هل القبطي كائن غير برلماني ؟
مدحت بشاي يكتب ..
في انتظار أول انتخابات بعد ثورة اللوتس البديعة، تتجدد آمال أبناء المحروسة الأقباط في ممارسة نشاط إنساني طبيعى..يرشحون ويترشحون .. ينتخبون ويصوتون باعتبارهم في النهاية وأقسم على ذلك من أهل البلد دي ..
عقب كل انتخابات برلمانية ينتظر المواطن المسيحي بيان أعداد الأقباط في القوائم التي تُقدمها وتُرشحها الأحزاب لعضوية البرلمان، يتبعها حالة إحباط عام في الشارع القبطي، ويجد المواطن المسيحي نفسه في مواجهة العديد من علامات الاستفهام، والتي غالباً ومن وجهة نظره مالا يجد لها إجابة ومنها :
هل وُلِد المواطن المسيحي، وله بالضرورة قرين شبيه له يحمل ذات الجنسية واللون ومحل الميلاد والانتماء لذات التاريخ والجغرافيا والمناخ الفكري والتراث الإنساني، ولكن ذلك القرين (الآخر) يختلف معه في الديانة فقط، وعلى الشبيه أن يقوم بتمثيله في مجلس الشعب، وفي بعض المواقع ذات المكانة الأعلى؟!
ولماذا يسأل المواطن المسيحي عن عدد النواب الأقباط مع عقد الجلسة الأولى للبرلمان بعد كل الانتخابات؟!.. لماذا نظرته الطائفية لموضوع التمثيل البرلماني، رغم أن المجلس في دوراته في الحقب الأخيرة شهد تقدم نواب من إخوتهم شركاء الوطن من المسلمين بتقارير ومشاريع قوانين تاريخية رضى عنها الأقباط مثل تقرير الدكتور جمال العطيفي، ومشروع القانون الذي قدمه المستشار الجويلي عضو المجلس منذ سنوات حول شروط موحدة لبناء دور العبادة؟
ويسأل قبطي هل ثبت وبالدليل القاطع أن التركيبة الجينية للمواطن المسيحي لا تؤهله بأي حال من الأحوال لممارسة العمل الحزبي والبرلماني والسياسي عبر آلية ديمقراطية منضبطة باحتراف؟.. أم قد يكون السبب مثلاً أن المواطن القبطي ينمو ويترعرع في ظل نظام كهنوتي يعتمد منهج «على ابن الطاعة تحل البركة»، والطاعة ليست بنت الديمقراطية ولا تشبهها، حتى لو كانت البركة من بين ثمار الديمقراطية؟.. ربما!، أم لأن النظام الكهنوتي نظام راسخ ومستقر لا يسمح بوجود أي آلية لتبادل السلطة الكنسية، فالكرسي يفقد فقط عند صعود روح صاحب الكرسي إلى خالقها في ملكوت الرحمن، وعليه فلا مجال للعمل الحزبي أو البرلماني، تصديقاً لقول الزعيم الليبي التاريخي معمر القذافي «إن الديمقراطية متعددة الأحزاب، هي عار تروج له الحكومات التي تعامل شعوبها «مثل الحمير »، وتنكر عليهم السلطة الحقيقية».. ؟!!
ولكن لماذا تمرد على هذا النظام الكهنوتي في الزمن البديع رموز قبطية مارست العمل الحزبي والسياسي والوطني باقتدار، وحفل بهم تاريخ الحياة السياسية والبرلمانية منذ عام 1866 وحتى عام 2010 مثل النواب: جرجس برسوم، والمعلم فرج عمدة دير مواس، وويصا واصف (رئيس مجلس النواب 1934) والذي أعيد انتخابه أكثر من مرة، وسينوت حنا عضو اللجنة التشريعية للحزب الوطني القديم عام 1913 وصاحب المقولة الشهيرة «الوطنية ديننا والاستقلال حياتنا»، والبابا كيرلس الخامس عضو مجلس الشورى، والذي أعلن أن الإنجليز يمثلون مكمن الخطر على أقباط مصر، وفخري عبد النور المجاهد الوطني الذي وافته المنية وهو يقدم 3 استجوابات هامة وخطيرة تحت قبة البرلمان .. ووصولاً إلى منير فخري عبد النور سكرتير عام حزب الوفد السابق، والقمص بولس باسيلي أول وآخر كاهن يدخل البرلمان بالانتخاب الحر المباشر.. وعليه فحكاية التركيبة الجينية القبطية والامتثال الكهنوتي مجرد افتكاسات ولا أخيب، أليس كذلك؟!
ويبقى السؤال لماذا تشهد مواسم الانتخابات حالة من التودد والتعاطف وإطلاق الوعود من جانب الأحزاب لرموز الأقباط ومرشحيهم قبل/ ومع بداية تلك المواسم، وبالتدريج ينصرف الجميع عنهم، بعد اللعب بالورقة القبطية، لينتهي المشهد بالعودة للمربع الأول ومحدودية الوجود البرلماني للأقباط؟!
لماذا تشهد ساحات الانتخابات منذ بداية الإعداد لتنظيم عملياتها، وحتى ظهور النتائج حالة من تراجع الوعي الوطني بحكاية التمثيل السياسي للأقباط من جانب كل التيارات السياسية، بشكل لايتناسب مع شعب له تاريخ برلماني عتيد وعظيم؟!
ويظل الأقباط يسألون : لماذا يتم تشريع قوانين خاصة للأقباط في غياب نسبي لممثلين لهم في البرلمان، كقوانين الأحوال الشخصية، وتنظيم بناء دور العبادة، والتمييز الديني.. الخ، حيث يرون أن لها خصوصية تتعلق بشأن قبطي خالص؟
لماذا قبل بعض الأقباط في ظل تلك الظروف قرار تعيينهم من قبل الرئيس المخلوع كنواب في مجلسي الشعب والشورى.. كيف يرضون أن يلعبوا مثل هذا الدور الغريب، فما معنى ترشيح نظام لنائب من المفروض أن يمارس الدور الرقابي على مؤسسات الدولة، والتي كان معظمها مؤسسات نظام في النهاية؟!!!
وبعيداً عن تلك الطرائف والاتهامات التي تعتمد في بعض الأحيان على فرضيات يُختلف حولها، وقد يُرفض بعضها الآخر لمحدودية النظرة إلى حد يراها البعض طائفية، فإن الوضع في الاعتبار الاختيارات في العملية الانتخابية على أساس الهوية الدينية يعود لتراكم تراث طائفي مقيت أمر يدفع ثمنه الأقباط في أغلب الأحوال .. لم ير الأقباط في مكرم عبيد أنه يمثلهم، ورفضوا ذلك بشدة، وفي عام 1949 كان ابراهيم المنياوي وكيلاً للمجلس الملي، ورشح نفسه لمجلس النواب عن حزب الكتلة الوفدية (حزب مكرم عبيد ورفاقه) فاعترض الأقباط على أن يكون وكيل المجلس الملي بهذا الترشح على أساس حزبي، بما قد يؤشر بحالة ما من ارتباط الأقباط بهذا الحزب، وتم تخيير المنياوي بين الترشح مستقلاً أو عدم الترشُّح من الأساس، وبين وكالة المجلس الملي، فعدل الرجل عن الترشح..
أستأذن القارئ تعقيباً على تلك الأفكار والمظنات السابق عرضها في المقال إطلاق رسائل موجزة:
الموضوعية تقتضي القول بأن هناك جهوداً حقيقية تبذل في مصر بعد ثورة يناير من أجل تجاوز الأجواء الطائفية. وإن كانت الحركة في هذا الصدد تتسم بإيقاع بطىء في وتيرة حركة التخلص من هذه الأجواء..
ينبغي أن يدرك الأقباط بعد ثورة اللوتس، أن مفهوم المشاركة السياسية لا يقتصر فقط على التصويت فى أى انتخابات، وإنما يمتد ليشمل المشاركة فى عضوية الأحزاب السياسية، والجمعيات الأهلية والسياسية والثقافية..
هناك معوقات كثيرة تجهض المشاركة السياسية للأقباط فى مصر، تتمثل فى المناخ الطائفى، وتديين الحركة السياسية، والفهم غير الصحيح للمواطنة الحقيقية، والإخلال بمبدأ تكافؤ وتساوى الفرص بين المواطنين بغض النظر عن عقائدهم واتجاهاتهم الفكرية، فالحديث عن المواطنة شىء والتطبيق العملي على أرض الواقع شىء آخر..
مدحت بشاي يكتب ..
في انتظار أول انتخابات بعد ثورة اللوتس البديعة، تتجدد آمال أبناء المحروسة الأقباط في ممارسة نشاط إنساني طبيعى..يرشحون ويترشحون .. ينتخبون ويصوتون باعتبارهم في النهاية وأقسم على ذلك من أهل البلد دي ..
عقب كل انتخابات برلمانية ينتظر المواطن المسيحي بيان أعداد الأقباط في القوائم التي تُقدمها وتُرشحها الأحزاب لعضوية البرلمان، يتبعها حالة إحباط عام في الشارع القبطي، ويجد المواطن المسيحي نفسه في مواجهة العديد من علامات الاستفهام، والتي غالباً ومن وجهة نظره مالا يجد لها إجابة ومنها :
هل وُلِد المواطن المسيحي، وله بالضرورة قرين شبيه له يحمل ذات الجنسية واللون ومحل الميلاد والانتماء لذات التاريخ والجغرافيا والمناخ الفكري والتراث الإنساني، ولكن ذلك القرين (الآخر) يختلف معه في الديانة فقط، وعلى الشبيه أن يقوم بتمثيله في مجلس الشعب، وفي بعض المواقع ذات المكانة الأعلى؟!
ولماذا يسأل المواطن المسيحي عن عدد النواب الأقباط مع عقد الجلسة الأولى للبرلمان بعد كل الانتخابات؟!.. لماذا نظرته الطائفية لموضوع التمثيل البرلماني، رغم أن المجلس في دوراته في الحقب الأخيرة شهد تقدم نواب من إخوتهم شركاء الوطن من المسلمين بتقارير ومشاريع قوانين تاريخية رضى عنها الأقباط مثل تقرير الدكتور جمال العطيفي، ومشروع القانون الذي قدمه المستشار الجويلي عضو المجلس منذ سنوات حول شروط موحدة لبناء دور العبادة؟
ويسأل قبطي هل ثبت وبالدليل القاطع أن التركيبة الجينية للمواطن المسيحي لا تؤهله بأي حال من الأحوال لممارسة العمل الحزبي والبرلماني والسياسي عبر آلية ديمقراطية منضبطة باحتراف؟.. أم قد يكون السبب مثلاً أن المواطن القبطي ينمو ويترعرع في ظل نظام كهنوتي يعتمد منهج «على ابن الطاعة تحل البركة»، والطاعة ليست بنت الديمقراطية ولا تشبهها، حتى لو كانت البركة من بين ثمار الديمقراطية؟.. ربما!، أم لأن النظام الكهنوتي نظام راسخ ومستقر لا يسمح بوجود أي آلية لتبادل السلطة الكنسية، فالكرسي يفقد فقط عند صعود روح صاحب الكرسي إلى خالقها في ملكوت الرحمن، وعليه فلا مجال للعمل الحزبي أو البرلماني، تصديقاً لقول الزعيم الليبي التاريخي معمر القذافي «إن الديمقراطية متعددة الأحزاب، هي عار تروج له الحكومات التي تعامل شعوبها «مثل الحمير »، وتنكر عليهم السلطة الحقيقية».. ؟!!
ولكن لماذا تمرد على هذا النظام الكهنوتي في الزمن البديع رموز قبطية مارست العمل الحزبي والسياسي والوطني باقتدار، وحفل بهم تاريخ الحياة السياسية والبرلمانية منذ عام 1866 وحتى عام 2010 مثل النواب: جرجس برسوم، والمعلم فرج عمدة دير مواس، وويصا واصف (رئيس مجلس النواب 1934) والذي أعيد انتخابه أكثر من مرة، وسينوت حنا عضو اللجنة التشريعية للحزب الوطني القديم عام 1913 وصاحب المقولة الشهيرة «الوطنية ديننا والاستقلال حياتنا»، والبابا كيرلس الخامس عضو مجلس الشورى، والذي أعلن أن الإنجليز يمثلون مكمن الخطر على أقباط مصر، وفخري عبد النور المجاهد الوطني الذي وافته المنية وهو يقدم 3 استجوابات هامة وخطيرة تحت قبة البرلمان .. ووصولاً إلى منير فخري عبد النور سكرتير عام حزب الوفد السابق، والقمص بولس باسيلي أول وآخر كاهن يدخل البرلمان بالانتخاب الحر المباشر.. وعليه فحكاية التركيبة الجينية القبطية والامتثال الكهنوتي مجرد افتكاسات ولا أخيب، أليس كذلك؟!
ويبقى السؤال لماذا تشهد مواسم الانتخابات حالة من التودد والتعاطف وإطلاق الوعود من جانب الأحزاب لرموز الأقباط ومرشحيهم قبل/ ومع بداية تلك المواسم، وبالتدريج ينصرف الجميع عنهم، بعد اللعب بالورقة القبطية، لينتهي المشهد بالعودة للمربع الأول ومحدودية الوجود البرلماني للأقباط؟!
لماذا تشهد ساحات الانتخابات منذ بداية الإعداد لتنظيم عملياتها، وحتى ظهور النتائج حالة من تراجع الوعي الوطني بحكاية التمثيل السياسي للأقباط من جانب كل التيارات السياسية، بشكل لايتناسب مع شعب له تاريخ برلماني عتيد وعظيم؟!
ويظل الأقباط يسألون : لماذا يتم تشريع قوانين خاصة للأقباط في غياب نسبي لممثلين لهم في البرلمان، كقوانين الأحوال الشخصية، وتنظيم بناء دور العبادة، والتمييز الديني.. الخ، حيث يرون أن لها خصوصية تتعلق بشأن قبطي خالص؟
لماذا قبل بعض الأقباط في ظل تلك الظروف قرار تعيينهم من قبل الرئيس المخلوع كنواب في مجلسي الشعب والشورى.. كيف يرضون أن يلعبوا مثل هذا الدور الغريب، فما معنى ترشيح نظام لنائب من المفروض أن يمارس الدور الرقابي على مؤسسات الدولة، والتي كان معظمها مؤسسات نظام في النهاية؟!!!
وبعيداً عن تلك الطرائف والاتهامات التي تعتمد في بعض الأحيان على فرضيات يُختلف حولها، وقد يُرفض بعضها الآخر لمحدودية النظرة إلى حد يراها البعض طائفية، فإن الوضع في الاعتبار الاختيارات في العملية الانتخابية على أساس الهوية الدينية يعود لتراكم تراث طائفي مقيت أمر يدفع ثمنه الأقباط في أغلب الأحوال .. لم ير الأقباط في مكرم عبيد أنه يمثلهم، ورفضوا ذلك بشدة، وفي عام 1949 كان ابراهيم المنياوي وكيلاً للمجلس الملي، ورشح نفسه لمجلس النواب عن حزب الكتلة الوفدية (حزب مكرم عبيد ورفاقه) فاعترض الأقباط على أن يكون وكيل المجلس الملي بهذا الترشح على أساس حزبي، بما قد يؤشر بحالة ما من ارتباط الأقباط بهذا الحزب، وتم تخيير المنياوي بين الترشح مستقلاً أو عدم الترشُّح من الأساس، وبين وكالة المجلس الملي، فعدل الرجل عن الترشح..
أستأذن القارئ تعقيباً على تلك الأفكار والمظنات السابق عرضها في المقال إطلاق رسائل موجزة:
الموضوعية تقتضي القول بأن هناك جهوداً حقيقية تبذل في مصر بعد ثورة يناير من أجل تجاوز الأجواء الطائفية. وإن كانت الحركة في هذا الصدد تتسم بإيقاع بطىء في وتيرة حركة التخلص من هذه الأجواء..
ينبغي أن يدرك الأقباط بعد ثورة اللوتس، أن مفهوم المشاركة السياسية لا يقتصر فقط على التصويت فى أى انتخابات، وإنما يمتد ليشمل المشاركة فى عضوية الأحزاب السياسية، والجمعيات الأهلية والسياسية والثقافية..
هناك معوقات كثيرة تجهض المشاركة السياسية للأقباط فى مصر، تتمثل فى المناخ الطائفى، وتديين الحركة السياسية، والفهم غير الصحيح للمواطنة الحقيقية، والإخلال بمبدأ تكافؤ وتساوى الفرص بين المواطنين بغض النظر عن عقائدهم واتجاهاتهم الفكرية، فالحديث عن المواطنة شىء والتطبيق العملي على أرض الواقع شىء آخر..