سلام ونعمة://
لا يناقش أحد في محبة الله لنا ، وفي أهمية محبتنا له . ولكن الشيطان قد يقدم مفهوماً خاطئاً لهذه المحبة . بحيث أنه يمكن للإنسان أن يخطئ كما يشاء ، معتمداً على محبة الله ورحمته ومغفرته ، ومعتمداً على الخلاص الذي قدمه على الصليب !
وكأن محبة الله تقود إلى الإستهتار وإلى التراخي !
حاشا ، فإن الكتاب يقول " أم تستهين بغني لطفة وإمهاله وطول أناته ، غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة . ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب ، تذخر لنفسك غضباً في يوم الغضب ... " ( رو2 : 4 ، 5 ) . ويقول أيضاً " هوذا لطف الله وصرامته . اما الصرامة فعلي الذين سقطوا . وأما اللطف فلك إن ثبت في اللطف ، وإلا فأنت أيضاً ستقطع " ( رو11 : 22 )
إن الشيطان يقدم محبة الله ، بأسلوب يضيع مخافته !
ويستغل إلى أبعد الاستغلال - بتفسير خاطئ - قول القديس يوحنا " لا خوف في المحبة . بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج " ( 1يو4 : 18 ) . وهكذا يحاول أن ينزع مخافة الله من قلوب الناس باسم المحبة ، بينما الكتاب يقول " رأس الحكمة مخافة الرب " ( مز111 : 10 ) . هنا وأستاذنكم في طبع كتاب لي عن ( مخافة الله ) ، وعلاقة هذه المخافة بالمحبة . كنت قد جهزته منذ أكثر من عام ، وأعلنت عنه ، ثم أرجأت طبعه . وفي صميمى أري نشره لازماً ، لأن كثيرين يستغلون محبة الله إستغلالاً خاطئاً يبعدون به عن الحرص الروحي ، وربما يقعون به في اللامبالاة . وكل هذا من حيل الشياطين !!
حقاً إن الله محب جداً وغفور ، ولكنه أيضاً عادل وقدوس .
وإن كان الله غير محدود في محبته ، فهو أيضاً غير محدود في عدله ، وغير محدود في قداسته . وقداسة الله لا تقبل الخطية . وعدله يعاقب عليها ...
هذا من جهة محبة الله لنا . وماذا عن محبتنا نحن الله ؟
الشيطان يصور محبتنا لله ، كمجرد مشاعر ، لا أكثر !
بينما محبتنا لله هي في مفهومها السليم ، المحبة العملية " لا نحب بالكلام ولا باللسان ، بل بالعمل والحق " ( 1يو3 : 18 ) . ومن يحب الله ، لا يخالفه ، لا يعصاه ، لا يفعل ما يغضبه . ولذلك إرتبطت محبتنا لله بطاعته وحفظ وصاياه . والرب قد قال " عن حفظتم وصاياي ، تثبتون في محبتي " ( يو15 : 10 ) ، " إن أحبني أحد يحفظ كلامي " ( يو14 : 23 ) . وقد قال القديس يوحنا الحبيب " هذه هي محبة الله ، أن نحفظ وصاياه " ( 1يو5 : 3 ) . ومحبتنا لله ، معناها أننا لا نحب العالم وكل شهواته . لأن الكتاب يقول " إن أحب أحد العالم ، فليست فيه محبة الآب " ( 1يو2 : 15 ) . ويقول أيضاً " محبة العالم عداوة لله " ( يع4 : 4 ) .
فلا يخدعنك الشيطان ويقول لك : يكفي أن تحب الله ، وافعل ما تشاء !
ويقصد تفعل ما تشاء من الأخطاء أو التقصيرات ! إن هذا فكر شيطاني ، يقصد به أنك لا تلوم نفسك على أخطائك ، وبالتالي تبقي فيها غير شاعر بأهميتها ! كما أنه يصور المحبة بمفهوم خاطئ ، كأنها مجرد مشاعر ، بلا عمل يدل عليها . وهو بهذا يهز القيم الروحية في نظرك ...
حيلة أخري من حيل الشياطين هي :
الشيطان يشن على العالم الآن حرباً فكرية ، يريد بها أن يقدم مبادئ جديدة ومفاهيم جديدة ، تخدم أعراضه التى يريدها .
وفى هذه الرب يحاول أن يهدم القيم والتقاليد ، وكل المسلمات .
يشكك الناس فيها كلها . ويتهم كل من يتمسك بالتقاليد القديمة ، بأنه رجعى أو متخلف ، أو " دقة قديمة " غير متحضر !! كما لو كان القديم سبة ينبغى التخلص منها !
إنها ثورة من الشيطان على القيم ، وعلى العقائد أيضاً .
يريد الشيطان أن يكون تياراً عاماً خاطئاً ، كل من لا يسلك بمفاهيمه ، يهاجمه المجتمع ويتهكم عليه ! حتى أصبح كثير من المسلمات موضع جدل ونقاش ! ما هى الفضيلة ؟ وما هو الدين ؟ وما هو الدين ؟ وما هى الحقوق وما هى الواجبات ؟ بل ما هى العلاقة بين الأب وإبنه فى مفهوم الحرية ؟
لقد أعطى الشيطان فى حيلنا مفهوماً منحرفاً للحرية ...
أراد فى هذا المفهوم أن يقنع الإنسان بأنه حر يفعل ما يشاء ، ويعتنق ما يشاء من أفكار أو عقائد ، وينشرها ، بلا أى قيد على الإطلاق ، مهما كانت آراؤه أو معتقداته أو تصرفاته خاطئة ، ومهما كانت خطرة على المجتمع ... ! والمعروف أن الحرية المطلقة لا يوافق عليها أحد ...
فالإنسان له أن يمارس حريته ، بحيث لا يعتدى على حريات وحقوق الآخرين ، وبحيث لا يسئ إلى المجتمع ، ولا يحطم ما فيه من قيم وأخلاقيات .
أما أن يمارس حرية بلا شروط ولا تحفظات ، فإن الحرية حينئذ ستكون مجالاً للإباحية والإستهتار ، ومجالاُ للإنحراف الفكرى ، دون ضابط ! وإن كان الله قد منح الإنسان حرية ، فإنه وضع له إلى جوار هذه الحرية وصايا ينفذها . كما أن الله سيحاسب الإنسان على مدى استخدامه لهذه الحرية ، ويعاقبه إن كان قد أساء بها إلى نفسه أو إلى غيره .
والحرية المطلقة التى يدعو إليها الشيطان ، لها أخطار سلوكية وعقائدية :
فالأخطار السلوكية نذكر كمثال لها الحرية التى أراد أن يسلك بها الهيبز والبيتلز وبعض الوجوديين الملحدين . بحيث لا مانع من أن يسيروا عراة فى الطريق العام ، أو أن يمارسوا الاشواقبلا خجل ، ويخدشوا حياء المجتمع ... ! ومثال لهذه الأخطاء أيضاً كل المناهج الإباحية ، وكل العثرات التى يصادفها المجتمع ، وتدفعه دفعاً إلى الفساد . ولا مانع عند الشيطان من ذلك ، باسم الحرية . وفى الواقع هذا خداع . فهناك مفهوم سليم للحرية من الناحية الروحية ...
فالحرية الحقيقية هى أن يتحرر الإنسان من الداخل ، من الأخطاء :
يتحرر من الشهوات والرغبات الخاطئة ، ومن العادات المسيطرة عليه التى تفقده حرية إرادته . أما إن حقق الإنسان رغباته ونزواته بكل ما فيها من انحراف ، واستمر مستعبداً لها ، خاضعاً للجسد وللمادة التى تقوده ، فماذا ستكون النتيجة إذن ؟!
حتماً إن العالم المستعبد لنزواته سيصل إلى كراهية الله الذى يقف ضد هذه النزوات . وهذه هى خطة الشيطان الماكرة !
أن يسعى إلى أن يكره الناس الله ، ويعتبرونه عدواً لهم ، لأنه يضيع حرياتهم ، ويلغى وجودهم ، ويقف ضد رغباتهم ... ! وبدلاً من أن يصححوا رغباتهم ويصيروا أنقياء ، فإنهم يتمسكون بهذه الرغبات ويعادون الله بسببها !
والشيطان أيضاً ينشر حرية بلا قيد في الفهم اللاهوتي .
بحيث أن كل إنسان يفسر الكتاب كما يشاء ، ويفهم منه ما يشاء ، وينشر ما يفهمه . وبهذا تتبلبل الأذهان وسط مفاهيم خاصة . وأمكن بهذه الحيلة أن توجد مئات المذاهب داخل المسيحية . سببها هذه الحرية الخاطئة التي يقولون فيها إن كل إنسان له حرية الإعتقاد دون الخضوع لسلطة دينية !!
إن الكنيسة لها إيمان واحد . وليست هي مجموعة متناقضات .
هذا الإيمان علم به الكتاب المقدس ، فقال " رب واحد ، إيمان واحد " ( أف4 : 5 ) . ولجمهور المؤمنين " قلب واحد ، ونفس واحدة " ( أع4 : 32 ) .
والكنيسة هي جسد واحد ، مهما تعددت أعضاؤه ، وهذا الجسد رأسه المسيح ( أف5 : 23 ) . ومادام راسها هو المسيح ، فباستمرار لها فكر المسيح ( 1كو2 : 16 ) . وفكر المسيح واحد لا تناقض فيه .
فماذا إذن عن حرية الإعتقاد ؟ ما حدودها ؟
نحن لا نعارض أن كل إنسان له حرية الإعتقاد . ومحال أن يعتقد شيئاً على الرغم منه . فالذى له اعتقاد الكنيسة يصير عضواً فى الكنيسة . ومن ليس له اعتقادها يبقى خارجاً عنها ، بكامل حريته . ويبقى للكنيسة إيمانها الواحد . والكنيسة لا تعتدى على حرية أحد ، ولا ترغمه على الأيمان . ولكن :
ليس لأحد أن يدعى عضويته فى كنيسة لا يؤمن بمعتقداتها .
وهنا يكون دفاع الشيطان عن الحرية لا معنى له . فالحرية موجودة . ولكن كل من يقبل أن يكون عضواً فى كنيسة عليه أن يلتزم بعقائدها . وهذا أمر بدهى . فإن لم يلتزم بعقائدها ، يكون قد خرج منها بإرادته . وينطبق عليه قول القديس يوحنا الحبيب " منا خرجوا . ولكنهم لم يكونوا منا . لأنهم لو كانوا منا ، لبقوا معنا " ( 1يو2 : 19 ) . نقول هذا ، لأنه باسم حرية الإعتقاد ، نجد أنه في بعض كليات اللاهوت ، في جهات كثيرة من العالم ، يدرس المحاضرون ما يشاءون دون الإلتزام بعقيدة الكنيسة التي ينتمون إليها ، أو التى يدرسون عقائدها . فيدخل الأستاذ إلى المحاضرة ، ويقول الذي يعجبه !
وهكذا وجد في بعض الكليات أساتذة لاهوت ملحدون !!
وأفلح الشيطان ، باسم الحرية الزائفة ، أن يضرب ضربته وينجح !!
أما الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية ، الملتزمة " بالإيمان المسلم لنا من القديسين " ( ية3 ) ، فلم تسمح بهذا مطلقاً ، بل كانت تحكم بحرم المبتدعين والمنحرفين وإخراجهم ، لكي تبقي الكنيسة بإيمان واحد ، تسلمه سليماً للأجيال المقبلة . وهكذا قال القديس بولس الرسول في قوة :
" إن بشرناكم نحن ، أو ملاك من السماء ، بغير ما بشرناكم به ، فليكن أناثيما " ( غل1 : 8 ) . وقال القديس يوحنا الحبيب " إن كان أحد يأتيكم ، ولا يجئ بهذا التعليم ، فلا تقبلوه في البيت ، ولا تقولوا له سلام . لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة " ( 2يو10 ، 11 ) . إنه حزم شديد من أكثر الرسل حديثاً عن المحبة .
لذلك كانت الكنيسة حريصة على الإيمان ، تدافع عنه ضد أي انحراف . ولا تقبل مطلقاً أي انحراف إيماني يدخل إلى الكنيسة باسم الحرية ! لينشر أفكاراً خاصة ... !
لذلك فإن الشيطان لا يقبل سلطان الكنيسة ، ويحارب السلطان الكهنوتي .
خذوها قاعدة ثابتة على مدي أجيال التاريخ : كل من ينحرف في عقيدته ، إذا لم يتب ، لابد أن يحارب السلطان الكهنوتي ، أي يحارب القوة التي تحكم على انحرافه بسلطان من الله ( متى18 : 18 ، يو20 : 23 ) .
ولما كان الشيطان ينشر أفكاره وانحرافاته في كل ميدان ، وليس في محاربة الكنيسة وحدها ، لذلك فقد لجأ الشيطان إلى حيلة معروفة وهي :
الوقوف ضد السلطة عموماً ، في كل مجالاتها ...
ويقصد طبعاً أن يقف ضد كل سلطة سوف لا تقبل الإنحراف أو الخطأ ، بل تحاربه وتمنعه أو تعاقبه ، وذلك لكي يستمر الخطأ ...
فهو يحارب سلطة الأب في الأسرة ، دفاعاً عن شخصيته الأبناء !
وهو يحارب سلطة المعلم في الكلية أو المدرسة ، لخلق جيل قوي !
وهو يحارب سلطة الدولة ، باسم الديمقراطية وحقوق الشعب !
وهو أيضاً يحارب سلطة الله ، لكي يشعر الإنسان بوجوده هو !
وبالتالي يحارب سلطة الإكليروس ، كوكلاء لله على رعيته ( تى1 : 7 ) .
الشيطان لا يريد وجود رقيب يضبط الأخطاء ويقومها . بينما الله يقول " قد جعلتك رقيباً ... فاسمع الكلمة من فمي ، وانذرهم من قبلي " ( حز3 : 17 ) . يريد الشيطان أن تبقي كل الأمور ، بلا ضابط ، بلا رقيب ، بحرية طائشة ، كما يقول الكتاب عن عهد القضاة : ولم يكن ملك في إسرائيل في تلك الأيام . وكان كل واحد يفعل ما يحسن في عينيه " ( قض17 : 6 ) ... كل واحد يعمل ما يعجبه ، وينشر ما يعجبه من آراء ومعتقدات . وإن وقفت ضده سلطة يهاجمها ، بل يهاجم مبدأ السلطة عموماً !! وهذه هى خطة الشيطان
لا يناقش أحد في محبة الله لنا ، وفي أهمية محبتنا له . ولكن الشيطان قد يقدم مفهوماً خاطئاً لهذه المحبة . بحيث أنه يمكن للإنسان أن يخطئ كما يشاء ، معتمداً على محبة الله ورحمته ومغفرته ، ومعتمداً على الخلاص الذي قدمه على الصليب !
وكأن محبة الله تقود إلى الإستهتار وإلى التراخي !
حاشا ، فإن الكتاب يقول " أم تستهين بغني لطفة وإمهاله وطول أناته ، غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة . ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب ، تذخر لنفسك غضباً في يوم الغضب ... " ( رو2 : 4 ، 5 ) . ويقول أيضاً " هوذا لطف الله وصرامته . اما الصرامة فعلي الذين سقطوا . وأما اللطف فلك إن ثبت في اللطف ، وإلا فأنت أيضاً ستقطع " ( رو11 : 22 )
إن الشيطان يقدم محبة الله ، بأسلوب يضيع مخافته !
ويستغل إلى أبعد الاستغلال - بتفسير خاطئ - قول القديس يوحنا " لا خوف في المحبة . بل المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج " ( 1يو4 : 18 ) . وهكذا يحاول أن ينزع مخافة الله من قلوب الناس باسم المحبة ، بينما الكتاب يقول " رأس الحكمة مخافة الرب " ( مز111 : 10 ) . هنا وأستاذنكم في طبع كتاب لي عن ( مخافة الله ) ، وعلاقة هذه المخافة بالمحبة . كنت قد جهزته منذ أكثر من عام ، وأعلنت عنه ، ثم أرجأت طبعه . وفي صميمى أري نشره لازماً ، لأن كثيرين يستغلون محبة الله إستغلالاً خاطئاً يبعدون به عن الحرص الروحي ، وربما يقعون به في اللامبالاة . وكل هذا من حيل الشياطين !!
حقاً إن الله محب جداً وغفور ، ولكنه أيضاً عادل وقدوس .
وإن كان الله غير محدود في محبته ، فهو أيضاً غير محدود في عدله ، وغير محدود في قداسته . وقداسة الله لا تقبل الخطية . وعدله يعاقب عليها ...
هذا من جهة محبة الله لنا . وماذا عن محبتنا نحن الله ؟
الشيطان يصور محبتنا لله ، كمجرد مشاعر ، لا أكثر !
بينما محبتنا لله هي في مفهومها السليم ، المحبة العملية " لا نحب بالكلام ولا باللسان ، بل بالعمل والحق " ( 1يو3 : 18 ) . ومن يحب الله ، لا يخالفه ، لا يعصاه ، لا يفعل ما يغضبه . ولذلك إرتبطت محبتنا لله بطاعته وحفظ وصاياه . والرب قد قال " عن حفظتم وصاياي ، تثبتون في محبتي " ( يو15 : 10 ) ، " إن أحبني أحد يحفظ كلامي " ( يو14 : 23 ) . وقد قال القديس يوحنا الحبيب " هذه هي محبة الله ، أن نحفظ وصاياه " ( 1يو5 : 3 ) . ومحبتنا لله ، معناها أننا لا نحب العالم وكل شهواته . لأن الكتاب يقول " إن أحب أحد العالم ، فليست فيه محبة الآب " ( 1يو2 : 15 ) . ويقول أيضاً " محبة العالم عداوة لله " ( يع4 : 4 ) .
فلا يخدعنك الشيطان ويقول لك : يكفي أن تحب الله ، وافعل ما تشاء !
ويقصد تفعل ما تشاء من الأخطاء أو التقصيرات ! إن هذا فكر شيطاني ، يقصد به أنك لا تلوم نفسك على أخطائك ، وبالتالي تبقي فيها غير شاعر بأهميتها ! كما أنه يصور المحبة بمفهوم خاطئ ، كأنها مجرد مشاعر ، بلا عمل يدل عليها . وهو بهذا يهز القيم الروحية في نظرك ...
حيلة أخري من حيل الشياطين هي :
الشيطان يشن على العالم الآن حرباً فكرية ، يريد بها أن يقدم مبادئ جديدة ومفاهيم جديدة ، تخدم أعراضه التى يريدها .
وفى هذه الرب يحاول أن يهدم القيم والتقاليد ، وكل المسلمات .
يشكك الناس فيها كلها . ويتهم كل من يتمسك بالتقاليد القديمة ، بأنه رجعى أو متخلف ، أو " دقة قديمة " غير متحضر !! كما لو كان القديم سبة ينبغى التخلص منها !
إنها ثورة من الشيطان على القيم ، وعلى العقائد أيضاً .
يريد الشيطان أن يكون تياراً عاماً خاطئاً ، كل من لا يسلك بمفاهيمه ، يهاجمه المجتمع ويتهكم عليه ! حتى أصبح كثير من المسلمات موضع جدل ونقاش ! ما هى الفضيلة ؟ وما هو الدين ؟ وما هو الدين ؟ وما هى الحقوق وما هى الواجبات ؟ بل ما هى العلاقة بين الأب وإبنه فى مفهوم الحرية ؟
لقد أعطى الشيطان فى حيلنا مفهوماً منحرفاً للحرية ...
أراد فى هذا المفهوم أن يقنع الإنسان بأنه حر يفعل ما يشاء ، ويعتنق ما يشاء من أفكار أو عقائد ، وينشرها ، بلا أى قيد على الإطلاق ، مهما كانت آراؤه أو معتقداته أو تصرفاته خاطئة ، ومهما كانت خطرة على المجتمع ... ! والمعروف أن الحرية المطلقة لا يوافق عليها أحد ...
فالإنسان له أن يمارس حريته ، بحيث لا يعتدى على حريات وحقوق الآخرين ، وبحيث لا يسئ إلى المجتمع ، ولا يحطم ما فيه من قيم وأخلاقيات .
أما أن يمارس حرية بلا شروط ولا تحفظات ، فإن الحرية حينئذ ستكون مجالاً للإباحية والإستهتار ، ومجالاُ للإنحراف الفكرى ، دون ضابط ! وإن كان الله قد منح الإنسان حرية ، فإنه وضع له إلى جوار هذه الحرية وصايا ينفذها . كما أن الله سيحاسب الإنسان على مدى استخدامه لهذه الحرية ، ويعاقبه إن كان قد أساء بها إلى نفسه أو إلى غيره .
والحرية المطلقة التى يدعو إليها الشيطان ، لها أخطار سلوكية وعقائدية :
فالأخطار السلوكية نذكر كمثال لها الحرية التى أراد أن يسلك بها الهيبز والبيتلز وبعض الوجوديين الملحدين . بحيث لا مانع من أن يسيروا عراة فى الطريق العام ، أو أن يمارسوا الاشواقبلا خجل ، ويخدشوا حياء المجتمع ... ! ومثال لهذه الأخطاء أيضاً كل المناهج الإباحية ، وكل العثرات التى يصادفها المجتمع ، وتدفعه دفعاً إلى الفساد . ولا مانع عند الشيطان من ذلك ، باسم الحرية . وفى الواقع هذا خداع . فهناك مفهوم سليم للحرية من الناحية الروحية ...
فالحرية الحقيقية هى أن يتحرر الإنسان من الداخل ، من الأخطاء :
يتحرر من الشهوات والرغبات الخاطئة ، ومن العادات المسيطرة عليه التى تفقده حرية إرادته . أما إن حقق الإنسان رغباته ونزواته بكل ما فيها من انحراف ، واستمر مستعبداً لها ، خاضعاً للجسد وللمادة التى تقوده ، فماذا ستكون النتيجة إذن ؟!
حتماً إن العالم المستعبد لنزواته سيصل إلى كراهية الله الذى يقف ضد هذه النزوات . وهذه هى خطة الشيطان الماكرة !
أن يسعى إلى أن يكره الناس الله ، ويعتبرونه عدواً لهم ، لأنه يضيع حرياتهم ، ويلغى وجودهم ، ويقف ضد رغباتهم ... ! وبدلاً من أن يصححوا رغباتهم ويصيروا أنقياء ، فإنهم يتمسكون بهذه الرغبات ويعادون الله بسببها !
والشيطان أيضاً ينشر حرية بلا قيد في الفهم اللاهوتي .
بحيث أن كل إنسان يفسر الكتاب كما يشاء ، ويفهم منه ما يشاء ، وينشر ما يفهمه . وبهذا تتبلبل الأذهان وسط مفاهيم خاصة . وأمكن بهذه الحيلة أن توجد مئات المذاهب داخل المسيحية . سببها هذه الحرية الخاطئة التي يقولون فيها إن كل إنسان له حرية الإعتقاد دون الخضوع لسلطة دينية !!
إن الكنيسة لها إيمان واحد . وليست هي مجموعة متناقضات .
هذا الإيمان علم به الكتاب المقدس ، فقال " رب واحد ، إيمان واحد " ( أف4 : 5 ) . ولجمهور المؤمنين " قلب واحد ، ونفس واحدة " ( أع4 : 32 ) .
والكنيسة هي جسد واحد ، مهما تعددت أعضاؤه ، وهذا الجسد رأسه المسيح ( أف5 : 23 ) . ومادام راسها هو المسيح ، فباستمرار لها فكر المسيح ( 1كو2 : 16 ) . وفكر المسيح واحد لا تناقض فيه .
فماذا إذن عن حرية الإعتقاد ؟ ما حدودها ؟
نحن لا نعارض أن كل إنسان له حرية الإعتقاد . ومحال أن يعتقد شيئاً على الرغم منه . فالذى له اعتقاد الكنيسة يصير عضواً فى الكنيسة . ومن ليس له اعتقادها يبقى خارجاً عنها ، بكامل حريته . ويبقى للكنيسة إيمانها الواحد . والكنيسة لا تعتدى على حرية أحد ، ولا ترغمه على الأيمان . ولكن :
ليس لأحد أن يدعى عضويته فى كنيسة لا يؤمن بمعتقداتها .
وهنا يكون دفاع الشيطان عن الحرية لا معنى له . فالحرية موجودة . ولكن كل من يقبل أن يكون عضواً فى كنيسة عليه أن يلتزم بعقائدها . وهذا أمر بدهى . فإن لم يلتزم بعقائدها ، يكون قد خرج منها بإرادته . وينطبق عليه قول القديس يوحنا الحبيب " منا خرجوا . ولكنهم لم يكونوا منا . لأنهم لو كانوا منا ، لبقوا معنا " ( 1يو2 : 19 ) . نقول هذا ، لأنه باسم حرية الإعتقاد ، نجد أنه في بعض كليات اللاهوت ، في جهات كثيرة من العالم ، يدرس المحاضرون ما يشاءون دون الإلتزام بعقيدة الكنيسة التي ينتمون إليها ، أو التى يدرسون عقائدها . فيدخل الأستاذ إلى المحاضرة ، ويقول الذي يعجبه !
وهكذا وجد في بعض الكليات أساتذة لاهوت ملحدون !!
وأفلح الشيطان ، باسم الحرية الزائفة ، أن يضرب ضربته وينجح !!
أما الكنيسة المقدسة الجامعة الرسولية ، الملتزمة " بالإيمان المسلم لنا من القديسين " ( ية3 ) ، فلم تسمح بهذا مطلقاً ، بل كانت تحكم بحرم المبتدعين والمنحرفين وإخراجهم ، لكي تبقي الكنيسة بإيمان واحد ، تسلمه سليماً للأجيال المقبلة . وهكذا قال القديس بولس الرسول في قوة :
" إن بشرناكم نحن ، أو ملاك من السماء ، بغير ما بشرناكم به ، فليكن أناثيما " ( غل1 : 8 ) . وقال القديس يوحنا الحبيب " إن كان أحد يأتيكم ، ولا يجئ بهذا التعليم ، فلا تقبلوه في البيت ، ولا تقولوا له سلام . لأن من يسلم عليه يشترك في أعماله الشريرة " ( 2يو10 ، 11 ) . إنه حزم شديد من أكثر الرسل حديثاً عن المحبة .
لذلك كانت الكنيسة حريصة على الإيمان ، تدافع عنه ضد أي انحراف . ولا تقبل مطلقاً أي انحراف إيماني يدخل إلى الكنيسة باسم الحرية ! لينشر أفكاراً خاصة ... !
لذلك فإن الشيطان لا يقبل سلطان الكنيسة ، ويحارب السلطان الكهنوتي .
خذوها قاعدة ثابتة على مدي أجيال التاريخ : كل من ينحرف في عقيدته ، إذا لم يتب ، لابد أن يحارب السلطان الكهنوتي ، أي يحارب القوة التي تحكم على انحرافه بسلطان من الله ( متى18 : 18 ، يو20 : 23 ) .
ولما كان الشيطان ينشر أفكاره وانحرافاته في كل ميدان ، وليس في محاربة الكنيسة وحدها ، لذلك فقد لجأ الشيطان إلى حيلة معروفة وهي :
الوقوف ضد السلطة عموماً ، في كل مجالاتها ...
ويقصد طبعاً أن يقف ضد كل سلطة سوف لا تقبل الإنحراف أو الخطأ ، بل تحاربه وتمنعه أو تعاقبه ، وذلك لكي يستمر الخطأ ...
فهو يحارب سلطة الأب في الأسرة ، دفاعاً عن شخصيته الأبناء !
وهو يحارب سلطة المعلم في الكلية أو المدرسة ، لخلق جيل قوي !
وهو يحارب سلطة الدولة ، باسم الديمقراطية وحقوق الشعب !
وهو أيضاً يحارب سلطة الله ، لكي يشعر الإنسان بوجوده هو !
وبالتالي يحارب سلطة الإكليروس ، كوكلاء لله على رعيته ( تى1 : 7 ) .
الشيطان لا يريد وجود رقيب يضبط الأخطاء ويقومها . بينما الله يقول " قد جعلتك رقيباً ... فاسمع الكلمة من فمي ، وانذرهم من قبلي " ( حز3 : 17 ) . يريد الشيطان أن تبقي كل الأمور ، بلا ضابط ، بلا رقيب ، بحرية طائشة ، كما يقول الكتاب عن عهد القضاة : ولم يكن ملك في إسرائيل في تلك الأيام . وكان كل واحد يفعل ما يحسن في عينيه " ( قض17 : 6 ) ... كل واحد يعمل ما يعجبه ، وينشر ما يعجبه من آراء ومعتقدات . وإن وقفت ضده سلطة يهاجمها ، بل يهاجم مبدأ السلطة عموماً !! وهذه هى خطة الشيطان
Click this bar to view the full image. |