إنسان يعيش في نقاوة القلب، بعيداً عن العثرات الجسدية:

يعيش محترساً تماماً، لا يقرأ قراءات تعثره، ولا ينظر إلى أية مناظر تعثره، ولا يختلط بأية خلطة معثرة، ولا يستمع إلى أية أحاديث معثرة. وهكذا يحتفظ بأفكاره نقية، لا تدخل إلى قلبه أى شيء غير طاهر... هذا الإنسان الطاهر، يريد الشيطان أن يحاربه. ولا يستطيع أن يقدم له عثرة مكشوفة، لأنه سيرفضها حتماً. فماذا تراه يفعل؟

يفتح أمامه الباب ليكون مرشداً روحياً، يقود الشباب للطهارة. إذ كيف يعيش في الطهارة وحده، ويترك أولئك المساكين يسقطون كل يوم، ولا يقدم لهم مشورة صالحة تنقذهم مما هم فيه؟! ويقول له استمع إلى قول الرسول "من رد خاطئاً عن ضلال طريقة، يخلص نفساً من الموت، ويستر كثرة من الخطايا" (يع5: 20). ويظل به يقنعه لكي يقبل هذه الخدمة الروحية الحيوية، حتى يقتنع، ويقبل أن يرشد الذين يأتون إليه.. ثم تأتى بعد هذا الخطوة الثانية، وهى:

لكى يكون إرشاده عملياً، لابد أن يستمع إلى مشاكلهم وأخطائهم.

ويظل هؤلاء يضعون في أذنيه أخبارهم وقصص سقوطهم. وقد يقولون كل شيء بالتفاصيل. وربما يكون في ما يحكون في ما يعثر... ويستمع (المرشد) الطاهر إلى كل ما كان يبعد عن سماعه، ويعرف ما كان لا يحب مطلقاً أن يعرفه. وما كان يحاول أن يبعد عنه، أصبح الآن ينصب في أذنيه، بكامل رضاه... وكل واحد يقدم صورة جديدة، أو صوراً عديدة من الخطأ.

وعن طريق الإرشاد، يجد صاحبنا عقله وقد امتلأ بصور دنسة!

وأصبح يعرف أشياء صارت تشوه طهارة تفكيره، وتدنسه بأخبار وقصص "ذكرها أيضاً قبيح" (أف 5: 12)... وحتى إن لم تعثره وتغرس فيه إنفعالات خاطئة، فعلى الأقل ستنجس فكره. وكأنه قد قطف أثماراً غريبة من شجرة معرفة الخير والشر...

فإن حاول أن يبتعد، يقال له: ما ذنب هؤلاء الشباب؟

وقد يكونون قد تعلقوا به، واستراحوا إلى إرشاده. وربما يتعبون ضميره بأنه إن تخلى عنهم سيرجعون إلى خطاياهم مرة أخرى، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. وقد يلحون عليه في أن يظل يسندهم حتى يقفوا على أرجلهم.. وهكذا يحدث له ما حدث للوط البار، إذ قيل عنه "إذ كان البار بالنظر والسمع – وهو ساكن بينهم – يعذب يوماً فيوماً نفسه البارة بالأفعال الأثيمة" (1بط 2: Cool. وهذا الأخ قد يكون بالسمع فقط وليس بالنظر. وربما ما يسمعه يضع في ذهنه صوراً لم ينظرها من قبل، وكأنه نظرها فعلاً..

وما أدرانا، ربما هذا الأخ المرشد، يسقط، ولو بالفكر والقلب!

كان يمكن من أول القصة أن يحيلهم إلى أب اعتراف ويريح نفسه. ولكن الشيطان ورطه، أو قذف به في أول الطريق، فقبل ذلك بسلامة نية، دون أن يعرف كيف يتطور به هذا الموضوع. وقد ينجح أخيراً في تحويل هؤلاء إلى آباء اعتراف. ولكن بعد أن يكون فكره هو قد صار مخزناً لقصص كثيرة وأخبار، ضيعت نقاوته الأولى، وأدخلت في ذهنه معلومات جديدة عليه، ينطبق عليها قول الحكيم "الذي يزيد علماً، يزيد حزناً" (جا 1: Cool. موضوع جميل عجبني قل انقلهولكم<<<<<<<<<<<<<<<<<<