لعسكر و«عريان بن فلتكان»
بقلم علاء الغطريفى - المصرى اليوم
فى نهاية نهار طويل فى أحد أيام ديسمبر ٢٠١٢، رئيس مجلس الشعب يرفع الجلسة بعد موافقة حزب الأغلبية على التمديد للعسكر ليظلوا فى السلطة فى بلاد «تحريرستان»، فبعد جلسات وجلسات رفعت فيها الأحذية ونتفت فيها الذقون، وتداخلت فيها هتافات «الله أكبر ولله الحمد» مع شعار الأغلبية «الإسلام هو الحل»، انتهى السجال بهتافات «النواب والجيش إيد واحدة» مع لافتة كبيرة خلف المقاعد تشابه لافتات الثكنات العسكرية نصها «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة».
قاد «عريان بن فلتكان»، زعيم الأغلبية، فريقه بالإشارة والعين والحاجب، مع كلمات مأثورات عن الغزوات المباركة للعسكر، ليصفق الجميع بعد غمزة منه، واسترسل فى حديثه ليقف واحد من الفلول صارخاً بأعلى صوته «الجنرال حامى الثورة هو سيف الثورة المسلول.. إنه خالد بن الوليد الألفية الثالثة»، يفتح «فل آخر» فاه، ليسأل جاره السلفى «مين خالد بن الوليد ده؟» فيرد «خسئت ألا تعرف من إسلامك شيئاً .. لا بأس، تعالى إلى درس الشيخ (الكوينى) ليعلمك دينك».
يخرج ليبرالى وآخر يسارى يهتفان فى القاعة «يسقط حكم العسكر»، ولكن يسكتهما رئيس البرلمان «الليبرالى» بتاع الصفقات، ويسمح لأحد صقور الإسلاميين بالكلمة فيسم الله ويبدأ حديثه قائلاً «لا يولى عليكم سوى تقى»، وهؤلاء - مشيراً إلى صورة فى يده تضم قادة الفيالق الرئيسية العشرة - «سيماهم على وجوههم من أثر السجود» إنهم الأتقياء الأنقياء، الذين سيقيمون الأمر بالقسط، وينشرون شرع الله.
القاعة الملتهبة بالضجيج، يطلب منها رئيس المجلس الهدوء مستخدماً مطرقته الكلاسيكية، ويعلو صوت أذان المغرب، فلم تتوقف المشاحنات والملاسنات، يقف على مقعد أحد الأقباط المنتمين لحزب الأغلبية ليذكرهم بالصلاة، فيعلو صوت أحدهم بالأذان ليُسكت القاعة لكن لم تفلح محاولاته، ويردد وكيل المجلس قائلاً «العمل عبادة» ويعلو صوته بوصايا الإمام الشهيد عن العمل وفائدته للمسلم، لتستمر الجلسة.
يجلس فى الصف الأمامى «فل» من «ترزية» القوانين، ليتحدث عن قانونية المد، ويعدد المآثر للتمديد لأن البلاد بدونه ستكون فى «مهب الريح»، تصفق القاعة بعد إشارة من «عريان بن فلتكان»، مع استهجان من نواب المعارضة الذين يشيرون إلى نواب الأغلبية بأنهم خانوا دم الشهداء. المانشيتات فى صحف اليوم التالى ما بين موالية ومنتقدة، جريدة «الأفلام» تكتب على صفحتها الأولى «البرلمان يختار الاستقرار ويرفض الفوضى»، و«الأحبار» ألغت صفحتها الأولى لتستبدلها بفراغ أبيض يتوسطه باللون الأحمر عنوان عريض «الشعب ينتصر للشعب»، وفى صحيفة «الحنجورية» الموالية يخرج المانشيت مدعوماً باستطلاع رأى لمركز الدراسات «الكيماوية والليمفاوية» يؤيد فيه ٩٩% من المواطنين حكم العسكر، مع تصريح من الدكتور «كمال القواد» مدير المركز.
وفى الصحف الخاصة تراوحت العناوين بين النكسة والخيانة، والتهبت الصفحات بالمقالات النارية عن الثورة التى سرقها العسكر.
النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى يتحللون كعادتهم من لباس الحياء، لتجد الحاء والخاء فى كلماتهم مع دعوات بالإضراب العام لإسقاط حكم العسكر بعنوان «لا للتمديد.. لا للعسكر»، وينعتون أعضاء حزب الأغلبية بأوصاف كل ما يركبه بنو البشر!!
وتتزايد الأجواء سخونة، وتعتقل السلطات الكاتب «ولاء الأصفهانى» و«مغوار على حسين» بتهمة التحريض، ويخرج وزير إعلامهم ليقنن تكميم الأفواه، ومعه طبلته المفضلة وفرقته الماسية على غرار الإخراج الناجح لملحمة «تشرين الأول».
الشارع يغلى والمخلصون يتوجهون لميدان الاستقلال، ليبدأوا ثورة جديدة، ومعهم صور الطغاة مقتولون ومنفيون ومعتقلون، مع مزابل جديدة وضعوا فيها صوراً للمتمددين - من التمديد - ومعها بالطبع صور الانتهازيين الكارهين معنى الحرية.
كلمة أخيرة: ما قرأته سابقاً خيال مريض لكاتب كاره للاستقرار ويسعى للفوضى وبيحب إعلانات «استرجل».
منقووول
بقلم علاء الغطريفى - المصرى اليوم
فى نهاية نهار طويل فى أحد أيام ديسمبر ٢٠١٢، رئيس مجلس الشعب يرفع الجلسة بعد موافقة حزب الأغلبية على التمديد للعسكر ليظلوا فى السلطة فى بلاد «تحريرستان»، فبعد جلسات وجلسات رفعت فيها الأحذية ونتفت فيها الذقون، وتداخلت فيها هتافات «الله أكبر ولله الحمد» مع شعار الأغلبية «الإسلام هو الحل»، انتهى السجال بهتافات «النواب والجيش إيد واحدة» مع لافتة كبيرة خلف المقاعد تشابه لافتات الثكنات العسكرية نصها «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة».
قاد «عريان بن فلتكان»، زعيم الأغلبية، فريقه بالإشارة والعين والحاجب، مع كلمات مأثورات عن الغزوات المباركة للعسكر، ليصفق الجميع بعد غمزة منه، واسترسل فى حديثه ليقف واحد من الفلول صارخاً بأعلى صوته «الجنرال حامى الثورة هو سيف الثورة المسلول.. إنه خالد بن الوليد الألفية الثالثة»، يفتح «فل آخر» فاه، ليسأل جاره السلفى «مين خالد بن الوليد ده؟» فيرد «خسئت ألا تعرف من إسلامك شيئاً .. لا بأس، تعالى إلى درس الشيخ (الكوينى) ليعلمك دينك».
يخرج ليبرالى وآخر يسارى يهتفان فى القاعة «يسقط حكم العسكر»، ولكن يسكتهما رئيس البرلمان «الليبرالى» بتاع الصفقات، ويسمح لأحد صقور الإسلاميين بالكلمة فيسم الله ويبدأ حديثه قائلاً «لا يولى عليكم سوى تقى»، وهؤلاء - مشيراً إلى صورة فى يده تضم قادة الفيالق الرئيسية العشرة - «سيماهم على وجوههم من أثر السجود» إنهم الأتقياء الأنقياء، الذين سيقيمون الأمر بالقسط، وينشرون شرع الله.
القاعة الملتهبة بالضجيج، يطلب منها رئيس المجلس الهدوء مستخدماً مطرقته الكلاسيكية، ويعلو صوت أذان المغرب، فلم تتوقف المشاحنات والملاسنات، يقف على مقعد أحد الأقباط المنتمين لحزب الأغلبية ليذكرهم بالصلاة، فيعلو صوت أحدهم بالأذان ليُسكت القاعة لكن لم تفلح محاولاته، ويردد وكيل المجلس قائلاً «العمل عبادة» ويعلو صوته بوصايا الإمام الشهيد عن العمل وفائدته للمسلم، لتستمر الجلسة.
يجلس فى الصف الأمامى «فل» من «ترزية» القوانين، ليتحدث عن قانونية المد، ويعدد المآثر للتمديد لأن البلاد بدونه ستكون فى «مهب الريح»، تصفق القاعة بعد إشارة من «عريان بن فلتكان»، مع استهجان من نواب المعارضة الذين يشيرون إلى نواب الأغلبية بأنهم خانوا دم الشهداء. المانشيتات فى صحف اليوم التالى ما بين موالية ومنتقدة، جريدة «الأفلام» تكتب على صفحتها الأولى «البرلمان يختار الاستقرار ويرفض الفوضى»، و«الأحبار» ألغت صفحتها الأولى لتستبدلها بفراغ أبيض يتوسطه باللون الأحمر عنوان عريض «الشعب ينتصر للشعب»، وفى صحيفة «الحنجورية» الموالية يخرج المانشيت مدعوماً باستطلاع رأى لمركز الدراسات «الكيماوية والليمفاوية» يؤيد فيه ٩٩% من المواطنين حكم العسكر، مع تصريح من الدكتور «كمال القواد» مدير المركز.
وفى الصحف الخاصة تراوحت العناوين بين النكسة والخيانة، والتهبت الصفحات بالمقالات النارية عن الثورة التى سرقها العسكر.
النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعى يتحللون كعادتهم من لباس الحياء، لتجد الحاء والخاء فى كلماتهم مع دعوات بالإضراب العام لإسقاط حكم العسكر بعنوان «لا للتمديد.. لا للعسكر»، وينعتون أعضاء حزب الأغلبية بأوصاف كل ما يركبه بنو البشر!!
وتتزايد الأجواء سخونة، وتعتقل السلطات الكاتب «ولاء الأصفهانى» و«مغوار على حسين» بتهمة التحريض، ويخرج وزير إعلامهم ليقنن تكميم الأفواه، ومعه طبلته المفضلة وفرقته الماسية على غرار الإخراج الناجح لملحمة «تشرين الأول».
الشارع يغلى والمخلصون يتوجهون لميدان الاستقلال، ليبدأوا ثورة جديدة، ومعهم صور الطغاة مقتولون ومنفيون ومعتقلون، مع مزابل جديدة وضعوا فيها صوراً للمتمددين - من التمديد - ومعها بالطبع صور الانتهازيين الكارهين معنى الحرية.
كلمة أخيرة: ما قرأته سابقاً خيال مريض لكاتب كاره للاستقرار ويسعى للفوضى وبيحب إعلانات «استرجل».
منقووول