس بولس الرسول معمودية (1 كورنثوس 2:10).. كل هؤلاء الآطفال عبروا البحر غالباً على أكتاف أمهاتهم وآبائهم، وهم لا يدرون شيئاً عما يحدث. أما آباؤهم فآمنوا بوعد الرب لموسى بالخلاص، وعبروا البحر في إيمان. وبإيمانهم خلص أطفالهم معهم.
مثال ثالث نذكره كذلك من جهة الأطفال وآبائهم: .
3- الإطفال الذين كانوا يختنون في اليوم الثامن.
وكان الختان رمزاً للمعمودية. وبه كان يصبح الطفل عضواً في شعب الله. وإن لم يُختَن يهلك.. فما كان الطفل يعي من كل هذا، أو بماذا كان يؤمن وهو في اليوم الثامن من عمره. أكنا لابد أن نسأله عن إيمانه بشريعة الختان كما أعطاها الرب لأبينا إبراهيم في سفر التكوين (17). أم هو يختتن بإيمان والدية، ويصير له ذلك براً، وينضم إلى شعب الله..
4- الأطفال الذين اعتمدوا ضمن أسرات بأسرها:
فقد قبل عن ليديا بائعة الأرجوان أنها اعتمدت "هي وأهل بيتها" (سفر أعمال الرسل 15:16). ولم يستثن الأطفال. وقبل عن حافظ السجن الذي آمن على يد بولس و سيلا، إنه "اعتمد في الحال، هو والذين له أجمعون" (سفر الأعمال 33:16). ألم يكن هناك أي طفل في كل هؤلاء؟! وقيل نفس الكلام عن كريسبس رئيس المجمع في كورنثوس (اعمال الرسل 8:18). ويقول بولس الرسول إنه عمَّد بيت "استفانوس" (1كو16:1). ولم يستثن ما فيه من أطفال.
وعموماً، لا توجد آية في الكتاب تمنع معموديه الأطفال.
ومع ذلك فهم عندما يكبرون سيُختبَر إيمانهم. إن ثبتوا فيه استمروا. وإن لم يثبتوا لا ينتفعون، كأي كبير اعتمد وكان مؤمناً ثم لم يثبت، ولا فارق.