سلام ونعمة://
أقوال رسولية تشهد
على أن المسيح هو الله
19- عندما يتحدث الرسول عن المسيح يقول:"الذي اراد في اجيال اخر لم يعرفه بنو البشر على النحو الذي اعلن الآن لقديسيه..الذين اراد الله أن يعرفهم ما هو غني مجد هذا السر في الامم، الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد الذي ننادي به"(أفسس 3 : 5-كولوسي1 : 26-27)فاذا كان المسيح انساناً لبس اللاهوت وليس الله بالحقيقية-فكيف يصبح هو نفسه "غنى مجد السر"الذي يبشر به للامم؟ أو كيف يمكن أن يقال أن الرسول بشر بالله بالمرة؟!
20- "فاني اريد أن تعلموا أي جهاد لي لأجلكم لأجل الذين في لاودوكية وجميع الذين لم يروا وجهي في الجسد، لكي تتعزى قلوبهم مقترنة في المحبة بكل غنى يقين الفهم لمعرفة سر الله والمسيح"(كولوسي 2 : 1-2). وها هو يسمى سر الله، سر المسيح ويتمنى لمن يكتب اليهم أن يكون عندهم "يقين الفهم" لمعرفته. فما هي حاجة الذين يريدون معرفة سر المسيح إذا كان الله حل في انسان؟..لكنهم يحتاجون إلى "غنى يقين الفهم" لكي يعرفوا أن الله الكلمة تجسد.
21- "لأنه منكم اذيعت كلمة الرب ليس في مكدونية واخائية فقط بل في كل مكان ايضاً قد ذاع ايمانكم بالله حتى لم يعد لنا حاجة أن نتكلم.."(تسالونيكي 1 : . وها هو الرسول يذكر أن ايمانهم هو ايمان الله، بينما يقول المسيح:"من يؤمن بي فله الحياة الابدية"(يوحنا 6 : 47).كما أن الكلمة التي يبشر بها الرسول هي كلمة الرب أي المسيح.
22- "لأنكم انتم أيها الاخوة تعلمون دخولنا اليكم انه لم يكن باطلاً، بل بعد ما تألمنا قبل وبغى علينا كما تعلمون في فيلبي بشجاعة في الهنا تكلمنا معكم بانجيل الله"(1تسالونيكي 2 : 1-2). وعندما يقول الرسول انه تحدث بشجاعة "في الهنا" فانه يوضح من هو هذا الاله فهو الذي كرز في بشارة انجيل الله الذي يبشر الامم أي المسيح.
23- "فانكم أيها الاخوة تذكرون تعبنا وكدنا اذ كنا نكرز لكم بإنجيل الله ونحن عاملون ليلاً ونهاراً كي لانثقل على احد منكم" وايضاً"من اجل ذلك نحن ايضاً نشكر الله بلا انقطاع لانكم اذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لاككلمة اناس بل كما هي في الحقيقة ككلمة الله التي تعمل ايضاًفيكم انتم المؤمنين"(1تسالونيكي 2 : 9-13).ألا يقول الرسول صراحة أن كلمة المسيح هي انجيل الله وانها كلمة الله ايضاً؟!أليس هذا ظاهراًبكل وضوح للجمتع.
24- "لانه قد ظهرت نعمة الله مخلصنا لجميع الناس معامة ايانا أن ننكر الفجور والشهوات..منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا.يسوع المسيح"(تيطس 2 : 11-13). هنا جهراً يوصف الرب يسوع بانه "الله العظيم"، ذلك الذي ننتظر مجيئه المجيد فنصلي بحرارة ونعيش بالتقوى وبدون عيب. ولو كان المسيح انساناً لبس اللاهوت فكيف يسمى "الله العظيم"؟ وكيف يكون رجاؤنا فيه مباركاً؟ والنبي ارميا يقول "ملعون هو الرجل الذي يتكل على انسان"(17 : 5). ولو كان المسيح قد لبس اللاهوت فهذا لايجعله الهاً. وقياساًعلى ذلك لو دعونا كل من حل فيهم الله آلهة..فماذا يمنعنا من عبادتهم؟ لكن الرسول بولس يسمي المسيح:الله والعظيم، وان مجيئه مبارك. وبولس ايضاًفال لليهود عن عمانوئيل:"الذين منهم الآباء والعهد والمواعيد، ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكلالله المبارك إلى الأبد"(رومية9 : 4-5) ولقد كرز بولس بإعلان الهي..وهذا واضح اذ يقول هو نفسه:"وبعد اربعة عشر سنة صعدت إلى اورشليم مع برناباواخذت تيطس معي. ولقد صعدت بإعلان عليهم الانجيل الذي اكرز به، لكن عرضته على انفراد على المعتبرين لئلا اكون اسعى أو قدسعيت باطلاً"(غلاطية 2 : 1-2). ونحن نعلم أن بولس بشر بالمسيح للامم كإله، وفي كل مكان كان يتحدث عن سر المسيح مسمياً اياه بالسر العظيم الألهي. لقد صعد إلى اورشليم بموجب اعلان الهي، وعرض بشارته على المعتبرين أي الرسل القديسين والتلاميذ لئلا يكون قد سعى باطلاً. وعندما نزل من اورشليم واخذ يبشر الامم لم يصبح تعليمه ولم يغير بشارته التي سبقت صعوده اورشليم. ألم يستمر في الاعتراف بالمسيح الاله؟ بكل تأكيد، حتى انه يكتب قائلاً:"اني اتعجب من انكم تنتقلون هكذا سريعاًعن الذي دعاكم إلى انجيل آخر. ليس هو آخر، غير انه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحولوا انجيل المسيح"ثم يضيف:"لكن أن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم به فليكن اناثيما"(غلاطية 1 : 6-7). ورغم أن الله حل في كل الذين بشرهم (بولس) إلاانهم تركوا كل شيء. ما سبب ذلك إلا أن الرسول كرز لهم بالمسيح الاله وحده؟!!.
25- كتب يوحنا الانجيلي عن المسيح:"وعندما كان في اورشليم في العيدآمن به كثيرون باسمه اذ رأوا الآيات التي صنع، لكن يسوع لم يأتمنهم على نفسه لانه كان يعرف الجميع ولانه لم يكن محتاجاً أن يشهد احد عن الإنسان لانه علم ماكان في الإنسان"(يوحنا 2 : 23-25). لوكان المسيح انساناًلبس اللاهوت الا يكون الذين آمنوا به وباسمه في اورشليم قد خدعوا؟ كيف عرف وحده ما في الإنسان؟ لان الله وحده هو الذي يعرف الإنسان لانه هو"الذي يصور القلوب واحداً فواحداً"(مزمور 33 : 15). ولماذا هو وحده يغفر الخطايا؟ فهو يقول:"ابن الإنسان له سلطان على الارض أن يغفر الخطايا"(متى 9 : 6).ولماذا هو وحده دون باقي الخلائق يجلس مع الآب على عرشه؟ لماذا تعبده الملائكة وحده؟ ولماذا علمنا أن نعتبر الآب "آبانا السماوي" لكنه تحدث عنه بطريقة خاصة وحده ومختلفة عن الطريقة التي علمنا اياها؟!.
ربما قال احد ما أن كل ما ذكرته من براهين يجوز أن تستخدم في مجال حلول الكلمة (في انسان). ولو كان الامر كذلك لكان على الكلمة أن يبدأ كلامه كما يبدأ الانبياء الذين حل فيهم الكلمة ويقول:"هكذا يقول الرب"، ولكنه لم يفعل، بل عندما شرع في وضع الشريعة التي هي اسمى من الناموس اشهر سلطانه كمشرع للناموس وقال:"أما أنا فاقول لكم"(متى 5 : 22و32و34و39و44).
وكيف يقول انه حر وليس مديوناًلله (متى 17 : 26)؟..السبب في ذلك هو انه الابن بالحقيقة. ولو كان انساناً لبس اللاهوت، لن يكون بطبيعته حراً ولان الله بطبيعته حر فهو وحده الذي يطلب الديون في الوقت المناسب.
وإذا كان المسيح هو غاية الناموس والانبياء، وقيل عنه انه انسان لبس اللاهوت -ألا يعطي هذا فرصة للبعض أن يقولوا في سخرية، أن غاية الناموس وبشارة الانبياء ادت في النهاية إلى ذنب عظيم وهو عبادة انسان؟.
لقد حدد الناموس عبادتنا لله على النحو التالي:"للرب الهك تسجد ةاياه وحده تخدم"(تثنية 6 : 13-متى 4 : 10). ولقد كان الناموس مؤدبنا وقائدنا إلى المسيح، والى معرفة اكثر سمواً من تلك التي حصل عليها الذين عاشوا في الظلال ( ) وعبادتنا لله ليست شيئاً يستهان به حتى اننا نعبد بدلاًمنه انساناً حل الله فيه. وعلى ذلك ايهما افضل بالنسبة للايمان، طالما أن المسألة هي مجرد حلول الله، هل الافضل أن يحل الله في السماء أم يحل في إنسان؟ ايهما اشرف طالما أن المسألة هي مجرد حلول، أن يحل الله في السيرافيم أم في جسد بشري ارضي؟( ).ولو كان(المسيح) انساناً لبس اللاهوت فما معنى القول:"شاركنا في اللحم والدم"(عبرانيين 2 : 14). كيف يتحقق هذا لو كان اللاهوت قد حل في انسان؟ هل يكفي الحلول لان يصبح (الكلمة) مشاركاً ايانا اللحم والدم. ولو كانت مشاركته اللحم والدم تجعل منه انساناً على النحو الذي يفهمه المعارضون للايمان، فالله حل في قديسين كثيرين، وهذا يعني انه لم يتجسد مرة واحدة بل ينطل الخطية بذبيحة نفسه"(عبرانيين 9 : 26). فلو كان الرأي المعارض صحيحاً، فكيف تبشرنا الكتب الالهية بمجيء واحد الكلمة؟.
26- لو كان المسيح انساناً حل فيه اللاهوت، فانه يصبح مجرد هيكل الله. وفي هذه الحالة علينا أن نسأل كيف يسكن فينا المسيح إذاً؟هيكل يسكن هياكل، هل هذا معقول؟! أم معقول انه هو الله الساكن فينا نحن هياكله بالروح؟!
لو كان المسيح انساناً لبس اللاهوت فلماذا يكون جسده وحده واهب الحياة بصورة دائمة؟!..
لو كان مجرد حلول اللاهوت يؤدي إلى هذا لنالت هذا الامتيازاجساد القديسين الذين حل فيهم الله ضابط الكل. وبولس الالهي يكتب في موضع آخر:"الذي يحتقر ناموس موسى فعلى شاهدين أو ثلاثة يموت بدون رحمة، فكم عقاباًاشر تظنون انه يحسب مستحقاً من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قدس به دنساً؟!"(عبرانيين 10 : 28-29). والناموس الذي تكلم به الانبياء هو الهي والوصايا اعطيت عن طريق الملائكة. فكم عقاباً اشر يستحق ذاك الذي يدنس دم المسيح؟.وما هي افضلية الايمان بالمسيح عن العبادة حسب الناموس؟.ولماذا يكون العقاب اشر لو أن هناك مساواة بين الاثنين؟.لقد قلنا سابقاً أن المسيح ليس مثل باقي القديسين حل فيه اللاهوت. بل هو الله بالحقيقة ومجده اسمى من مجد العالم كله لانه بالطبيعة الله، فهو كلمة الله الآب الذي تجسد وصار انساناً كاملاً. ونحن نؤمن أن الجسد الذي اتحد به، فيه نفس عاقلة، ولهذا فالاتحاد كامل وحقيقي.
27- كيف يجب أن يفهم أن الكلمة تجسد وسكن فينا؟ وكيف نزل الينا كلمة الله؟. وماذا يجب أن نقول عن الجسد الذي هو جسده؟.يذكر الرسول بولس المبارك أن الابن الوحيد امسك بنسل ابراهيم وانه اشترك في اللح والدم وصار مثلنا(راجع عبرانيين2 : 14-16).ونحن نذكر ايضاً صوت يوحنا القائل:"والكلمة صار جسداً وسكن فينا"( )(يوحنا1 : 14).فهل قصد هؤلاء الرجال الروحيون أن يعلمونا أن كلمة الله صار جسداً أي تغير؟.وهل من الصواب أن نعتقد أن الكلمة يمكن أن يتغير مثل المخلوقات؟.لو كان هذا هو قصد هؤلاء لتعين علينا أن نفترض اما أن يأتي الكلمة بارادته الحرة ويتغير إلى طبيعة اخرى، أو أن يرغمه آخر على قبول طبيعة اخرى..وكلا الافتراضيين لايظهران في النصوص الالهية.
حاشا لله أن يتغير لان طبيعته لايقبل أي تغيير، بل ليس فيها حتى ظل التغيير(يعقوب1 : 17)، وطبيعته الالهية السمائية قائمة على مالها من صفات لايمكن أن تتغير ابداً.
كيف إذا تجسد الكلمة؟ هذا ما نحتاج إلى معرفته..:
اولاً:ان الاسفار الالهية غالباًما تسمى الإنسان كله جسداً، أي تسمى الكل باسم الجزء..فيشلر تارة إلى الإنسان كله باسم الجسد، وتارة الإنسان بالنفس وحدها، كما هو مكتوب:"ويبصر كل جسد خلاص الله"(لوقا3 : 9).وكذلك بولس الالهي الناطق بالالهيات يقول:"لم استشر لحماً ودماً"(غلاطية 1 : 16).وموسى شارح الاسفار الالهية وستين الاسرائيليين:"والذين نزلوا إلى مصر من آبائكم كانوا خمسة وستين نفساًتثنية 10 : 23).ولايستطيع احد أن يقول أن الذين نزلوا إلى مصر هو نفوس عارية بلا اجساد، أو أن الاجساد بلا نفوسها هي التي سيعطيها الله بغنى من خلاصه ( ).لذلك عندما نسمع أن الكلمة صار جسداً فلنعتقد انه تجسد وصار انساناً له نفس وجسد.لان الكلمو الله تجسد وصار انساناًكاملاً ودعى ابن الإنسان لان له نفساً وعقلاً، واتحد بكل مكونات الإنسان اتحاداًحقيقياً بطريقة يعرفها هو وحده.
أن كيفية الاتحاد هي فوق عقولنا.واذا اراد احد ما مثالاعلى ما نقول، وهو مثال اقرب لمن ينظر في مرآة لا لمن يتطلع إلى ذات الشيء فاننا نقول أن الكلمة اتحد بجسد له نفس عاقلة مثل اتحاد نفس الإنسان بجسده.ورغم أن الجسد من طبيعة اخرى مختلفة عن طبيعة النفس إلاان النفس تشترك مع الجسد وتتحد به حتى انها لاتبدو مختلفة عنه ولذلك فان الإنسان من الطبيعة المركبة، كائن حي واحد,إلا اننا نعرف أن النفس-كما قلت سابقاً-تظل مختلفة بطبيعتها.ولذلك نقول أن التجسد تمليس بالتبديل أو التغيير في طبيعة الكلمة، لانه عندما صار جسداً لم يفقد خواص لاهوته. كيف يمكن أن يحث هذا؟انما تجسد الكلمة بان اتخذ جسداً من امرأة واتحد به في احشائها وولد هو نفسه وبعينه الله المتجسد دون أن يفقد بالمرة ميلاده غير المنطوق به من الله الآب، عندما ولد من امرأة. ولما تجسد سمح لجسده أن يتكون حسب القوانين الخاصة بالجسد، وأنا اقصد طريقة الميلاد والنمو.إلا أن الطبيعة البشرية لها فيه شيء خاص، فهو قد ولد من عذراء..وهو وحده الذي له أُم لم تعرف الزوج ( ). وإذا قال يوحنا انه صار جسداً فقد اضاف:"وسكن فينا" لكي يعلن انه بالتجسد وسكناه فينا لم يفقد شيئاً ما من خواصه بل ظل كما هو.
وإذا قال يوحنا انه (الكلمة)، سكن(اوحل) فاننا نفهم من ذلك انه آخر سكن في آخر، أي سكنت الطبيعة الالهية في البشرية دون أن يحدث امتزج أو اختلاط أو تغيير ( ) إلى ما ليس هو من طبيعته (الكلمة).
والذي يحل في ىخر لايتحول إلى (طبيعة) الآخر الذي يحل فيه ولايصبح مثله..لانه إذا حدث هذا لايبقى أي مجال للحديث عن الحلول القائمة تظل كما هي، لكن المسيح الواحد هو منهما محتفظاً بالتمام -كما قلت سابقاً- بعدم الاختلاط( )، لان يوحنا يقول "سكن فينا"، وهذا يعني أن يوحنا يؤكد أن الابن الوحيد المتجسد الذي صار انساناً هو هو الابن الواحد.وأنا ارجو أن تفهموا كيف يتوج الانجيلي الالهي بحكمة، الطبيعة البشرية كلها عندما يقول:"الكلمة سكن فينا".فهو لايقول أن تجسد الكلمة حدث لاي سبب آخر إلا لاجلنا نحن لكي نغتني بالاشتراك فيه بالروح القدس وننال خيرات التبني.
ولذلك ففي المسيح حدث اتحاد كامل وحقيقي. اما فينا نحن، فعلى الرغم من انه (الكلمة) يحل فينا، إلا انه يحل فينا ليس جوهره بل هو حلول النعمة ( )، لان المسيح وحده حل كل ملء اللاهوت جسدياص (كولوسي 2 : 9). ولم يحدث هذا باي نوع من المشاركة، أو مجرد صاة مثل لمعان النور علة جسم من الاجسام، أو عندما تبعث الحرارة دفأها الذاتي في جسم من الاجسام( )، وامنا حدث اتحاد حقيقي للطبيعة الالهية غير الدنسة التي اختارت سكنى لها في الهيكل الذي ولد من العذراء، لانه بالاتحاد وحده يسوع المسيح هو واحد.وأنا انكر أن كل ما ذكرناه يفوق كل التعبيرات البشرية الممكنة، ولكن لايجب أن نتوفق عن التأمل والايمان بسر المسيح بسبب وجود صعوبة مثل هذه. بل ليظل هذا السر باستحقاق موضع إكرامنا، لآنه كلما كان السر فوق ادراك كل العقول وبعيداً عن امكانية التعبير عنه بكلمات ازداد ايماننا بعظمته وروعته.
ونحن لانلعم بان الكلمة عندما تجسد وصار انساناً كاملاً اصبح محدوداً فهذا هو الغباء بعينه. وانما نحن نعلم بانه يملأ السموات والارض وما تحت الارض، لان الله يملأ كل الاشياء لان طبيعته ليست مادية ولذلك لاتتجزأ. وعندما اخذ جسداً اصبح ذلك الجسد، جسد الكلمة، ليس على النحو الذي ننسب فيه الضحك للرجل أو الصهيل للحصان، وانما على نحو آخر مختلف تماماً. لاته اتحد بالجسد اتحاداً حقيقياً وجعله آداة لاتمام مقاصده في حدود امكانيات الجسد -ماعدا الخطية.
وإذا قيل أن الله الكلمة نزل الينا، فلا يفرغ احد ظاناً كيف نزل غير المادي من مكان إلى آخر. ولايجب أن يظن احد انه ينسحب من مكان لآخر، فهو يملأ كل الاشياء. بل علينا أن نفهم أن نزوله ومجيئه ليس تنقلاً من مكان لآخر بل بول الكلمة لخدمة مقدسة وارسالية سلمت بعد ذلك لتلاميذ المسيح، مخلصناكلنا.
ومرة اخرى يقول الرسول بولس الالهي عن المسيح:"لذلك لاحظوا ايها الاخوة شركاء الدعوة السمائية رسول ورئيس كهنة اعترافنا يسوع المسيح"(عبرانيين 3 : 1)..فما الذي علينا ملاحظته سوى أن الرسول يعلن عن خدمة المسيح التي اتمها في بشريته، لكنه في ذات الوقت هو بالطبيعة الله رغم أن الرسول ينسب إليه وظيفة الرسولية؟! وهذا لايضلد الحق بالمرة، كما قلت سابقاً أن الله الكلمة قيل عنه انه ارسل من عند الآب. فهو بكل تأكيد يملأ الاشياء ولايوجد مكان على الاطلاق يخلو منه. ولكننا نضطر لمثل هذه الاستعمالات لاننا نريد أن نفسر الاشياء الالهية بكلمات بشرية، ونريد أن نفهم تداير الطبيعة العدمية الموت، بمصطاحتنا المادية.
ومرة اخرى اقول أن الروح القدس يملأكل الاشياء، إلا أن الرسول المبارك يكتب ويقول:"بما انكم ابناء ارسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً آباً ايها الآب"(غلاطية 4 : 6). بل أن المخلص نفسه يقول:طمن الافضل لكم أن انطلق، لانه أن لم انطلق لايأتيكم المعزي. ولكنني مت ذهبت أنا ارسله اليكم"(يوحنا 16 : 7) وكل هذا لايعني انتقال الروح القدس من مكان لآخر( ).ولكي لانخطيء في فهم هذه الامور علينا أن نعود دائماً إلى قاعدة التقوى ( ) لكي نتبع فعرفة يقينية، لاننا متى فعلنا ذلك نفيد انفسنا بما هو صالح.
28- كيف نعتقد أن العذراء هي والدة الإله؟
ولد الكلمة من الله الآب بطريقة لاندركها بل هي فوق مستوى الادراك والفهم، وهذا يايق بالطبيع غير المادية. ولكن الذي ولد من ذات الآب وواحد معه بالجوهر لذلك يدعى "الابن"وهذا الاسم يوضح لنا حقيقة الميلاد الازلي.فكما أن الآب حي وكائن منذ الازل كذلك المولود منه حي وكائن معه منذ الازل على النحو الذي ذكره الانجيلي الحكيم:"الله الكلمة كان في البدء مع الله"راجع(يوحنا1 : 1) لكنه في الزمان الاخير "لاجلنا نحن البشر ولاجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد وتانس"( ) دون أن يفقد خواصه، لان طبيعته غير متغيرة وكائنة إلى الابد في مجد الله الفائق، لكن لاجلنا وتدبيرياً قبل أن يخاى ذاته بل وقبل فقرنا، لانه وهو الغني افتقر -كما هو مكتوب -حتى نصبح نحن بفقره اغنياء (2كورنثوس 8 : 9) ولذلك تجسد وولد من امرأة حسب الجسد. والذي حدث انه اخذ من العذراء القديسة جسداً واتحد به اتحاداً حقيقياً. لذلك نعتقد أن العذراء القديسة هي والدة الاله، لانها ولدته حسب الجسد، لكنه مولود في ذات الوقت من الآب قبل كل الدهور.
والذين يفترضون أن الكلمة ابتدأ أو وجد عندما صار انساناً انما يفترضون رأياً مضاداً للتقوى وفي منتهى الفوضى. والمخلص نفسه يظهر لاصحاب هذا الرأي غباوتهم فيقول عن نفسه:"قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن"(يوحنا 8 : 58). فكيف هو كائن قبل ابراهيم وهو قد ولد حسب الجسد بعده باجيال كثيرة؟ في هذا يكفي ما قاله يوحنا الناطق بالالهيات موبخاً اصحاب هذا الرأي:"الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي"(يوحنا 1 : 30) وعينا نكتفي نما ذكرناه وان نترك هذا الرأي الغبي جداً لكي نتقدم إلى ما هو نافع.
لايضطرب احد عندما يسمع أن العذراء هي والدة الاله. ولايجب أن تمتليء النفوس بعدم ايمان اليهود أو بعدم تقوى الامم، فاليهود هاجموا المسيح قائلين:"لانرجمك لاجل عمل حسن تجديف لانك وانت انسان تجعل نفسك الله"(يوحنا10 : 33)، وكذلك ابناء اليونانيين (الامم) عندما يسمعون تعاليم الكنيسة أن الله ولد من امرأة يضحكون. وهؤلاء جميعاً سيأكلون ثمرة عدم تقواهم وسيسمعون منا"الغبي يتكلم باللوم وقلبه يصور له الاشياء الباطلة"0اشعياء32 : 6). وسر المسيح واضح لكنه لليهود عثرة ولليونانيين غباوة (1كورنثوس1 : 23) اما بالنسبة لنا نحن الذين نعرفه فهو سر الخلاص الذي يستحق كل اعجاب، واعظم من أن يكون موضع رفض أو عدم ايمان من احد.
وإذا كان هناك احد ما يتجزأ أو يعلم بان الجسد الترابي ( ) هو الذي ولد الطبيعة الالهية غير الجسدانية، أو أن العذراء حبلت بالطبيعة التي هي فوق كل الخليقة، فان هذا هو البجنون بعينه. لان الطبيعة الالهية ليست من تراب الارض حتى تولد منه (من التراب) ولاتلك الخاضعة للفساد ( ) تصبح اما لعدم الموت، ولاتلك الخاضعة للموت تلد الذي هو حياة الكل، ولاغير المادي يصبح ثمرة للجسد الذي بطبيعته خاضع للميلاد وله ابتداء في الزمان الجسد لايمكنه أن يلد الذي لابداية له.
لكننا نؤكد أن الكلمة صار مانحن. واخذ جسداً مثل جسدنا واتحد به اتحاداً حقيقياً بطريقة فوق الادراك التعبير. وانه تأنس وولد حسب الجسد. وذها ليس غريباً لايصدق أو يحظي بعدم الايمان..إلا تولد النفس البشرية وهي من طبيعة مختلفة عن طبيعة الجسد مع الجسد، لانها-كما قلنا سابقاً-متحدة به؟! ولا اظن أن احد سيفترض أن النفس لها طبيعة الجسد، أو انها تتكون معهن وانما الله بطريقة غير معروفة يغرسها في الجسد وتولد معه. ولذلك نحن نحدد أن الكائن الحي الواحد المولود هو من اثنين ( ). هكذا الكلمة هو الله لكنه تجسد وايضاً ولد حسب الجسد.بطريقة بشرية، لذلك تدعى التي ولدته والدة الاله.
إذا لم تكن العذراء قد ولدت الله فلا يجب أن يسمى المولود منها الله. ولكن حيث أن الكتب الموحى بها تدعوه الله المتجسد، وحيث انه لاتوجد وسيلة اخرى للتجسد إلا الولادة من امرأة، فكيف لانسمي التي ولدته والدة الاله؟ وسوف ابين من الكتب المحى بها أن الذي ولد هو بالحقيقية الله.
أقوال رسولية تشهد
على أن المسيح هو الله
19- عندما يتحدث الرسول عن المسيح يقول:"الذي اراد في اجيال اخر لم يعرفه بنو البشر على النحو الذي اعلن الآن لقديسيه..الذين اراد الله أن يعرفهم ما هو غني مجد هذا السر في الامم، الذي هو المسيح فيكم رجاء المجد الذي ننادي به"(أفسس 3 : 5-كولوسي1 : 26-27)فاذا كان المسيح انساناً لبس اللاهوت وليس الله بالحقيقية-فكيف يصبح هو نفسه "غنى مجد السر"الذي يبشر به للامم؟ أو كيف يمكن أن يقال أن الرسول بشر بالله بالمرة؟!
20- "فاني اريد أن تعلموا أي جهاد لي لأجلكم لأجل الذين في لاودوكية وجميع الذين لم يروا وجهي في الجسد، لكي تتعزى قلوبهم مقترنة في المحبة بكل غنى يقين الفهم لمعرفة سر الله والمسيح"(كولوسي 2 : 1-2). وها هو يسمى سر الله، سر المسيح ويتمنى لمن يكتب اليهم أن يكون عندهم "يقين الفهم" لمعرفته. فما هي حاجة الذين يريدون معرفة سر المسيح إذا كان الله حل في انسان؟..لكنهم يحتاجون إلى "غنى يقين الفهم" لكي يعرفوا أن الله الكلمة تجسد.
21- "لأنه منكم اذيعت كلمة الرب ليس في مكدونية واخائية فقط بل في كل مكان ايضاً قد ذاع ايمانكم بالله حتى لم يعد لنا حاجة أن نتكلم.."(تسالونيكي 1 : . وها هو الرسول يذكر أن ايمانهم هو ايمان الله، بينما يقول المسيح:"من يؤمن بي فله الحياة الابدية"(يوحنا 6 : 47).كما أن الكلمة التي يبشر بها الرسول هي كلمة الرب أي المسيح.
22- "لأنكم انتم أيها الاخوة تعلمون دخولنا اليكم انه لم يكن باطلاً، بل بعد ما تألمنا قبل وبغى علينا كما تعلمون في فيلبي بشجاعة في الهنا تكلمنا معكم بانجيل الله"(1تسالونيكي 2 : 1-2). وعندما يقول الرسول انه تحدث بشجاعة "في الهنا" فانه يوضح من هو هذا الاله فهو الذي كرز في بشارة انجيل الله الذي يبشر الامم أي المسيح.
23- "فانكم أيها الاخوة تذكرون تعبنا وكدنا اذ كنا نكرز لكم بإنجيل الله ونحن عاملون ليلاً ونهاراً كي لانثقل على احد منكم" وايضاً"من اجل ذلك نحن ايضاً نشكر الله بلا انقطاع لانكم اذ تسلمتم منا كلمة خبر من الله قبلتموها لاككلمة اناس بل كما هي في الحقيقة ككلمة الله التي تعمل ايضاًفيكم انتم المؤمنين"(1تسالونيكي 2 : 9-13).ألا يقول الرسول صراحة أن كلمة المسيح هي انجيل الله وانها كلمة الله ايضاً؟!أليس هذا ظاهراًبكل وضوح للجمتع.
24- "لانه قد ظهرت نعمة الله مخلصنا لجميع الناس معامة ايانا أن ننكر الفجور والشهوات..منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجد الله العظيم ومخلصنا.يسوع المسيح"(تيطس 2 : 11-13). هنا جهراً يوصف الرب يسوع بانه "الله العظيم"، ذلك الذي ننتظر مجيئه المجيد فنصلي بحرارة ونعيش بالتقوى وبدون عيب. ولو كان المسيح انساناً لبس اللاهوت فكيف يسمى "الله العظيم"؟ وكيف يكون رجاؤنا فيه مباركاً؟ والنبي ارميا يقول "ملعون هو الرجل الذي يتكل على انسان"(17 : 5). ولو كان المسيح قد لبس اللاهوت فهذا لايجعله الهاً. وقياساًعلى ذلك لو دعونا كل من حل فيهم الله آلهة..فماذا يمنعنا من عبادتهم؟ لكن الرسول بولس يسمي المسيح:الله والعظيم، وان مجيئه مبارك. وبولس ايضاًفال لليهود عن عمانوئيل:"الذين منهم الآباء والعهد والمواعيد، ومنهم المسيح حسب الجسد الكائن على الكلالله المبارك إلى الأبد"(رومية9 : 4-5) ولقد كرز بولس بإعلان الهي..وهذا واضح اذ يقول هو نفسه:"وبعد اربعة عشر سنة صعدت إلى اورشليم مع برناباواخذت تيطس معي. ولقد صعدت بإعلان عليهم الانجيل الذي اكرز به، لكن عرضته على انفراد على المعتبرين لئلا اكون اسعى أو قدسعيت باطلاً"(غلاطية 2 : 1-2). ونحن نعلم أن بولس بشر بالمسيح للامم كإله، وفي كل مكان كان يتحدث عن سر المسيح مسمياً اياه بالسر العظيم الألهي. لقد صعد إلى اورشليم بموجب اعلان الهي، وعرض بشارته على المعتبرين أي الرسل القديسين والتلاميذ لئلا يكون قد سعى باطلاً. وعندما نزل من اورشليم واخذ يبشر الامم لم يصبح تعليمه ولم يغير بشارته التي سبقت صعوده اورشليم. ألم يستمر في الاعتراف بالمسيح الاله؟ بكل تأكيد، حتى انه يكتب قائلاً:"اني اتعجب من انكم تنتقلون هكذا سريعاًعن الذي دعاكم إلى انجيل آخر. ليس هو آخر، غير انه يوجد قوم يزعجونكم ويريدون أن يحولوا انجيل المسيح"ثم يضيف:"لكن أن بشرناكم نحن أو ملاك من السماء بغير ما بشرناكم به فليكن اناثيما"(غلاطية 1 : 6-7). ورغم أن الله حل في كل الذين بشرهم (بولس) إلاانهم تركوا كل شيء. ما سبب ذلك إلا أن الرسول كرز لهم بالمسيح الاله وحده؟!!.
25- كتب يوحنا الانجيلي عن المسيح:"وعندما كان في اورشليم في العيدآمن به كثيرون باسمه اذ رأوا الآيات التي صنع، لكن يسوع لم يأتمنهم على نفسه لانه كان يعرف الجميع ولانه لم يكن محتاجاً أن يشهد احد عن الإنسان لانه علم ماكان في الإنسان"(يوحنا 2 : 23-25). لوكان المسيح انساناًلبس اللاهوت الا يكون الذين آمنوا به وباسمه في اورشليم قد خدعوا؟ كيف عرف وحده ما في الإنسان؟ لان الله وحده هو الذي يعرف الإنسان لانه هو"الذي يصور القلوب واحداً فواحداً"(مزمور 33 : 15). ولماذا هو وحده يغفر الخطايا؟ فهو يقول:"ابن الإنسان له سلطان على الارض أن يغفر الخطايا"(متى 9 : 6).ولماذا هو وحده دون باقي الخلائق يجلس مع الآب على عرشه؟ لماذا تعبده الملائكة وحده؟ ولماذا علمنا أن نعتبر الآب "آبانا السماوي" لكنه تحدث عنه بطريقة خاصة وحده ومختلفة عن الطريقة التي علمنا اياها؟!.
ربما قال احد ما أن كل ما ذكرته من براهين يجوز أن تستخدم في مجال حلول الكلمة (في انسان). ولو كان الامر كذلك لكان على الكلمة أن يبدأ كلامه كما يبدأ الانبياء الذين حل فيهم الكلمة ويقول:"هكذا يقول الرب"، ولكنه لم يفعل، بل عندما شرع في وضع الشريعة التي هي اسمى من الناموس اشهر سلطانه كمشرع للناموس وقال:"أما أنا فاقول لكم"(متى 5 : 22و32و34و39و44).
وكيف يقول انه حر وليس مديوناًلله (متى 17 : 26)؟..السبب في ذلك هو انه الابن بالحقيقة. ولو كان انساناً لبس اللاهوت، لن يكون بطبيعته حراً ولان الله بطبيعته حر فهو وحده الذي يطلب الديون في الوقت المناسب.
وإذا كان المسيح هو غاية الناموس والانبياء، وقيل عنه انه انسان لبس اللاهوت -ألا يعطي هذا فرصة للبعض أن يقولوا في سخرية، أن غاية الناموس وبشارة الانبياء ادت في النهاية إلى ذنب عظيم وهو عبادة انسان؟.
لقد حدد الناموس عبادتنا لله على النحو التالي:"للرب الهك تسجد ةاياه وحده تخدم"(تثنية 6 : 13-متى 4 : 10). ولقد كان الناموس مؤدبنا وقائدنا إلى المسيح، والى معرفة اكثر سمواً من تلك التي حصل عليها الذين عاشوا في الظلال ( ) وعبادتنا لله ليست شيئاً يستهان به حتى اننا نعبد بدلاًمنه انساناً حل الله فيه. وعلى ذلك ايهما افضل بالنسبة للايمان، طالما أن المسألة هي مجرد حلول الله، هل الافضل أن يحل الله في السماء أم يحل في إنسان؟ ايهما اشرف طالما أن المسألة هي مجرد حلول، أن يحل الله في السيرافيم أم في جسد بشري ارضي؟( ).ولو كان(المسيح) انساناً لبس اللاهوت فما معنى القول:"شاركنا في اللحم والدم"(عبرانيين 2 : 14). كيف يتحقق هذا لو كان اللاهوت قد حل في انسان؟ هل يكفي الحلول لان يصبح (الكلمة) مشاركاً ايانا اللحم والدم. ولو كانت مشاركته اللحم والدم تجعل منه انساناً على النحو الذي يفهمه المعارضون للايمان، فالله حل في قديسين كثيرين، وهذا يعني انه لم يتجسد مرة واحدة بل ينطل الخطية بذبيحة نفسه"(عبرانيين 9 : 26). فلو كان الرأي المعارض صحيحاً، فكيف تبشرنا الكتب الالهية بمجيء واحد الكلمة؟.
26- لو كان المسيح انساناً حل فيه اللاهوت، فانه يصبح مجرد هيكل الله. وفي هذه الحالة علينا أن نسأل كيف يسكن فينا المسيح إذاً؟هيكل يسكن هياكل، هل هذا معقول؟! أم معقول انه هو الله الساكن فينا نحن هياكله بالروح؟!
لو كان المسيح انساناً لبس اللاهوت فلماذا يكون جسده وحده واهب الحياة بصورة دائمة؟!..
لو كان مجرد حلول اللاهوت يؤدي إلى هذا لنالت هذا الامتيازاجساد القديسين الذين حل فيهم الله ضابط الكل. وبولس الالهي يكتب في موضع آخر:"الذي يحتقر ناموس موسى فعلى شاهدين أو ثلاثة يموت بدون رحمة، فكم عقاباًاشر تظنون انه يحسب مستحقاً من داس ابن الله وحسب دم العهد الذي قدس به دنساً؟!"(عبرانيين 10 : 28-29). والناموس الذي تكلم به الانبياء هو الهي والوصايا اعطيت عن طريق الملائكة. فكم عقاباً اشر يستحق ذاك الذي يدنس دم المسيح؟.وما هي افضلية الايمان بالمسيح عن العبادة حسب الناموس؟.ولماذا يكون العقاب اشر لو أن هناك مساواة بين الاثنين؟.لقد قلنا سابقاً أن المسيح ليس مثل باقي القديسين حل فيه اللاهوت. بل هو الله بالحقيقة ومجده اسمى من مجد العالم كله لانه بالطبيعة الله، فهو كلمة الله الآب الذي تجسد وصار انساناً كاملاً. ونحن نؤمن أن الجسد الذي اتحد به، فيه نفس عاقلة، ولهذا فالاتحاد كامل وحقيقي.
27- كيف يجب أن يفهم أن الكلمة تجسد وسكن فينا؟ وكيف نزل الينا كلمة الله؟. وماذا يجب أن نقول عن الجسد الذي هو جسده؟.يذكر الرسول بولس المبارك أن الابن الوحيد امسك بنسل ابراهيم وانه اشترك في اللح والدم وصار مثلنا(راجع عبرانيين2 : 14-16).ونحن نذكر ايضاً صوت يوحنا القائل:"والكلمة صار جسداً وسكن فينا"( )(يوحنا1 : 14).فهل قصد هؤلاء الرجال الروحيون أن يعلمونا أن كلمة الله صار جسداً أي تغير؟.وهل من الصواب أن نعتقد أن الكلمة يمكن أن يتغير مثل المخلوقات؟.لو كان هذا هو قصد هؤلاء لتعين علينا أن نفترض اما أن يأتي الكلمة بارادته الحرة ويتغير إلى طبيعة اخرى، أو أن يرغمه آخر على قبول طبيعة اخرى..وكلا الافتراضيين لايظهران في النصوص الالهية.
حاشا لله أن يتغير لان طبيعته لايقبل أي تغيير، بل ليس فيها حتى ظل التغيير(يعقوب1 : 17)، وطبيعته الالهية السمائية قائمة على مالها من صفات لايمكن أن تتغير ابداً.
كيف إذا تجسد الكلمة؟ هذا ما نحتاج إلى معرفته..:
اولاً:ان الاسفار الالهية غالباًما تسمى الإنسان كله جسداً، أي تسمى الكل باسم الجزء..فيشلر تارة إلى الإنسان كله باسم الجسد، وتارة الإنسان بالنفس وحدها، كما هو مكتوب:"ويبصر كل جسد خلاص الله"(لوقا3 : 9).وكذلك بولس الالهي الناطق بالالهيات يقول:"لم استشر لحماً ودماً"(غلاطية 1 : 16).وموسى شارح الاسفار الالهية وستين الاسرائيليين:"والذين نزلوا إلى مصر من آبائكم كانوا خمسة وستين نفساًتثنية 10 : 23).ولايستطيع احد أن يقول أن الذين نزلوا إلى مصر هو نفوس عارية بلا اجساد، أو أن الاجساد بلا نفوسها هي التي سيعطيها الله بغنى من خلاصه ( ).لذلك عندما نسمع أن الكلمة صار جسداً فلنعتقد انه تجسد وصار انساناً له نفس وجسد.لان الكلمو الله تجسد وصار انساناًكاملاً ودعى ابن الإنسان لان له نفساً وعقلاً، واتحد بكل مكونات الإنسان اتحاداًحقيقياً بطريقة يعرفها هو وحده.
أن كيفية الاتحاد هي فوق عقولنا.واذا اراد احد ما مثالاعلى ما نقول، وهو مثال اقرب لمن ينظر في مرآة لا لمن يتطلع إلى ذات الشيء فاننا نقول أن الكلمة اتحد بجسد له نفس عاقلة مثل اتحاد نفس الإنسان بجسده.ورغم أن الجسد من طبيعة اخرى مختلفة عن طبيعة النفس إلاان النفس تشترك مع الجسد وتتحد به حتى انها لاتبدو مختلفة عنه ولذلك فان الإنسان من الطبيعة المركبة، كائن حي واحد,إلا اننا نعرف أن النفس-كما قلت سابقاً-تظل مختلفة بطبيعتها.ولذلك نقول أن التجسد تمليس بالتبديل أو التغيير في طبيعة الكلمة، لانه عندما صار جسداً لم يفقد خواص لاهوته. كيف يمكن أن يحث هذا؟انما تجسد الكلمة بان اتخذ جسداً من امرأة واتحد به في احشائها وولد هو نفسه وبعينه الله المتجسد دون أن يفقد بالمرة ميلاده غير المنطوق به من الله الآب، عندما ولد من امرأة. ولما تجسد سمح لجسده أن يتكون حسب القوانين الخاصة بالجسد، وأنا اقصد طريقة الميلاد والنمو.إلا أن الطبيعة البشرية لها فيه شيء خاص، فهو قد ولد من عذراء..وهو وحده الذي له أُم لم تعرف الزوج ( ). وإذا قال يوحنا انه صار جسداً فقد اضاف:"وسكن فينا" لكي يعلن انه بالتجسد وسكناه فينا لم يفقد شيئاً ما من خواصه بل ظل كما هو.
وإذا قال يوحنا انه (الكلمة)، سكن(اوحل) فاننا نفهم من ذلك انه آخر سكن في آخر، أي سكنت الطبيعة الالهية في البشرية دون أن يحدث امتزج أو اختلاط أو تغيير ( ) إلى ما ليس هو من طبيعته (الكلمة).
والذي يحل في ىخر لايتحول إلى (طبيعة) الآخر الذي يحل فيه ولايصبح مثله..لانه إذا حدث هذا لايبقى أي مجال للحديث عن الحلول القائمة تظل كما هي، لكن المسيح الواحد هو منهما محتفظاً بالتمام -كما قلت سابقاً- بعدم الاختلاط( )، لان يوحنا يقول "سكن فينا"، وهذا يعني أن يوحنا يؤكد أن الابن الوحيد المتجسد الذي صار انساناً هو هو الابن الواحد.وأنا ارجو أن تفهموا كيف يتوج الانجيلي الالهي بحكمة، الطبيعة البشرية كلها عندما يقول:"الكلمة سكن فينا".فهو لايقول أن تجسد الكلمة حدث لاي سبب آخر إلا لاجلنا نحن لكي نغتني بالاشتراك فيه بالروح القدس وننال خيرات التبني.
ولذلك ففي المسيح حدث اتحاد كامل وحقيقي. اما فينا نحن، فعلى الرغم من انه (الكلمة) يحل فينا، إلا انه يحل فينا ليس جوهره بل هو حلول النعمة ( )، لان المسيح وحده حل كل ملء اللاهوت جسدياص (كولوسي 2 : 9). ولم يحدث هذا باي نوع من المشاركة، أو مجرد صاة مثل لمعان النور علة جسم من الاجسام، أو عندما تبعث الحرارة دفأها الذاتي في جسم من الاجسام( )، وامنا حدث اتحاد حقيقي للطبيعة الالهية غير الدنسة التي اختارت سكنى لها في الهيكل الذي ولد من العذراء، لانه بالاتحاد وحده يسوع المسيح هو واحد.وأنا انكر أن كل ما ذكرناه يفوق كل التعبيرات البشرية الممكنة، ولكن لايجب أن نتوفق عن التأمل والايمان بسر المسيح بسبب وجود صعوبة مثل هذه. بل ليظل هذا السر باستحقاق موضع إكرامنا، لآنه كلما كان السر فوق ادراك كل العقول وبعيداً عن امكانية التعبير عنه بكلمات ازداد ايماننا بعظمته وروعته.
ونحن لانلعم بان الكلمة عندما تجسد وصار انساناً كاملاً اصبح محدوداً فهذا هو الغباء بعينه. وانما نحن نعلم بانه يملأ السموات والارض وما تحت الارض، لان الله يملأ كل الاشياء لان طبيعته ليست مادية ولذلك لاتتجزأ. وعندما اخذ جسداً اصبح ذلك الجسد، جسد الكلمة، ليس على النحو الذي ننسب فيه الضحك للرجل أو الصهيل للحصان، وانما على نحو آخر مختلف تماماً. لاته اتحد بالجسد اتحاداً حقيقياً وجعله آداة لاتمام مقاصده في حدود امكانيات الجسد -ماعدا الخطية.
وإذا قيل أن الله الكلمة نزل الينا، فلا يفرغ احد ظاناً كيف نزل غير المادي من مكان إلى آخر. ولايجب أن يظن احد انه ينسحب من مكان لآخر، فهو يملأ كل الاشياء. بل علينا أن نفهم أن نزوله ومجيئه ليس تنقلاً من مكان لآخر بل بول الكلمة لخدمة مقدسة وارسالية سلمت بعد ذلك لتلاميذ المسيح، مخلصناكلنا.
ومرة اخرى يقول الرسول بولس الالهي عن المسيح:"لذلك لاحظوا ايها الاخوة شركاء الدعوة السمائية رسول ورئيس كهنة اعترافنا يسوع المسيح"(عبرانيين 3 : 1)..فما الذي علينا ملاحظته سوى أن الرسول يعلن عن خدمة المسيح التي اتمها في بشريته، لكنه في ذات الوقت هو بالطبيعة الله رغم أن الرسول ينسب إليه وظيفة الرسولية؟! وهذا لايضلد الحق بالمرة، كما قلت سابقاً أن الله الكلمة قيل عنه انه ارسل من عند الآب. فهو بكل تأكيد يملأ الاشياء ولايوجد مكان على الاطلاق يخلو منه. ولكننا نضطر لمثل هذه الاستعمالات لاننا نريد أن نفسر الاشياء الالهية بكلمات بشرية، ونريد أن نفهم تداير الطبيعة العدمية الموت، بمصطاحتنا المادية.
ومرة اخرى اقول أن الروح القدس يملأكل الاشياء، إلا أن الرسول المبارك يكتب ويقول:"بما انكم ابناء ارسل الله روح ابنه إلى قلوبكم صارخاً آباً ايها الآب"(غلاطية 4 : 6). بل أن المخلص نفسه يقول:طمن الافضل لكم أن انطلق، لانه أن لم انطلق لايأتيكم المعزي. ولكنني مت ذهبت أنا ارسله اليكم"(يوحنا 16 : 7) وكل هذا لايعني انتقال الروح القدس من مكان لآخر( ).ولكي لانخطيء في فهم هذه الامور علينا أن نعود دائماً إلى قاعدة التقوى ( ) لكي نتبع فعرفة يقينية، لاننا متى فعلنا ذلك نفيد انفسنا بما هو صالح.
28- كيف نعتقد أن العذراء هي والدة الإله؟
ولد الكلمة من الله الآب بطريقة لاندركها بل هي فوق مستوى الادراك والفهم، وهذا يايق بالطبيع غير المادية. ولكن الذي ولد من ذات الآب وواحد معه بالجوهر لذلك يدعى "الابن"وهذا الاسم يوضح لنا حقيقة الميلاد الازلي.فكما أن الآب حي وكائن منذ الازل كذلك المولود منه حي وكائن معه منذ الازل على النحو الذي ذكره الانجيلي الحكيم:"الله الكلمة كان في البدء مع الله"راجع(يوحنا1 : 1) لكنه في الزمان الاخير "لاجلنا نحن البشر ولاجل خلاصنا نزل من السماء وتجسد وتانس"( ) دون أن يفقد خواصه، لان طبيعته غير متغيرة وكائنة إلى الابد في مجد الله الفائق، لكن لاجلنا وتدبيرياً قبل أن يخاى ذاته بل وقبل فقرنا، لانه وهو الغني افتقر -كما هو مكتوب -حتى نصبح نحن بفقره اغنياء (2كورنثوس 8 : 9) ولذلك تجسد وولد من امرأة حسب الجسد. والذي حدث انه اخذ من العذراء القديسة جسداً واتحد به اتحاداً حقيقياً. لذلك نعتقد أن العذراء القديسة هي والدة الاله، لانها ولدته حسب الجسد، لكنه مولود في ذات الوقت من الآب قبل كل الدهور.
والذين يفترضون أن الكلمة ابتدأ أو وجد عندما صار انساناً انما يفترضون رأياً مضاداً للتقوى وفي منتهى الفوضى. والمخلص نفسه يظهر لاصحاب هذا الرأي غباوتهم فيقول عن نفسه:"قبل أن يكون ابراهيم أنا كائن"(يوحنا 8 : 58). فكيف هو كائن قبل ابراهيم وهو قد ولد حسب الجسد بعده باجيال كثيرة؟ في هذا يكفي ما قاله يوحنا الناطق بالالهيات موبخاً اصحاب هذا الرأي:"الذي قلت عنه يأتي بعدي رجل صار قدامي"(يوحنا 1 : 30) وعينا نكتفي نما ذكرناه وان نترك هذا الرأي الغبي جداً لكي نتقدم إلى ما هو نافع.
لايضطرب احد عندما يسمع أن العذراء هي والدة الاله. ولايجب أن تمتليء النفوس بعدم ايمان اليهود أو بعدم تقوى الامم، فاليهود هاجموا المسيح قائلين:"لانرجمك لاجل عمل حسن تجديف لانك وانت انسان تجعل نفسك الله"(يوحنا10 : 33)، وكذلك ابناء اليونانيين (الامم) عندما يسمعون تعاليم الكنيسة أن الله ولد من امرأة يضحكون. وهؤلاء جميعاً سيأكلون ثمرة عدم تقواهم وسيسمعون منا"الغبي يتكلم باللوم وقلبه يصور له الاشياء الباطلة"0اشعياء32 : 6). وسر المسيح واضح لكنه لليهود عثرة ولليونانيين غباوة (1كورنثوس1 : 23) اما بالنسبة لنا نحن الذين نعرفه فهو سر الخلاص الذي يستحق كل اعجاب، واعظم من أن يكون موضع رفض أو عدم ايمان من احد.
وإذا كان هناك احد ما يتجزأ أو يعلم بان الجسد الترابي ( ) هو الذي ولد الطبيعة الالهية غير الجسدانية، أو أن العذراء حبلت بالطبيعة التي هي فوق كل الخليقة، فان هذا هو البجنون بعينه. لان الطبيعة الالهية ليست من تراب الارض حتى تولد منه (من التراب) ولاتلك الخاضعة للفساد ( ) تصبح اما لعدم الموت، ولاتلك الخاضعة للموت تلد الذي هو حياة الكل، ولاغير المادي يصبح ثمرة للجسد الذي بطبيعته خاضع للميلاد وله ابتداء في الزمان الجسد لايمكنه أن يلد الذي لابداية له.
لكننا نؤكد أن الكلمة صار مانحن. واخذ جسداً مثل جسدنا واتحد به اتحاداً حقيقياً بطريقة فوق الادراك التعبير. وانه تأنس وولد حسب الجسد. وذها ليس غريباً لايصدق أو يحظي بعدم الايمان..إلا تولد النفس البشرية وهي من طبيعة مختلفة عن طبيعة الجسد مع الجسد، لانها-كما قلنا سابقاً-متحدة به؟! ولا اظن أن احد سيفترض أن النفس لها طبيعة الجسد، أو انها تتكون معهن وانما الله بطريقة غير معروفة يغرسها في الجسد وتولد معه. ولذلك نحن نحدد أن الكائن الحي الواحد المولود هو من اثنين ( ). هكذا الكلمة هو الله لكنه تجسد وايضاً ولد حسب الجسد.بطريقة بشرية، لذلك تدعى التي ولدته والدة الاله.
إذا لم تكن العذراء قد ولدت الله فلا يجب أن يسمى المولود منها الله. ولكن حيث أن الكتب الموحى بها تدعوه الله المتجسد، وحيث انه لاتوجد وسيلة اخرى للتجسد إلا الولادة من امرأة، فكيف لانسمي التي ولدته والدة الاله؟ وسوف ابين من الكتب المحى بها أن الذي ولد هو بالحقيقية الله.
Click this bar to view the full image. |