إنى سأرحل يا وطن .. رسالة «مينا»
بقلم د. مصطفى النجار - المصرى اليوم
إنى سأرحل يا وطن ومعى دموع واشتياق، قد كان حلماً ها هنا واليوم يمضى لافتراق.. سطور رسالتى الأخيرة لا أعرف لمن أوجهها؟ ومن سيقبلها ومن سيرفضها؟ من يرانى شهيدا؟ أم من يرانى معتديا وخائناً؟ من يرانى مظلوما أم من يرانى ظالماً؟ إننى لا أعرف من قتلنى، هل هم المواطنون الشرفاء الذين شاركوا فى الثورة من أجل تغيير حياتهم للأفضل أم هو جيش بلدى الذى أعتز به وأفخر حامياً لأرض الوطن؟ أم هم الملثمون القناصة الذين يقنصون أرواح البشر ويختفون؟
أننى لا أدرى ما جريمتى التى سالت دمائى بسببها، لم أطمع يوماً فى منصب ولا جاه ولا مال، عشت مثل ملايين المصريين البسطاء الذين يبحثون عن راحة البال والرضا بالقليل وثرت معهم حين ثاروا على النظام المستبد، ودفعت الثمن برصاصات اخترقت جسدى، ولكنها لم تقتلنى لأفرح مع أهل بلدى بسقوط الطاغية وأحلم بالفجر الجديد.
تخيلت أن الثورة ستعيد إنسانيتى إلى ّ أنا وكل المصريين، لن يصبح بناء دور العبادة جريمة يعاقب عليها القانون، لن تصبح ترانيمى وصلواتى دليلاً على خيانتى لبلدى وعمالتى للخارج، سأعبد الله كما أريد لأننى إنسان، لم أشعر يوماً أننى مسيحى مختلف عن إخوانى المسلمين، كنت أرى نفسى دوماً مصرياً، ومصريتى قبل دينى لأن المواطنة والانتماء تسبق الدين الذى يخص كل إنسان ولا يؤثر على مواطنته فى الأرض التى ولد فيها وشرب ماءها واستظل بظلها حين نزلت للتظاهر.
لم أتظاهر غضباً لدينى الذى أعتنقه بل غضبا لوطنى الذى يعامل جزءاً من أبنائه بهذه القسوة وهذا التعنت، إننى أتظاهر دفاعاً عن حرية المعتقد وحرية أداء الشعائر، لم أنزل وحدى بل كان بجوارى أصدقائى وإخوانى المسلمون، الذين غضبوا مثلى وشاركونى تعبيرى عن رأيى.
إننى لم أتشاجر مع أحد فى حياتى أو أعتد عليه، وكلما ظلمنى أحدهم تذكرت ما تعلمته من صغرى (أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مُبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم).
إن روحى قد غادرت الآن دنياكم ولكنها ما زالت تحبكم، لأن نفسى لم تعرف يوما الكراهية بل عرفت الحب لكل البشر، روحى فداء لكم وللحرية وللإنسانية ولنصرة كل مظلوم، ولكن دمائى يجب ألا تذهب سدى بلا ثمن، لقد سامحت من قتلنى واغتال الحياة فى عيونى، ولكننى لن أسامح من سيفرط فى حق ما مت من أجله، لقد مت من أجل الإنسان، فلا تقتلوا هذا الإنسان، أعطوه حريته لكى يقول ما يريد ولكى يعتقد ما يشاء، ولكى يعبد الله أينما شاء.
لا تسألوا الآن بأى ذنب قتلت!!.. لقد قتلت لأن الثورة لم تنجح بعد فى تغيير واقعنا البائس، لقد قتلت لأن هناك عملاً كان يجب إنجازه وإتمامه، لكنه لم يتم، يا رفاق دربى أترك الأمانة بين يديكم، وأثق فى أنكم ستكملون الطريق من بعدى، أريد مصر العدل والحرية والكرامة، أريد المواطنة الحقيقية، أريد وطنا يحتضن أبناءه ولا يسحقهم، أريد وطنا يميز فيه بين الشرفاء والخونة والمخلصين والمدعين.
أنهى رسالتى بكلمات جدى المصرى سعد زغلول التى قالها عام ٢٣:
(لولا وطنية فى الأقباط وإخلاص شديد لوطنهم مصر لتقبلوا دعوة الأجنبى لحمايتهم وكانوا سيفوزون بالجاه والمناصب بدلاً من النفى والاعتقال، ولكنهم فضلوا أن يكونوا مصريين معذبين ومحرومين من المناصب والجاه يسامون الخسف ويذوقون الموت على أن يكونوا محميين بأعدائهم وأعدائكم، وصيتى فيكم أن تحافظوا على هذا الاتحاد المقدس وأن تعرفوا أن خصومكم يتميزون غيظاً كلما وجدوا هذا الاتحاد متينا فيكم، واعلموا أنه ليس هناك أقباط ومسلمون بل مصريون فقط، فاحثوا التراب فى وجه أولئك الدساسين الذين يفرقون بين مصريين ومصريين).
توقيع: شهيد مصرى
بقلم د. مصطفى النجار - المصرى اليوم
إنى سأرحل يا وطن ومعى دموع واشتياق، قد كان حلماً ها هنا واليوم يمضى لافتراق.. سطور رسالتى الأخيرة لا أعرف لمن أوجهها؟ ومن سيقبلها ومن سيرفضها؟ من يرانى شهيدا؟ أم من يرانى معتديا وخائناً؟ من يرانى مظلوما أم من يرانى ظالماً؟ إننى لا أعرف من قتلنى، هل هم المواطنون الشرفاء الذين شاركوا فى الثورة من أجل تغيير حياتهم للأفضل أم هو جيش بلدى الذى أعتز به وأفخر حامياً لأرض الوطن؟ أم هم الملثمون القناصة الذين يقنصون أرواح البشر ويختفون؟
أننى لا أدرى ما جريمتى التى سالت دمائى بسببها، لم أطمع يوماً فى منصب ولا جاه ولا مال، عشت مثل ملايين المصريين البسطاء الذين يبحثون عن راحة البال والرضا بالقليل وثرت معهم حين ثاروا على النظام المستبد، ودفعت الثمن برصاصات اخترقت جسدى، ولكنها لم تقتلنى لأفرح مع أهل بلدى بسقوط الطاغية وأحلم بالفجر الجديد.
تخيلت أن الثورة ستعيد إنسانيتى إلى ّ أنا وكل المصريين، لن يصبح بناء دور العبادة جريمة يعاقب عليها القانون، لن تصبح ترانيمى وصلواتى دليلاً على خيانتى لبلدى وعمالتى للخارج، سأعبد الله كما أريد لأننى إنسان، لم أشعر يوماً أننى مسيحى مختلف عن إخوانى المسلمين، كنت أرى نفسى دوماً مصرياً، ومصريتى قبل دينى لأن المواطنة والانتماء تسبق الدين الذى يخص كل إنسان ولا يؤثر على مواطنته فى الأرض التى ولد فيها وشرب ماءها واستظل بظلها حين نزلت للتظاهر.
لم أتظاهر غضباً لدينى الذى أعتنقه بل غضبا لوطنى الذى يعامل جزءاً من أبنائه بهذه القسوة وهذا التعنت، إننى أتظاهر دفاعاً عن حرية المعتقد وحرية أداء الشعائر، لم أنزل وحدى بل كان بجوارى أصدقائى وإخوانى المسلمون، الذين غضبوا مثلى وشاركونى تعبيرى عن رأيى.
إننى لم أتشاجر مع أحد فى حياتى أو أعتد عليه، وكلما ظلمنى أحدهم تذكرت ما تعلمته من صغرى (أحبوا أعداءكم، باركوا لاعنيكم أحسنوا إلى مُبغضيكم وصلوا لأجل الذين يسيئون إليكم).
إن روحى قد غادرت الآن دنياكم ولكنها ما زالت تحبكم، لأن نفسى لم تعرف يوما الكراهية بل عرفت الحب لكل البشر، روحى فداء لكم وللحرية وللإنسانية ولنصرة كل مظلوم، ولكن دمائى يجب ألا تذهب سدى بلا ثمن، لقد سامحت من قتلنى واغتال الحياة فى عيونى، ولكننى لن أسامح من سيفرط فى حق ما مت من أجله، لقد مت من أجل الإنسان، فلا تقتلوا هذا الإنسان، أعطوه حريته لكى يقول ما يريد ولكى يعتقد ما يشاء، ولكى يعبد الله أينما شاء.
لا تسألوا الآن بأى ذنب قتلت!!.. لقد قتلت لأن الثورة لم تنجح بعد فى تغيير واقعنا البائس، لقد قتلت لأن هناك عملاً كان يجب إنجازه وإتمامه، لكنه لم يتم، يا رفاق دربى أترك الأمانة بين يديكم، وأثق فى أنكم ستكملون الطريق من بعدى، أريد مصر العدل والحرية والكرامة، أريد المواطنة الحقيقية، أريد وطنا يحتضن أبناءه ولا يسحقهم، أريد وطنا يميز فيه بين الشرفاء والخونة والمخلصين والمدعين.
أنهى رسالتى بكلمات جدى المصرى سعد زغلول التى قالها عام ٢٣:
(لولا وطنية فى الأقباط وإخلاص شديد لوطنهم مصر لتقبلوا دعوة الأجنبى لحمايتهم وكانوا سيفوزون بالجاه والمناصب بدلاً من النفى والاعتقال، ولكنهم فضلوا أن يكونوا مصريين معذبين ومحرومين من المناصب والجاه يسامون الخسف ويذوقون الموت على أن يكونوا محميين بأعدائهم وأعدائكم، وصيتى فيكم أن تحافظوا على هذا الاتحاد المقدس وأن تعرفوا أن خصومكم يتميزون غيظاً كلما وجدوا هذا الاتحاد متينا فيكم، واعلموا أنه ليس هناك أقباط ومسلمون بل مصريون فقط، فاحثوا التراب فى وجه أولئك الدساسين الذين يفرقون بين مصريين ومصريين).
توقيع: شهيد مصرى