دينية .. ولا مدنية .. ولا عسكرية
بقلم د. وحيد عبدالمجيد - المصرى اليوم
لا تزال الدولة المصرية فى خطر، بالرغم من أن مشهد الإقبال على المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية بدا مبهراً. اختلطت إيجابيات هذا الإقبال بسلبيات الاستقطاب الإسلامى- الليبرالى وما يقترن به من فرز طائفى. وفى خلفية المشهد الانتخابى، يظل خطر الصدام الذى كادت البلاد تنجرف إليه الأسبوع الماضى بسبب قضية نقل السلطة إلى حكم مدنى قائماً. فلم يحل الإقبال الهائل على الانتخابات دون إصرار بعض دعاة التسليم الفورى للسلطة على الدعوة إلى «مليونية» جديدة اليوم.
فالخطر إذن، لا يزال قائماً. وقد مرت علينا أيام منذ مساء السبت قبل الماضى، وحتى بدء الانتخابات البرلمانية، كان السؤال فيها عن مصير الدولة نفسها، وليس عن طابعها أو الصفة التى توصف بها.
وكان واضحاً فى تلك اللحظات العصيبة أن قصة الدولة وهل تكون مدنية أم دينية ليست هى المشكلة الحقيقية الآن، بل كيفية نقل السلطة إلى حكم مدنى فى ظل نظام ديمقراطى دون تعريض الدولة نفسها للخطر.
كان بين من شاركوا فى مظاهرات واعتصامات «تسليم السلطة» ليبراليون وإسلاميون وغيرهم. وكذلك الحال بالنسبة إلى من لم يشاركوا فيها وبعض من نظموا وقفات ضدها فى العباسية .. فالمشكلة الجوهرية، إذن، ليست فى الخلاف بين إسلاميين وليبراليين لأنه أمر طبيعى حين يُدار بأساليب ديمقراطية، بل بين من يريدون نقل السلطة الآن وفوراً، ومن يصرون على نقلها ولكنهم يقبلون موعداً نهائياً فى ٣٠ يونيو المقبل. وهذا خلاف لا علاقة له بهويات وأيديولوجيات.
يرى دعاة النقل الفورى للسلطة أن تصعيد الضغوط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عبر التظاهر والاعتصام وبواسطة سلاح المليونيات، هو الطريق الأكثر فاعلية. ويعتقد الآخرون أن الانتخابات هى الطريق الأكثر أمناً أو الأقل خطراً على أن يكون الضغط فى الشارع عاملاً مساعداً، لأن الاقتصار عليه يحفل بأخطار هائلة، بدءاً بخطر الفراغ السياسى وانتهاءً بالمأساة التى قد تترتب على الدفع باتجاه صدام بين الجيش
- وليس فقط المجلس العسكرى- وقطاع من الشعب، مروراً بمشكلة الشرعية التى قد تقترن بتسليم السلطة التنفيذية إلى جهة غير منتخبة. ولذلك قبلوا تحديد موعد نهائى للانتخابات الرئاسية، بحيث يُفتح باب الترشيح لها فى منتصف أبريل القادم ويحلف الرئيس اليمين الدستورية فى موعد لا يتجاوز ٣٠ يونيو المقبل. ولأن هذا المسار يبدأ بإجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها، فقد بدت مصر فى مطلع الأسبوع الجارى على موعد مع التاريخ بُعيد مليونية الجمعة، ووقفة مناوئيها فى ميدان العباسية، وعشية بدء الانتخابات.
كانت مصر فى مفترق طريقين. فإما إجراء الانتخابات البرلمانية التى بدأت فعلاً يوم الاثنين بنجاح ملحوظ والشروع فعليا فى عملية نقل السلطة بشكل آمن، أو تصاعد الصدام إلى حد قد يقود إلى فوضى لا يعلم أحد المدى الذى يمكن أن تبلغه. وبالرغم من أن نجاح المرحلة الأولى للانتخابات يضعنا على أعتاب الطريق الآمن،
لا يزال الخطر قائماً. فهذه الانتخابات فى بدايتها، والاستقطاب يهددها ما دام بعضنا يصر على أن يصبغها بلون طائفى، وأن يعيد إنتاج الصراع حول طبيعة الدولة التى هى بالضرورة مدنية ودينية وعسكرية، بل عمالية ورأسمالية وفلاحية ومهنية وغير ذلك مما يمثله شعبها من تنوع على كل صعيد.
منقووول__________________من
بقلم د. وحيد عبدالمجيد - المصرى اليوم
لا تزال الدولة المصرية فى خطر، بالرغم من أن مشهد الإقبال على المرحلة الأولى للانتخابات البرلمانية بدا مبهراً. اختلطت إيجابيات هذا الإقبال بسلبيات الاستقطاب الإسلامى- الليبرالى وما يقترن به من فرز طائفى. وفى خلفية المشهد الانتخابى، يظل خطر الصدام الذى كادت البلاد تنجرف إليه الأسبوع الماضى بسبب قضية نقل السلطة إلى حكم مدنى قائماً. فلم يحل الإقبال الهائل على الانتخابات دون إصرار بعض دعاة التسليم الفورى للسلطة على الدعوة إلى «مليونية» جديدة اليوم.
فالخطر إذن، لا يزال قائماً. وقد مرت علينا أيام منذ مساء السبت قبل الماضى، وحتى بدء الانتخابات البرلمانية، كان السؤال فيها عن مصير الدولة نفسها، وليس عن طابعها أو الصفة التى توصف بها.
وكان واضحاً فى تلك اللحظات العصيبة أن قصة الدولة وهل تكون مدنية أم دينية ليست هى المشكلة الحقيقية الآن، بل كيفية نقل السلطة إلى حكم مدنى فى ظل نظام ديمقراطى دون تعريض الدولة نفسها للخطر.
كان بين من شاركوا فى مظاهرات واعتصامات «تسليم السلطة» ليبراليون وإسلاميون وغيرهم. وكذلك الحال بالنسبة إلى من لم يشاركوا فيها وبعض من نظموا وقفات ضدها فى العباسية .. فالمشكلة الجوهرية، إذن، ليست فى الخلاف بين إسلاميين وليبراليين لأنه أمر طبيعى حين يُدار بأساليب ديمقراطية، بل بين من يريدون نقل السلطة الآن وفوراً، ومن يصرون على نقلها ولكنهم يقبلون موعداً نهائياً فى ٣٠ يونيو المقبل. وهذا خلاف لا علاقة له بهويات وأيديولوجيات.
يرى دعاة النقل الفورى للسلطة أن تصعيد الضغوط على المجلس الأعلى للقوات المسلحة، عبر التظاهر والاعتصام وبواسطة سلاح المليونيات، هو الطريق الأكثر فاعلية. ويعتقد الآخرون أن الانتخابات هى الطريق الأكثر أمناً أو الأقل خطراً على أن يكون الضغط فى الشارع عاملاً مساعداً، لأن الاقتصار عليه يحفل بأخطار هائلة، بدءاً بخطر الفراغ السياسى وانتهاءً بالمأساة التى قد تترتب على الدفع باتجاه صدام بين الجيش
- وليس فقط المجلس العسكرى- وقطاع من الشعب، مروراً بمشكلة الشرعية التى قد تقترن بتسليم السلطة التنفيذية إلى جهة غير منتخبة. ولذلك قبلوا تحديد موعد نهائى للانتخابات الرئاسية، بحيث يُفتح باب الترشيح لها فى منتصف أبريل القادم ويحلف الرئيس اليمين الدستورية فى موعد لا يتجاوز ٣٠ يونيو المقبل. ولأن هذا المسار يبدأ بإجراء الانتخابات البرلمانية فى موعدها، فقد بدت مصر فى مطلع الأسبوع الجارى على موعد مع التاريخ بُعيد مليونية الجمعة، ووقفة مناوئيها فى ميدان العباسية، وعشية بدء الانتخابات.
كانت مصر فى مفترق طريقين. فإما إجراء الانتخابات البرلمانية التى بدأت فعلاً يوم الاثنين بنجاح ملحوظ والشروع فعليا فى عملية نقل السلطة بشكل آمن، أو تصاعد الصدام إلى حد قد يقود إلى فوضى لا يعلم أحد المدى الذى يمكن أن تبلغه. وبالرغم من أن نجاح المرحلة الأولى للانتخابات يضعنا على أعتاب الطريق الآمن،
لا يزال الخطر قائماً. فهذه الانتخابات فى بدايتها، والاستقطاب يهددها ما دام بعضنا يصر على أن يصبغها بلون طائفى، وأن يعيد إنتاج الصراع حول طبيعة الدولة التى هى بالضرورة مدنية ودينية وعسكرية، بل عمالية ورأسمالية وفلاحية ومهنية وغير ذلك مما يمثله شعبها من تنوع على كل صعيد.
منقووول__________________من