أداةُ الشيطان المُفضَّلة
الشيطان الذي يستخدم ضعفنا ليُجرِّبنا, يستفيد جدًّا مِن إحساسنا بالقنوط.
توجد أسطورة مفادها أنَّ الشيطان قرّر مَرَّة أنْ يتقاعد, فأعدَّ كلَّ آلاته للبيع: الكراهية, الحسد، الشَّهوة, الرياء .. الخ. وكَتَبَ ثمن كلَّ منها على طرف معدني بعد أن رتَّبها بطريقة مُغرية للغاية, ووضع لواحدة مِنْ هذه الأدوات ثمنًا باهظًا, وعندما سُئل لماذا؟ أجاب: ”إنَّ هذه الأداة تُسمَّي الإحباط, وهي الس...
لاح الأكثر فاعليَّة, إنَّني أستطيع أنْ أعمل بها أكثَر ممَّا أستطيع أنْ أعمله بجميع الأدوات مجتمعة, وذلك لأن قِلَّة مِن الناس تظن أنَّ هذه الآلة تخصَّني“.
يحكِي قديس عظيم في الكنيسة ويقول إنَّه يرى رُؤى كثيرة للشياطين, ويتكلَّم معهم كما لو كانوا بَشَرًا, ومِمَّا له معنى عميق في كلامه هو ما سَرَدَهُ أنَّ هذه الأرواح الشِّرِّيرة عندما كانت تظهر كانت تقول له: ”إمَّا أنَّك قديس“ أو: ”لن يمكنك أن تخلص أبدًا“.
كانت الأدوات التي يستخدمها الشيطان ليحاول بها أنْ يظفر بنفس القديس إمَّا الكبْرياء أو الإحباط. أظهَرَت الكِبْرياء وجهها بعبارة: ”أنتَ قديس“, كما كشف الإحباط عن وجهه بالكلمات: ”لن يمكنك أنْ تخلص أبدًا“.
الكبْرياء حقًّا هو أداة نافعة جدًّا في أيدي الشياطين, ولكن فائدتها لا تصل ولا إلى نصف فائدة الإحباط. كان الإحباط هو الآلة التي استخدمها الشيطان لينتصِر على يهوذا, لقد أوحى إليه أنَّ السيِّد المسيح لنْ يغفر له أبدًا بعد أن ارتكب مثل تلك الخيانة الشنعاء, وصدَّقه يهوذا! كان الإحباط هو ما منعه مِن العودة إلى المسيح لينال الغُفران. كان الإحباط هو الذي يقوده كما قاد كثِيرين إلى الانتحار. يقول القديس يوحنا الدَرَجي: ”مَنْ ييأس يرتكب الانتحار“.
إنَّ الشياطين بمحاولتها أنْ تقنعنا بأن خطيئتنا كبيرة جدًّا على الله, إنَّما هي تقصد أنْ تحطِّمنا عن طريق اليأس.
أشار إسكتلندي مُبدِع إلى أنَّ التجديف الحقيقي ليسَ هو مجرَّد كلمات داعِرة تُقال, ولكن أكبر كلمة تجديف هي ”لا رجاء“.
عندما تقول عن شخص أو موقف ما إنَّه ”لا أمل فيه“, فأنتَ هنا تضرب الباب بعنف وتغلقه في وجه الله. ولهذا السبب فالقنوط يُصنَّف ضمن الخطايا السبع الكُبْرى. قال بول تِلِيش Paul Tillich ذات مَرَّة: ”إنَّ الخطيئة في عمق معناها, يأسٌ يسود في وسطنا“.

"رحمة الله لا حدَّ لها, ولا شيء يفوقها. وهذا هو السَّبب في أن مَنْ ييأس منها تصير هي عِلَّة موته"
القديس يوحنا الدَرَجي
"من كتاب حضور الله وقت المرض والحزن والاكتئآب واليأس للأب أنتوني

"