[center]استمعت إلى لقاء مع مايكل منير وأحمد بولس على قناة الحقيقه. وكان الحديث متعلقا بموضوع خطف البنات. وكان مايكل منير يركز على تربية البنات, كما لو كان كل البنات المختطفات أو على الاقل أغلبهن ناقصات تربيه والمسئوليه تقع على أبويهن, أو الكنيسه.
وقد حاولت الادلاء بمداخله لشرح وجهة نظرى فى هذا الموضوع الهام بل والخطير ولكن لم أحظ بأى رد من محطة الارسال. وفى واقع الامر أن هذا الموقف –موقف عدم أمكانى التعليق فى موضوعات هامه بل وخطيره, أو الرد على موضوع طرحته – هو الذى جعلنى لا أستمع كثيرا إلى المحطات الفضائيه.
وعليه, وبسبب خطوره هذا الامر – خطف الفتيات – وجدت أنه لا يمكننى السكوت على هذا الامر أو النقد أو الادعاء بموضوع التربيه والنشأه والكنيسه .... إلى أخره.
وبادئ ذى بدء أقول إن النظام السابق رحمه الله وإلى غير رجعه كان يرتكب من الجرائم ضد الانسانيه ما شاء له حتى ينجح فى أن يلهى الشعب عن الفساد والفسق والشر الذى كان يزرعه هذا النظام وينميه فى مصر دون اعتبار لأى قيم أو أخلاق أو مبادئ.
وكان من أساليب السلبيات التى كان يطلقها النظام هى خطف الفتيات المسيحيات طبعا ثم يعمل على إلقاء اللوم على عاتق الاهل والابوين والكنيسه فى عدم تربية بناتهن. وهذا ما ذكره مايكل منير فى ذلك اللقاء وقد وافق الاخ أحمد بولس على أغلبه.
وإنى فى هذا المقال أنفى نفيا باتا وقاطعا حجة مسئوليه الاهل والوالدين والكنيسه والتربيه المزعومه.
فى الدول المتقدمه – لا مؤاخذه – التى تحترم القانون وتحترم إرادة الانسان, فى إبرام أى عقد بين رجال أعمال ومحامين عتاوله فى القانون والممارسه يبدأون جميعا فى المتفاوض والاخذ والرد والبحث وتغيير النص وتبديله إلى أخر هذه المسائل القانونيه والواقعيه أو التجاريه. ورغم ذلك يكون لاحد الاطراف أن يعدل عن العقد بأرادته المنفرده فى خلال ثلاثة أيام من تحريره.
أما فى مسألة أسلمة الفتيات وزواجهن فهن بالدرجة الاولى غريرات لا يتجاوزن الابعة عشر ربيعا أو على أكثر تقدير الثمان عشرة ربيعا. أى أنهن فى عمر الزهور. فجأه تختفى الفتاه ثم يزعمون أنهنا أسلمت وتزوجت بمسلم لان تربيتها ناقصه.
تلك الجرائم الانسانيه يؤخذ عليها المآخذ الآتيه:
أولا: إن المسلم يمكن أن يتزوج مسيحيه ويظل كل منهما على ديانته. فلماذا يصر على أن تتحول المسيحيه إلى الدين الاسلامى؟ الاجابه أنه لا يوجد طبعا ثمة حريه فى هذا التحويل. ذلك أنه يوجد دائما سيف الرده فإذا أسلمت الفتاه المسيحيه الغريره يمكن أن تراجع نفسها بعد قليل وتعدل عن الزيجه أو المؤامره. ولكن فى حقيقة الامر إذا أسلمت دخلت بين قضبان الرده فلا تملك أن تعدل عن قرارها (إذا كانت فعلا بإرادتها) كما لا يمكن أن تعدل عن نطقها إذا كان ذلك تحت تهديد أو إكراه إو إرهاب رغم أنها قاصر. وطبعا تبرير هذا العمل غير الانسانى بل والاجرامى أن الفتاه قد دخلت دين الحق. طبعا إنها لن تتمتع بالحوريات شأنها شأن الرجال, ولكن ربما تكون حوريه من الحوريات.
ثانيا: أن الفتاه تكون قد غرر بها وتم إقناعها أنها لا تزال على دينها وأن النطق بالشهادتين لن يحرمها من ممارسة ديانتها وأن النطق بهاتين الشهادتين ليس إلا إجراء شكليا لا يحرمها من ممارسة شعائر عقيدتها. وما تلبث الفتاه أن تكتشف أنها كانت ضحية خديعه حرمتها من ديانتها الاصليه إلى الابد, فلا تملك من الامر فكاكا.
ثالثا: يتم خداع الفتاه بواسطة شاب يكون قد لقن دروسا فى هذه المسائل فيبدأ يغازلها على أنه متيم فى الهوى وأن الصب قد أخذ بتلابيب فكره وكيانه وأنه يود أن يهجر دينه من أجلها, فلا تلبث الفتاه الغريره التى لا خبرة لها فى الحياه أن تتأثر بتلك العاطفه الجياشه. هنا يتوسل الشاب منها أن تقوم هى بالتضحيه لان تضحيته تعنى فقد الحياه والنعيم الذى ينتظرهما, فلا تلبث أن تنزلق فى هذه المصيده وتجد نفسها أنها أسلمت دون أن تدرى أو تعى التوابع الناتجه عن تصرفها.
رابعا: حدث منذ بضعة شهور أنه أمام الدرسه الايطاليه بشبرا فى السابعه صباحا سمع الماره فتاه غريره تصرخ "بيخطفونى .... إلحقونى" ولكن ما لبث المجرمون أن حملوها ودفعوا بها إلى داخل سياره اندفعت تسابق الريح.
خامسا: تصادق الفتاه المسلمه فتاه مسيحيه ولا تلبث الفتاه المسلمه أن تعطى أخاها هديه عباره عن الفتاه المسيحيه. فلا مانع من اغتصاب الفتاه التى لا تجرؤ بعد ذلك أن تعود إلى بيتها تحمل عارها. ومن ثم تكون فريسة سهله.
هذه أمثله وغيرها الكثير عما يحدث للفتيات المدعى أنهن ينقصهن التربيه أو الرقابه أو الارشاد.
وهنا أقول إن شريعة الغاب لا يمكن أن تلقى على الفتاه أو أهلها أى لوم. ففى بداية المقال ذكرت أن رجال قانون ورجال أعمال حين يتفاوضون لشهور ويبرمون العقد لكل طرف ثلاثة أيام للعدول عن ذلك العقد.
أما هنا فى حالة الفتيات فليس لهن مجال للتشاور, ليس لهن مجال للعدول, ليس لهن مجال للنصح أو الارشاد رغم صغر سنهن.
إن الرجل المسيحى حين يريد أن يبدل دينه أو يغير دينه إلى الاسلام, فإن المسيحيه تعطيه كل الحريه ذلك أنه ليس فى المسيحيه إكراه أو رده. بالنسبه للمسيحيه الله عادل لا يحاسب إنساناعلى ما أكره عليه بل يحاسبه على تصرفه بحريته الطليقه فإذا أصر على أن ينكر ديانته فله ما يريد وحسابه سوف يكون فى الآخره. مع ذلك فإنه يتعين أن يكون هناك رجل دين يشرح له أثر الخطوه التى يقدم عليها وأن السيد المسيح قد قال "من ينكرنى أما الناس أنكره أنا أمام أبى الذى فى السماوات". إلى أخر تلك النصائح التى تبرئ الكاهن من أى ذنب بسبب الرجل الذى يريد أن يغير دينه. فما بالك بالفتاه الغريره التى لا تجد أى نصح أو إرشاد أو وعظ يتعلق بتلك الخطوه التى سوف تقدم عليها؟ هذا إذا كانت ستقدم على تلك الخطوه بحريتها الطليقه فما بالك والاساليب الشيطانيه؟
إن مصر منذ عصر العادلى ومبارك تعيش أسود تاريخها سواء الاقتصادى أو الاجتماعى أو الاخلاقى. وللأسف كل الاسف أن الامر لم يتغير بعد الثوره التى كنا نظن أنها أطاحت بالفساد.
كثير من الرجال يقع تحت عمليات نصب خطيره ويفقدون بسببها آلاف بل ربما ملايين الجنيهات. وذلك رغم ما يكونوا عليه من حنكه أو خبره أو علم أو ثقافه. هذه حقيقه لا ينكرها إثنان. فما بالك بفتيات ينقصهن العلم والخبره والدرايه والممارسه بل والدراسه؟
هل يطلب من الاهالى أن يصطحبوا فتياتهم فى كل خطوه منذ لحظة خروجهن من المنزل؟ إنى أعرف أن رجلا يصطحب ابنته فى الصباح إلى الكليه وينتظرها خارج باب الكليه حتى تنتهى من دراستها ثم يصطحبها إلى المنزل. هل هذه هى التربيه المرجوه؟ حتى شريعة الغاب يكون فيها ولو نسبه بسيطه من الامان عن تلك الموجوده فى مصر الأن. هل أصحاب النقد على أولياء الامور يريدون أن تحبس الفتاه أو يتفرغ الوالد لملاصقة ابنته أينما ذهبت؟ لا شك أن هذا ليس منطقا سليما على الاطلاق.
الامر إذن لا يتعلق بالتربيه من بعيد أو قريب. إن أى إنسان يحتاج إلى مراجعة قراره خاصة لو كان مصيريا ويتعلق بأهم عنصر من عناصر تكوين الانسان ألا وهو الدين ذلك أن الدين هو الذى يحدد مصير الانسان ومستقبله الابدى.
وعليه يتعين أن يعطى الانسان فرصه وفرص لاعادة النظر فى قراره –بفرض أن هذا القرار أرادى- كذلك أى إنسان يحتاج إلى نصح من رجل الدين الذى يعتنقه وما أثر تغيير الدين على مصيره الابدى, وكذلك يحتاج المرء إلى حضن أبويه وحنانهما *9-شدانه عن الخطوه التى سوف يتخذها. وعلى الدو له الميمونه أن تساعد المرء على اتخاذ قراره بحريه دون قيد أو قسر أو قهر أو إرهاب أو ترغيب.
إن المثال القائم حاليا يفيد كيف أن الدوله تتقاعس عن أداء رسالتها تجاه المواطنين ناهيك عن أنهم قصر. الفتاه كريستين وابنة عمها نانسى فتاتان يطلق عليهام وصف طفله طبقا للقانون الدولى. مع ذلك فإن الدوله لا تعطيهما الحمايه الكافيه بل لا تعطيهما أى حمايه على الاطلاق. بعد ذلك نلقى المسئوليه على البيت والابوين والتربيه.
ويحضرنى مثال حى لما أقول وهى فتاه كانت متدينه جدا فى الاسكندريه وإذا بها تختفى ثم ما لبثت أن ارسلت رساله عبر الهاتف المحمول مؤداها "خلوا بالكم على بناتكم". هذه العباره تحمل فى طياتها الكثير من المعانى. فهى فتاه نشأت نشأه صالحه جدا ولكن ما حدث لها لا أحد يعرف عنه شيئا أو مداه. كل ما هنالك أن الدوله التى تخلت عن كل القيم لا تبسط أية حمايه على بناتها. لانها دوله لا تؤمن بالقيم ولا بالاخلاق ولا بالمبادئ.
وللاسف الشديد أن المجلس العسكرى الذى فرض نفسه واليا على الحكم وعلى الدوله وعلى مستقبل مصر, قد انتهج نفس النهج وتعامل مع موضوع اختطاف البنات بنفس الاسلوب الرخيص الذى اتبعه نظام مبارك.
إن البيت والتربيه مسئولان إذا قامت الدوله بأداء أبسط مسئولياتها بحماية المواطنين وطبعا على وجه الخصوص القصر. هنا وهنا فقط يمكن أن نبحث عن مسئولية البيت والتربيه.
إن غواية فتاه طفله هى جريمة بكل المقاييس, إن التغاضى عن مثل هذه الجرائم أيضا جريمة بكل المقاييس. على ذلك إذا قامت الدوله بمسئولياتها وما تلتزم به من حماية مواطنيها وإذا صحا ضمير الحكام وأدوا رسالتهم ومسئولياتهم, هنا وهنا فقط يمكن أن نلقى اللوم على التربيه وعلى المنزل.
وأدكر مثالا واحدا عن الشاب الذى تجاوز العشرين والذى تردد على منزل مسيحى وكان يعتدى على طفله تبلغ من العمر عشر سنوات. هل هى مسئولية البيت الذى لم يكن يتصور أن الخيانه والنذاله والخسه يمكن أن تصل إلى هذا الحد؟ بالقطع لأ.
خلاصة القول أن المسئوليه تقع على عاتق الدوله بكل أجهزتها لانها لا توفر الحمايه لمواطنيها على الاخص الفتيات القاصرات. فإذا أدت الدوله هذه المسئوليه والحمايه اللازمه, هنا وهنا فقط يمكن أن نلقى اللوم على التربيه. والقول بغير ذلك يكون إثقالا على القلوب المكلومه يصل إلى حد الظلم والافتراء.
وقد حاولت الادلاء بمداخله لشرح وجهة نظرى فى هذا الموضوع الهام بل والخطير ولكن لم أحظ بأى رد من محطة الارسال. وفى واقع الامر أن هذا الموقف –موقف عدم أمكانى التعليق فى موضوعات هامه بل وخطيره, أو الرد على موضوع طرحته – هو الذى جعلنى لا أستمع كثيرا إلى المحطات الفضائيه.
وعليه, وبسبب خطوره هذا الامر – خطف الفتيات – وجدت أنه لا يمكننى السكوت على هذا الامر أو النقد أو الادعاء بموضوع التربيه والنشأه والكنيسه .... إلى أخره.
وبادئ ذى بدء أقول إن النظام السابق رحمه الله وإلى غير رجعه كان يرتكب من الجرائم ضد الانسانيه ما شاء له حتى ينجح فى أن يلهى الشعب عن الفساد والفسق والشر الذى كان يزرعه هذا النظام وينميه فى مصر دون اعتبار لأى قيم أو أخلاق أو مبادئ.
وكان من أساليب السلبيات التى كان يطلقها النظام هى خطف الفتيات المسيحيات طبعا ثم يعمل على إلقاء اللوم على عاتق الاهل والابوين والكنيسه فى عدم تربية بناتهن. وهذا ما ذكره مايكل منير فى ذلك اللقاء وقد وافق الاخ أحمد بولس على أغلبه.
وإنى فى هذا المقال أنفى نفيا باتا وقاطعا حجة مسئوليه الاهل والوالدين والكنيسه والتربيه المزعومه.
فى الدول المتقدمه – لا مؤاخذه – التى تحترم القانون وتحترم إرادة الانسان, فى إبرام أى عقد بين رجال أعمال ومحامين عتاوله فى القانون والممارسه يبدأون جميعا فى المتفاوض والاخذ والرد والبحث وتغيير النص وتبديله إلى أخر هذه المسائل القانونيه والواقعيه أو التجاريه. ورغم ذلك يكون لاحد الاطراف أن يعدل عن العقد بأرادته المنفرده فى خلال ثلاثة أيام من تحريره.
أما فى مسألة أسلمة الفتيات وزواجهن فهن بالدرجة الاولى غريرات لا يتجاوزن الابعة عشر ربيعا أو على أكثر تقدير الثمان عشرة ربيعا. أى أنهن فى عمر الزهور. فجأه تختفى الفتاه ثم يزعمون أنهنا أسلمت وتزوجت بمسلم لان تربيتها ناقصه.
تلك الجرائم الانسانيه يؤخذ عليها المآخذ الآتيه:
أولا: إن المسلم يمكن أن يتزوج مسيحيه ويظل كل منهما على ديانته. فلماذا يصر على أن تتحول المسيحيه إلى الدين الاسلامى؟ الاجابه أنه لا يوجد طبعا ثمة حريه فى هذا التحويل. ذلك أنه يوجد دائما سيف الرده فإذا أسلمت الفتاه المسيحيه الغريره يمكن أن تراجع نفسها بعد قليل وتعدل عن الزيجه أو المؤامره. ولكن فى حقيقة الامر إذا أسلمت دخلت بين قضبان الرده فلا تملك أن تعدل عن قرارها (إذا كانت فعلا بإرادتها) كما لا يمكن أن تعدل عن نطقها إذا كان ذلك تحت تهديد أو إكراه إو إرهاب رغم أنها قاصر. وطبعا تبرير هذا العمل غير الانسانى بل والاجرامى أن الفتاه قد دخلت دين الحق. طبعا إنها لن تتمتع بالحوريات شأنها شأن الرجال, ولكن ربما تكون حوريه من الحوريات.
ثانيا: أن الفتاه تكون قد غرر بها وتم إقناعها أنها لا تزال على دينها وأن النطق بالشهادتين لن يحرمها من ممارسة ديانتها وأن النطق بهاتين الشهادتين ليس إلا إجراء شكليا لا يحرمها من ممارسة شعائر عقيدتها. وما تلبث الفتاه أن تكتشف أنها كانت ضحية خديعه حرمتها من ديانتها الاصليه إلى الابد, فلا تملك من الامر فكاكا.
ثالثا: يتم خداع الفتاه بواسطة شاب يكون قد لقن دروسا فى هذه المسائل فيبدأ يغازلها على أنه متيم فى الهوى وأن الصب قد أخذ بتلابيب فكره وكيانه وأنه يود أن يهجر دينه من أجلها, فلا تلبث الفتاه الغريره التى لا خبرة لها فى الحياه أن تتأثر بتلك العاطفه الجياشه. هنا يتوسل الشاب منها أن تقوم هى بالتضحيه لان تضحيته تعنى فقد الحياه والنعيم الذى ينتظرهما, فلا تلبث أن تنزلق فى هذه المصيده وتجد نفسها أنها أسلمت دون أن تدرى أو تعى التوابع الناتجه عن تصرفها.
رابعا: حدث منذ بضعة شهور أنه أمام الدرسه الايطاليه بشبرا فى السابعه صباحا سمع الماره فتاه غريره تصرخ "بيخطفونى .... إلحقونى" ولكن ما لبث المجرمون أن حملوها ودفعوا بها إلى داخل سياره اندفعت تسابق الريح.
خامسا: تصادق الفتاه المسلمه فتاه مسيحيه ولا تلبث الفتاه المسلمه أن تعطى أخاها هديه عباره عن الفتاه المسيحيه. فلا مانع من اغتصاب الفتاه التى لا تجرؤ بعد ذلك أن تعود إلى بيتها تحمل عارها. ومن ثم تكون فريسة سهله.
هذه أمثله وغيرها الكثير عما يحدث للفتيات المدعى أنهن ينقصهن التربيه أو الرقابه أو الارشاد.
وهنا أقول إن شريعة الغاب لا يمكن أن تلقى على الفتاه أو أهلها أى لوم. ففى بداية المقال ذكرت أن رجال قانون ورجال أعمال حين يتفاوضون لشهور ويبرمون العقد لكل طرف ثلاثة أيام للعدول عن ذلك العقد.
أما هنا فى حالة الفتيات فليس لهن مجال للتشاور, ليس لهن مجال للعدول, ليس لهن مجال للنصح أو الارشاد رغم صغر سنهن.
إن الرجل المسيحى حين يريد أن يبدل دينه أو يغير دينه إلى الاسلام, فإن المسيحيه تعطيه كل الحريه ذلك أنه ليس فى المسيحيه إكراه أو رده. بالنسبه للمسيحيه الله عادل لا يحاسب إنساناعلى ما أكره عليه بل يحاسبه على تصرفه بحريته الطليقه فإذا أصر على أن ينكر ديانته فله ما يريد وحسابه سوف يكون فى الآخره. مع ذلك فإنه يتعين أن يكون هناك رجل دين يشرح له أثر الخطوه التى يقدم عليها وأن السيد المسيح قد قال "من ينكرنى أما الناس أنكره أنا أمام أبى الذى فى السماوات". إلى أخر تلك النصائح التى تبرئ الكاهن من أى ذنب بسبب الرجل الذى يريد أن يغير دينه. فما بالك بالفتاه الغريره التى لا تجد أى نصح أو إرشاد أو وعظ يتعلق بتلك الخطوه التى سوف تقدم عليها؟ هذا إذا كانت ستقدم على تلك الخطوه بحريتها الطليقه فما بالك والاساليب الشيطانيه؟
إن مصر منذ عصر العادلى ومبارك تعيش أسود تاريخها سواء الاقتصادى أو الاجتماعى أو الاخلاقى. وللأسف كل الاسف أن الامر لم يتغير بعد الثوره التى كنا نظن أنها أطاحت بالفساد.
كثير من الرجال يقع تحت عمليات نصب خطيره ويفقدون بسببها آلاف بل ربما ملايين الجنيهات. وذلك رغم ما يكونوا عليه من حنكه أو خبره أو علم أو ثقافه. هذه حقيقه لا ينكرها إثنان. فما بالك بفتيات ينقصهن العلم والخبره والدرايه والممارسه بل والدراسه؟
هل يطلب من الاهالى أن يصطحبوا فتياتهم فى كل خطوه منذ لحظة خروجهن من المنزل؟ إنى أعرف أن رجلا يصطحب ابنته فى الصباح إلى الكليه وينتظرها خارج باب الكليه حتى تنتهى من دراستها ثم يصطحبها إلى المنزل. هل هذه هى التربيه المرجوه؟ حتى شريعة الغاب يكون فيها ولو نسبه بسيطه من الامان عن تلك الموجوده فى مصر الأن. هل أصحاب النقد على أولياء الامور يريدون أن تحبس الفتاه أو يتفرغ الوالد لملاصقة ابنته أينما ذهبت؟ لا شك أن هذا ليس منطقا سليما على الاطلاق.
الامر إذن لا يتعلق بالتربيه من بعيد أو قريب. إن أى إنسان يحتاج إلى مراجعة قراره خاصة لو كان مصيريا ويتعلق بأهم عنصر من عناصر تكوين الانسان ألا وهو الدين ذلك أن الدين هو الذى يحدد مصير الانسان ومستقبله الابدى.
وعليه يتعين أن يعطى الانسان فرصه وفرص لاعادة النظر فى قراره –بفرض أن هذا القرار أرادى- كذلك أى إنسان يحتاج إلى نصح من رجل الدين الذى يعتنقه وما أثر تغيير الدين على مصيره الابدى, وكذلك يحتاج المرء إلى حضن أبويه وحنانهما *9-شدانه عن الخطوه التى سوف يتخذها. وعلى الدو له الميمونه أن تساعد المرء على اتخاذ قراره بحريه دون قيد أو قسر أو قهر أو إرهاب أو ترغيب.
إن المثال القائم حاليا يفيد كيف أن الدوله تتقاعس عن أداء رسالتها تجاه المواطنين ناهيك عن أنهم قصر. الفتاه كريستين وابنة عمها نانسى فتاتان يطلق عليهام وصف طفله طبقا للقانون الدولى. مع ذلك فإن الدوله لا تعطيهما الحمايه الكافيه بل لا تعطيهما أى حمايه على الاطلاق. بعد ذلك نلقى المسئوليه على البيت والابوين والتربيه.
ويحضرنى مثال حى لما أقول وهى فتاه كانت متدينه جدا فى الاسكندريه وإذا بها تختفى ثم ما لبثت أن ارسلت رساله عبر الهاتف المحمول مؤداها "خلوا بالكم على بناتكم". هذه العباره تحمل فى طياتها الكثير من المعانى. فهى فتاه نشأت نشأه صالحه جدا ولكن ما حدث لها لا أحد يعرف عنه شيئا أو مداه. كل ما هنالك أن الدوله التى تخلت عن كل القيم لا تبسط أية حمايه على بناتها. لانها دوله لا تؤمن بالقيم ولا بالاخلاق ولا بالمبادئ.
وللاسف الشديد أن المجلس العسكرى الذى فرض نفسه واليا على الحكم وعلى الدوله وعلى مستقبل مصر, قد انتهج نفس النهج وتعامل مع موضوع اختطاف البنات بنفس الاسلوب الرخيص الذى اتبعه نظام مبارك.
إن البيت والتربيه مسئولان إذا قامت الدوله بأداء أبسط مسئولياتها بحماية المواطنين وطبعا على وجه الخصوص القصر. هنا وهنا فقط يمكن أن نبحث عن مسئولية البيت والتربيه.
إن غواية فتاه طفله هى جريمة بكل المقاييس, إن التغاضى عن مثل هذه الجرائم أيضا جريمة بكل المقاييس. على ذلك إذا قامت الدوله بمسئولياتها وما تلتزم به من حماية مواطنيها وإذا صحا ضمير الحكام وأدوا رسالتهم ومسئولياتهم, هنا وهنا فقط يمكن أن نلقى اللوم على التربيه وعلى المنزل.
وأدكر مثالا واحدا عن الشاب الذى تجاوز العشرين والذى تردد على منزل مسيحى وكان يعتدى على طفله تبلغ من العمر عشر سنوات. هل هى مسئولية البيت الذى لم يكن يتصور أن الخيانه والنذاله والخسه يمكن أن تصل إلى هذا الحد؟ بالقطع لأ.
خلاصة القول أن المسئوليه تقع على عاتق الدوله بكل أجهزتها لانها لا توفر الحمايه لمواطنيها على الاخص الفتيات القاصرات. فإذا أدت الدوله هذه المسئوليه والحمايه اللازمه, هنا وهنا فقط يمكن أن نلقى اللوم على التربيه. والقول بغير ذلك يكون إثقالا على القلوب المكلومه يصل إلى حد الظلم والافتراء.