نجاح من رحم الألم
"أشعر بأنني أفضل بل أسعد مما كنت عليه قبل ولادتي كريستوفر"
ستعتقدون أن قائلة هذه العبارة رزقت طفلا جميلا حول حياتها إلى عالم من الراحة النفسية والمتعة والاطمئنان، ولكن هل ستتوقعون أن هذه الولادة من أصعب الولادات واعقدها ... تعرضت خلالها برناديت (الأم) لخطر الموت ولم ترى وليدها إلا بعد ثلاثة أسابيع من ولادته!!!. حيث وضع بين يديها طفلا ملتويا عاجزا عن الحركة والنطق والتعبير إلا عن بعض الإيماءات بعينيه وحاسة سمع أخذت تقوى مع الأيام ، من خلالها وجدت برناديت بصيص أمل لتجعل من ولدها هذا معجزة المعجزات!!...
وكما يزيد الضرب الحديد قساوة ، ازدادت برناديت إرادة وعزيمة وإصرار فجعلت من كريستوفر _الطفل التوتري_ شخصاً مهم في بريطانيا كلها.
لم تدع اليأس يسيطر عليها ولا الدموع والكآبة تفترسها، بل كرست برناديت حياتها لولدها فزرعت فيه حب التحدي والإصرار لتحقيق ذاته، لتحول مرارة الألم وقسوة المعاناة إلى لذة نصر ونشوة نجاح.
فرغم استجابة كريستوفر البطيئة استطاعت تعليمه بعض الإيماءات البسيطة بحركة عينيه ، وأخذت تحيطه بالأصدقاء والأقارب ولم تعزله عن العالم كأنه وصمة عار.
ومع ظهور الكومبيوتر بدأت تعليمه الكتابة بالنقر على لوحة المفاتيح بوساطة قلم ربطته إلى جبينه ، استطاع بواسطته أن يكتب بعض الكلمات ليعبر عن حاجاته ورغباته،مستغرقا 3 دقائق لكتابة كل كلمة، ثم أدرك كريستوفر جهود والدته الجبارة في تهيئة الظروف لجعله شخصاً ذا شأن كبير ، فبدأ رحلته في عالم الكتابة ، يدفعه إصراره على النجاح.
بكثير من الأمل الممزوج بالألم وبيأس معدوم ، استطاع كريستوفر أن يصرع حروف الكمبيوتر، ولم تصرعه الإعاقة وألف أول قصائده وهو في الخامسة عشرة من عمره، وكانت جميلة جدا لدرجة أن إحدى الصحف تلقفتها ونشرتها، وعندما أصبح في الواحد والعشرين اصدر سيرته الذاتية باسم "تحت عيون الساعة"
وعنه قال احد النقاد : "إن هذا الكتاب الضئيل الحجم، بالنسبة لكتب مماثلة ،سيدخل تاريخ الأدب الانكليزي من أوسع أبوابه، لأنه نابع من أعماق المعاقين المحطمين في أي مكان من العالم". بهذا الكتاب حصل كريستوفر على أشهر جائزة أدبية في انكلترا، جائزة ويتبريد للأدب الرفيع.
لم يكن نجاح كريستوفر ليتحقق لولا صبر أم أبت أن يكون ولدها أقل من باقي البشر، وإصرارها أن يكون ابنها أفضل من كثيرين ممن ولدوا معافين لكنهم لم يحظوا بأم تفجر قطرات النجاح من صخرة الحياة
منقووووووووول