إخوان وعسكر .. أحمدك يا رب ..!

بقلم علاء الغطريفى - المصرى اليوم

بعد ساعات قليلة من إعلان مؤشرات صعود الإسلاميين فى الانتخابات البرلمانية، بدأت ملامح الصراع الحتمى كما عبر عنه عماد الدين أديب فى حواره مع «المصرى اليوم»، فمن البديهيات أن البرلمان بما يمثله من سلطة تشريعية لكنها محددة المهمة وفق الإعلان الدستورى، سيحاول أن ينتزع ما يراه اختصاصا أصيلا لأنه النائب عن الشعب عبر صناديق الانتخابات، وسيصطدم قطعا بسلطات المجلس العسكرى المطلقة وفق الإعلان الدستورى بوصفه المشرع ورئيس السلطة التنفيذية.

وحلبة الصراع ستكون فى موقعين أحدهما ميدان التحرير بالاستغلال تارة والتجاهل تارة فى لعبة الكر والفر الإخوانية التى لا تخلو من انتهازية سياسية مارستها الجماعة بانتظام فى جميع أحداث العام الماضى منذ يناير، فى حين ستكون حكومة الجنزورى هى الحلبة الثانية وسيضعها الجميع، وعلى رأسهم الإخوان، فى مرمى النيران دائما لأنها الحلقة الأضعف الممثلة للمجلس العسكرى والمعبرة عنه.

والسجال بين الاثنين العسكر والإخوان سيكون جزءا أساسيا فى لعبة السياسة، وستبدأ قوى مدنية بانتهازية مماثلة لما يفعله الإخوان فى مغازلة العسكر من جديد على خلفية إنقاذ الدولة من سطوة برلمان متأسلم، وسنرى ردة الفعل الانفعالية على أداء نواب الإخوان والسلفيين، فالمزايدات بأنهم جاءوا بالصناديق ستكون محورا لأحاديثهم ونقاشاتهم فى الإعلام والميديا، وإعلاء اتهامات الانقلاب على إرادة الشعب والدفاع عن اختياراته التى حملتهم إلى غرف البرلمان.

مؤسسات الدولة التى تشكلت عبر العقود الماضية هى معامل أساسى فى معادلة الصراع، فهذه المؤسسات ولدت وتشكلت فى أحضان المدنية، بل تحمل توجهات سلبية ضد معظم تيارات الأيديولوجية السياسية خاصة الفاشية منها، وستلعب دورا فى الدفاع عن هذه المكتسبات برغم اختراق بعض التيارات بعض مؤسساتها، لكنها تعصى على الاحتواء لأنها رمز مصرى خلقته الحالة المصرية قبل آلاف السنين.

وتأتى على رأس هذه المؤسسات الشرطة، التى هى فى الأساس تحمل عداوة من خلال أفرادها لمعظم التيارات السياسية خاصة المتأسلمين، ومن ثم فمسألة دفاعها عن مدنيتها اختيار حياة، وستكون مسرحا للتضاغط بين العسكر والإخوان وفق هذه الخلفية.

مهنية الجيش المصرى ستكون جزءا من صراع الإرادات، فالمؤسسة التى يمكن القول بأن مدنيتها أبدية، لم تكن يوما وجها لتيار أو تعبيراً عن حالة سياسية حتى لو انخرط المجلس العسكرى فى الحياة السياسية بعد ثورة يناير، وسيكون أداء المؤسسة وفق حسابات اللحظة فصلا جديدا من المخاض المصرى الذى بدأ مطلع عام ٢٠١١.

أما السلفيون، فسيحاول كل طرف استقطابهم لصالح مشروعه، وسيبقون رقما صعبا لأنهم حديثو عهد بالسياسة ويرون الحياة من زاوية الحريات فقط ولا يحملون مشروعا واضحا رغم قبول معظم أطيافهم قواعد اللعبة السياسية التى كانوا يحرمونها قبل يناير، بل زادوا باستخدام جميع الحيل والألاعيب وصولا للتمكين حسب رأيهم.

الولايات المتحدة لا يمكن بحال نسيانها فى هذا المشهد، فهى طرف ثالث إذا صح التعبير، فواشنطن ترغب فى توجيه دفة الأحداث لتتناسب مع مشروعها فى المنطقة، فهى تبذل قصارى جهدها لكى ينتهى الأمر وفق السيناريوهات التى ترغبها والمعدة سلفا لمصر فى حال غياب مبارك، رغم أنها تفاجأت بثورة شعب مصر العظيم. وستمارس عهرها السياسى كما اعتادت بالتقارب مع الإخوان والدفاع عن الانتخابات البرلمانية، وممارسة الضغوط على السلطة المصرية التى اصطدمت بها كثيرا خلال الفترة الماضية فى ظل وطنية قادة فى المجلس العسكرى.

وإذا كانت حكمة القدر قد انتهت بنا إلى لعبة عسكر وإخوان، فإن الشعوب تدفع أثمانا للتغيير، ولنعتبر ما سنراه خلال الفترة المقبلة جزءا من التضحيات التى يقدمها المصريون ليجدوا حريتهم وقبلها صلاح أحوالهم وإشباع حاجاتهم البيولوجية، وإذا قلت أحب وأكره للاثنين، فإننى أحب التنظيم عند الإخوان ولكنى أكره الفاشية، وأحب العسكر فى الميدان وأكرههم فى السياسة.

كلمة أخيرة: الحفاظ على الثورة والمؤسسة العسكرية هو الحل الوحيد للخروج من المأزق.
منقوووووول