توقفت سفينة قادمة من الإسكندرية متجهة إلى روما حاملة كميات ضخمة من القمح المصري في ميناء المواني الحسنة والإبحار في هذا التوقيت مجازفة غير محمودة العواقب ، و لكن كان هناك رأي أن الإبحار بضع ساعات والتعرض للخطر من أجل تجنب قضاء الشتاء في هذا الميناء حيث الشتاء القارص البرودة .
تُرى أتقلع السفينة حالاً إلى فينكس هرباً من معاناة الشتاء ؟ أم تبقى في ميناء المواني الحسنة حرصاً على سلامة ركابها ؟ سؤال شغل أذهان ركاب هذه السفينة مَنْ الذي يحق له اتخاذ القرار ؟ هل هو مالك السفينة ؟ .. هل رُبّانها و قائد بحارتها ؟ .. كلا ، بل قائد مائة روماني كان ضمن ركاب السفينة بصحبة جنود كلفهم بحراسة أسرى أصعدهم معه من بين هؤلاء الأسرى الرسول بولس كان مرسلاً إلى روما ليحاكم في محكمة قيصر بسبب إتهام اليهود له .
و كان من بين الركاب أيضاً لوقا الطبيب و أرسترخس ... الأول استخدمه الروح القدس في سرد ما جرى لهذه السفينة في سفر أعمال الرسل ، و الثاني هو أحد الخدام المخلصين في الخدمة ( كو 4 : 10 ) كلاهما حرص على مصاحبة الرسول بولس إلى روما و لم يخجلا من كونه أسيراً .أنهي القائد حيرة الركاب و أصدر أوامره أن تقلع السفينة بالرغم من أن الرسول بولس و هو الأسير حذر القائد من اتخاذ هذا القرار" جعل بولس ينذرهم . قائلاً أيها الرجال إني أرى أن هذا السفر عتيد بضرر و خسارة كثيرة " ( أع 27 : 9 ) .
و للأسف استمع قائد المئة إلى هذا الإنذار لكنه لم يعطه اهتماماً. يقول القديس لوقا " و كان قائد المئة ينقاد إلى رُبّان السفينة و إلى صاحبها أكثر من بولس " ( أع 27 : 11 ) ، هكذا أقلعت السفينة من مينـاء الموانـي الحسـنة سائرة بمحاذاة شاطئ جزيرة كريت يحدوها الأمل أن تصل فينكس في غضون ساعات قليلة ..
لكن سرعان ما تحطم هذا الأمل إذ هب عليها إعصار شديد القوة خطفها بعيداً إلى أعماق البحر لتبدأ مأساة رهيبة خمسة عشر يوماً و الأمواج تجرها حتى أغرقتها و لولا وجود بولس و لوقا و أسترخس لهلك كل ركابها في قاع البحر .
+ إنها حقاً مأساة ... لكن هذه هي نتيجة الاستخفاف بصوت الله المحب الذي يُحذّر ، لقد استخف قائد المئة بصوت الله الذي سمعه عن طريق الرسول بولس فعرّض نفسه و ركاب السفينة للخطر .. فكم يؤذي الإنسان نفسه حينما يرفض قيادة الله له .
أيها الحبيب ..
إن أحداث الحياة مثل أمواج البحر تكون هادئة ساكنة آمنة و أحياناً أخرى تتلاطم بعنف و تهب عليها الأعاصير فيصير الابحار خطراً للغاية . ما هي خطورة أن تسير خارج دائرة مشيئة الله ؟ و كيف تكون مثل الرسول بولس قادراً على التمييز؟ كيف تقتني اليقين بأن قراراتك في مشيئة الله ؟ تُرى هل أدركت الهدف من قصة السفينة ؟
هذه بعض من النتائج المريرة للخروج عن مشيئة الله :-
+ تفقد سيطرتك على مجريات الأمور ، و تصير عاجزاً .
+ تُصاب بالفشل .. جهد كثير وعائد قليل أو شبه منعدم .
+ تتعرض لخسائر جسيمة ومتتالية .
+ يتحطم أملك في الإنقاذ .
حيثما تسبر خارج مشيئة الله ستشعر بالعجز والإعياء ولكن سيتقابل معك ويقول إذ هب راجعا (1مل19: 15) لتعود إلى التحرك في دائرة مشيئة ولكن هناك معوقات إمام أتمام خطة الله نتذكر منها:
+ قوة المنطق العقلي( رأى المتخصصون وأصحاب الخبرة ) .
+ ضغط الظروف غبر المريحة .
+ اليمالك والتطلع إلى بلاد نواب ( تث 23: 6 ) يعقوب والمجاعة ( تك 45: 9 – 11 ) .
+ جاذبية السهولة و الراحة - فينكس ميناء قريب ومناسب للشتاء .
+ تأثير الأغلبية: قرار الإبحار كان قرار الأغلبية من الركاب والبحارة .
+البداية المخادعة : هبوب الريح الجنوبية المطمئنة كان في نظر البحارة الرأي الصائب لكن عندما يكون قراراتك وفق مشيئة الله حينئذ تتمتع بالبركات :
+ بركة الإيمان: الله يريد جميع الناس يخلطون والى معرفة الحق يقبلون (1 تيمو 2 :4 )
+ القداسة : لان هذه هي إرادة الله قداستكم إن تمتنعوا عن الزبالان الله لم يدعنا للنجاسة بل للقداسة (1 تس 4 : 7- 1) .
+ الأعمال الحسنة : لان هكذا هي مشيئة الله إن تفعلوا الخير كأحرار وليس كعبيد (1 بط 2 : 15 – 16 ) .
+ حياة الشكر: اشكروا في كل شي لان هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم ( 1 تس 5 : 18 ) .
" ذابح الحمد يمجدني " ( مز 50 : 23 ) .
+ الإخلاص في الواجبات اليومية . ان مشيئة الله لكل أولاده أن يؤدوا عملهم باخلاص و حماس كما لو كان يفعل ذلك من أجل المسيح .