غل1 : 11 ، 12). فهل كان هناك إنجيل لبولس ؟
الإنجيل كلمة يونانية معناها بشرى. وقد استعملها بولس الرسول بهذا المعنى، دون أن يقصد كتاباً معيناً. فقال فى بعض الأوقات "إنجيل خلاصكم" (أف1 : 3) أى بشرى خلاصكم وقال "إنجيل السلام" (أف6 : 15) أى بشرى السلام أو البشارة بالسلام. وقال "إنجيل مجد المسيح" (2كو 4 : 4) و"إنجيل مجد الله" (1تى 1 : 11) أى البشارة بهذا المجد

ولم تكن توجد طبعاً أناجيل بهذه الأسماء وبغيرها. فعندما يقول بولس الرسول "إنى قد أؤتمنت على إنجيل الغرلة، كما بطرس على إنجيل الختان" (غل2 : 7). إنما يقصد أنه اؤتمن على حمل البشارة لأهل الغرلة أى الأمم، كما اؤتمن بطرس على حمل البشارة إلى أهل الختان أى اليهود.. بشرى الخلاص وبشرى الفداء. دون أن يعنى طبعاً وجود كتاب إسمه إنجيل الغرلة، وكتاب إسمه إنجيل الختان.. ونفس المعنى يؤخذ فى كل تعبيرات الرسول

حينما يقول "قيود الإنجيل" (فل13). إنما يقصد السجن الذى يكابده بسبب مناداته بهذه البشارة. وعندما يقول "أمورى قد آلت أكثر إلى تقدم الإنجيل" (فى1 : 12) يقصد تقدم البشارة بالخلاص. وعندما يقول "ولدتكم بالإنجيل" (1كو 4 : 15) إنما يقصد بهذه البشارة التى بشرتكم بها.. وهكذا فى باقى النصوص، لأنه لم تكن هناك أناجيل مكتوبة فى ذلك الزمان. والسيد المسيح نفسه إستخدم هذا التعبير. ففى أول كرازته، حينما كان يوحنا المعمدان فى السجن، كان المسيح "يكرز ببشارة الملكوت. ويقول قد كمل الزمان، واقترب ملكوت الله. فتوبوا وآمنوا بالإنجيل (مر1 : 14 ، 15)0

أى إنجيل هذا الذى كان يقصده المسيح؟ ولم تكن هناك أناجيل مكتوبة، ولم يكن قد أختاره تلاميذه بعد ؟ إنما كان يقصد : آمنوا ببشارة الملكوت هذه. هذه البشرى المفرحة بأن ملكوت الله قد اقترب.. لقد جاءت المسيحية تبشر بالخلاص.. بالخلاص من عقوبة الخطية ومن سلطان الشيطان. الخلاص الأبدى بالفداء. وسميت هذه البشرى إنجيلاً. ونفس الوضع فى كل استخدامات المسيح لكلمة (إنجيل) وهى كثيرة. ولعل من أمثلتها قوله لتلاميذه: "إذهبوا إلى العالم أجمع وأكرزوا بالإنجيل للخليقة كلها" (مر16 : 15). ولم يكن هناك أى إنجيل مكتوب فى ذلك الوقت، إنما قصد السيد المسيح إكرزوا ببشرى الخلاص هذه للخليقة كلها. نفس الكلام ينطبق على بولس الرسول فى قوله "الإنجيل الذى بشرت به" أى بشرى الخلاص التى بشرت بها.. وبنفس المعنى قوله : "صعدت أيضاً إلى أورشليم.. وعرضت عليهم الإنجيل الذى أكرز به بين الأمم" (غل2 : 1 ، 2). أى عرضت عليهم الكرازة التى أكرز بها بين الأمم، البشرى التى أبشر بها الأمم، إنه صار لهم الخلاص أيضاً. وهكذا حينما يقول فى رسالته إلى رومية "الله الذى أعبده بروحى فى انجيل إبنه، هو شاهد لى" (رو1 : 9). يقصد فى بشارة إبنه. وليس فى كتاب إسمه إنجيل إبنه أو إنجيل المسيح