سلام ونعمة://
الشرح السليم للتجسد:
9-كيف لنا أن نحسبكم مؤمنيين أو مسيحيين وأنتم لا تتمسكون بكلمات الأسفار ولا تؤمنون بما تعلنه من حقائق، بل تغامرون بالكلام عما هو فوق الادراك وتحددونه حسب أهوائكم. وان كان من السهل عليكم أن تحاربوا انسانا، فكيف يمكنكم أن تحاربوا الله" (أش7 : 13)، وإذا كان الذين لم يصدقوا الأنبياء قد أدينوا، فكم بالحري تكون دينونة الذين لا يصدقون الرب نفسه؟ كيف تتجاسرون على التفكير والنطق بأمور مختلفة وأفكار غريبة عن تلك التي أعلنها وسر بها الرب نفسه والتي بها أباد الخطية والموت؟ إذا اعترفنا به، اعترف هو بنا، وإذا انكرناه، فهو سينكرنا، إذا لم نكن أمناء فهو يبقى أمينا لن يقدر أن ينكر نفسه (2تي2 : 12-مع مت10 : 32) فما معنى تهوركم وتطرفكم الذي يجعلكم تقولوا ما ليس في الأسفار وتفكرون فيما هو ضد العقيدة؟ لماذا تحاولون أن تجعلوا الجسد من ذات جوهر اللاهوت؟ ألا تدركون ان هذا كفر مزدوج؟ فانكم بهذا تسقطون في هذا الاثم المزدوج وهو اما أن تنكروا التجسد أو تجدفوا على جوهر الله .وهكذا حسب كلماتكم التي تقولونها" نحن نعترف بأن الذي ولد من العذراء مريم هو مساوي الآب في الجوهر". لكن هذه العبارة التي تعتبرونها دليلا على صحة الايمان والاحترام سوف نشرحها لكي يظهر لكم انكم لا تفهمون معناها، بل صار معناها حماقة بالنسبة لاستعمالكم. ان جميع المؤمنيين يعترفون بأن الله الكلمة الذي ولد وعاش بالجسد بيننا، قد ولد كانسان من العذراء القديسة مريم وأنه مساو للآب في الجوهر، وأنه تجسد وصار من نسل ابراهيم وبذلك صار ابنا لابراهيم. فالكلمة الذي من الله والذي هو مساو للآب في الجوهر،صار ابنا لابراهيم حسب الجسد. وهذا ما يعترف به الأنبياء والرسل والانجيليون فالمسيح حسب سلسلة الأنساب وحسب الجسد هو من نسل داود. فكيف لا تخجلون من الادعاء بأن الجسد الذي سجل في سلسلة الأنساب من نسل داود يصبح مساويا لجوهر الكلمة؟ ألستم كما ذكرت تستعملون هذه العبارة بلا مضمون بل وبحماقة أيضا، لأنكم لا تعتبرون أن الذي يتساوى جوهره مع جوهر آخر له ذات الطبيعة والصفات والكمال. وهذا ما يجعلنا نعترف بأن الابن مساو للآب في الجوهر، أي انه كامل مثل الآب في كل شيء()، وكذلك الروح القدس، لأن الثالوث له جوهر واحد، فكيف يمكنكم أن تنسبوا صفات وكمال اللاهوت إلى الجسد مدعين أنه مساو للكلمة في الجوهر وبذلك يضاف إلى كمال الكلمة، كمال آخر هو الناسوت، وحسب خيالكم لا يعود الله ثالوثا بل يصبح رابوعا، وهذا ايمان آخر غير الايمان الذي نبشر به. وهل بعد هذا يمكن أن يضاف شيء آخر إلى هذا الكفر؟
10-تقولون أن الجسد صار مساو في الجوهر للكلمة. أخبروني كيف حدث ذلك؟ تقولون "لقد صار الجسد الكلمة بل صار أيضا روحا" ولكن إذا كان الجسد ليس بالطبيعة لاهوتا ولا هو من جوهراللاهوت، فكيف يمكن أن يتحول إلى لاهوت؟ وإذا قلتم انه تحول فبأي وجه تختلفون عن الأريوسيين الذي قالوا نفس الكلام عن الكلمة، ثم ألا تقول الأسفار عكس ذلك، لأنها تقول" الكلمة صار جسدا" وليس" الجسد صار الكلمة"، وتقول الأسفار ذلك لأن" صار" تخص الجسد، وفعلا" صار" الجسد خاصا بالكلمة، وليس خاصا بانسان، فالله تأنس، ولذلك قيل انه" صار جسدا" حتى لا يخطيء أحد في فهم حقيقة التجسد، ويغفل اسم" الجسد".فاذا كنتم غير مستعدين لقبول هذا الاتحاد الطبيعي بين الكلمة والجسد الذي صار جسدا خاصا به وفيه حل، وإذا كنتم لا تقبلون الاعتراف الصريح بأن الله تأنس، فلم يعد امامكم الا أمرين: اما أنكم لا تؤمنون بما تسمعون وهو ما نسبح الله عليه كسر فائق الادراك، وأما أنكم لا تريدون عطية الدهر الآتي لأن ناسوت الله الكلمة هو الذي قيل عنه في كلمات الرسول" الذي سيغير شكل جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده" (في25 : 31)وهو يعني بذلك ابن الله الذي صار ابن الإنسان، وصار بذلك ديان الأحياء والأموات والملك والاله الحق.
أنتم تريدون حذف كلمة" جسد"، أو أي اشارة إلى كلمة" انسان"، وتمنعون استخدامها للمسيح. فكيف يمكن لكم أن تستمروا في قراءة الأسفار الالهية، خصوصا ما يكتبه متى"كتاب ميلاد يسوع المسيح ابن داود، ابن ابراهيم" (مت1 : 11). وما كتبه يوحنا" في البدء كان الكلمة، والكلمة كان عند الله" (يو1 : 1). فكيف تفهمون هذه الكلمات الواضحة" الكلمة" و" ابن داود". هل هي كلمات منفصلة ليس لها علاقة بذات الشخص؟ لو أنكم تتعلمون من الأسفار الالهية لعرفتم أن الكلمة الله، صار ابن الإنسان، ولعرفتم أن المسيح واحد، وهو نفسه ()الله والإنسان .وهكذا البشارة قائمة على دعامتين،ألوهية الكلمة وتجسده، وهذا ما يشرح ويفسر لنا الآلام، وأيضا عدم تألم الكلمة .ونرى ذلك في كلام الرسول بولس" الانسان يسوع المسيح الذي بذل نفسه فدية لأجل الجميع" و "الكائن على الكل الها مباركا إلى الأبد"(1تي2 : 5،6-رو9 : 5)، وكتب إلى تيموثاوس يقول أيضا" أذكر يسوع المسيح الذي من نسل داود والذي قام من بين الأموات" ونفس الرسول يقول" ونبشر بموته إلى أن يجيء" (2تي2 : 8-1كو11 : 26).
11-ان تعبير" المساوي في الجوهر" هو تعبير قوي، ياليتكم لا تحاولون افساد قوته بحذف الاشارة إلى" الجسد" او" الانسان" وتمنعون استخدام هذه الكلمات الهامة في الكلام عن المسيح .فأنتم بذلك تقدمون على أمرين:اما أنكم تمنعون أن تبشرون بموته إلى أن يجيء، وبهذا تبطلون ما تبشر به الأسفار أو أنكم تبشرون بموت" المساوي" للآب والروح القدس في الجوهر دون أن تعترفوا بأن المسيح " تألم في الجسد" (1بط4 : 1) وبهذا تجعلون اللاهوت هو الذي تألم. واذا تألم لاهوت الكلمة ()فقد تألم معه الآب والروح، بل لقد مات الآب والروح القدس أيضا. وهذا يجعلكم أكثر كفرا من جميع الهراطقة. أما عن الموت فقد كان موت جسد ذاك" المساوي في الجوهر" وليس موت اللاهوت، كما أن الآب والروح القدس لم يتجسدا حسب التعليم الفاسد الذي يتمسك به أتباع فالنتينوس، وانما التعليم الصحيح هو أن" الكلمة صار جسدا".

وأيضا عندما نعترف بأن المسيح هو اله وانسان، لا نقول هذا بقصد تقسيمه إلى اثنين حاشا لله، وانما العكس، نحن نؤكد بتمام ما تعلنه الأسفار، لأن آلامه وموته التي حدثت هي التي "نبشر بها إلى أن يجيء ". ونحن نعترف بأن موته وقيامته قد حدثا في جسد الكلمة، وفي نفس الوقت نؤمن بأن الكلمة نفسه غير متألم ولا متحول .وانما هو الذي تألم دون أن يتألم، لأنه غير المتغير وغير المتألم كإله، ولكن "تألم في الجسد"(1بط4 : 1)، وأراد أن يذوق الموت لأنه صار "وسيطا بين الله والناس، الإنسان يسوع المسيح الذي قدم ذاته فدية عن كثيرين" (1تي2 : ). وأيضا لأنه صار وسيطا بين الله والإنسان "والآن الوسيط لا يكون وسيطا لواحد، ولكن الله واحد()"(غل3 : 20).
12-ومما سبق يظهر لنا خطأ كل الذين يقولون أن الابن الذي تألم هو آخر غير الابن الذي لم يتألم، الا انه لا يجد ابن آخر غير الابن الواحد وهو بذاته الكلمة الذي عبر الآلام والموت. فهو غير المتغير وغير المتجسد، الكلمة بذاته، قبل أن يولد في الجسد الانساني أراد أن يكمل كل الأشياء وأراد أن يكون له ذبيحة يقدمها (عب1-4). فالذي قيل أنه صار أعظم من الملائكة، ليس الكلمة خلق الملائكة، لئلا يظن أحد أنه عندما خلق الملائكة كان أقل من الملائكة، وانما الذي "صار"هو"صورة الجسد" التي أخذها الكلمة وجعلها صورته عندما ولد ميلادا طبيعيا من العذراء .هذه الصورة هي التي رفعها إلى مرتبة أعظم من مرتبة الميلاد البشري الآدمي الذي يخص آدم الأول، لأنه أتى بهذه الصورة إلى علاقة فائقة ووثيقة، حتى اننا بسبب ذلك قيل عنا نحن "مواطنون مع كل القديسين وأعضاء في بيت الله "(أف2 : 19).

الشرح السليم للتجسد Wol_errorClick this bar to view the full image.
الشرح السليم للتجسد 28205224498276885627111