لقوى الخفيّة للعقل البشري 2(4)
ممّا لا شكّ فيه بأنّ معرفة الإنسان لما يدور حوله لا تزال في طور التقدّم، نحن وإن قطعنا شوطاً لا بأس به في فهم تعريف القوّة والطاقة للعقل البشري، إلاّ أنّه وعلى الأرجح هناك مفاهيم جديدة لها لم نتمكّن حتّى الآن من تحديدها بشكل واضح ولكنّنا نستشعرها بين الحين والآخر من خلال بعض الأمور الغريبة التي تأخذ مجراها في حياتنا والتي ندرجها تحت مفهوم الأحداث الخارقة.
كثيراً ما يتسائل المرء عمّا إذا كانت طاقة الدماغ محصورة في الذكاء والتخزين والإحساس والذي تتمّ ترجمته عبر باقي أعضاء الجسم البشري، أم أنّ هناك فعلاً أمكانات وقدرات أخرى للدماغ تتخطّى تلك الحدود لتشكّل قوى فيزيولوجيّة تماماً كتلك التي نعهدها من علوم الطبيعة ؟ أي مثلاً هل يمكن للإنسان أن يؤثّر على جسم معيّن من خلال النظر إليه والتركيز عليه والتفكير فيه ولكن دون لمسه بتاتاً ؟
وإذا كان هذا الإفتراض صحيحاً فما هي نوعيّة تلك القوّة وكيف سيتمكّن العقل البشري من التحكّم بها ؟
كثيراً ما نسمع عن قصص وروايات من حياتنا اليوميّة تتناول هذا الموضوع من محاور مختلفة، ولكن يبقى المحور الأشهر هو ما نسميّة "العين الشرّيرة" أو "ظاهرة الحسد"، حيث تتمثّل هذا الظاهرة (بالمفهوم المبسّط) في أن ينظر إنسان ما إلى هدف معيّن (حيّ أو جماد) في عين ملؤها الغيرة والحسد وبالتالي فإنّ هذا الهدف قد يتعرّض للضرر بأساليب مختلفة لم يجد العلم حتّى الآن سبيلاً لفهمها أو حتّى لتفسيرها.


ولكن هل يمكن للإنسان أن يصنّف هذه الظاهرة بأنّها ظاهرة تتعدّى حدود علوم الطبيعة والحياة .... أم أنّها ظاهرة لها عواملها وأسبابها "الطبيعيّة" وإن لم تكن قد دخلت حتّى الساعة ضمن حدود دائرة علمنا ومعارفنا ؟


يمكننا أخذ الإفتراض التالي كمحور دراسة وتحليل أساسي:
عندما ينظر المرء ما إلى هدف معيّن كـ شخص آخر مثلاً أو كـ جسم معيّن، وذلك من خلال عين ملؤها الحسد والغيرة، ألا يمكن لهذه الشعور والأحاسيس السّلبيّة التي تفاعلت عبر خلايا النظر وخلايا التحليل الفكري أن تتسبّب بإطلاق رزمة طاقة "نجهل تحديد طبيعتها وآليّة انتقالها حتّى الآن" نحو هذا الهدف المعيّن مسبّبةً له الضّرر الفعلي بأشكال مختلفة ونسب متفاوتة ؟
هناك الكثير من الروايات عبر العصور المختلفة والتي تناولت هذا المحور وتحدّثت عن أشخاص قلائل استطاعوا جزئيّاً إكتشاف قدراتهم في هذا المضمار ولكنّ غالبيّة الأحداث الموثّقة أشارت إلى عدم قدرة أحد على تحديد هذه الطاقات بحيث كانوا يعيشون تجاربها وأحداثها المختلفة دون أن يتمكّنوا من السّيطرة عليها أو من التحكّم بقوّتها أو بمدّتها أو حتّى بزمنها، فكانت في أكثر الأحيان تنطلق لاإراديّاً من أشخاص يجهلون وجودها من الأساس.

إستناداً إلى تلك الوقائع التي لا تزال تتكرّر حتّى يومنا هذا، يمكننا الإفتراض لا بل والجزم بأنّ للعقل البشري قدرة على إطلاق طاقة قادرة على إحداث تغيير فيزيولوجي في الجسم الذي يقع في مرمى النظر، ولكن لا زلنا نجهل كيف ؟ وتحت أيّ تفاعل ؟ وما طبيعة هذه القوّة ؟ وما درجة تأثيرها ؟ وكيف يمكن تجنّبها أو بالأحرى كيف يمكن السّيطرة عليها والتحكّم بها ؟ .... هذا فعلاً موضوع مثير جدّاً للإهتمام وقد يؤدّي البحث البنّاء فيه إلى إحداث نقلة نوعيّة في مسيرة الإنسان نحو تحصيل المزيد من العلم والمعرفة.
بالمقابل إذا تعمّقنا في مفاهيم الإيمان والعلم فسنجد بأنّ هناك تقاطعاً كبيراً جدّاً بينها (أو بالأحرى شامل) ... ولكنّ ما توصّلنا إليه من العلم والمعرفة حتّى يومنا هذا ليس إلاّ جزءاً بسيطاً جدّاً ممّا يمكننا تعلّمه ومعرفته في هذه الحياة، وبالتّالي سنجد بأنّ هناك أسباباً وحججاً علميّة لكلّ ما يحدث في هذا الكون الفسيح .... وهنا تكمن عظمة الخالق ... (طبعاً لم نأت هنا على ذكر المعجزات التي تتخطّى حدود العلم والمنطق).

منقووول