الوقت مقصر والامتحانات تقترب
نيافة الأنبا مكاريوس
لاشك أن أوقات الامتحانات تكون أياماً مجهدة يتثقّل فيها الإنسان
بأفكار كثيرةمثل الخوف من الفشل أو عدم القدرة على التفوق،
لاسيما أولئك الذين لسبب أو لآخرلم يستذكروا دروسهم بشكل جيد،
أو ليسوا على المستوى المطلوب، ولاشك أيضاً أن الشيطان
ينتهز مثل هذه الفرص لكى يحارب ويشكك ويحاول إدخال اليأس إلى قلوب الطلبة ..
وهو يدرك جيداً أن الله محب وأنه فى جميع الأحوال ’يحب أولاده: الأبرار والأشرار،
المجتهدين والكسالى، ويكافئ الذي تعب،
بينما يلمس القلوب المجروحة والكسيرة، لمسة حانية،
ويحول كل شيء لخير الإنسان.
ومع كل ذلك فالأيام القليلة المتبقية يمكننا أن ننجز فيها الكثير،
فإن يوماً واحداً مباركاً كافٍ لأن نحقق فيه الكثير بما يعادل إنجاز أسابيع كاملة،
فإذا طلب الإنسان من الله أن يمنحه الاستنارة والذاكرة
والتركيز فإنه بإمكانه أن يحصّل الكثير في هذا الوقت القصير،
لأنه ليس بكيل يعطى الله الروح (يو 3: 34).
ويقول الآباء " أنه يمكن لإنسان أن يحقق فى ساعة واحدة
ما لايقدر آخر أن يحققه في شهور،
ذلك إذا كانت نية الأول نشيطة بينما نية الآخر متوانية "
ليس المطلوب منكم تحقيق نجاحاً بعينه، وإنما أن تتعبوا قدر طاقتكم،
والله سوف يفرّح قلوبكم ..
أقول ذلك لأن البعض يضعون أمامهم فوق المكتب أكداس الكتب
المطلوب منهم استذكار ما فيها، فيتمثل أمام أعينهم القدر الهائل المتراكم عليهم:
مقارنة بالوقت القليل المتبقي،
ويظنون أنهم مهما اجتهدوا ومهما بذلوا من جهد فلن يستطيعوا تغطية كل هذا ..
فيصيبهم اليأس ويقعدهم عن العمل.
ويرد في سير الآباء أن شخصاً طلب من ابنيه العمل فى حقوله،
حيث طلب من كل منهما أن يحصد مساحة من الأرض (قد تصل إلى فدان).
أما الأول فقد نظر إلى المساحة الشاسعة وقال فى نفسه :
" وهل يقدر انسان مثلى أن يحصد مثل هذه المساحة كلها فى يوم واحد !؟ ".
وظن في نفسه أن أبوه إنما أراد أن ُيشعره بالعجز والضعف ليس إلاّ ..
فتضايق وحزن فى نفسه ومن الحزن استلقى ونام فى الحقل.
أما الابن الآخر فقد قال لنفسه :
" لاشك أنه من الصعب على إنسان إنجاز هذا العمل في يوم واحد،
ولكني أعمل قدر طاقتي وهذا هو المطلوب بالفعل منى ..
بل وهذا أيضاً ما ُيسعد أبي ". واتضح أن الأب بالفعل لم يكن يقصد إنجاز العمل،
بقدر ما كان يقصد أن يعمل كل منهما بقدر استطاعته...
لاشك أن الذي قصر في حضور المحاضرات أو السكاشن، هو مخطئ. لاسيّما إذا لم يكن له عذر حقيقي في ذلك.. ولكن يجب أن نكون موضوعيين،
فالتفكير فيما مرّ هو مضيعة للوقت ويسبب الألم والحسرة،
ولكن الذي في استطاعتنا الآن هو إنقاذ ما يمكن إنقاذه،
وقد يكون فى الجهد المركّز الذي نبذله الآن، النجاح والخروج من المأزق.
في حين أن التقاعس بداعي أنه لا فائدة ُترجى من الاستذكار،
هو ضعف واستسلام لا مبرر له.
لقد كان الابن الضال حكيماً عندما قرر قائلاً " أقوم الآن " ..
حقيقى أنه أضاع الكثير من الوقت فى الكورة بعيداً عن أبيه وبيته،
ولكن ليس من الحكمة أن تزداد الأمور تعقيداً وينزف أكثر ويضيع أكثر..
بل ينقذ ما يمكن إنقاذه .
كذلك وكيل الظلم (لوقا 16) وكان وكيلاً لرجل أعمال
ولكن البعض وشى به أنه ظالم ويبدد أموال سيده،
والذي قرر فصله من عمله ..
لم يفكر كيف حدث هذا ومن هو الخائن الذى وشى به،
ولكن كان موضوعياً بحيث فكر فى وسيلة للخروج من الأزمة،
وخلال أيام استطاع تغيير الأمر.
دع عنك الإحباط وصغر النفس وابدأ والله قادر أن يبارك في القليل وُيفرح قلبك.
حقًا يقول الكتاب "الفرس معد ليوم الحرب أما النصرة فمن الرب" (أمثال 21: 31).
مكاريوس. الأسقف العام – ديسمبر 2005م
من الاخر محدش ليه حجه واقعدوا ذاكروا
صوت المسيحي الحر