التواضع - ج3



+ إن فم الظالم يكون مُلَجَماً في الصلاة لأن توبيخ الضمير يزيل من الإنسان الدالة ( التى يطلب بها من الله ) وقلب الطاهر يفيض بدموع السرور في وقت الصلاة .
+ الصبر الاختيارى على الظلم يطهر القلب ويقتنى الصبر من رفض الإنسان لهذا العالم .
+ كمثل هروبك من الفسق كذلك اهرب من الفسقة لأنه إذا كان ذكر هذه الأمور يزعج الفكر فكم يكون النظر والتعامل مع أصحابها .
+ من أوقف ذاته لله فعليه من البداية أن يتصرف بعقل هادىء .
+ النفس لا تقدر أن تتحرر من تخبط الأفكار بدون التجرد ( عدم القنية ) ولا تشعر بسلام الفكر بغير هدوء الحواس .
+ لا يقدر إنسان أن يقتنى حكمة الروح دون الدخول في التجارب ، ولا أن يعلم سمو الأفكار إلا بالمثابرة على القراءة ، العقل لا يدرك الأسرار الخفية بغير سلام الفكر .
+ إقترن بالأبرار فإنك بواسطتهم تدنو من الله . أكثر من الاختلاط بالمتواضعين فتتعلم سلوكهم فإذا كان ما يقال (عن التواضع ) ينفع فكم بالأكثر يكون تعليم أفواههم .
+ كل نفس ناطقة تستطيع الدنو من الله بثلاثة أمور إما بحرارة الإيمان ، وإما بواسطة التأديب الذى يوقعه الله . ولا يمكن الوصول إلى محبة الله إلا بأحد هذه الأمور .
+ اضطراب الأفكار يتولد من نهم البطن ، وهكذا الجهل وحيرة العقل تتولدان من كثرة الكلام والأحاديث التى بلا ضابط .
+ الجهاد الجسدى مثل ( الصوم والنسك ) الخالى من طهارة العقل كرحم عاقر وثدى يابسة لأنه لا يقدر على الدنو من معرفة الله وإنما هو يتعب بالجسد بلا نفع .
+ النفس المستنيرة بذكر الله ليلا ونهاراً بمواصلة السهر في ذلك فإن الرب ينشىء على قاعدتها وحواليها سحابة تظللها في النهار وتزيل ظلامها في الليل ومن داخل ظلامها يشرق النور .
+ كما أن الغيم يحجب نور القمر كذلك البخار المرتفع من الجوف ( أى البطن ) يحجب حكمة الله عن النفس .
+ إن جسداً جوفه ملآن طعاماً يشبه لهيب النار في الحطب اليابس .
+ كما أن آلام الولادة تخرج ثمر تسر الأم . هكذا من الأعمال تتولد في النفس أسرار الله . أما الكسالى والساعين للذة ، ومحبى الأحاديث الباطلة فيتولد فيهم ثمر الخزى .
+ الاتضاع الكامل هو احتمال التهم الكاذبة بفرح .
+ التعب الجسدى والهذيذ في الكتب الإلهية يحفظان الطهارة والرجاء والخوف يثبتان ضرورة التعب . والبعد عن الناس والصلاة الدائمة يقرران في العقل الخوف والرجاء .
+ الأفكار العالمية تزعج القلب لأنه اقتنى أجنحة جسدية بممارسة الفضائل الجسمانية الظاهرة . وأما ثاؤريا الفضائل فما شاهدها بعد . ولا أهل للإحساس بها التى هي أجنحة العقل وبها يدنو من السمائيات ويبتعد عن الأرضيات .
+ إذا احترس المرء العاقل وحرص على ضبط أفكاره وتوافر على ذكر الله ، ونظر إلى السماء بعين قلبه حتى لا يلتفت إلى هذه الوساوس فأن المحتال يسلك طرقاً أخرى من طرق تحايله .
+ السكون الدائم مع قراءة الكتب والطعام بقدر مع السهر يحرك في العقل بسهولة التعجب بالأمور الإلهية . إلا إذا حدثت أسباب تبطل دوام السكوت .
+ إذا شاهدت نقائصك في آخرين حينئذ تعرف الخزى الحال بك .
+ ابتعد عن الشر فتعرف نتانته . لأنك لو لم تهجرة لا تدرك أنه هكذا . بل أنك تقتنى نتنه ويكون عندك كأنه عُرف زكى تشغف به ، وعرى فضيحتك ( تعتبرة ) كأنه رداء مجد .
+ لا يمكن للإنسان ترك الخطايا التى تعودها ما لم يبغضها ويعادلها ، ولاينال صفحاً ما لم يعترف بالخطايا لأن العداء سبب الاتضاع الحقيقى وأما الإقرار فبسبب الخشوع الذى يتولد في القلب من الخزى .
+ يقدر ما تكون حواسك حيه تجاه ما يلاقيك بقدر ما تحب نفسك مائنة عن الله . لأن لهيب الخطية لم يترك أعضاءك في كل الأحوال ولهذا لست بقادر على اقتناء سلام نفسك .
+إذ ما رأيت ذاتك مستريحاً من حروب الشهوات قبل ان تدخل مدينة الاتضاع ، فلا تطمئن إلى العدو ،لأنه قد نصب لك كميناً بل توقع اضطراباً بعد هذه الراحة. وإذا اجتزت على كل منازل الفضائل ، فلن تصادف رائحة من تعبك ولا إنعتاقاً من حيل أعدائك إلى أن تصل إلى مرتبة الاتضاع .
+ الصعود على الصليب على دورين الأول : صلب الجسد ، الثانى : ارتفاع العقل إلى الثاؤريا . ( المشاهدة العقلية ) الأول يكون بإرادتك وأما الثانى فبالأعمال .
+ من لم يخضع له جسده لا يخضع له عقله . امتلاك العقل إنما بصلب الجسد ولا يقدر أن يخضع لله إن لم تخضع الحرية الذاتية للجزء الناطق ( الروح ) .
+ التعبد للجسد جفاء وقساوة ومن أحسن الرجاء في الله ولو قليلا فهو لا يقبل أن يتعبد لهذا المولى القاسى أعنى الجسد .
+ الفضيلة ليست أعمالا كثيرة تؤدى بالجسد ظاهرياً بل هي القلب الحكيم في أمله ورجائه لأنه يواصل جهادة (الجسدى ) بقصد
مستقيم .
+ لا تظن يا هذا إن الابتعاد عن مسببات الآلام ( وهذا يكون بالالتزام بحياة السكوت ) أمر هين أو شي ء يسير .
+ هناك ثلاث دوافع للصمت الدائم وحفظ السكون .
ـــ إما من أجل نيل كرامة من الناس .
ـــ أو بسبب غيرة حارة لممارسة الفضيلة .
ـــ أو أن في داخل الإنسان مناجاة إلهية ينجذب فكره نحوها .
ومن لا يصدر عنه هذان الأمران ( أى الصمت الدائم وحفظ السكوت ) بدافع من أحد السببين الأخيرين . فمن الضرورة أن يكون مستسلم للسبب الأول .
+ التجارب تتميز وتختلف فتلك التى تأتى إذ كاداً للسيرة والتربية للإزدياد في الخير غير تلك التى تنجم عن التخلى تأديباً لأجل تعظم النفس .
+ السكون يميت الحواس الخارجية وينهض لحركت لداخلية ويحدث عكس ذلك عند الحياة خارج السكون أعنى أن تنهض الحواس الخارجية وتموت الحركات الداخلية .
+ طهارة الجسد هي نقاوته من الدنس . وأما طهارة النفس فهو التحرر من الشهوات الخفية الموجودة في الفكر . وأما طهارة العقل فتكون باستعلان الأسرار . إذ بها يتطهر من كل خلجات حسية .
+ حياة العالم لذيذة ولكن كمثل الذى يبتعد عنها شهوة في الله .
+ الهواء ينضج الأثمار والأهتمام بأمور الله ينضج أثمار النفس .
+ إذا أردت الدنو من الله بقلبك اظهر له أولا شوقك بترك الأمور الجسدانية فهو بداية السيرة لأنها عظيمة .
+ إن النفس تتمزق من كثرة الكلام حتى لو كان غرضها خوف الله .
+ لا تظن أن إنساناً مرتبط بأمور جسدانية تكون له دالة قدام الله .
+ العمل البسيط الدائم العظيم القوة ، إذ أن قطرة الماء السئل الهينة الدائمة تثقب الصخرة الصماء .
+ كن ميتاً بالحياة لتتحرر من موتك ، كن ميتاً من الكل لتعتق من العادات التى يمارسونها لأن لا أحد بلغ الكمال في هذه الحياة .
+ ما دامت هناك أشياء ينجذب الإنسان اليها فإنه يحرم تماماً من المعونة الإلهية .
+ الإنسان الذى يطلق لسان على الناس بكل جيد وردىء لا يؤهل لنعمة الله . وتوبة مع أحاديث تشبه خابية مثقوبة .
+ كما أن العين التى تفيض مياه غزيرة لا تسد بحفنة تراب هكذا ذنوب البريا لا تغلب رحمة الخالق .
+ إن الحسود يجنى من صلاته ما يجنيه الزارع في البحر من وجد الحسد فقد وجد الشيطان معه إذ هو الذى أوجده قديماً .
+ كما أن جريان الماء لا يتجه إلا إلى المنحدر هكذا قوة الغضب إذا ما ألفت موضعا في فكرنا .
+ كما أن شعاع النور لا يمكن تقيده عن الصعود إلى فوق هكذا صلوات الرحماء لا يمكن ألا ترتقى إلى السماء .
+ لا تكن صديقاً لمحب الضحك الذى يحب أن ينال من الناس ويشهر بهم لأنه يقودك إلى تعود الاسترخاء .
+ من وَاضَعَ قلبه فقد مات عن العالم ومن مات عن العالم فقد مات عن الآلام . من مات بقلبه عن خواصه وأصحابه فقد مات المحتال ( أي الشيطان ) بالنسبة له .
+ إن جمع المتواضعين محبوب لدى الله كجماعة الساروفيم . الجسم العفيف كريم عند الله أكثر من الذبيحة الطاهرة . ان هذين أى الإتضاع والعفة يضمنان للنفس حلول الثالوث الأقدس فيها .


.................... يتـــــــــــــــــــــــبع ................