وتستمر كل الأطراف فى إصرار تحسد عليه فى الدفع نحو الفوضى، وأنا هنا أحمل كل الأطراف كلاً حسب حدود مسؤوليته.

ما شهدته مصر اليومين الماضيين لا يبشر بأى خير قادم، بل هو فقط يدفع فى اتجاه مستقبل مغلف بالقلق وعدم اليقين لدى المتفائلين، ومظلم لدى شديدى الواقعية.

وقبل أن أستمر أود فقط الإشارة إلى أن ما يحدث فى مصر الآن لم يعد يشغل العالم كثيرا، فأولوياتهم ليس من بينها مصر الآن، لذلك ما شهدته مصر مؤخرا لم يكن حاضرا بشكل كبير خارج حدودها، فالأمر ليس كما كان فى يناير الماضى، وذلك حتى يستيقظ الواهمون.

ليبيا وسوريا والعراق هى الأكثر حضورا لأسباب اقتصادية غربية فى الأساس، هى ملحوظة قد تبدو خارج السياق، ولكنى أراها مهمة فى هذه المرحلة حتى ندرك ماذا نحن فاعلون.

ما شهدته القاهرة ومدن أخرى خلال الأيام الأخيرة يدلل بما لا يدع مجالا للشك أن إدراك المصلحة العليا لهذا الوطن غير حاضر فى أذهان من يمارسون الفعل السياسى مؤخرا. هناك من طالب بالتحقيق فيما حدث من خلال لجنة تقصى حقائق، وأنا مع هذه الدعوة بشرط ألا يخرج طرف بعد الإعلان عن نتائجها ليشكك فى مصداقية هذه اللجنة لو جاءت النتائج على غير هوى هذا الطرف أو ذاك.

هناك من يشير إلى أياد خارجية وإلى أطراف داخلية تعمل على هز استقرار مصر، أو بشكل أدق على إسقاط الدولة المصرية، وأظن أننى أعبر عن رغبة الأغلبية هنا عندما أطالب أولئك الذين يصرحون أو يلمحون بهذه الاتهامات من سياسيين أو أمنيين أو عسكريين بأن يكشفوا لنا من هؤلاء الذين يتحدثون عنهم فى الداخل والخارج، بل أكثر من ذلك أظن أنهم ملزمون بأن يقدموا ما لديهم من أدلة إلى أجهزة الدولة وجهات التحقيق بكل ما لديهم من اتهامات وأدلة، وأن تتخذ الإجراءات القانونية والسياسية تجاه هؤلاء.

هناك من تحدث عن تمويل أجنبى «مشبوه» - فليس كل تمويل مشبوهاً - أو تحويلات بمبالغ ضخمة لحسابات بعض الجماعات والأشخاص دون أن يصرح بذك علنا، وأظن أننى أيضا أتحدث باسم الأغلبية عندما أطالب من يوجه مثل هذه الاتهامات فى السر أو بالتلميح، سواء كان المجلس العسكرى أو غيره، بأن يقدم دليله منشورا مدعما بالوثائق التى لديه، وأن يتخذ الإجراءات القانونية تجاه ذلك أو ليصمت.

أيضا التعامل مع بعض القضايا بكثير من الغموض هو أمر غير مقبول، فإن كانت هناك مخالفات أو جرائم مدنية أو عسكرية فينبغى تقديم الدليل الواضح أو ـ أيضا ـ ليصمت. هذا حقنا أن نعرف، وحق هذا الوطن على أبنائه أن يحموه بحق.

أما السياسيون الذين هرولوا إلى ميدان التحرير فقد كانت هرولة مخجلة تصب فقط فى خانة المصلحة ضيقة النظر والرؤية، بالنسبة لهم من هم فى ميدان التحرير أصوات محتملة فى معركتهم الانتخابية سواء كانت برلمانية أو رئاسية، فذهبوا هناك للمزايدة ولكسب الأصوات، كان أولئك الذين فى الميدان كركاب الميكروباص لدى السائق الذى ينظر للراكب باعتباره نصف جنيه مرمياً على الرصيف يقف ليلتقطه فى طريقه.

كنت أتوقع من أولئك الذين يتنافسون لقيادة مصر أن يسلكوا سلوكا آخر غير الذى سلكوه، سلوكا يتخذ من التهدئة هدفا للخروج بمصر من مأزقها الحالى إلى بر الأمان، كنت أتوقع رسالتهم ودورهم المنتظر أن يكونوا وسيلة توحيد لأطراف هذه الأمة التى تتمزق، لا أن يرقصوا على جثتها كما يفعل البعض من زملاء المهنة الذين امتطوا أحصنتهم الخشبية لتحقيق انتصارات شخصية وهمية على حساب هذا الوطن. أما الجماعات السياسية الناشطة بتوجهاتها المختلفة فهذا موضوع آخر له حديث آخر.

أما السيد دولة رئيس وزراء مصر الذى اختار أن يخاطب مواطنيه فى المدن والقرى والنجوع عن طريق الـ«تويتر»، فسوف أرد عليه عن طريق الـ«تويتر».

منقووول